تصعيد عسكري يدفع مئات الآلاف من السوريين للفرار من منازلهم
شهدت مدينة حلب وريفها موجة جديدة من التهجير القسري والتطهير العرقي، حيث أجبر مئات الآلاف من السكان على مغادرة منازلهم وقراهم ومخيماتهم، نتيجة التصعيد العسكري والهجوم المنسق الذي نفذته هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقًا) وميليشيات الجيش الوطني المدعومة من تركيا.
في مدينة حلب، اضطر آلاف السكان، خاصة من الكرد، لإخلاء منازلهم على عجل في أحياء الشيخ مقصود والأشرفية، بالإضافة إلى أحياء أخرى. وامتدت موجة النزوح لتشمل أقليات دينية وعرقية مثل العلويين، والشيعة، والمسيحيين، والإيزيديين، خوفًا من الوقوع في الأسر أو التعرض للاستهداف بعد انسحاب الجيش وقوات الأمن السورية، وسيطرة قوات هيئة تحرير الشام على أجزاء واسعة من المدينة.
وفي ريف حلب الشمالي، واجه سكان بلدتي نبل والزهراء، اللتين يقطنهما غالبية من السوريين الشيعة، وضعًا مشابهًا، حيث أجبر عشرات الآلاف على الفرار من ديارهم. تجمعوا في بلدة السفيرة، تجمعت مئات النساء والأطفال في ظروف إنسانية قاسية، مناشدين الجهات الدولية للتدخل وإنقاذهم.
أما أهالي عفرين، الذين سبق وأن تهجروا خلال الغزو التركي عام 2018 واستقروا في خمس مخيمات بمنطقة الشهباء وبلدات تل رفعت، فقد وجدوا أنفسهم في مواجهة جديدة مع القصف والحصار. الميليشيات التركية واصلت استهداف هذه المناطق بالقصف والخطف، مما دفع هؤلاء السكان للنزوح مرة أخرى وسط تصاعد المخاوف من عمليات تطهير عرقي ممنهجة.
كارثة إنسانية متفاقمة
الهجمات ادت لتفاقم الوضع الإنساني في ظل التصعيد العسكري والفلتان الأمني، حيث يواجه السورييون عامة النازحون والمحاصرين في مدينة حلب نقصًا حادًا في المساعدات الغذائية والطبية، بالإضافة إلى ظروف معيشية قاسية في المناطق التي لجأوا إليها. تأتي هذه التطورات في وقت لا تزال فيه سوريا تعاني من تبعات سنوات الحرب الطويلة، وسط غياب أي أفق سياسي واضح يضع حدًا لمعاناة المدنيين.