رحب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بقرار الولايات المتحدة إبقاء 200 جندي أميركي في سوريا، وقال بأنه يتفق مع ضرورة البقاء لدعم قوات سوريا الديمقراطية، وإن بلاده ستواصل العمل في المنطقة في إطار التحالف الدولي لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية هناك.
ورحّب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الاثنين بقرار الولايات المتّحدة إبقاء 200 جندي أميركي في سوريا بعدما كانت أعلنت عزمها على سحب كلّ جنودها من هذا البلد، معتبراً بقاء هؤلاء الجنود “ضرورة”.
وقال ماكرون خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره العراقي برهم صالح “لا يسعني سوى الترحيب بهذا الخيار”.
وأضاف أنّ القرار الأميركي “يتّفق مع ضرورة البقاء إلى جانب قوّات سوريا الديموقراطية، وأولئك الذين عملوا في الميدان” في قتال تنظيم الدولة الإسلامية الجهادي.
وتابع الرئيس الفرنسي “لقد واكبنا سياسياً” قرار الولايات المتحدة إبقاء حوالي 200 جندي على الأراضي السورية و”سنواصل، في إطار التحالف، العمل في المنطقة”، من دون مزيد من التفاصيل.
ولم يوضح ماكرون ما إذا كان قرار واشنطن الإبقاء على هذه الوحدة العسكرية الصغيرة سيكون كافياً لإقناع باريس بالمشاركة في قوة عسكرية غربية لإرساء الاستقرار في المناطق الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية في شمال شرق سوريا.
وكان الرئيس الأميركي وافق على إبقاء قوات في شمال شرق سوريا، على أمل إقناع الأوروبيين المتحفظين بالمشاركة في قوة مراقبة تضمّ ألف رجل لحماية الحلفاء الأكراد.
وقال البيت الأبيض الأسبوع الماضي إنّ الولايات المتّحدة ستبقي حوالي مئتي جندي في شمال شرق سوريا.
وأتى القرار الأميركي بعد انتقادات حادّة لإعلان ترامب عزمه على سحب كامل الجنود الأمريكيين من سوريا، وعددهم ألفي جندي، بحلول 30 أبريل.
وفي ديسمبر أعلن ترامب النصر على تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا على الرّغم من أن الآلاف من مقاتلي التنظيم الجهادي لا يزالون يدافعون عن آخر معاقلهم.
لكن مسؤولا في الإدارة الأميركية قال إن ترامب اقتنع يوم الخميس بانضمام نحو 200 جندي أميركي إلى التزام بالإبقاء على ما يُتوقع أن يتراوح بين 800 و1500 جندي في المجمل من دول أوروبية حليفة لإقامة “منطقة آمنة” في شمال شرق سوريا ومراقبتها.
ويتخوّف معارضون للانسحاب الأميركي من أن يؤدّي إلى تداعيات عدة، من بينها احتمال أن تشنّ تركيا هجوماً على القوات المدعومة من الولايات المتحدة، وإمكانية أن يعود تنظيم الدولة الإسلامية من جديد.
وزار وزير الدفاع الأميركي بالوكالة باتريك شاناهان أوروبا في منتصف فبراير الجاري في محاولة لإقناع دول حليفة لبلاده بالإبقاء على قوات لها في سوريا بعد انسحاب القوات الأميركية.
لكنه جهد لإقناع هذه بالدول بالسبب الذي قد يدفعها للمخاطرة بجنودها بعد انسحاب القوات الأميركية.
مقترح تركيا للمنطقة الآمنة يواجه عقبات بعد قمة سوتشي:
قال يشار ياكش الذي تقلد منصب وزير الخارجية التركية وكان سفيراً لدى حلف شمال الأطلسي ومصر والسعودية. هو عضو في حزب العدالة والتنمية أن “مقترح تركيا للمنطقة الآمنة يواجه عقبات بعد قمة سوتشي” معتبر أن “هناك مبرران متناقضان وراء إنشاء مناطق آمنة في سوريا. أحدهما مقترح من الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
واضاف في مقال رأي نشر في موقع “أحوال تركيا:
بعد خمسة أيام من انتخاب ترامب رئيسا، تحدث في حوار مع ديفيد موير على محطة (إيه.بي.سي) الإخبارية في الخامس والعشرين من يناير عام 2017 قائلا “بكل تأكيد سأقوم بإنشاء مناطق آمنة في سوريا.”
غير أن هذا المبرر لإنشاء منطقة آمنة تم نفيه بوضوح تام بعد ذلك بعامين حين قال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو “الولايات المتحدة ستضمن ألا يقدم الجيش التركي على ذبح الأكراد.”
أما المبرر التركي وراء إنشاء منطقة آمنة فأساسه فلسفة مختلفة كليا تقوم على منع وحدات حماية الشعب الكردية من تهديد أمن تركيا واستقرارها.
خلال اجتماع لحزبه في إقليم أرضروم الشرقي في السادس والعشرين من يناير الماضي، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان “نحن نحتاج لأن تكون لنا سيطرة فعالة على الميدان. نتوقع أن يتم خلال أشهر قليلة الوفاء بالوعد الذي قطعه حلفاؤنا لإنشاء منطقة آمنة بغرض حماية بلدنا من الإرهابيين.”
وأضاف “أي شيء خلاف هذا، فإن تركيا ستقوم به بمفردها. بلدي يرفض أي مقترحات بديلة.”
بعد ذلك بأسبوع، كرر أردوغان موقفه خلال مقابلة مع محطة (تي.آر.تي) الإخبارية التابعة للدولة “لا يمكننا ترك السيطرة على المنطقة الآمنة لقوات التحالف (يعني الولايات المتحدة). السيطرة عليها يجب أن تكون لتركيا.”
كان هذا هو موقف أردوغان قبل ذهابه لحضور قمة ثلاثية جمعته بزعيمي روسيا وإيران في منتجع سوتشي الروسي في الرابع والعشرين من فبراير الجاري.
ففي سوتشي، خفف أردوغان من لهجته بخصوص هذا الموضوع، لكنه احتفظ في الوقت نفسه بالمبدأ الأساسي.
قال أردوغان “المنطقة الآمنة المخطط لها يجب ألا تصبح منطقة ترتع فيها العصابة الإرهابية. أريد أن أتحدث بوضوح بأننا لن نسمح بظهور ممر إرهابي بطول الحدود الجنوبية.”
وتابع “في هذا الخصوص، فإننا نتطلع للحصول على دعم شركائنا في اتفاق أستانة.”
لم يحصل أردوغان إذاً على درجة التأييد التي توقعها من شريكيه الآخرين في اتفاق أستانة.
فالرئيس الإيراني حسن روحاني تساءل عن توقيت انتهاء ما وصفه بأنه الوجود غير القانوني للقوات الأميركية على الأراضي السورية، وقال إن المنطق يتطلب حماية أراضي سوريا وسيادة أراضيها.
قبل القمة، عبرت ماريا زخاروفا المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية عن ذات الرأي لكن بطريقة مختلفة.
قالت زخاروفا “موافقة الحكومة السورية ضرورية قبل الشروع في إنشاء أي منطقة آمنة في شمال البلاد.”
أما الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فتحدث بصراحة عن رأيه في هذا الموضوع قائلا “المهمة الأساسية هناك هي حماية وحدة الأراضي السورية. هذا الأمر ينطبق على إدلب وعلى منطقة شرق الفرات.”
بعد أن صدرت هذه الأصوات المعارضة للموقف التركي، عكس البيان المشترك للقمة هدفا أقل طموحا بالنسبة للأتراك.
قال نص البيان “ناقش الزعماء الموقف في شمال شرق سوريا وقرروا، مع احترام وحدة البلاد وسيادتها، التعاون وتنسيق الجهود من أجل سلامة المنطقة وأمنها واستقرارها.”
يدعو البيان إذا للتنسيق بخصوص كل ما يمكن أن يحدث في شمال شرق سوريا، عوضا عن إطلاق يد تركيا للقيام بعمل أحادي.
نقطة أخرى مهمة في البيان المشترك هي الإشارة إلى اتفاقات قائمة بالفعل.
المقصود هنا هو اتفاق أضنة الموقع عام 1998 واتفاق أنقرة الموقع عام 2010 وكليهما بين تركيا وسوريا.
اتفاق أنقرة تم توقيعه بعد اندلاع الأزمة السورية مباشرة ويوفر إطار عمل للتعاون في مجال مكافحة الإرهاب.
وأشار بوتين إلى اتفاق أضنة في معرض رده على سؤال خلال المؤتمر الصحفي الذي أعقب قمته الثنائية مع أردوغان في موسكو في الثالث والعشرين من يناير.
هذه الإشارة تعني أنه في ظل وجود إطار عمل قائم بالفعل للتعاون، فإن من الضروري الاستفادة منه.
بعبارة أخرى، فإن على أنقرة ودمشق التعاون لمكافحة الإرهاب.
لكن إمكانية تحقيق مثل هذا النوع من التعاون في ظل الخصومة المستمرة بين أرودوغان والرئيس السوري بشار الأسد تظل سؤالا مفتوحا.