يبدو أن تركيا بدأت عاجز عن ضبط الاوضاع الأمنية في المناطق الخاضعة لسيطرتها بشمال سورية، وسط حالة من الفوضى والفلتان الأمني وانتشار السلاح وتعدد الفصائل المسلحة التي تنتشر في المدن. ورغم مساعي انقرة الحثيثة للسيطرة على الأوضاع، من خلال خطة لتشكيل “جيش وطني” وتقسم المنطقة إلى قطاعات، وفيالق وانشاء مؤسسات الشرطة والأمن، اضافة الى انشاء مجالس محلية تكون مرتبطة بالحكومة السورية المؤقتة في عنتاب والتي بدورها تتلقى الأوامر من والي عنتاب التركي ووالي كلس وهاتاي لكن تلك الخطوات لم تتحقق في ظل انتشار عشرات الفصائل المسلحة اضافة الى عشرات الجماعات المتعددة الولاءات، ورفض الانصياع للاوامر التركية، لا بل ولجوء بعض الفصائل لاحتجاز مدرعات تركية، وجنود أتراك وزجهم بمعتقلاتها..
خلال الأسبوع الأخير زادت وتيرة التفجيرات، واقتتال الفصائل في هذه المناطق، وخلفت سقوط عشرات الضحايا.
مركز توثيق الانتهاكات تمكن من إحصاء مقتل (37) شخص بينهم 9 أطفال وقتل منهم تحت التعذيب 2 شخص وذلك في شهر أيار\مايو من العام الجاري، وبلغ عدد التفجيرات 18، وعدد الأشخاص الذين تم اعتقالهم (93) وكشف عن تعرض (9) شخص للتعذيب، وأن من بين المعتقلين 15 نساء، فيما بلغ عدد حالات الاختطاف وطلب الفدية التي وصلت مقدار 200 ألف دولار 9 حالات.كما وبلغ عدد الإصابات بجروح (130\بينهم 9 أطفال) نتيجة مداهمة المنازل أو شظايا المتفجرات أو التفجيرات أو نتيجة تعرضهم للضرب من قبل المسلحين.
فيما عدد حالات الاقتتال بين الفصائل بلغ 20 حالة، رافقها خروج 14 مظاهرات شعبية ضد الوجود التركي بسورية كما وتم العثور على خمس جثث مرمية على الطرقات، وفي البساتين وتزايدت حالات السرقات من المنازل وتشليح المدنيين أموالهم وهوياتهم الشخصية على الحواجز والاستيلاء على أملاك السكان: الباب 5 حالات، جرابلس 5 حالات، اعزاز 3 حالات، عفرين 19 حالة. فيما قطع وحرق الأشجار المثمرة والغابات توسع ليشمل (23) قرية موزعة في عفرين و2 قرية في الباب وقرية باعزاز.
وفي الايام الثلاث الاولى من شهر حزيران تم توثيق 7 انفجارات، خلفت مقتل 26 مدنيا، واصابة 30 بجروح.
رغم أن تركيا أغلقت أبواب المناطق الخاضعة لسيطرتها في شمال سوريا أم المنظمات الحقوقية، الدولية والمحلية، وامام وسائل الاعلام، لكن ما يحدث فيها من انتهاكات، وفوضى السلاح وغياب الاستقرار ومقتل المزيد من المدنيين، والتفجيرات لم يعد من الممكن التغطية عليه، بنشر تقارير مزيفة، او اظهار صورة غير حقيقة عما يعيشها الناس هناك.
ومؤخرا بدأت تركية تدرك انها باتت عاجزة عن تنظيف الفوضى الكبيرة التي خلفتها في هذه المناطق منذ عام، أرسلت المزيد من التعزيزات العسكرية، والامنية، وقامت باقالة رؤساء وأعضاء عدد من مجالسها المحلية، كمجلس صوران، وغيرهم..كما وأنها عمدت لإعداد قائمة تتضمن شخصيات من المعارضة السياسية والمسلحة متورطين في خلق هذه الفوضى، ومن المحتمل أن تشمل قادة كبار في الجيش الوطني والفصائل التي تدعمها.
وفي أول خطوة ابلغت تركية “الجيش الوطني السوري” الاثنين، بتنفيذ قرار يقضي بمنع دخول الآليات العسكرية إلى أسواق المدن الواقعة تحت سيطرته شمال مدينة حلب شمالي سوريا، ورغم أنه سبق واتخذت قرارات مشابهة لكنها لم تنفذ
وقال “الجيش الوطني” في بيان إنه منع دخول الآليات العسكرية وحمل السلاح في الأسواق والأماكن المكتظة بالسكان تحت طائلة المحاسبة والعقوبة، يستثنى من القرار حاملو المهمات الرسمية الصاردة عن قيادة التشكيل.
بدورها أصدرت “اللجنة الأمنية” التي تضم الفيلق الأول والثاني والثالث في “الجيش الوطني” والشرطتين المدنية والعسكرية، قرارا يمنع دخول الدراجات النارية إلى الأسواق الرئيسية المكتظة “تفاديا لوقوع تفجيرات وحفاظا على سلامة المدنيين”.