تشهد مناطق العلويين المضطهدين تصاعداً مقلقاً في وتيرة الانتهاكات المرتكبة بحق المدنيين. من اعتقالات تعسفية وتعذيب حتى الموت، إلى حوادث اختطاف وقتل ميداني دون أي محاسبة قانونية، تتوالى الشهادات والمعلومات الميدانية التي توثق نمطاً ممنهجاً من العنف والانتهاك الصارخ لحقوق الإنسان.
هذا التقرير يوثّق عدداً من الحالات المؤلمة التي وقعت خلال الأسبوع الأول من تموز/يوليو 2025، ويعرض تفاصيلها من مصادر محلية وشهادات ذوي الضحايا.
استشهاد مواطنين تحت التعذيب في سجون هيئة تحرير الشام
أبلغت سلطات هيئة تحرير الشام عائلتي المواطنين إبراهيم محمد الخضور وربيع محمد الخضور، يوم الأربعاء 3 تموز/يوليو، بالحضور لاستلام جثمانيهما، وذلك بعد ثلاثة أشهر من اعتقالهما في مدينة حمص دون توجيه تهم رسمية، وسط أنباء مؤكدة عن استشهادهما نتيجة التعذيب.
هذه الجريمة تفتح ملفاً دامياً عن وجود ما يقارب عشرة آلاف معتقل مجهولي المصير في سجون “الجولاني”، يعانون أوضاعاً غير إنسانية، دون محاكمات عادلة أو لوائح اتهام قانونية.
جريمة في ريف جبلة – قرية البرجان
استشهد الشاب عامر أمون وأصيب شقيقه بيهس أمون بجروح خطيرة، جراء إطلاق نار مباشر من عنصر تابع لميليشيا الأمن العام المرتبطة بهيئة تحرير الشام، أثناء عمل الشقيقين في أرضهم الزراعية.
وفق شاهد عيان، حضر العنصر إلى الأرض الزراعية وطلب “حسنة”، فأجابه الشقيقان بنوع من الدعابة: “ساعدنا في جني العنب”، لكن الرد كان مروعاً بإطلاق النار المباشر. وعندما اعترض بيهس قائلاً: “الله لا يوفقك، قتلت أخي”، أطلق عليه النار أيضاً.
الحادثة أثارت حالة من الغضب الشعبي في المنطقة، وخرج الأهالي في احتجاجات منددة بتكرار الاستهداف الممنهج للمدنيين من أبناء الطائفة العلوية، وسط دعوات لتنظيم مظاهرة في مثلث رأس العين مساء اليوم.
الاختطاف والترويع مستمر
نغم شادي عيشة، شابة علوية تبلغ من العمر 23 عاماً، اختفت منذ 2 حزيران/يونيو بعد مغادرتها منزلها في قرية البياضية – حماة. والدها أكد أن الأسرة سبق وأُجبرت على مغادرة قريتهم بسبب عنف طائفي متكرر، مشيراً إلى العجز الكامل في معرفة مصير ابنته حتى اليوم.
كذلك ناشدت السيدة دعاء فؤاد عباس، والدة الشابة المخطوفة ليزا محمد إبراهيم (19 عاماً)، أهالي المنطقة بالكشف عن مصير ابنتها التي اختُطفت من قرية رأس العين – ريف جبلة، قائلة:
“أنا سنيّة من رأس الشغور، ليش خطفتوا بنتي؟ أنا عايشة بين العلوية وما شفت منهم شي غير الخير”.
اغتيال علوي في دمشق بعد اختطافه
تم العثور على جثمان عصام أحمد حسن (أبو سليمان)، البالغ من العمر 50 عاماً، قرب ساتر الجزيرة الثانية في مساكن الديماس – دمشق، إلى جانب جثمان شاب آخر يُدعى باسل شفيق سعود. وكانت مجموعة مسلحة من ميليشيا الأمن العام الجهادي قد اقتحمت منزل الضحية واختطفته أمام زوجته وابنته.
الضحية ينحدر من قرية حمام واصل بريف بانياس.
مقتل سيدة علوية وزوجها خلال تقديم شكوى
في مدينة حمص، قُتلت السيدة لمى علي الصارم، ابنة خالة الإعلامي وحيد يزبك، وزوجها الأستاذ نبيل خضور، بعد توجههما إلى أحد مراكز الشرطة لتقديم شكوى بشأن سرقة منازلهم. تم توقيفهما يوم الأربعاء 2 تموز/يوليو، وعُثر على جثتيهما لاحقاً في معسكر الحسن بن الهيثم.
تمثل هذه الحوادث نمطاً ممنهجاً من الانتهاكات ضد المدنيين من الطائفة العلوية، وتثير تساؤلات خطيرة حول مستقبل التعايش الطائفي وغياب المساءلة في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام. إن استمرار هذه الجرائم في ظل صمت دولي وإقليمي، يعمق الأزمة الإنسانية والانقسام المجتمعي في سوريا.