استمرار تركيا في ممارسات التتريك ضمن المناطق السورية المحتلة

منذ اندلاع الحرب السورية في عام 2011، شهدت سوريا تدخلات خارجية متعددة، من بينها التواجد العسكري التركي في شمال البلاد. وفي ظل هذا التدخل، برزت ظاهرة “التتريك” بشكل واضح، حيث تعزز تركيا من نفوذها في المناطق السورية التي تحتلها، وخصوصًا في الشمال السوري. هذه السياسات تهدف إلى دمج تلك المناطق تدريجيًا في النسيج التركي، مما يثير مخاوف متزايدة حول السيادة السورية ومستقبل تلك المناطق.

ممارسات التتريك في المناطق المحتلة
منذ سيطرة تركيا على مناطق واسعة في شمال سوريا عبر عمليات عسكرية اطلق عليها أسماء لامعة لاخفاء مارافقها من جرائم وفظائع وانتهاكات ك “درع الفرات” و”غصن الزيتون” و”نبع السلام”، اتبعت أنقرة مجموعة من السياسات التي تشير بوضوح إلى سعيها لفرض الهوية التركية على تلك المناطق. وتشمل هذه الممارسات:

1. التعليم: استبدال المناهج السورية بمناهج تركية في المدارس الواقعة تحت السيطرة التركية، إضافة إلى فرض اللغة التركية كلغة أساسية.

2. الخدمات العامة: إدارة البلديات والخدمات العامة أصبحت تحت سيطرة تركية مباشرة. يُرفع العلم التركي فوق المباني الحكومية والمرافق العامة مثل المدارس والمستشفيات وتعلق صور أردوغان. كذلك، تقوم السلطات التركية بإعادة تسمية الشوارع والساحات بأسماء تركية وأسماء جنودها القتلى.

3. العملة والبنية التحتية: باتت الليرة التركية العملة المتداولة في تلك المناطق، بدلاً من الليرة السورية، وهو ما يعزز تبعية الاقتصاد المحلي لتركيا. كما تم بناء بنية تحتية مثل المستشفيات والمدارس بدعم وتمويل تركي، مما يعزز النفوذ التركي.

4. الرموز الوطنية والثقافية: تحاول تركيا عبر دعم الثقافة المحلية في المناطق السورية المحتلة، تعزيز هويتها الثقافية من خلال أنشطة وفعاليات تربط بين هذه المناطق والهوية التركية.

المخاطر والتداعيات
تشكل ممارسات التتريك هذه خطرًا واضحًا على السيادة السورية، كما أنها تهدد بتغيير التركيبة الديمغرافية والثقافية للمناطق التي تتعرض لهذه السياسات. ومن أبرز المخاطر:

1.طمس الهوية الوطنية السورية: التتريك يهدف إلى محو الهوية الثقافية الوطنية للسكان السوريين في تلك المناطق، مما قد يؤدي إلى تلاشي الروابط السورية مع هذه المناطق على المدى الطويل.

2. التوترات الاجتماعية: تغيير الهوية الثقافية واللغوية للسكان يولد توترات بين السكان المحليين، خاصة أولئك الذين يرفضون التبعية التركية. هذا الأمر يزيد من فرص حدوث اضطرابات مستقبلية في تلك المناطق ويزيد من الانقسام الاجتماعي وظهور طبقة او فئة مستتركة تتمتع بكل النفوذ وتنال حصة كبيرة في مختلف الوظائف.

3. التبعية الاقتصادية والسياسية: فرض الليرة التركية وإنشاء بنية تحتية تركية في المناطق المحتلة يعني اعتمادًا اقتصاديًا متزايدًا على تركيا، مما قد يعرقل أي محاولات مستقبلية لإعادة دمج هذه المناطق في الدولة السورية.

4. المجتمع الدولي والقانون الدولي: يتسبب التدخل التركي في انتهاك السيادة السورية، وهذا مخالف للقوانين الدولية التي تؤكد على ضرورة احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية. ومع ذلك، لا تزال تركيا ماضية في سياساتها دون رادع دولي حقيقي.

تشكل ممارسات التتريك في شمال سوريا تهديدًا خطيرًا ليس فقط على سكان تلك المناطق، بل على مستقبل الدولة السورية ككل. هذه السياسات تعمل على تغيير الهوية الوطنية والديمغرافية للمناطق السورية المحتلة، مما ينذر بمخاطر كبيرة على النسيج الوطني السوري. في ظل غياب ضغط دولي فعال، يتوجب على المجتمع السوري توحيد جهوده لمواجهة هذه التحديات واستعادة السيادة على كافة الأراضي السورية.

-------------------------------

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا عن طريق إرسال كتاباتكم عبر البريد : vdcnsy@gmail.com

ملاحظاتك: اقترح تصحيحاً - وثق بنفسك - قاعدة بيانات

تابعنا : تويتر - تلغرام - فيسبوك