يعيش نيجرفان مع زوجته وطفلته الصغيرة وضعاً صعباً بعد لجوئه إلى مدينة إربيل عاصمة إقليم كردستان فهو يقطن في غرفة واحدة بمساحة صغيرة في بيت مشترك مع عائلتين.
بعد خروجه من عفرين لم تنتهِ مأساة نيجرفان ( 38) سنة وهو ناشط إعلامي من مدينة عفرين بمجرّد اللجوء، بل فقد منزله المكوّن من 3 غرف وسط مدينة عفرين، حيث استولت عليه ما يعرف بالشرطة العسكرية التابعة لفصائل المعارضة السورية التي دخلت المدينة مع الجيش التركي، كما استولت على منزل عائلته في نفس البناية لتسكن فيه عدد من عائلات المسلحين الذين قدموا إلى المدينة من ريف حمص.
يقول نيجرفان ” تمّ الاستيلاء على بيتي وبيت عائلتي في 27 نيسان الماضي بحجّة عملي كإعلامي واتّهامي بالتعامل مع الإدارة الذاتية في عفرين خلال السنوات الماضية، علماً أنني تعرّضت للاعتقال سابقاً لدى قوات الأمن الكردية عام 2014 على خلفية نشاطي الإعلامي، ونشري أخبار تكشف الانتهاكات التي تطال المدنيين .”
نيجرفان واحد من المئات من أصحاب البيوت والمحلات التجارية والعقارت الذين تمّ الاستيلاء على ممتلكاتهم من قِبل فصائل المعارضة السورية بعد سيطرتها على منطقة عفرين شمالي سوريا، حيث اضطرّ معظم السكان إلى النزوح إلى أماكن أخرى بسبب المعارك.
يقول نيجرفان “خرجت من المدينة في 11 آذار الماضي نتيجة عدم وجود ضمانات من أي طرف يحفظ حياتي وحياة زوجتي وطفلتي”.فالصور التي انتشرت أظهرت الكثير من الانتهاكات التي ارتُكبت بحقّ المدنيين، من سلب لممتلكاتهم إلى اختطاف وقتل تحت التعذيب، إضافة إلى انتهاك للمقدّسات الإيزيدية.
نشرت هيومن رايتش تقريراً بعنوان استيلاء جماعات تدعمها تركيا على الممتلكات في عفرين ذكرت فيه أن فصائل الجيش السوري الحرّ” استولت على ممتلكات المدنيين الأكراد ونهبتها ودمّرتها في منطقة عفرين شمالي سوريا. وأسكنت الجماعات المسلحة المناهضة للحكومة مقاتلين وعائلاتهم في منازل السكان، ودمّرت الممتلكات المدنية ونهبتها دون تعويض أصحابها”.
كما ذكرت شهادات لمدنيين التقتهم، تمّ الاستيلاء على ممتلكاتهم حيث ذكروا أسماء فصيلي (أحرار الشرقية وجيش الشرقية) التابعين للجيش الحرّ من الفصائل التي اعتدت على المدنيين وقامت بتلك الانتهاكات.
مجلة صُوَر تفتح ملفّ الانتهاكات التي يتعرّض لها سكان عفرين بعد سيطرة الجيش التركي مع فصائل معارضة سورية عليها، خاصة بعد ورود العديد من التقارير عن انتهاكات بحقّ المدنيين من أبناء المنطقة.
الاستيلاء على الممتلكات
بعد سيطرة فصائل المعارضة على عفرين تكرّرت عمليات الاعتداء على ممتلكات المدنيين ونهب أموالهم وأثاث منازلهم .أمينة مستو ناشطة مدنية من مدينة عفرين تقيم خارج البلاد ترصد الانتهاكات التي تعرّض لها المدنيون، كما تعرض لها أهلها المقيمون في عفرين على يد فصائل المعارضة، تقول أمينة لـ مجلة صُوَر “بعد قصف بيتنا نهبوه وسلبوا كل شيء، أغراضنا، وحطب التدفئة، وحتى الغطاس في بئر الماء نزلوا وانتشلوه وأخذوه!”
تضيف أمينة مستو “تمّت سرقة معظم مواسم الصيف من قمح وشعير وعدس، كما نقلوا قمح المستودعات إلى إدلب، حالياً يفرض على أصحاب المعاصر مبلغ ٢٥ ألف دولار غير الزيت المسروق منها، ويتمّ تهديد أصحاب المعاصر بالقتل إن تحدّثوا عمّا يحصل بحقّهم، كما في قرية كوندي خليل وآلكانا”.
انتهاكات كثيرة تحدّثت عنها مستو، كاحتلال محلات أمام أهلها مثل “استديو ٢٣ الذي حولوه لملحمة الغوطة، وخياط ريفولي لمحلّ فراريج، وصيدلية كفرصفرة لمحلّ إكسبريس، لقد سرقوا معظم بيوت عفرين أمام أهلها، وتمّ تهديدهم بالسلاح، واقتحام المنازل ليلاً وابتزاز أهلها وسرقة ذهب النساء، وطلب المال أصبح بشكل يومي”.
وهذا ما يؤكّده جان م (الاسم مستعار) 35 سنة وهو ناشط من إحدى قرى ناحية بلبل لـ مجلة صُوَر، حيث يقول “استولوا على منزلنا في القرية بحجّة أن كل من يترك منزله هو عميل لـ PKK ” ويضيف جان “طبعاً أهلي اضطرّوا أن يهربوا إلى حلب بعد أن دفعوا 350 ألف ليرة سورية (أي ما يعادل 800 دولار أمريكي) على الشخص الواحد حتى وصلوا إلى مكان آمن”.
ويذكر جان قصّة عمه الذي مُنع من الذهاب لجني محصوله، وفرضوا عليه أن يحصلوا على نصف المحصول في حال جَنْيِه، فترك محصوله.
الاعتقال والخطف
تعجّ السجون بالمعتقلين من المدنيين، ويُمارَس بحقّهم التعذيب، حتى فقد عدد من المعتقلين حياتهم تحت التعذيب، وقد أصدر المجلس الوطني الكردي بياناً يدين فيه اعتقال السيد أحمد شيخو نائب رئيس المجلس المحلي في بلدة ( شيه ) وعضو الحزب الديمقراطي الكوردستاني في سوريا بعد خطفه وتعذيبه، ممّا أدّى إلى وفاته بعد يومين من إخلاء سبيله. كما أدان المجلس عدم السماح للمدنيين بالعودة إلى ديارهم والتهجير القسري والتغيير الديموغرافي، وحمّل المسؤولية للجيش التركي والفصائل المدعومة من قِبَله.
يروي أحمد شفيع، وهو أحد المعتقلين من مدينة عفرين، تمّ الإفراج عنه، ويعمل كصحفي مع إحدى المؤسّسات الإعلامية، وقد تمّ اعتقاله لمدة 45 يوماً أثناء تصويره لسرقات الفصائل لممتلكات المدنيين أثناء اقتحامها المدينة، يوضّح أحمد لـ مجلة صُوَر كيف تمّت عملية اعتقاله من قِبل قائد إحدى الفصائل التي دخلت عفرين “قمت بتصوير السرقات التي قامت بها الفصائل، عندما أتى أحد مسلحي فصيل السلطان مراد، ويدعى أبو مريم وقال لي أنا أريد حمايتك، اصعد معي في السيارة وأكملْ تصوير ما يقومون بفعله (ويقصد من يقومون بالتعفيش)، صعدت السيارة بانتظار الوصول إلى منطقة شران لكن تفاجأت بوصولي إلى تركيا ولم أكن أعلم أني معتقل”.
ويصف أحمد ما يحدث في السجون، حيث دام اعتقاله 45 يوماً، وشاهد عدداً من السجون ” كان المكان قذراً جداً، لدرجة أني خرجت من السجن مصاباً بالجرب والقمل، ولم أحصل على أيّ من أماناتي، أجهزتي الإلكترونية وملابسي وكاميرتي ونقودي”.
ويروى أحمد لـ(صُوَر) تفاصيل عن هذه الفترة بقوله: “سُجنت بداية في سجن بعدنلي في عفرين، ثم اقتادوني إلى التحقيق في مكان يشبه المزرعة، لا أدري أين هو بالضبط، لأنهم غطّوا عينيّ، ووضعوني في صندوق السيارة، ومن هناك تمّ تحويلي إلى سجن حوار كلس في تركيا بنفس الطريقة، مطمش العينين وفي صندوق سيارة”.
“في سجن حوار كلس الذي يديره فصيل السلطان مراد بالإضافة إلى سجن الراعي، وجدت الأشخاص الذين قابلتهم في سجن بعدنلي في عفرين الذين تعرّضوا للتعذيب جميعهم، لم أستطع التعرّف عليهم في البداية؛ لأن ملامحهم كانت قد تغيّرت جرّاء التعذيب. لقد تمّ ضربهم على أفواههم بالكهرباء، وكانوا يضعون في أفواههم مناشف ثم يغرقونهم في المياه حتى تدخل المياه إلى الرئة؛ لإجبارهم على الاعتراف”.
تعدّدت طرق التعذيب الجسدي والنفسي التي ذكرها شفيع، فعدا العقوبات الجماعية عند إضراب المعتقلين عن الطعام كالضرب بالكرباج والجنزير والشبح إلى البلنكو (وهو جهاز لرفع المعدات الثقيلة )، يضيف أحمد “كانت هناك طرق التخويف كإطلاق الرصاص من فوق رأس المعتقل أو من جانب أذنه. وجعل المساجين يضربون بعضهم حين يتعب من يضربهم”.
ويتابع أحمد سرد المزيد من مشاهداته والانتهاكات التي تحدث داخل سجون الفصائل التي سيطرت على عفرين بحقّ المدنيين من أبناء عفرين رجالاً ونساء ” كانوا يفرضون علينا النوم عند الساعة 12 منتصف الليل، وبعد عشر دقائق يخرجون عدداً من النساء ويبدؤون بضربهم على مسامعنا”.
“التقيتُ بجميع الفئات حتى المختلّين عقلياً، ومنهم من فقد عقله تحت التعذيب، وهناك كثير من المعتقلين تمّ إعلان موتهم إلا أنهم ما زالوا أحياء”.
لم يكن أحمد يعتقد أنه سيخرج من سجنه بعد 45 يوماً من الاعتقال، وما شهده من تعذيب للمعتقلين، لكن وجد نفسه مرمياً في أحد الشوارع بلا ملابس ” نقلونا إلى عفرين ببرّاد فواكه، ورمونا في الشارع أنا وشخص تعرّفت عليه، بعد أن نزلنا كنا بلا ملابس ولانقود ولا أي شيء حتى من دون أحذية. أوقفنا تكسيّاً وطلبنا من السائق نقلنا إلى البيت على أن نعطيه أجرته حين نصل. أنا الآن مختبئ في قبو ومطلوب لأكثر من جهة، ولا أدري ما تهمتي”.
ويعتقد النشطاء من أبناء عفرين، أن الاعتقالات والتعذيب تتمّ بشكل كبير بحقّ المدنيين ودون أسباب حقيقية، إنما هدفها تهجير من بقي من سكان عفرين، وإجراء تغيير ديموغرافي بهدف إنهاء خصوصيّتها الكردية، خاصة بعد توطين المئات من عائلات مقاتلي الغوطة فيها، ويرَون في ذلك تنفيذ للخطة التركية التي ذكرها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في أحد تصريحاته خلال كلمة له أمام رؤساء فروع حزب العدالة والتنمية الحاكم بالولايات التركية في العاصمة أنقرة بتاريخ 17تشرين الثاني 2017 حين قال، بأن العرب يشكّلون غالبية سكان عفرين بنسبة 55 في المئة، مقابل 35 في المئة للأكراد.
ذكرت أمينة مستو في ناحية شية، بسبب شجار بين طفلين، اعتقل فصيل العمشات بتاريخ ٧-٦-٢٠١٨ ( ٣٥ رجلاً و١٢ امرأة من عائلة شيخو، وضربوهم فلقات وبشكل عشوائي بعصي خشبية وخراطيم مياه، تسبّبت بكسور ونزف لأكثر من عشرة منهم، بينهم امرأة كُسِر كاحلُها، ومات أحمد شيخو نتيجة اختراق أضلاعه المكسورة بسبب الضرب على رئتيه “.
“وثّق مركز عفرين الإعلامي أكثر من ٥٠ حالة خطف بداعي الفدية، وبعض القرى ما زال ممنوعاً على أهلها دخولها، مثل مسكة فوقاني وعلمدارا، إضافة إلى مصادرة هواتف معظم الأهالي في بعض القرى، مثل ميدان إكبس وجقماقا وجالا وقردقلاقة”.
الانتهاكات بحسب توثيق منظمات المجتمع المدني
تواصلت صُوَر مع بوزان كرعو مدير المرصد الكردي، فقال: “طبعاً هناك حالات كثيرة، ويخشى أهل المعتقلين الإفصاح عنها، وخاصة النساء، وفقاً للحالة الاجتماعية ، لذلك يمكننا القول إن المختطفين بالمئات، أمّا الموثّقون بالاسم فعددهم 255، والمتوفّون تحت التعذيب 8”.
أمينة مستو من مركز عفرين الإعلامي ذكرت بعض الأرقام والإحصائيات التي وثّقها المركز بأن عدد القتلى المدنيين تجاوز ٣٠٠ من مدنيي عفرين، معظمهم نساء وأطفال قضوا نتيجة القصف العشوائي على المنازل أو السيارات. كما قالت وثّقنا إلى الآن أسماء 3 قتلى تحت التعذيب، آخرهم أحمد شيخو من ناحية شيه، أمّا عن عدد المختطفين والمعتقلين فيُقدّر بنحو 2000 مدني”.
وأضافت “بحسب أحد المفرج عنهم في سجن الراعي وحده، يوجد حوالي ٦٠٠ مختطف بينهم ٥٠ امرأة، إضافة لوجود سجن في كل قرية تقريباً، أصوات الضرب والتعذيب تصل لأهالي القرية يومياً، بعض الأشخاص اعتقلوا أكثر من مرتين بحجّة التحقيق معهم وارتباطهم بالإدارة الذاتية الكردية”.
عن عدد المفقودين قالت السيدة مستو وثّق المركز “٩٨ شخصاً، لا يُعرف عنهم شيء حتى الآن، وعدد المهجّرين منذ بداية الاحتلال التركي وصل إلى أكثر من مئتين وخمسين ألف.
عاد منهم أكثر من مئة ألف، معظمهم مشياً على الأقدام، بسبب منع الحواجز التابعة للجيش التركي دخول السيارات، وكذلك حواجز النظام، إلا ما ندر وفِي حالات محدودة، وأثناء ذلك فقد بعض المسنّين حياتهم على الطريق عطشاً أو تعباً أو قهراً. آخر إحصائية لعدد المهجّرين الذين لازالوا خارج المنطقة بحسب منظمة أوتشي ١٣٧ ألف”.
ماذا عن الإيزيديّين؟
تراود النازحين الإيزيديّين مخاوفَ عدّة جرّاء النزوح من أماكنهم بفعل الحرب، من أهمّها الخوف على ممتلكاتهم وعدم القدرة على العودة، والتخوّف من محاسبتهم على أساس دينيّ، حيث يعتبرون أنفسهم غير مرغوب بهم لدى الفصائل ذات التوجّه الإسلامي، خصوصاً بعد أن امتلأت شوارع عفرين بإعلانات تشجّع النساء على الحجاب وتدعو الناس للالتزام بقوانين الدين الإسلامي.
وقد نشرت صُوَر في وقت سابق تقريراً حول نزوح مدنيّي 22 قرية إيزيديّة جرّاء الحرب والغارات عليها.
خديجة (اسم مستعار) لسيدة إيزيديّة في الستين من العمر من قرية قطمة، قالت لـ(صُوَر): ” بقينا تحت القصف حوالي الشهر ونصف، ثم نزحنا إلى عفرين، وبقينا حوالي الشهر، وبعد دخول الأتراك عفرين ذهبنا مشياً حوالي 15 كم إلى منطقة نبّل، نحن 11 منزلاً في الضيعة، الجميع نزح وهرب، وبيوتنا أخذها أهل الغوطة، أخذوا أغراضنا وبيوتنا، وسرقوا كل ممتلكاتنا، ونحن حالياً في مكان لا نمتلك أي شيء، ولا نعرف كيف نعود.”.
وعند سؤالها، لماذا لا تعودون إلى بيوتكم في عفرين؟ أجابت: “نحن عائلة فقيرة لا نستطيع تعويض ما ذهب، ونسمع أن كل الذين عادوا يطلبوا منهم مبالغ كبيرة من المال، إضافة إلى أنهم يعتبرون ممتلكات الإيزيديّين حلال لهم ولم يتبقَّ لنا شيء”.
قال علي عيسو مدير مؤسّسة إيزيدينا لـ (صُوَر): ” نتيجة العملية العسكرية التي أطلقتها تركيا على عفرين، أُفرغت قرى الإيزيديّين من سكانها الأصليين، ونزح حوالي عشرة آلاف نسمة باتّجاه مناطق الشهباء التي تقع بين مدينتي حلب وعفرين، وأعداد نزحت إلى مناطق أخرى، وأعداد قليلة جداً عادت إلى عفرين بعد انتهاء المعارك”.
وأضاف “رصدنا في مؤسّسة إيزيدينا التي تهتمّ بشأن الإيزيديّين، عدّة انتهاكات ممنهجة بحقّ المدنيين العزّل عموماً، من حالات تغيير ديموغرافي عبر إفراغ القرى الإيزيدية، وطرد سكانها الأصليين، وإسكان مستوطنين من مناطق أخرى فيها، فضلًاً عن حالات قتل متعمّدة استهدفت المدنيين الإيزيديين واعتقالات عشوائية وتعذيب ممنهج يطالهم، كما رصدنا تدميراً متعمّداً للمزارات والمراقد الدينية الإيزيديّة. جميع المزارات الدينية الإيزيدية في عفرين تعرّضت للتدمير المتعمّد أو السرقة، فالبعض منها دمّرتها قذائف الطائرات التركية، والمزارات المتبقّية تعرّضت للسرقة والتخريب من قِبل المسلحين المتشدّدين للجيش الحرّ. وظهر شريط مصوّر سابقاً لمسلحين يحرقون شجرة تقع أمام مزار قره جورنه (مزار هوكر) في ريف كفرجنة، وشريط مصوّر آخر يظهر فيه تدمير محتوى مزار شيخ جنيد في قرية فقيرا وسرقة محتوياته، فضلاً عن عشرات المزارات الأخرى.
وأبدى عيسو قلقه على أبناء الديانة الإيزيدية؛ بسبب المحاكم الإسلامية التي بدأت عملها في عفرين، فهي “تستند في تبرير وجودها إلى (القانون العربي الموحّد) الذي ينغلق على أحكام الشريعة الإسلامية وفقهها، ويحدّده مصدراً رئيساً ووحيداً للتشريع. والقانون العربي الموحّد، ليس سوى مشروع قانون تمّ إعداده في أروقة الجامعة العربية عام 1996، ولكنه لم يحظَ بالإقرار والمصادقة عليه، وامتنع بالتالي تداوله وتطبيقه في أي دولة عربية حتى الآن، وينصّ (القانون) على عقوبة القصاص، وعقوبة الإعدام للمرتدّ، وقطع يد السارق، ورجم الزاني/ة، وجلد شارب الخمر، فضلاً عن عقوبات أخرى تتنافى مع مبادئ حقوق الإنسان المستقرّة في العالم، والتي تنظر هذه المحاكم إليها على أنها (مخالفة لشرع الله).
رغم إعلان فصيل أحرار الشرقية والسلطان مراد تبرّؤهم من هذه الأفعال، وتعهّدهم بإعادة الممتلكات إلى أصحابها، فإن الانتهاكات لا تتوقّف على مختلف الأصعدة بحقّ المدنيين في مدينة عفرين وقراها، ولم يُعَد شيء ممّا سُلِب، وحتى وإن أراد من نزح العودة، فهل من ضمانات إبان الفوضى، وعدم وجود جهة رسمية يلجأ إليها المدنيّون لاسترداد حقوقهم وحمايتهم؟
المصدر/ مجلة صور