فيما يتم الترويج في الأوساط السياسية الدولية حول وجود صفقة روسية- أميركية لإخراج القوات الإيرانية من مُختلف المناطق السورية المتواجدة بها اليوم في حال تمّ تخفيف أو إلغاء العقوبات الأميركية على إيران، بدأت التساؤلات حول القوى التي تستطيع بالمُقابل إخراج القوات التركية من سوريا.
وفي حين رأى الخبير بالشأنين الروسي والتركي ديميتار بيشيف، أنّ احتمال نشوب مواجهة عسكرية مباشرة في شمال سوريا بين الحليفين في حلف شمال الأطلسي، الولايات المتحدة وتركيا، يبقى احتمالا واقعيا وممكن الحدوث في أي وقت..
تساءل ألكسندر خرامتشيخين، بمقال تحليلي له في “كوريير” للصناعات العسكرية، تحت عنوان “من يهزم تركيا؟”، عن وضع تركيا في سورية، وعدم إمكانية بقاء إدلب وعفرين ومنبج معلقة بيد الأتراك إلى ما لا نهاية.
يأتي ذلك بينما هدّد الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان في الفترة الأخيرة مرّات عدّة بتحويل قواته وقوات الجيش السوري الحر الموالية له إلى شرق الفرات لمواجهة قوات سوريا الديمقراطية.
وجاء في مقال خرامتشيخين الذي يشغل منصب نائب مدير معهد التحليل السياسي والعسكري في موسكو، والذي نشرته “روسيا اليوم”، أنّه منذ بداية الحرب الأهلية في سوريا، أصبحت تركيا القاعدة الخلفية الأكثر أهمية، والمنظم الرئيس والراعي لجميع الجماعات المناهضة للحكومة في هذا البلد، بما في ذلك الجماعات المحظورة، إلا أنّ محاولة انقلاب عسكري جرت في تركيا في يوليو 2016، نسبها أردوغان إلى واشنطن. الأمر الذي جعل أنقرة بعد ذلك، تُغيّر توجهها جذرياً في الصراع السوري ومضت إلى التقارب مع موسكو وطهران، وبدأت من حيث الجوهر اللعب وفق قواعدهما.
ووفقا للخبير والمُحلّل الروسي، فإنّ أنقرة بعد أن دخلت لعبة الآخرين، فقدت كل شيء تقريبا. فبحلول خريف العام 2018، بات ما لا يقل عن ثلثي البلاد تحت سيطرة الأسد وحلفائه. وما تبقى من الأراضي تشغلها “قوات سورية الديمقراطية”، التي تقوم على الأكراد الكارهين للأتراك.
وبما أنّ أيّ اتفاق بين قوات سورية الديمقراطية وأنقرة مُستبعد، فإنّ خسارة إدلب تعني هزيمة كاملة لتركيا وضمان انضمام عشرات، إن لم يكن مئات الآلاف، من اللاجئين السوريين إلى ما يقرب من مليوني لاجئ في تركيا، بمن في ذلك المتطرفين…
بالإضافة إلى ذلك، هناك مسألة عفرين ومنبج، اللتين تريد دمشق إعادتهما إلى سيطرتها، لكن أنقرة ليست مستعدة على الإطلاق لتسليمهما. سيظهر وضع مثير للاهتمام بشكل خاص إذا اتفقت دمشق مع قوات سورية الديمقراطية، وسيكون على الأتراك مواجهة قوات سورية-كردية موحدة.
إبقاء إدلب وعفرين ومنبج تحت حكم أنقرة والجيش السوري الحر، سيجعل انتصار دمشق وحلفائها ناقصا وسيضمن إما استئناف الحرب في الأفق المنظور، أو اقتطاع هذه الأراضي من سورية. أما نقلها إلى سيطرة دمشق فيعني الهزيمة الكاملة لتركيا في الصراع السوري. وفي حال نشوب حرب بينهما، لن تكون روسيا قادرة على الوقوف جانبا. لا تزال طريقة حل هذه المعضلة من دون حرب غير واضحة تماماّ. لا يريد أي من الطرفين إراقة الدماء.. ولا يمكن ترك الوضع معلقا إلى ما لا نهاية. من غير المستبعد أن تصبح العملية العسكرية في إدلب ملحّة في المستقبل القريب، وبالتالي حرب سورية تركية على خلفيتها.