من مذكرات معتقل في سجون بمناطق سيطرة الأتراك بسوريا

يسرد شاب نجى من سجن في مدينة الباب شرقي حلب، الواقعة تحت سيطرة فصائل سورية مدعومة من تركيا قصة اعتقاله وطلب المال مقابل إخلاء سبيله، ويكشف تفاصيل رحلة شهور متنقلا في عدة معتقلات.
الشاب (أ م ب) / 20 عاما من مدينة الباب اعتقل أوائل شهر آب/أغسطس المنصر، يروي تفاصيل فترة اعتقاله.
امتنع الشاب (أ م ب)، عن ذكر اسمه حرصاً منه أن يتعرض ذويه وأقربائه للانتقام.
يقول الشاب منذ اللحظات الأولى عند اعتقاله: “قبيل عيد الأضحى ذهبت لأسير بعض أشغال العمل في مدينة الباب، عبرت خلال الحواجز على طول الطريق الواصل من جرابلس لمدينة الباب دون مشاكل تذكر، وفور وصولي لوجهتي أتت مجموعة تسمى بـ”الشرطة العسكرية” واقتادوني إلى مدينة اعزاز حيث تم سجني، ويدير السجن شخص يدعى (أبو يزن الجولاني)”.
ويتابع (أ م ب) سرد قصته قائلاً “عند إدخالي إلى السجن جردوني من الثياب وبقيت عارياً، ووضعوني في المنفردة لـ 7 ساعات، ومن ثم حولوني إلى السجن الجماعي، وكان السجن عبارة عن مدرسة أظن أنها مدرسة الصناعة في اعزاز، كنت مسجوناً في القبو، وكان السجن مقسوم لـ 9 مهاجع وأكثر لا أعرف عددها تحديداً لأنني كنت أنقل داخل السجن معصوب العينين”.
داخل المهاجع الجماعية، يتم وضع 5 أو 6 أشخاص في مكان ضيق سوية، كل واحد منهم يكون من مدن مختلفة لكي لا يتعرفوا على بعضهم ولا ينقلوا أخبارهم للخارج في حال خرج أحد منهم.

وسط مكان تملؤه القذارة، أمضى (أ م ب) أيامه الأولى في السجن، حرارة الأجواء كانت عالية ومياه الشرب درجة حرارتها مرتفعة، لم يتواجد لديهم لا غطاء يحتمون به عند النوم أو الجلوس.

بعد ثلاث أيام من دخوله السجن، بدأ بتعذيبه: “بعد 3 أيام أخرجوني إلى التعذيب للمرة الأولى وكنت مكبل اليدين من الخلف بأصفاد حديدية ومعصوب العينين، كانوا يضربونني عند اقتيادي إلى غرفة التعذيب، ضربوني على رأسي مما رفع العصبة عن عيني قليلاً، وأجلسوني جاثياً ورفعوا يدي اليسرى وبصموني على ورقة، استطعت أن أقرأ الورقة وهو يمررها من جانبي الأيسر كتب عليها (إخلاء سبيل)”.

بعد أن أجبروه على بصم ورقة “إخلاء السبيل، بدأ التحقيق معه والتعذيب ما يزال مستمراً. يتذكر (أ م ب) أن شخصا يدعى (أبو عدي الحمصي) وهو من مدينة حمص وشخص آخر من مدينة إدلب لا يتذكر أسمه أشرفا على تعذيبه.

ويضيف “عذبوني وبدأوا بتوجيه التهم إلي أنني من عناصر داعش ونفيت ما يتهمني به بأنني لست داعشياً، وبعد أن شددت على النفي ورفض التهمة.

كان مستوى التعذيب يرتفع والتهم تكثر والهدف منها إخضاعه للاستسلام وإجباره على الاعتراف تحت التعذيب بتهمة لم يرتكبها.

يقول الشاب أنهم أعادوه بعد التعذيب الأول إلى المنفردة يوماً كاملاً، وهددوه بالقول أنه يملك فرصة لساعة واحدة ليعترف بأشياء لم يفعلها.

ويكمل قوله “تعرضت للتعذيب بعد نفاذ المهلة وأعادوني إلى السجن الجماعي، وباتوا يأتونني 3 مرات يومياً لتعذيبي في الصباح الباكر والعصر وبعد العشاء،. وبعد مضي 3 أيام من التعذيب ألصقوا بي تهمة الداعشي، وبقيت أرفض وأنكر هذه التهمة مدة 10 أيام تحت التعذيب، ضربوني بالكابلات والعصي المعروفة بـ(الهروانة)، وكنت مكبلاً بأصفاد حديدية ومعصوب العينين، أجلس جاثياً وينهالون علي بالضرب، لكن لم تثمر أعمالهم بأن أقبل التهمة، وليس لديهم أي دليل وذلك أني لم أكن أصلاً ولم أفعل أي شيء من هذا القبيل”.

بعد 10 أيام متتالية من دورة التعذيب، لجؤا إلى حيل جديدة لاخضاعه، إذ اتهموه هذه المرة على أنه “جاسوس لصالح قوات سوريا الديمقراطية ومجلس منبج العسكري” يعمل في الريف الشمالي لحلب، وزعموا أن أشخاصاً شهدوا على ذلك، وبالرغم من أن الشاب يطالبهم بجلب الشهود إلا أنهم يرفضون ويواصلون تعذيبه.

ويضيف “بعد 15 يوماً، أخرجوني في منتصف الليل وراحوا يضربونني ويعذبوني بالشبح على البلنكو والصعق بالكهرباء. لم أعد أستطيع تحمل التعذيب وأدركت أن استمرار التعذيب سيودي بحياتي لا محال، فقلت أكتب ما تشاء فقط أنزلني وأوقف الضرب والتعذيب، لأن الصعق الكهربائي أفقدني قواي، فكتب أني كنت داعشي وعندما بدأت داعش بالانهيار انضممت لقوات سوريا الديمقراطية، وأتيت إلى الريف الشمالي للتجسس ونقل المعلومات وأصور مواقع، وما هو بهذا القبيل”.

استمر اعتقاله في مدينة اعزاز 20 يوماً من بعد كتابة التهم الموجه إليه في ملف التحقيق، وذلك للتعافي من آثار التعذيب الذي تعرض له، ومن ثم تم تحويله إلى سجن في مدينة الباب.
يقول (أ م ب) أنه “في سجن مدينة الباب كان بيننا أطفال لم يتجاوزوا الـ16 من العمر، بلغ عددنا ضمن المهجع الواحد في ذلك السجن قرابة 50 سجين بيننا عجز وأطفال”.

بعد انقضاء شهر في سجن مدينة الباب، بدأ التحقيق معه مجددا اعتماداً على ما كتب في اعزاز، وبالرغم من نفيه كل ما كتب في التقرير وطلبه مراجعة أشخاص يعرفونه من مدينة الباب للتأكد من أنه مدني ويعمل لكسب لقمة العيش، لكن تم أعادته إلى السجن وظل فيه أكثر من شهر ونصف.

يقول (أ م ب) أنه “مع انتهاء الشهر ونصف طلبوا من أهلي مبلغ ألف ليرة تركية، مدّعين أن هذا المبلغ يعود لصندوق المحكمة، وأفرج عني مقابل المبلغ الذي طلبوه من أهلي، لم يكن المبلغ الذي طلبوه من أهلي كبيراً مقارنة بغيري فهناك أشخاص طلب منهم 30 ألف ليرة تركية مقابل الإفراج عنهم”.

وبعدما خرج، لم يجد (أ م ب) ما كان بحوزته من ممتلكات شخصية عندما تم اعتقاله، وكانت عبارة عن بطاقة التعريف الشخصية وهاتف جوال ومبلغ 100 دولار أمريكي.

يوضح الشاب أنه عندما طالب بأغراضه، أنكروا وجودها.

-------------------------------

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا عن طريق إرسال كتاباتكم عبر البريد : vdcnsy@gmail.com

ملاحظاتك: اقترح تصحيحاً - وثق بنفسك - قاعدة بيانات

تابعنا : تويتر - تلغرام - فيسبوك