كيف أصبحت ما سمت نفسها يوماً ” ثورة الحرية والكرامة ” بعد ثمانية أعوام
مع دخول الازمة السورية عامها التاسع لا يبدو في الأفق أن هناك حلاً ما على المدى القريب ٫في ظل المتغيرات المحلية والاقليمية و الدولية التي تشهدها هذه الأزمة.
في حين أن بعض القوى السورية التي ادعت أن ما سمته ” الثورة السورية ” في بدايتها كانت ثورة حرية وكرامة تحولت بشكل دراماتيكية إلى تمرد غلب عليه الطابع الديني الطائفي ٫ بل وصلت إلى حد قام هؤلاء الذين كانوا يدعون إلى الحرية والكرامة بارتكاب جرائم أكثر بشاعة من تلك التي ارتكبها النظام السوري في المناطق التي وقعت تحت سيطرتها ابتداءً بريف دمشق وصولاً إلى شمال سوريا مروراً بجرائمها في مدينة عفرين الكردية .
وفي هذا الاطار وثق ( مركز توثيق الانتهاكات في شمال سوريا ) منذ شهر آذار من العام الفائت وحتى شهر شباط من العام الحالي ارتكاب هذه الفصائل السورية المسلحة الموالية لتركيا وبمشاركة الجيش التركي لجرائم وانتهاكات على مختلف الصعد حيث قامت بقتل ( 717 ) مدني سواء من سكان عفرين الأصليين أو المستوطنين الذين تم تسفيرهم إلى شمال سوريا في صفقة بين النظام السوري وتركيا وبرعاية روسية، من بينها ثمانية عشر حالة قتل تحت التعذيب .كما وصلت حالات الاعتقال على يد الفصائل ذاتها وبمشاركة الجيش التركي إلى (4680) حالة تضمنت توثيق (580) حالة تعرضت للتعذيب.
ولم تكتفي هذه الفصائل المسلحة بالاعتقال والتعذيب بل قامت بخطف مواطنين مدنيين لتطالب أهاليهم بفديات مالية مقابل اطلاق سراحهم حيث وثق مركزنا في هذا الإطار تسجيل 326 حالة خطف ,كما تم تسجيل إصابة (1088) شخص بجروح مختلفة نتيجة مداهمة المنازل أو شظايا المتفجرات أو نتيجة تعرضهم للضرب من قبل المسلحين كما قامت قوات الجيش التركي الذي يدعم هذه الفصائل الإسلامية المتطرفة بـ 1051 عملية قصف جوي لمؤزارة هذه الفصائل و 34 حالة قصف مدفعي بالهاون على قرى آهلة بالسكان .
ولم تكتفي هذه الفصائل بهذه الانتهاكات بحق الأهالي بل كثيراً ما نشبت بينها اشتباكات واقتتال من أجل توسيع مناطق سيطرتها والاستحواذ على ممتلكات الأهالي وفي هذا الاطار سجل مركزنا 101 حالة اقتتال بين الفصائل نفسها وكثيراً ما وقعت ضحايا من المدنيين نتيجة هذه الأشتباكات والاقتتال بين الفصائل لأن أغلبها كانت تحدث داخل المدن المكتظة بالمدنيين , كما كان للجيش التركي الداعم لهذه الفصائل حصته من هذه الجرائم حيث تم تسجيل 427 حالة قتل وإصابة لاجئ سوري على الحدود مع تركيا أثناء محاولتهم الفرار من جحيم الحرب الدائرة في سوريا، بينهم ( 78 طفلا دون سن 18 عاما، و 52 امرأة) كما وارتفع عدد الإصابات بطلق ناري أو اعتداء إلى 331 شخصا.
وبعد أن تخلت العديد من هذه الفصائل عن المناطق التي كانت تسيطر عليها داخل سوريا في صفقات بين النظام السوري وتركيا وبرعاية روسية وتوجهت إلى شمال سوريا قامت بالاستيلاء على أملاك المدنيين في هذه المناطق الجديدة وفي هذا المجال وثق مركزنا تسجيل (1291) حالة لمصادرة الملكيات الخاصة من منزل وغيرها وتحويل بعضهم إلى سجون أو مراكز عسكرية أو مسجد، كما وجرى توثيق (60) حالة حرق متعمد لممتلكات الأهالي (المنازل والمحلات وبساتين). وتوثيق هدم ( 53) منزل. ولم تسلم منهم حتى القبور حيث قاموا بجرف (1250) قبراً, كما قاموا بتحويل 50 مرفقاً عاماً من مدارس ومراكز تعليمية وخدمية إلى مقرات عسكرية.
وبعد كل هذه الجرائم التي يصل بعضها إلى مستوى جرائم بحق الانسانية إضافة إلى عمليات التغير الديموغرافي في مدينة عفرين ماذا بقي مما سمت نفسها ذات يوم بـ( ثورة الحرية والكرامة ) .
محمد حسن – كوباني