الكشف عن فيديو يتضمن اعترافات “خلية تفجير منبج” التي قتل فيها جنود أمريكييون

كشفت وكالة هاوار المحلية الكردية عن فيديو لاعترافات أحد العناصر الذين شاركوا في الهجوم الذي استهدف التحالف الدولي في مدينة منبج مطلع العام الجاري، وعن وقائع وحقائق هذا الهجوم.

استهدف الهجوم الانتحاري، في الـ 16 من كانون الثاني 2019، دورية تابعة للتحالف الدولي ومجلس منبج العسكري في مدينة منبج، أسفر عن مقتل 15 شخص بينهم 4 جنود أمريكيين.

وفي عملية امنية تمكنت القوى الأمنية من إلقاء القبض على الشاب الظاهر في الفيديو مع آخرين في الـ 23 من كانون الثاني عام 2019.

تفاصيل:
في الـ 16 من كانون الثاني 2019 استهدفت دورية للتحالف الدولي أمام مطعم قصر الأمراء بعملية انتحارية راح ضحيتها 15 مدنياً وعسكرياً بينهم 4 جنود أمريكيين، وعلى إثرها نفذت القوات الأمنية عمليات ضد خلايا أمنية اعتقلت فيها بعض المشاركين بالهجوم، ومن بينهم عبد العزيز محمد الشجي الذي كشف عن معلومات هامة تشير إلى التخطيط للهجوم من إدلب ونقل المتفجرات منها عبر اراض تخضع لسيطرة تركيا.

عبد العزيز محمد الشجي من مواليد مدينة كري سبي/تل أبيض 1992، كان متواصلا مع قيادات من تنظيم الدولة الاسلامية بينهم المدعو أبو عبد الرحمن التونسي وذلك أثناء سيطرة التنظيم على المدينة عام 2014، وتلقى دورة تدريبية كان يشرف عليها رشيد المصري. وبعدها تم فرزه إلى البوابة الحدودية لتل أبيض التي يقابلها مدينة آكجي كلا من الطرف الآخر للحدود السورية وبدأ عبد العزيز العمل هناك كحارس للبوابة.

ويروي عبد العزيز ما شاهده في معبر تل ابيض السورية مع تركيا أثناء عمله كحارس هناك ويقول “خلال خدمتي في البوابة الحدودية كنت شاهداً على العديد من مواقف التنسيق بين تركيا وداعش، حيث كان هناك شخص ينتمي لداعش يدعى أبو حارث كان ينسق مع الجيش التركي لدخول سيارات الإسعاف من الطرف التركي إلى الأراضي السورية ليتم إسعاف المصابين من داعش إلى المدن التركية، فيما كانت تركيا تمنع خروج أي شخص من سوريا إلى تركيا في الحالات العادية. بالنسبة لداعش كانت الأبواب مفتوحة أمامهم بشكل يومي وكان المئات يدخلون يومياً عبر المعبر وينضمون إلى داعش”.

وأثناء عمل عبد العزيز كحارس للبوابة الحدودية، كانت وحدات حماية الشعب بدأت بحملة في أيار 2015 وكانت تقترب رويداً رويداً من مدينة كري سبي/تل أبيض (تم هزيمة داعش في المدينة بتاريخ 15 حزيران 2015)، وبعد 8 أشهر من العمل في المعبر، طلب منه المغادرة إلى مدينة الرقة بعد أن ضيقت وحدات حماية الشعب في حصار المدينة..

وما أن وصل عبد العزيز إلى مدينة الرقة حتى عمل كسائق لسيارة إسعاف كان ينقل المصابين من هناك إلى مدينة الموصل العراقية.

ومع إطلاق قوات سوريا الديمقراطية حملة “تحرير” مدينة الرقة وتضييق الحصار على داعش بداية عام 2017، غادر عبد العزيز مدينة الرقة وتوجه إلى مدينة الميادين على الضفة الأخرى لنهر الفرات على الحدود السورية العراقية. ولكن قوات النظام السوري كانت تقصف المدينة لذا أراد عبد العزيز الهروب من الميادين وعاد إلى مدينة الرقة في شهر تموز 2017 ولكن سراً دون علم قيادته وذلك عبر مهرب يدعى عامر كان ينقل المسلحين من الميادين إلى بقية المناطق السورية.

ووصل عبد العزيز برفقة زوجته إلى مدينة الرقة على متن شاحنة كبيرة ومن هناك توجه عن طريق المهربين وعبر مناطق قوات النظام إلى مدينة منبج ليعيش مع زوجته ويعمل في أحد مكاتب بيع وشراء السيارات.

وبعد 8 أشهر من دخول عبد العزيز إلى مدينة منبج، التقى بأحد عناصر داعش كان قد رآه سابقاً أثناء تواجده في مدينة الرقة، ويتابع عبد العزيز الحديث عن القاء: “التقيت مع أبو ندى الكردي وهو داعشي تعرفت عليه عندما كنت متواجداً في لواء البتار بمدينة الرقة، حينها كان يعمل أبو ندى الكردي في نقل المياه إلى نقاط داعش”.

وأشار عبد العزيز أن لقاءه مع أبو ندى الكردي لم يطل كثيراً وأضاف “أخبرني أبو ندى الكردي أن أبو علي موجود في مدينة منبج وقال بأنه سينقل خبر تواجدي في منبج له عند لقاءه به”.

مخطط تفجير منبج:

أبو علي هو أحد قادة داعش، ينحدر من مدينة إدلب، ويعمل قيادي مكتب الهجرة بمدينة الرقة وهو أحد أبرز المنسقين لدخول عناصر داعش من الدول الأوروبية عبر تركيا إلى الأراضي السورية. ولا يعرف مكان تواجده بالضبط كون يتحرك بين المناطق الخاضعة لسيطرة تركيا في جرابلس والباب وإدلب.

ويقول عبد العزيز إن كل ما يعرفه عن أبو علي هو أنه من مدينة إدلب وكان على اتصال دائم مع أطراف من هناك ولا توجد تفصيلات دقيقة أخرى عن حياته أو مكان تواجده بدقة، وهو من خطط للتفجير الذي استهدف التحالف الدولي في 16 كانون الثاني 2019 وهو من أدخل المتفجرات من إدلب وعبر مناطق الاحتلال التركي.

والتقى عبد العزيز بأبو علي بعد عدة أيام من التقائه أبو ندى الكردي، ويروي عبد العزيز تفاصيل لقائه مع أبو علي ويقول “اتصل بي أبو ندى الكردي وأخبرني بأن أتوجه إلى مسجد قريب داخل مدينة منبج، وهناك التقيت معهما وبدأ الحوار بيننا حيث سأل أبو علي عن الأوضاع المعيشية في منبج والوضع بشكل عام وخاصة تواجد قوات التحالف الدولي والأماكن التي يتمركز فيها وفي نهاية النقاش طلب أبو علي رقم هاتفي كي يتمكن من التواصل معي لاحقاً”.

وبعد أسبوع من اللقاء اتصل أبو علي مع عبد العزيز وأخبره بأنه تم القاء القبض على أبو ندى الكردي ولم يتم التعرف على الجهة التي القت القبض عليه، كما أخبره بأنه سيتوجه إلى مدينة إدلب ويتواصل معه من هناك عن طريق تطبيق “تيليغرام”.

بعد شهرين من اللقاء عاد أبو علي من مدينة إدلب إلى منبج والتقى مع عبد العزيز ويقول الأخير “التقيت مع أبو علي وكان يركب دراجة نارية. خلال تحركنا معاً في منبج رصدنا أحد دوريات التحالف الدولي، اقترب منها أبو علي وأخرج هاتفه وبدأ يتفقد شبكة الهاتف بالقرب منها، كان يحاول التأكد من وجود الشبكة في نطاق تواجد سيارات التحالف الدولي ولكن لم تكن هنالك شبكة فارتبك أبو علي لأنه كان يفكر في أمر ما، وطلب مني أن استكشف الشبكة في محيط سيارات التحالف الدولي في المرة القادمة التي أراهم فيها داخل المدينة وأن أخبره بالنتيجة”.

وبعد شهر من أول تفقد للشبكة، اتصل عبد العزيز مع أبو علي ليؤكد له دخول موكب للتحالف الدولي إلى منبج، فطالبه أبو علي بمراقبة الموكب حتى يصل هو ويتابعه، ويضيف عبد العزيز سرد ما حصل بعد ذلك “بعد أن وصل أبو علي إلى المكان الذي كنت أتواجد به أخرج من جيبه آلة صغيرة كانت عبارة عن جهاز لتقوية شبكة الهاتف المحمول وطالب مني قيادة الدراجة النارية والاقتراب من سيارات التحالف الدولي لفحص شبكة الهاتف مرة أخرى، ولكن لم تكن هناك شبكة ضمن المكان الذي كانت تتواجد فيه سيارات التحالف الدولي”.

وبحسب عبد العزيز كان أبو علي يصر على البحث عن الشبكة كي يقوم بعملية كبيرة من خلال تفخيخ سيارة بشكل كامل ووضعها في طريق سيارات التحالف الدولي كي يقوم بتفجيرها عن بعد، أو وضع المتفجرات على أطراف الطريق وتفجيرها عند مرور أثناء مرور موكب قوات التحالف الدولي. ولكن انقطاع شبكة الهاتف دفع أبو علي لتغيير خططته والبحث عن طريقة أخرى لشن هجوم على قوات التحالف الدولي.

ويشير عبد العزيز أن المرتزق أبو علي قرر بعد ذلك أن يعود إلى مدينة إدلب، وبعد وصوله إلى إدلب أخبر عبد العزيز بأن رجلاً سيدخل مدينة منبج وعليه أن يساعده في الإقامة. الشخص كان يدعى أبو ياسين وهو من سكان ريف حمص. ويتابع عبد العزيز ويقول “بعد أيام قليلة اتصل أبو ياسين وأخبرني كي أجلبه إلى بيتي وفي اليوم التالي طالبني بالتوجه إلى سوق المدينة لشراء بعض الملابس وخلال تواجدنا في السوق اتصل أبو علي بي”.

التنفيذ:

في 16 كانون الثاني 2019 استهدف داعش دورية للتحالف الدولي في مدينة منبج أمام مطعم “قصر الأمراء” في شارع السندس المكتظ بالمدنيين. وقتل في الهجوم 4 من أعضاء التحالف الدولي ومقاتلين اثنين مرافقين من قوات مجلس منبج العسكري و13 مدنياً.

ويروي عبد العزيز التفاصيل قبل حدوث الهجوم بدقائق معدودة ويقول “طالبني أبو علي خلال اتصال هاتفي التوجه إلى سوق الخضار في مدينة منبج واللقاء به، التقيت بأبو علي الذي كان يحمل معه أكياساً تحتوي على الخضار كما كان بحوزته كيس أسود تتواجد فيه المتفجرات. خرجت من السيارة لمدة 5 دقائق لتعبئة بطاقة الهاتف فاتصل أبو علي وطالبني بالتوجه إلى السيارة بشكل عاجل، وعند وصولي إلى السيارة خرج أبو ياسين من السيارة وتوجه إلى مكان تواجد مدرعات قوات التحالف الدولي، أما أبو علي فحرك السيارة مباشرة من مكانها ودخل في شوارع الحي وسمعنا صوت انفجار كبير من المنطقة التي كانت تقف فيها مدرعات التحالف الدولي. بعد الانفجار طالبني أبو علي بإتلاف الهاتف الذي كنت أتواصل منه معه، وأخبرني أن أبو ياسين فجر نفسه بقوات التحالف الدولي، فافترقنا بعد ذلك وكان آخر يوم ألتقي فيه مع أبو علي”.

ويضيف “أبو علي المنحدر من إدلب هو من خطط للهجوم على التحالف الدولي، وجاء من هناك إلى منبج ودخلها سراً عبر المناطق التي تحتلها تركيا”

وقال عبد العزيز أن المرتزق أبو علي أحضر المتفجرات من مدينة إدلب وأدخلها من الخط الذي تحتله تركيا ومرتزقتها، وهذا ما يثير الكثير من الأسئلة حول مدى تورط تركيا في الهجمات على التحالف الدولي خصوصاً أن المتهم الرئيسي “أبو علي” كثير التنقل بين إدلب ومناطق خاضعة لتركيا من قبل قوات التحالف الدولي.

وبعد الهجوم مباشرة نفذت القوات الأمنية في شمال وشرق سوريا عمليات نوعية ضد عدة خلايا لـ داعش، وفي 23 كانون الثاني قامت بعملية نوعية ضد عبد العزيز المتورط في الهجوم وألقت القبض عليه. واعترف المرتزق عبد العزيز بتورطه بالهجوم الذي استهدف التحالف الدولي في منبج.

-------------------------------

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا عن طريق إرسال كتاباتكم عبر البريد : vdcnsy@gmail.com

ملاحظاتك: اقترح تصحيحاً - وثق بنفسك - قاعدة بيانات

تابعنا : تويتر - تلغرام - فيسبوك