قال القائد العام لقوات سورية الديمقراطية/ مظلوم كوباني أنه من السابق لأوانه القول “تم إنجاز المهمة” في ما يتعلق بالقضاء على تنظيم الدولة الإسلامية، وحذر كوباني، في مقابلة حصرية مع المونيتور في 10 مارس / آذار 2019 من اندلاع حرب ثانية كبرى في سوريا إن هاجمت تركيا قوات شمال شرق الفرات. ومظلوم كوباني يحظى باحترام كبير في أوربا والولايات المتحدة والعالم كأحد كبار مهندسي المعركة ضد الجهاديين.
ومختلف الدبلوماسيين والضباط الأمريكيين من جميع الرتب الذين عملوا مع “كوباني” على مدار السنوات الأربع والنصف الماضية يشيدون بالثناء عليه.
كوباني كشف في المقابلة أن المسؤولين الأمريكيون. طلبوا منهم عدم التسرع في عقد “المحادثات مع النظام”، أضاف”في النهاية نحن جزء من سوريا. لا نريد الانفصال عن سوريا. إذا كان هناك حل دائم لهذه المنطقة فيجب أن يكون مع دمشق. المفاوضات مع النظام أمر لا مفر منه لتحقيق تسوية، والحل النهائي لوقف الحرب”.
وقال “الولايات المتحدة ليست مهتمة بتغيير النظام. يقولون التغيير يجب أن يأتي من خلال العملية الانتخابية. نحن أيضًا نريد أن يتم انتخاب الحكومة في سوريا بطريقة ديمقراطية. سوف نحترم أيًا كانت الحكومة المنتخبة لقيادة سوريا لأننا جزء من سوريا. قد يبدو هذا بعيد المنال في الوقت الحالي، لكن عاجلاً أم آجلاً سوف يتحقق.”.
وقال تعقيبا على الرؤية الأمريكية بالتمهل في المفاوضات مع النظام “هناك ما يبرر بعض مخاوف أمريكا. نحن بحاجة إلى تقييم الوضع من منظور أوسع. هم يعارضون أي تغييرات من شأنها أن يؤثر على التوازن العسكري في المناطق الخاضعة حاليًا لسلطتنا حيث تتواجد قوات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة. لأنه إذا حدثت أي تغييرات من هذا القبيل [نشر قوات النظام في المناطق المذكورة] فإن هذا سيؤثر عليهم سلبًا. ونحن نشارك وجهة نظرهم. نقول للروس ودمشق أنه قبل أي تغييرات عسكرية في هذه المنطقة، يجب أن تكون هناك تسوية سياسية أولاً. نقول لهم أنه بمجرد التوصل إلى اتفاق سياسي، يمكن إجراء بعض التغييرات على أرض الواقع. ولكن لا يمكن أن يكون هناك أي تغييرات في هذا المجال حتى هذا الوقت”.
وفي ما يتعلق بدور ايران في سوريا وررغبة الولايات المتحدة بانسحابها من سوريا قال كوباني “لدينا موقفنا هنا…نحن جزء من سوريا، حررنا مناطقنا من سيطرة “تنظيم داعش ونرغب في حل….نعارض أي تدخل أجنبي. وهذا يشمل إيران. لقد عارضنا دائمًا تدخل إيران في أراضينا. لقد قاموا بعدة محاولات للتدخل حتى قبل أن يأتي الأمريكيون ومنعناهم. إذا حاولوا التدخل مرة أخرى، فسنمنعهم من القيام بذلك مرة أخرى.”
وعن الوجود أو الانسحاب الامريكي من سوريا قال “نعتمد في النهاية على قوتنا. قبل أن تأتي الولايات المتحدة إلى سوريا، كنا ندافع عن أنفسنا. كنا نقاتل. وعلى المدى الطويل، هكذا ستكون الأمور.. لكن بطبيعة الحال، كان قرار الولايات المتحدة بالانسحاب الكامل سابقًا لأوانه ومن النوع الذي كان من شأنه أن يقلب الأوضاع في سوريا. ولكن يبدو أنهم تراجعوا عن القرار وسيظلون هنا لفترة أطوال… الولايات المتحدة تعمل بما يتماشى مع مصالحها الخاصة. لكن الانسحاب غير المخطط سيضر بتلك المصالح لذلك، يبدو أنهم سيبقون….كما وأنه يدور الحديث حول إنشاء منطقة آمنة، موقفنا واضح تجاه ذلك..وقال الولايات المتحدة تعمل على أن يرسل حلفاؤها الأوروبيون قوات إلى تلك المنطقة.
واضاف “ابقاء أمريكا ل 400 جندي فقط لا يكون كافيا لاكمال المهمة… قلنا لهم ذلك. أعتقد أن البنتاغون يشاركنا وجهة نظرنا حول هذا الموضوع. إنهم بحاجة إلى زيادة عدد الجنود الأمريكيين و الأوربيين.
وأضاف “بالنسبة لتركيا، ليس من مصلحتنا الدخول في حرب مع تركيا. نحن لا نرغب في قتال مع تركيا. لقد كان هذا موقفنا منذ البداية. لقد كانت تركيا الطرف العدواني ولا تزال كذلك. هاجمونا في عفرين. انهم باستمرار يعملون على مضايقتنا. نطلب من تركيا إنهاء موقفها العدواني، وإذا ساعدت الجهود الحالية التي تبذلها الولايات المتحدة في حوارها مع تركيا على تأمين هذه النتيجة، ومنع الهجمات التركية، فمن الواضح أن ذلك سيكون مفيدًا لنا. نحن ندعم هذه الجهود..”
وقال”إذا فشلت الجهود الأمريكية في تحقيق نتيجة إيجابية..ستندلع الحرب.. ثم هناك مسألة التوصل إلى تسوية سياسية مع النظام. يحاول المجتمع الدولي إيجاد حل. محادثات السلام في جنيف بقيادة الأمم المتحدة، ومحادثات سوتشي وعملية أستانا. لكن حتى الوقت الحاضر، بسبب الفيتو التركي، نحن مستبعدون من كل هذه المحادثات. هذا خطأ والولايات المتحدة تتحمل مسؤولية تجاهلنا في هذا الصدد. والولايات المتحدة إن اظهررت جدية، يمكنها التعامل مع ذلك وفرض حضورنا في المفوضات.
وعن التطورات في مدينة منبج قال “منبج قضية معقدة للغاية. قبل تحريرها من الدولة الإسلامية، كان هناك اتفاق بين جميع الأطراف، بين التحالف الدولي وأنقرة ومجلس منبج العسكري وقوات سوريا الديمقراطية. التقينا معا وعقدنا صفقة. لم نخلق حقائق على أرض الواقع في منبج…وبصفتنا قوات سوريا الديمقراطية، نعتقد أننا قد أوفينا بجميع تعهداتنا. كان لدينا بعض المستشارين هناك. سحبناهم خلال الأسبوعين الماضيين كانت هناك مفاوضات مستمرة بين الولايات المتحدة وتركيا فيما يتعلق بمجلس منبج العسكري. قدمت تركيا قائمة تضم 171 اسمًا تم فحصها من مجلس منبج العسكري والمجلس التشريعي في منبج. وآخر ما سمعته، رفضت تركيا 10 أسماء من تلك القائمة على أساس أنهم لم يستوفوا معاييرهم. وتمت إزالتها من القائمة.
وأضاف”تركيا متقلبة المزاج كل مرة تأتي بطالبات جديدة… أعذار جديدة. معاييرهم هي أن أعضاء المجلس يجب أن يولدوا في منبج. قبلنا هذا الطلب. لم يبق لنا شيء….تركيا في النهاية لا تهدف لاي استقرار..لديها طموحات التوغل ليس في منبج وحدها وإنما إلى شرق الفرات….وهنا نحذر مجددا “أي تدخل تركي جديد من شأنه أن يطلق حربا كبيرة، ستطلق الحرب العظمى الثانية في سوريا. هذا ما نقوله ونؤمن به. خططنا جيدا للدفاع عن أنفسنا…هنا ليس عفرين…. إنها مساحة كبيرة وهناك العديد من القوى. وتقاطع المصالح الدولية. في عفرين، عقدت تركيا صفقة مع روسيا. وفتحت المجال الجوي أمام الطائرات التركية… لم تتحرك الولايات المتحدة…هنا الجميع موجود روسيا متواجدة في جزء من منبج، في بلدة العريمة…. إذا تدخلت تركيا، سيتدخل الجميع. الوضع سوف يصبح معقد للغاية. فشلت تركيا في الحصول على الضوء الأخضر للتدخل حتى الآن وسوف تفشل في القيام بذلك في المستقبل…رغم ذلك لسنا مع اندلاع أي حرب جديدة في المنطقة”.
وفي اشكالية الولاء الأساسي لـ “كوباني” إن كان مع “الحركة السياسية الكردية بقيادة عبد الله أوجلان” وبقاءه كقائد عام في قسد قال “روجافا (كردستان السورية) هي جزء من كردستان العظمى. لكن عملنا هنا كجزء من قوات قوات سوريا الديمقراطية يجري تنفيذه في منطقة تتجاوز حدود روجافا. لدينا حلفاء عرب. ثلث الأراضي السورية تحت سيطرتنا. هذه المنطقة لها هويتها المميزة من العرب والأكراد والشركس وغيرهم… بما أن قوات سوريا الديمقراطية تضم العرب والكرد مناصفة فإن الإدارة هي نفسها [نصف عربي ونصف كردي].
وأضاف “عبد الله أوجلان هو زعيم حركة التحرر الكردية وعاش لمدة 20 عامًا في روجافا. الأكراد هنا وحتى العرب جاءوا للتعرف عليه آنذاك. لقد عملوا معا.. بمعنى آخر، إنه شخصية معروفة هنا. وهناك ارتباط هائل به من جانب الشعب. خاصة من الأكراد، لكن يمكنك أن تكون متأكداً من بعض العرب كذلك مرتبطون بأوجلان حتى الآن”.
وقال “ما نجده ضارًا هو ادعاء تركيا بأن كل شيء هنا يديره حزب العمال الكردستاني. هذا ليس صحيحا. إذا استمرت تركيا في مهاجمة هذه المنطقة، فذلك بسبب عجزها عن التعامل مع الحركة الكردية في تركيا، وفشلها في معالجة الواقع الكردي وحل قضيتهم…هذا هو السبب الرئيسي للتصعيد التركي ضدنا… العداء التركي لا علاقة له بنا، كما يزعم ولا بصلاتنا مع أحد. تركيا لا ترغب في حل المشكلة الكردية. إنها تريد القضاء على الأكراد. تقول ذلك بصراحة. الجزء الأكبر من الحركة الكردية هو داخل تركيا. لكن تركيا لا تعارض فقط الحركة الكردية داخل تركيا وفي سوريا. وانما عارضت استفتاء عام 2017 حول استقلال الأكراد في كردستان العراق وهددت بالحصار وامور أخرى…
مظلوم كشف في المقابلة أنه التقى بالمخابرات التركية عدة مرات أثناء عملية السلام بين الحكومة التركية وحزب العمال الكردستاني سنة 2013 و 2014 وفي عام 2015، وإن اللقاء تركزت حول “أمن الحدود” وأن المسؤولين الأتراك وقتها ابلغوه أن تنظيم الدولة الإسلامية اشتكت من أن تركيا لم تفعل ما يكفي للسيطرة على مدينة كوباني وحصارها…
مظلوم أشار أنه يرغب في بقاء الأمريكيين وأن ذلك لمصلحتهم جميعا….مشيرا أنه من الطبيعي أن يستمر في انتقاد الولايات المتحدة بسبب عدم التقدم على مسار العلاقات وتقديم دعم سياسي لهم…وأنها لا تقوم بشكل كافي للضغط على تركيا بشأن هذه النقطة، إذا رغبت في ذلك. وأن “الولايات المتحدة الامريكية” يمكنها أن تضمن الأراضي الواقعة شرق الفرات كجزء من أي تسوية سياسية [مع النظام] في سياق محادثات جنيف. ولكن أيضًا ، وأن المعركة على الأرض ضد الدولة الإسلامية مستمرة. سيتم كسب المعركة في النهاية، لكن الحرب ضد الدولة الإسلامية ستستمر. في هذا الصدد، من صالحهم أن تبق قوات التحالف في سوريا.
وفي ما يطلبه “كوباني” من الأمريكيين حدد أربعة نقاط وهي:
1- استمرار الدعم الذي يقدمه التحالف الدولي في الحرب ضد الدولة الإسلامية حتى يتم تدمير وإبادة الدولة الإسلامية بنسبة 100٪.
2- بقاء قوات التحالف في سوريا حتى التوصل إلى تسوية مع النظام.
3- التدخل لوقف التهديدات التركية، وأن قوات سوريا الديمقراطية تحتاج للولايات المتحدة حتى حل المشكلات مع تركيا.
4- دعم مشاركتنا في المفاوضات التي تقودها الأمم المتحدة للتوصل إلى تسوية سلمية شاملة في سوريا.
وفي الضغوط التي تتعرض لها “قسد” من قبل “القبائل العربية” حول عقد صفقة مع النظام، واستعدادهم للمصالحة معه قال “كوباني”: نحن بحاجة إلى عقد صفقة مع النظام… يجب أن نكون في تحالف مع العرب في إطار سوريا موحدة. يتحدث النظام الآن عن المصالحة. منذ البداية لم نختر مواجهة مسلحة مع النظام… انسحب النظام من هذه المناطق ولم يتمكن من الدفاع عنها. لذلك نحن قمنا بالدفاع عن انفسنا وعنها…..ولا توجد عداوة بيننا…وبالتالي لسنا بحاجة لمصالحة، ولكن نحن نسعى للاتفاق والوصول إلى حل سياسي ينهي الحرب السورية. ونحن نركز هنا على مطلبين رئيسيين يعتبران خطوطنا الحمراء، وبناء عليها نحن على استعداد للدخول في جميع أنواع المفاوضات مع النظام على هذا الأساس:
-الحفاظ على إداراتنا المستقلة ومنحها الوضع القانوني.
-الحفاظ على قواتنا وترك أمن المنطقة الواقعة شرق نهر الفرات لقوات سوريا الديمقراطية.
وقال كوباني “يوجد لروسيا دور حاسم تلعبه في حل الأزمة السورية. بدون روسيا، لا يمكن التوصل إلى حل دائم. يمكن لروسيا الضغط على النظام السوري لحل المشكلة الكردية. ومحادثاتنا مع روسيا مستمرة في هذا الصدد. لكن الروس لعبوا دورًا سلبيًا في عفرين. فتحت روسيا المجال الجوي السوري فوق عفرين أمام القوات الجوية التركية وسحبت قواتها من عفرين. هذا أدى إلى زعزة ثقة الشعب الكردي بالروس… روسيا بحاجة إلى تصحيح خطأها في عفرين لاعادة الثقة بيننا…
ونفى “كوباني” عقد اي مباحثات مباشرة مع النظام لكنه أشار أنه وفد سياسي يمثلهم اجتمع مع النظام، وأنهم في حوار دائم من خلال مفاوضات فعلية، لكنه أشار إلى أنها وصلت “الآن” الى طريق مسدود مبديا استعداهم للمضي قدما في المفاوضات ضمن الخطوط الحمراء التي حددها…كوباني شدد أنه ملتزم بتحقيق ذلك حتى وإن انسحبت الولايات المتحدة، وإن فرض على قواته خيار القتال قال”سنقاتل.
سنقاتل حتى الموت من أجل حقوقنا.”