سيناريوهات ما بعد قرار ترامب سحب جنوده من سوريا

تتعدد السيناريوهات التي قد تنتج عن قرار الرئيس دونالد ترامب سحب الجيش الأميركي من سوريا ، لما له من انعكاسات على لاعبين دوليين ومحليين، لا سيما قوات سوريا الديمقراطية كأكبر متضرر ودمشق وصولاً إلى موسكو وأنقرة وحتى طهران. في قرار مفاجئ الأربعاء 19 ديسمبر/كانون الأول 2018، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أنّه سيسحب نحو 2000 جندي أميركي منتشرين في سوريا لمؤازرة قوات سوريا الديمقراطية في معاركها ضد تنظيم «الدولة الإسلامية». وتخشى هذه القوات أن تستغل تركيا، التي رحبت بالقرار، الأمر لتنفذ تهديداتها بشن هجوم على مناطقهم.
هل تهجم تركيا على شرق سوريا بعد سحب الجيش الأميركي من سوريا ؟
ترى تركيا في وحدات حماية الشعب أبرز خصومها بسوريا، وقد خاضت معارك دموية ضدهم، واحتلت في وقت سابق من العام الحالي (2018) منطقة عفرين، التي كانت تعد أحد أقاليم الإدارة الذاتية الثلاثة في سوريا. ومنذ ذلك الحين، لم تهدأ التهديدات التركية بشن هجوم جديد على مناطق سيطرتهم في شمال وشمال شرقي سوريا، والتي تعرف أيضاً بـ «شرق الفرات». وقبل أسابيع، حذرت أنقرة بأنّ العملية العسكرية باتت وشيكة، قبل أن يعود الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ويعلن، في ضوء القرار الأميركي 21 ديسمبر/كانون الأول 2018، تأجيل العملية، مؤكداً أنّ «هذا التأجيل لن يكون لأجل غير مسمى». لكن في الوقت ذاته، أرسلت تركيا خلال اليومين الماضيين، تعزيزات عسكرية إلى المنطقة الحدودية مع سوريا، وأخرى دخلت إلى الأراضي السورية بالقرب من خطوط التماس مع قوات سوريا الديمقراطية في محيط مدينة منبج. ويرجح محللون أن يكون القرار الأميركي بمثابة «ضوء أخضر» لتركيا من أجل شن هجوم جديد. كما يرى محللون أنّ العملية قد تنطلق من محاور عدة، أبرزها مدينتا منبج (ريف حلب بالشمال الشرقي) وتل أبيض (ريف الرقة الشمالي).
والصورة تبدو «قاتمة» بالنسبة لحلفاء واشنطن السابقين
شكّل قرار سحب الجيش الأميركي من سوريا مفاجأة لحفائلها في قوات سوريا الديمقراطية، الذين قد لا يجدون حلاً، وفق محللين، إلا بالتعاون مع دمشق للحفاظ على الحد الأدنى من مكتسباتهم ولتفادي الهجوم التركي.

وذكر تقرير لمعهد الدراسات الدولية والاستراتيجية أنّ «احتمالات حفاظ (الأكراد وحلفائهم العرب) على قدر كبير من الاستقلالية تراجعت بشكل كبير»، موضحاً أنّ عودة النظام تعني «سيطرة الأسد على موارد النفط السورية كافة».
ما قد يمهد الطريق لترسيخ نفوذ النظام السوري وإيران
يتوقع الخبير في الشأن السوري بجامعة «ليون 2» فابريس بالانش، أن يتقاسم الأتراك والجيش السوري مناطق قوات سوريا الديمقراطية بعد سحب الجيش الأميركي من سوريا. إذ قد تسيطر قوات النظام على مدينة الرقة ومحافظة دير الزور الشرقية بالكامل وضمن ذلك حقول نفط وغاز، في حين تنتشر القوات التركية بالمنطقة الحدودية. ويمهّد القرار الأميركي أيضاً الطريق أمام إيران لترسيخ نفوذها في المنطقة عبر ممر بري يربطها بالبحر المتوسط، وهو الهدف الذي لطالما طمحت إليه طهران وتصدّت له واشنطن. ومن شأنه أيضاً أن يعزز نفوذ روسيا أكثر، ويجعلها اللاعب الدولي الأبرز في سوريا.
لكن، ماذا عن الفصائل المعارضة؟
قد تصل تداعيات قرار سحب الجيش الأميركي من سوريا إلى الفصائل الجهادية والمعارضة بمحافظة إدلب في شمال غربي البلاد، والتي تعد منطقة نفوذ تركي. ويرى بالانش أنّ اتفاقاً بين موسكو وأنقرة قد يتيح لقوات النظام التقدم في إدلب مقابل تقسيم مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية بين القوات التركية والسورية. وقد دعت المعارضة السورية واشنطن إلى تنسيق انسحابها مع تركيا والفصائل، «لتعزيز وزيادة دورهما» في مناطق الأكراد.
وكيف سيكون مستقبل تنظيم «الدولة الإسلامية»؟
رغم أنّ ترامب برر قراره بتحقيق هدف إلحاق «الهزيمة» بتنظيم «الدولة الإسلامية»، لا يزال الجهاديون يتصدون بشراسة لهجوم تقوده قوات سوريا الديمقراطية ضدهم في آخر جيب يسيطرون عليه في أقصى الشرق السوري. ويخشى محللون أن يسهم سحب الجيش الأميركي من سوريا في إعادة ترتيب التنظيم صفوفه، بعد دحره من مناطق واسعة. وحذر مسؤولون في قسد بدورهم من أنّ أي هجوم تركي سيعني انسحاب مقاتليهم من جبهة القتال الأخيرة ضد التنظيم المتطرف، للدفاع عن مناطقهم شمالاً.

-------------------------------

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا عن طريق إرسال كتاباتكم عبر البريد : vdcnsy@gmail.com

ملاحظاتك: اقترح تصحيحاً - وثق بنفسك - قاعدة بيانات

تابعنا : تويتر - تلغرام - فيسبوك