لم يتوقع حسن الطراف، 24 عاماً، أن يتمكن من استكمال تعليمه الجامعي في ظل استمرار الحرب في بلاده وعدم وجود جامعات معترف بها في شمال سوريا. لكن افتتاح جامعة حران التركية فرعاً لها في مدينة الباب في ريف حلب الشرقي العام الماضي جعل من المستحيل ممكناً، على حد تعبيره.
قال “افتتاح الجامعة فتح أفاقاً جديدة لمئات الشباب هنا الذين حرموا من استكمال تعليمهم الجامعي بسبب عدم وجود جامعات مؤهلة ومعترف بها.” موضحاً أن الدراسة مجانية في الجامعة وهو أيضاً أمر شديد الأهمية. قال “أوضاعنا المعيشية بالغة الصعوبة، وتوفير الدراسة بصورة مجانية يشجع الكثيرين على استئناف الدراسة.”
يعاني نحو 16 ألف طالب وطالبة، في إدلب وريف حلب الشمالي والتي تسيطر عليها المعارضة السورية، من صعوبات مالية وأكاديمية وأمنية تهدد إمكانية مواصلتهم لدراستهم الجامعية. إذ يعاني الطلاب من صعوبات في توفير الأموال اللازمة للأقساط الجامعية ومصاريف المواصلات فضلاً عن المخاوف من تعرض الأبنية الجامعية للقصف واستمرار معضلة عدم الاعتراف بالشهادات الصادرة عن جامعاتهم.
العام الماضي، افتتحت جامعة حران التركية فرعا لها في مدينة الباب السورية، والتي تبعد ثلاثين كيلومترا جنوبي الحدود التركية، بالإضافة إلى جامعة الشام العالمية، التي تعمل بدعم من هيئة الإغاثة التركية، وهو الأمر الذي أثار بعض الجدل. كونه يأتي ضمن سياق زيادة النفوذ التركي في مناطق شمال سوريا إلى جانب التواجد العسكري.
قال محمد خير الشرتح، باحث مستقل في الشؤون الاجتماعية في كفرنبل، “هناك توجه واضح من الحكومة التركية لزيادة نفوذها في الداخل، واهتمامها بافتتاح جامعة في الداخل خير دليل على ذلك. فوضع اليد على التعليم يعني وضع اليد على مستقبل الشباب.” مشيراً إلى مساهمة تركياً في إعادة تأهيل المدارس وبناء مدارس جديدة، وتأهيل المعلمين، والمساهمة بتأمين الكتب المدرسية، بالتعاون مع الحكومة المؤقتة. قال “اليوم التعامل المالي في ريف حلب الشمالي أصبح تقريباً بالليرة التركية كل ذلك يعني أن الوجود التركي سيستمر لفترة طويلة.”
تقارير وآراء كثيرة أشارت إلى أن محتوى المناهج التركية سواء اكانت المخصصة للمدارس الابتدائية أم الجامعات تركز على تمجيد الحقبة العثمانية والترويج للثقافة والتاريخ التركي.
في المقابل، يعتقد أخرون أن وجود جامعة تركية في الداخل السوري بمثابة يد عون كبيرة لمئات الشباب الذين يتوقون لاستكمال دراستهم الجامعية في جامعات خارجية معترف بها.
قال قتيبة الفرحات، الأستاذ المدرس في قسم اللغة العربية في جامعة كارتكن التركية الخاصة والواقعة في العاصمة أنقرة، “يمثل افتتاح جامعة تركية لفرع لها في الداخل السوري منفذاً جيدا للطلاب الطامحين باستكمال دراستهم الجامعية في مؤسسة معترف بها دولياً.” مشيرا إلى عزوف الكثير من الطلاب عن الالتحاق بالجامعات السورية التي باشرت العمل في مناطق سيطرة المعارضة بسبب عدم وجود اعتراف بالشهادات الصادرة عنها.
توفر جامعة حران الدراسة للطلاب ضمن ست تخصصات، تشمل: الهندسة المدنية والكهربائية والميكانيكية، والرياضيات والفيزياء والكيمياء وعلم الأحياء جميعها مجانية ويتم تدريسها وفق مناهج الجامعة بعد تعريبها. كما تقبل الجامعة شهادات الثانوية العامة الصادرة عن الائتلاف الوطني والحكومة السورية المؤقتة وهو أمر شديد الأهمية نظراً لكون هذه الشهادات غير معترف بها أيضا خارج المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، بالإضافة إلى الشهادات الصادرة عن النظام السوري.
مع ذلك، لا يبدو أن الكثير من الشباب السوري قادرين على الالتحاق بهذه الجامعة بسبب موقعها. إذ أنها تبعد نحو200 كم عن ريف إدلب و230 كم عن ريف حماة وما يقارب 270 كم عن ريف اللاذقية بالإضافة إلى حاجتهم للخضوع إلى امتحان قبول وهو أمر لم يعتاده الطلاب السوريون سابقاً، إذ يتم الالتحاق بالجامعات استنادا إلى شهادة الثانوية العامة فقط.
قال محمد الجمعة، طالب في كلية التربية في جامعة حلب الحرة في مدينة معرة النعمان بريف إدلب الجنوب ، وهي جامعة محلية لا تتمتع الشهادات الصادرة عنها بالاعتراف، “تبعد الجامعة نحو مسافة 200 كم عن مدينتي والأوضاع الأمنية والمعيشية لا تسهل التنقل اليومي. لذلك قررت الاستمرار في جامعتي لأنها الأقرب ولأن كل فرص العمل الممكنة لي ستكون في بلدتي التي لن أغادرها وبالتالي فإنني لست مهتماً بموضوع الاعتراف الدولي بالشهادة.”
كما لايخطط محمد الكامل، طالب سابق في كلية الطب في جامعة إيبلا والتي تم إغلاقها العام الماضي من قبل هيئة تحرير الشام بدعوى الاختلاط بين الطلاب الذكور والإناث، للالتحاق بجامعة حران لعدم وجود كلية تدرس التخصص الذي كان يدرسه.
قال “تخصصات الجامعة محدودة للغاية، وسمعت أن فحص القبول صعب أيضا. لا أعتقد أن الالتحاق بهذه الجامعة هي الفرصة التي أحتاجها.”
حتى الآن، يبقى مستقبل فرع جامعة حران مرهوناً بتطور الأوضاع العسكرية والسياسية في شمال سوريا.
المصدر