“طمأنت وحدات حماية الشعب “رؤساء العشائر العربية في شمال وشرق سوريا من خلال رسالة بعثها القائد العام للوحدات تضمنت تفاصيل حول المفاوضات مع الحكومة السورية. البيان تضمن تعهدا بأنّ “قيادة قوات سوريا الديمقراطية ووحدات حماية الشعب” ملتزمة بأن تكون المفاوضات شاملة وأنّه سيتم اشراكهم فيها “سنكون سوياً على طاولة المفاوضات كما كنا سوياً في جبهات القتال، و لن يتخلى أحدنا عن الآخر”.
وحذر البيان من “الفتن والمؤامرات التي تُحاك من عدة أطراف تريد السوء”. وأنّه سيكون من الخطأ الجسيم الاستماع لفاعلي الفتنة وأصحاب المآرب والنوايا السيئة. مطالبا باستخلاص العبر من “الحرب السورية والفتنة التي أحرقت البلاد والعباد”.
إلى رؤساء العشائر و وجهاء المنطقة من أخواننا العرب الأكارم
أيها السادة الأكارم و الأخوة الأعزاء
كما تعلمون أنه منذ نشوب الأزمة أو اندلاع الثورة السورية و مهما كان أسمها أو مسماها، فإننا ارتأينا أن نحافظ على المنطقة من عبث العابثين و طيش المغامرين و ظلم الظالمين، فلم نكن جزء من ظلم البعث و عوناً له كما لم نكن طرفاً في المشروع المظلم للمجموعات المتطرفة التي اودت بالبلاد إلى التهلكة و الخراب. كلا الطرفين كانا سبباً في المقتلة السورية و تهجير مئات الآلاف و نزوح الملايين و هدم البنية التحتية و النسيج الاجتماعي و افساد القيم الاخلاقية و بالتالي فتح الطريق أمام التطرف و بروز التنظيمات الارهابية و تصاعد المليشيات الطائفية المقيتة و بالتالي فتح المجال أمام الدول و القوى الاقليمية في التدخل بالشأن السوري و دك الاسفين بين المكونات و تمزيق وحدة البلاد و الناس.
نحنُ من خلال تنظيمنا و قواتنا المتمثلة في وحدات حماية الشعب حافظنا على المنطقة و تصدينا للنظام و المجموعات الارهابية طيلة سنوات، و مع تأسيسنا لقوات سوريا الديمقراطية باشرنا مع أهلنا و أخوتنا العرب و السريان البدء بحملات تحرير المناطق تباعاً، من الشدادى إلى منبج، من الطبقة إلى الرقة إلى ديرالزور. في حملات التحرير هذه اختلط الدم العربي بالدم الكردي بالدم السرياني، و تضافرت الجهود و قُدمت التضحيات الجِسام على مذبح الحرية القاني فتحررت المناطق و أهلها من ظلم و ظلام الارهاب و الارهابيين. شكلت الوحدة العربية الكردية نموذجاً رائعاً لوحدة مصير الشعوب و مسيرتها التاريخية.
أيها الاخوة الأكارم
لا يخفى على أحد بأن وحدة و أخوة الشعبين العربي و الكردي ضاربة بنياطها في عمق التاريخ، و هي علاقات صداقة و أخوة و وحدة المصير، و عملنا المشترك في السنوات القريبة و ما نجحنا سوياً في تحقيقه من تحرير لشعوبنا و أراضينا و بناءنا لمؤسساتنا و إدارتنا لتعبّر بأنصع صوره على متانة و عمق و نجاعة هذه الوحدة و الشراكة.
اختلط الدم العربي و الكردي في كوباني و منبج و الطبقة و الرقة و الشدادى الحسكة، و اليوم هنالك الآلاف من الشباب الكرد يحاربون مع أخوتهم العرب في الهجين و باقي المناطق التي تنوء تحت ظلمة الارهاب. فهذه الوحدة هي وحدة المصير، وحدة الخندق و رفقة السلاح و الجيرة و العيش المشترك. على مرّ التاريخ هكذا عُرف عن العرب و الكرد، و نحنُ اليوم أوفياء لهذا التاريخ و الجغرافية و المصير المشترك. فنحنُ لا نرى أخوتنا العرب من خلال البعث و لا من خلال الإخوان و لا من خلال داعش أو القاعدة، بل نراهم من خلال الدم المتحد في خنادق العز و الكرامة، نراهم في تعانق شيوخ العشائر و في زغاريد أمهات الشهداء من كلا الشعبين، نراهم في مراقد شهدائنا التي تحضن جثامين شهدائنا من الكرد و العرب و السريان و من كافة المناطق السورية. فالنسبة إلينا ليس هنالك فرق بين كوباني و دير الزور، بين قامشلو و الرقة، بين منبج و الشدادى، بين الحسكة و الطبقة، فكلها مدننا و مناطقنا، أهلها اهلنا و ناسها ناسنا و أمنها من أمننا و مستقبلها مستقبلنا و قدرها قدرنا.
أيها الاخوة…
كما حاربنا سوياً و حررنا مناطقنا، و كما حمينا هذه المناطق و أسسنا لإداراتنا و مؤسساتنا، فإننا بكل تأكيد سوف نرسم ملامح مستقبلنا بشكلٍ سوي. فلا مستقبل لعربيٍ دون كردي، و لا لكرديٍ دون عربي. فمستقبل هذه المناطق سنقررها سوياً ولن ينفرد أحد في رسم و تقرير مستقبلنا و قدرنا. فنحنُ لم نحرر هذه المناطق و قدمنا آلاف الشهداء لكي نأتي في النهاية و نتخلى عنها و عن أهلها، ألا وهم أهلنا و أهل شهداءنا و مقاتلينا و أخوتنا في الدم، فلن نتخلى عنهم و لن نتركهم تحت رحمة المجموعات الارهابية المتطرفة ولا للمليشيات الطائفية و لا للنظام الظالم و لا للغزاة الترك الطامعين في سرقة بلادنا و تقسيمها و الحاقها بدولتهم المتوحشة.
أيها الأخوة و الشيوخ المحترمين
كقيادة لقوات سوريا الديمقراطية و وحدات حماية الشعب، نؤكد لكم بأننا سنكون سوياً على طاولة المفاوضات كما كنا سوياً في جبهات القتال، و لن يتخلى أحدنا عن الآخر. و كذلك نود أن نلتفت انتباهكم جميعاً إلى ضرورة اليقظة و الانتباه لكل الفتن و المؤامرات التي تُحاك ضد بلادنا و مناطقنا من عدة أطراف تريد السوء لنا. و سيكون من الخطأ الجسيم الاستماع لفاعلي الفتنة و أصحاب المآرب و النوايا السيئة. و علينا أن نكون على قلب رجُلٍ واحد و قبضة واحدة و كلمة واحدة في وجه الاصدقاء و الاعداء على حد سواء. و علينا أن نستخلص الدروس من المقتلة السورية و الفتنة التي أحرقت البلاد و العباد و أحرقت الشجر و الحجر و شيّبت الوليد و أن لا ننجرّ للفتنة و الفتانين.
أيها الاخوة الاعزاء
نحنُ جميعاً نعمل لأجل الحرية، لأجل الأخوة و بناء الديمقراطية الحقيقية و لأجل نيل الحقوق الانسانية و الاجتماعية لكل الناس. نحنُ جميعاً نحارب الارهاب، نعارض التدخلات الاجنبية، نعارض الطائفية و العنصرية، نعارض ونحارب الشوفينية و التطرف الديني، نعارض التفرّد و التسلّط، نتصدى للغزاة و المحتلين و أعوانهم المجرمين و القتلة. و نسعى جميعاً إلى وقف الدم السوري و نطفأ النار التي تحرق بلادنا الطيبة. و نسعى إلى الوصول بالبلاد إلى برّ الأمان و هذا لن يكون إلا بالتكلم و التفاوض و نيل كل ذا حقٍ حقه. فهدفنا النهائي هو سوريا ديمقراطية لكل السوريين، سوريا يتمتع فيها الجميع بكافة حقوقهم الشخصية و السياسية و الاجتماعية و القومية و الوطنية.
أيها الشيوخ الأكارم، أيها الوجهاء النشامى
وحدة مصيرنا و قدرنا لم يُكتب بالحبر على الموائد، بل هذه الأخوة و المصير المشترك كُتبت بالدم على أكفان الشهداء و في خنادق العزة و الشرف، كُتبت بدموع الأمهات و مروءة الشيوخ و الوجهاء و محبتهم لأهلهم و ناسهم و أصدقاءهم. هذه الأخوة ستنتصر لا محال، سوف تحقق ما نصبو إليه جميعا من تحرر و حرية و كرامة و ديمقراطية و نبني بها مستقبل بلادنا و شعوبنا المتطلعة للحرية و الكرامة و الشرف.
١٢.٠١.٢٠١٩
القائد العام لوحدات حماية الشعب