قالت روسيا لتركيا يوم الخميس إنّها لا تملك الحق في إنشاء ”منطقة آمنة“ داخل سوريا ما لم تطلب موافقة من الرئيس بشار الأسد وتحصل عليها مما ينذر بتوترات مع بدء قمة ثلاثية بشأن الصراع السوري.
كما قال إنّه يجب عدم التغاضي عن وجود ”جماعات إرهابية“ في منطقة إدلب السورية.
وكان بوتين يتحدث في قمة يستضيفها في منتجع سوتشي المطل على البحر الأسود لبحث مستقبل سوريا مع الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان والإيراني حسن روحاني.
للبلدان الثلاثة قوات في سوريا حيث تنسق جهودها رغم اختلاف الأولويات وتضارب المصالح بينها أحيانا.
لكن انسحابا مرتقبا للقوات الأمريكية من سوريا، أعلنه الرئيس دونالد ترامب في ديسمبر كانون الأول، يهدد بتوترات جديدة لا سيما بين موسكو وأنقرة.
وتريد تركيا إنشاء ما تطلق عليها منطقة آمنة في شمال شرق سوريا وبالتحديد في كل المناطق الكردية الحدودية، والذي تسيطر القوات الأمريكية على بعض أجزائه في الوقت الراهن، كما تريد إخلاء المنطقة القريبة من حدودها من وحدات حماية الشعب الكردية التي تدعمها الولايات المتحدة.
لكن قبيل بدء قمة سوتشي بشأن سوريا قالت متحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية إن أنقرة تحتاج إلى ضوء أخضر من الأسد لإنشاء أي منطقة آمنة داخل الحدود السورية.
وقالت المتحدثة ماريا زاخاروفا ردا على سؤال بشأن خطة المنطقة الآمنة التركية ”مسألة وجود قوة عسكرية تعمل بتعليمات من بلد ثالث على أرض دولة ذات سيادة لا سيما سوريا يجب أن تحسمها دمشق مباشرة. هذا هو موقفنا الأساسي“.
غير أن من المرجح ألا يكون ذلك مستساغا لدى أردوغان الذي دعا الأسد للتنحي بعد أعوام من الحرب الأهلية التي مزقت سوريا.
وأوضح الكرملين يوم الخميس أيضا أنّ صبره على تركيا بشأن اتفاق مشترك لفرض منطقة منزوعة السلاح في شمال غرب إدلب بدأ ينفد.
وأبرمت موسكو وأنقرة الاتفاق في سبتمبر أيلول حيث قال البلدان إنهما يريدان إخلاء المنطقة من الأسلحة الثقيلة والمتشددين. وساهم الاتفاق في تجنب هجوم للقوات الحكومية في المنطقة، آخر معقل رئيسي لمعارضي الأسد.
لكن موسكو تشكو منذ ذلك الحين من أن متشددين كانوا ينتمون لجبهة النصرة يسيطرون الآن على زمام الأمور هناك وتريد عملا عسكريا لطردهم.
ولا تريد تركيا أن تبعدها التطورات في إدلب عن خطتها لإنشاء منطقة آمنة في شمال شرق سوريا طامحة في صفقة تمنحها روسيا لمبادلة أدلب بشرق الفرات أو منبج على الأقل.
وقال ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين إنّ موسكو تريد تحركا في إدلب وأشار إلى ”استمرار وجود الجماعات الإرهابية هناك“.
وقال بيسكوف ”تطبيق القرار في إدلب هو أحد المكونات الكلية في سياستنا لاستقرار سوريا وبالطبع تهيئة الظروف لمضي الأمور في اتجاه تسوية سياسية“.
وأضاف بيسكوف أنّ بوتين سيضغط على أرودغان بخصوص هذا الشأن يوم الخميس.
روحاني: ندعم مسعى تطهير منطقة إدلب بسوريا من المتشددين
من جهته قال الرئيس الإيراني حسن روحاني لنظيريه الروسي والتركي يوم الخميس إنّه يدعم مسعى لتطهير منطقة إدلب بسوريا من مقاتلين كانوا ينتمون من قبل لجبهة النصرة، وأضاف أنّه سيكون من الخطأ تركهم يخرجون من مأزقهم لمجرد أنّهم غيروا اسمهم.
وأبلغ روحاني بوتين وأردوغان بأنّه يعتقد أن الوقت حان لتكثيف الجهود لإصلاح الوضع في إدلب.
كما وشدد روحاني على ضرورة العمل على نشر القوات السورية على كل الحدود السورية مع تركيا، مؤكدا على اهمية الحفاظ على حقوق الكرد في شرق الفرات بعد نشر القوات السورية و إنّ انسحاب القوات الأميركية من شرق الفرات يصب في مصلحة الشعب السوري والكرد في سوريا، مبديا ترحيبا من ووقوفه إلى جانب روسيا في أيّ سعي للتقريب بين تركيا وسوريا.
خلاصات قمة سوتشي حول مستقبل سوريا
رحبت قمة سوتشي حول سوريا ، بانسحاب القوات الأمريكية من الأراضي السورية. جاء ذلك في البيان الختامي للقمة التي جرت في مدينة سوتشي الروسية، بمشاركة زعماء تركيا وروسيا وإيران.
وأشار البيان، الخميس 14 فبراير/شباط 2019، إلى اتفاق الزعماء على تنسيق الجهود لإحلال الأمن والاستقرار في مناطق شمال شرق سوريا. وأضاف أن سحب الولايات المتحدة الأمريكية قواتها من سوريا، سيعزز الأمن والاستقرار في هذا البلد.
وذكر البيان أن زعماء تركيا وروسيا وإيران بحثوا خلال قمتهم مستجدات الأوضاع في سوريا، إلى جانب التطورات التي شهدتها منذ قمة طهران التي انعقدت في سبتمبر/أيلول الماضي.
وشدّد الزعماء على تعزيز التنسيق الثلاثي والتأكيد على سيادة سوريا واستقلالها ووحدة وسلامة أراضيها، وضرورة عدم انتهاك أحد لهذه المبادئ.
أَملُ التوصّل لحلّ للأزمة السورية بات قريب المنال
اعتبر الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أن الأمل بالتوصّل إلى حل للأزمة السورية بات «قريب المنال أكثر من أي وقت مضى».
وأضاف: «لا نرغب برؤية مأساة إنسانية جديدة في سوريا». وشدد على أن تركيا «بذلت جهوداً استثنائية من أجل المحافظة على الهدوء في إدلب (شمالي سوريا) رغم محاولة بعض الدول زعزعة الوضع فيها»، دون تفاصيل أخرى حول الجزئية الأخيرة.
واعتبر أردوغان، أن «الأمل بالتوصّل إلى حل للأزمة السورية لم يكن قريب المنال مثلما هو عليه اليوم». ولفت إلى أن كلاً من تركيا وروسيا وإيران قطعت «مسافة مهمة في سبيل إيجاد حل سياسي للأزمة السورية».
وتابع: «سنواصل الالتزام بما يقع على عاتقنا في إطار تفاهم إدلب، ونقلنا لنظرائنا الروس والإيرانيين توقعاتنا بالتزام النظام السوري بوقف إطلاق النار بالمنطقة، والحفاظ على وضع خفض التوتر فيها».
وفي سياق متصل، قال أردوغان: «أجرينا مشاورات حول الخطوات اللازمة لإنهاء الاشتباكات في سوريا». وأردف: «لن نسمح بإنشاء حزام إرهابي على حدودنا الجنوبية».
وأكد أردوغان خلال قمة سوتشي حول سوريا عزم تركيا وإيران وروسيا على «التحرك المشترك حيال التطورات الاستفزازية في المنطقة».
كما لفت أردوغان، إلى الأهمية المحورية لقرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، سحب قوات بلاده من سوريا، «في حال تطبيقه». وتابع «يجب أن لا يتسبب الانسحاب الأمريكي (المرتقب) من سوريا في حدوث فراغ أمني».
صياغة الدستور في سوريا «باتت وشيكة جداً».
من جهته، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إن التوقيع على صياغة الدستور في سوريا «بات وشيكاً جداً».
جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي مشترك عقده مع نظيريه التركي رجب طيب أردوغان، والإيراني حسن روحاني، عقب قمة سوتشي حول سوريا .
وأضاف بوتين، أن بلاده تعمل على حل الأزمة السورية بالتنسيق المكثف مع تركيا وإيران. وتابع: «لقد حددنا (مع تركيا وإيران خلال القمة) مجالات مهمة للعمل من أجل حل الأزمة».
ودعا الرئيس الروسي، إلى ضرورة «عدم تضرر مكافحة الإرهاب بوقف إطلاق النار في سوريا». كما أشار إلى أن اجتماع «أستانة 12» حول سوريا، سيُعقد نهاية مارس/آذار المقبل.
وأكد بوتين، أن «الحفاظ على وحدة الأراضي السورية يجب أن يكون هدفاً رئيسياً، وهذا ينطبق على منطقتي إدلب (شمال) وشرق الفرات». كما دعا إلى ضرورة الاتفاق على تحسين ظروف اللاجئين السوريين، معتبراً أن «النجاح سيتحقق في حال تمكنت تركيا وروسيا وإيران من التحرك بشكل منسق».
تشكيك إيراني في انسحاب أمريكا خلال قمة سوتشي حول سوريا
بيّن الرئيس الإيراني حسن روحاني أن هدف البلدان الثلاثة المشترك؛ «مكافحة الإرهاب وإرساء السلام في سوريا»، وأشار الرئيس الإيراني أنه «ينبغي إخراج الإرهابيين من محافظة إدلب».
ودعا إلى «ضرورة إخضاع جميع الأراضي السورية لسيادة دمشق»، وشدّد روحاني على أن «الولايات المتحدة الأمريكية ستواصل تدخلها في سوريا حتى بعد سحب قواتها».
وشكّك روحاني خلال قمة سوتشي حول سوريا ، في مصداقية سحب الولايات المتحدة لجنودها من سوريا، قائلاً «لسنا متفائلين حيال الانسحاب الأمريكي (المرتقب) من سوريا ولو حدث سنكون سعداء». وتابع: «الولايات المتحدة لا تعرف ما تريد القيام به».
ومضى روحاني، قائلاً إن «الولايات المتحدة قد تواصل اعتداءاتها الجوية في سوريا حتى بعد انسحابها منها». وقال إن الولايات المتحدة تنقل عناصر من تنظيم «داعش» إلى أفغانستان، و»يمكن لذلك أن يشكل تهديداً لآسيا الوسطى ومناطق أخرى».
وأشار إلى أنه شدد مع نظيريه التركي والروسي في قمة سوتشي على وحدة الأراضي السورية. وأكد أن «الدول الثلاث الضامنة ستواصل جهودها من أجل خفض وتيرة الاشتباكات وإرساء الاستقرار في سوريا».