توقفت المفاوضات الأوليةبين تركيا وروسيا حول العملية العسكرية لقوات الحكومة السورية في شمال مدينة حماة ومحافظة إدلب شمال سوريا، في ظل تبادل الاتهامات حول مسؤولية اشتعال جبهات القتال مجددا.
المفاوضات فشلت حيث أصر الروس على تسليم كافة قرى جبل شحشبو الممتدة من ريف حماة الشمالي وحتى النقطة التركية في قرية شير مغار، إضافة إلى قرية كبانة ومحيطها التي تعتبر آخر موقع خارج عن سيطرة قوات النظام بمحافظة اللاذقية وفق ما اتفق عليه الطرفان ضمن لقاءات الاستانة، واتفاق “خفض التصعيد” الذي توصلت له الدول الراعية لمؤتمر الأستانة (تركيا، روسيا، إيران) في كانون الأول 2017، وأيضا اتفاق “المنطقة المنزوعة السلاح” الموقع بين روسيا وتركيا في 17 أيلول الفائت.
وتعتبر روسيا استعادة تلك المناطق ضرورية لحماية قاعدة حميميم العسكرية في اللاذقية ومواقعها بمنطقة السقيلبية شمالي محافظة حماة، تمهيدا للتوجه نحو منطقة سهل الغاب.
وتمكنت قوات الحكومة السورية من السيطرة على بلدتي كفرنبودة وقلعة المضيق وقرى بحماة في إطار حملة عسكرية مدعومة من روسيا شنتها على شمال حماة ومحافظة إدلب، أدت لمقتل وجرح مئات المدنيين، ونزوح عشرات الآلاف ودمار واسع بالبنى التحتية والمنشآت الخدمية.
كما وأن التصعيد العسكري في ادلب لم يعد قضية محددة بهجمات الحكومة السورية على جماعات مسلحة معارضة بل انه يكاد يتحول الى قضية اقليمية ودولية.
الدولتان العظميان الولايات المتحدة وروسيا تتبادلان السجال الكلامي بصدد ادلب وكل منهما يحمل الاخر المسؤولية فيما الطرف الروسي، يلقي باللائمة على حكومة العدالة والتنمية الحليفة له.
وفي هذا الصدد، رد الكرملين اليوم الاثنين على انتقاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للتحرك العسكري الروسي والسوري في محافظة إدلب السورية، وقال إنه مطلوب لوقف هجمات المعارضة من المنطقة.
كان ترامب قد حث روسيا وقوات الحكومة السورية أمس الأحد على وقف قصف إدلب بعد أن أصدر الكرملين بيانا يوم الجمعة أشار فيه لاستمرار دعم موسكو لهجوم قوات الحكومة السورية على إدلب المستمر منذ شهر.
وأثار الهجوم مخاوف من وقوع أزمة إنسانية مع لجوء السوريين النازحين بسبب القتال إلى الحدود التركية. وفر أكثر من 200 ألف شخص من المنطقة منذ بدء الهجمات في نهاية أبريل نيسان وفقا لتقديرات الأمم المتحدة.
وردا على سؤال عن انتقاد ترامب اليوم الاثنين، قال ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين للصحفيين إن المسلحين يستخدمون إدلب قاعدة لشن هجمات على أهداف مدنية وعسكرية، واصفا ذلك بأنه غير مقبول.
وقال بيسكوف للصحفيين في مؤتمر عبر الهاتف “بالطبع هجمات المسلحين من إدلب غير مقبولة، ويجري اتخاذ إجراءات لتحييد هذه المواقع الهجومية”.
وأضاف أن تركيا تتحمل مسؤولية ضمان عدم وقوع مثل هذه الهجمات بناء على اتفاق توصلت إليه روسيا وتركيا في سبتمبر أيلول.
وسمح الاتفاق بإقامة منطقة منزوعة السلاح في إدلب ودعا إلى إخلائها من كل الأسلحة الثقيلة والمقاتلين المتشددين.
ودعت تركيا إلى وقف إطلاق النار في إدلب، آخر معقل رئيسي للمعارضة، للحيلولة دون سقوط المزيد من القتلى المدنيين وارتفاع جديد محتمل في عدد اللاجئين الفارين من القتال.
وكان مجلس الأمن القومي التركي اصدر بيانًا حول التطورات في منطقة إدلب السورية،عقب اجتماع عقده بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان.
وقال المجلس في بيانه، إنه تم خلال الاجتماع مناقشة كافة التطورات الداخلية والخارجية الرئيسية التي ترتبط ارتباطا وثيقا بالأمن في تركيا من كافة الجوانب وبشكل مفصل.
وأضاف: “إن هجمات النظام السوري ضد المدنيين الذين يعيشون في منطقة خفض التصعيد بإدلب، حيث تقوم عناصر من القوات المسلحة التركية أيضًا بمهام هناك، تعارض اتفاقية إدلب وتقوض روح أستانا.
تركيا ستواصل المحادثات مع البلدان المعنية من أجل تجنب حدوث أزمة إنسانية جديدة وهجرة الجماعية”.
وتخضع المنطقة المستهدفة لاتفاق روسي-تركي ينص على إقامة منطقة منزوعة السلاح تفصل بين قوات النظام والفصائل الجهادية والمقاتلة، لم يتم استكمال تنفيذه.
ويرجح محللون ألا يتحول التصعيد إلى هجوم واسع كون تركيا وروسيا لا يريدان سقوط الاتفاق. وقد ينتهي الأمر بتنازلات من الطرفين، ضمنها سيطرة قوات النظام على مناطق معينة عند أطراف إدلب، بينها سهل الغاب، التي تكمن أهميتها في قربها من محافظة اللاذقية حيث تقع قاعدة حميميم الروسية.