من يعيش في منطقة عفرين في ريف حلب يعاني في ظل الفلتان الأمني، واستمرار عمليات الخطف التي تنهك العائلات. الكثير من الخاطفين يطلبون فدية مالية في مقابل إطلاق سراح المخطوفين، ما يجعل الأهالي يعيشون قلقاً مستمراً
يعيش سكّان منطقة عفرين في ريف حلب، الخاضع لسيطرة فصائل غصن الزيتون المدعومة من تركيا، وسط فلتان أمني وجرائم خطف بهدف الحصول على فدية، إضافة إلى الكثير من الانتهاكات الأخرى. ولا يبدو أن هناك نهاية للبؤس والقلق في المدى القريب.
وتقول أم عمار الشامي من ريف دمشق: “لم نفكر يوماً في مغادرة البلاد على الرغم من كل ما شهدناه من اعتقال وحصار وجوع. بعدما هجرنا، مكثنا بداية في ريف إدلب. لكن قبل أشهر من معركة إدلب، قررنا الانتقال إلى عفرين ظناً منا أنها أكثر استقراراً. بعدما وصلنا، اكتشفنا أن الأمر معاكس. يوجد مجموعات تحكم كل منطقة، بل كل شارع، على غرار دويلات مستقلة”. تضيف: “عانينا كثيراً قبل أن نجد منزلاً. الفصيل المسيطر في المنطقة هو من يؤجّر المنازل. والمشكلة الكبرى هي الإحساس بعدم الأمان. في أي لحظة، يمكن أن يتعرض أحد أفراد الأسرة للخطف، وتصبح العائلة أمام خيارين: إما أن تخسر المخطوف ويقتل بدم بارد وإما تدفع فدية. وعادة ما يطلب الخاطفون عشرات آلاف الدولارات من دون مراعاة أن الناس في تلك المنطقة بالكاد يؤمّنون قوتهم اليومي إن كانوا مهجرين أو من أهلها”.
تتابع الشامي: “كان الخيار الوحيد أمامنا أن يغادر زوجي إلى تركيا، وأعود مع أطفالي إلى إدلب لبعض الوقت قبل أن يتمكن من إخراجنا، وخصوصاً أن بعض المجموعات حاولت خطف زوجي ما يعني أننا جميعاً في خطر”.
من جهته، يقول أحد سكان عفرين الذي طلب عدم الكشف عن هويته: “نعيش حالة فلتان أمني لا تطاق. إضافة إلى المزاجية في إدارة المناطق، نتحمل الكثير من الأعباء المالية بهدف تمويل الفصائل والمجالس المحلية، ونعيش في قلق دائم في ظل انعدام الأمان. في أي وقت، قد يخطف أي فرد منا ويصبح الخيار إما دفع الفدية وإما القتل”. ويلفت إلى أن “الناس يحاولون التكتم على الأمر خوفاً على حياة المخطوف، وحتى لا يتحول إلى هدف لمجموعة أخرى في حال دفعت الفدية. كما أنهم يخشون انتقام تلك المجموعات، وخصوصاً أن معظمها مرتبط بشكل أو بآخر بالفصائل المسلحة المسيطرة على المنطقة”.
من جهته، يقول الناشط الإعلامي في عفرين أبو شام: “الخطف يستهدف جميع الناس وعناصر من فصائل المنطقة. قبل أيام، خطف عنصر من الفيلق، ودفع 35 ألف دولار مقابل اطلاق سراحه. النسبة الكبرى من عمليات الخطف هدفها الحصول على المال”. يضيف: “كل من يقوم بالخطف هم عصابات تتبع لفصائل هدفها السرقة أو جني المال”.
بدوره، يقول الناشط الإعلامي أبو جوان عفرين، وهو من أبناء عفرين: “عمليات الخطف تتمّ تحت أنظار الجيش التركي، وهو شبه راضٍ عما يحصل للمدنيين من انتهاكات، بهدف تهجير الكرد من قراهم، لتصحّ مقولته بأنّ خمسين في المائة من سكان منطقة عفرين كرد”. يضيف أن “الفصائل تتولى أعمال الخطف. كما أن العصابات تخطف أي شخص من عائلة ميسورة ثم تقتاده إلى أماكن مجهولة، وتصوّر فيديوهات تظهره في حالة يرثى لها. ثم تطلب من عائلته دفع المال لتخليصه مما يعانيه من تعذيب”.
ويلفت إلى أنه “ما من جهة تتدخل في ملاحقة الخاطفين، سوى الأهالي الذين يحاولون إنقاذ أولادهم من القتل”، مبيناً أنّه “ما من أرقام دقيقة. لكن أستطيع القول إن منطقة عفرين فيها 366 قرية. وفي كل قرية، هناك من تعرّض من أبنائها للخطف، في وقت تتراوح الفدية ما بين 20 ألفاً إلى مائتي ألف دولار أميركي”.
ويبين أن “الأهالي مستاؤون بشكل كبير من الخطف الذي يعدّ تصرفاً غير أخلاقي. في المقابل، هناك إصرار على الصمود للبقاء داخل قراهم وبيوتهم وأملاكهم”. يضيف: “في بعض الحالات، يضطر أهالي المخطوفين إلى دفع فدية من دون أن تصل قصصهم إلى الإعلام. بعض الأشخاص خطفوا أكثر من مرة. أحدهم خطف من قبل أحد الفصائل وطلبوا الفدية من أهله، الذين أدركوا خطورة الوضع ودفعوا الفدية المطلوبة بسرعة. ولم تصل القصة إلى الإعلام بطلب من الأهل. وبعد الإفراج عنه، خطف مرة أخرى من قبل جماعة أخرى ودفع الأهل فدية مرة جديدة وأفرج عنه. هذه الجماعات تخبر بعضها بعضاً بالأشخاص القادرين على تأمين المال. لكن حين خطف في المرة الثالثة، رفض أهله دفع فدية، وما زال مصيره مجهولاً منذ نحو ستة أشهر”.
ريان محمد
-------------------------------
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا عن طريق إرسال كتاباتكم عبر البريد : vdcnsy@gmail.com
ملاحظاتك: اقترح تصحيحاً - وثق بنفسك - قاعدة بيانات