قبل 8 أعوام، توغلت القوات التركية في المدن السورية واجتازت الحدود لاحتلال مدينة جرابلس بريف حلب التي انسحب منها تنظيم داعش بعد صفقة عقدها التنظيم الإرهابي مع تركيا تضمنت دمج مقاتلي التنظيم في صفوف ميليشيا الجيش الوطني ولاحقا واصلت تركيا توغلها واحتلت مدينة الباب. هذا التوغل تم بعد ضوء أخضر روسي بعدما ضمنت تركيا سحب كل مقاتلي المجموعات السورية المسلحة في حلب “الشرقية” من المدينة باتجاه تركيا بدون اسلحتهم حيث اعادت تركيا لاحقا تجنيد هؤلاء ضمن مايسمى بالجيش الوطني السوري
واصلت تركيا هجماتها بهجوم ثاني انتهى باحتلال مدينة عفرين وتهجير ثلثي سكانها من الكرد وهجوم ثالث احتلت عبره مدينتي تل أبيض ورأس العين.
وخلافاً للدعاية التركية، فإن استيلاء الجيش التركي على مدن الشمال السوري لم يكن لحماية السوريين واقامة منطقة آمنة. بل إن الخطوة التركية كانت استيلاء سافر على الأراضي السورية وتهجير سكانها وقتلهم ولا يختلف عن غزو روسيا لأوكرانيا.
هذه المناطق اليوم ماتزال تفتقد الأمن وتشهد عمليات خطف وقتل يومية اضافة للاقتال المستمر بين الميليشيات المسلحة وعمليات النهب والسرقات والاغتصاب وتجنيد القاصرين وفتح معسكرات لتحويلهم لمرتزقة وارسالهم تارة الى ليبيا او اذربيجان والنيجر. كما وتم تتريك هذه المناطق وفرض الاسماء والاعلام واللغة التركية في المدارس والمؤسسات والشعارات.
تركيا حولت الشمال السوري المحتل إلى ملاذ آمن للإرهاب، حيث أصبحت هذه المنطقة بؤرة لانتشار الميليشيات المسلحة التي تمارس أبشع أنواع الجرائم بحق السكان المدنيين. تشمل هذه الجرائم القتل، الاغتصاب، الخطف، التهجير القسري، والاستيلاء على الممتلكات، مما أسفر عن حالة من الفوضى الأمنية والفلتان الذي يعصف بالمنطقة.
الميليشيات المسلحة المنتشرة في الشمال السوري تعمل بحرية تامة، وتقوم بفتح سجون ومعتقلات غير شرعية حيث يتم احتجاز المختطفين وتعذيبهم بطرق وحشية. وقد أصبح الخطف وسيلة شائعة لكسب الأموال، حيث يتم ابتزاز عائلات المختطفين للحصول على فديات ضخمة مقابل إطلاق سراحهم.
الفوضى الأمنية التي تشهدها هذه المنطقة قد تفاقمت بشكل كبير، مما جعل حياة السكان المحليين في حالة دائمة من الخوف وعدم الاستقرار. الاشتباكات المتكررة بين الميليشيات المختلفة تزيد من تعقيد الوضع، وتساهم في تدهور الأوضاع الإنسانية والمعيشية للسكان.
المعابر الحدودية مع تركيا أصبحت بوابات لتهريب البشر، السلاح، والمخدرات. هذه الأنشطة غير القانونية تدار بطرق منظمة، والجيش التركي وأجهزة الاستخبارات التركية متورطة فيها وفي تسهيل عمليات التهريب هذه. بالإضافة إلى ذلك، تستخدم هذه المعابر لتسهيل حركة قيادات داعش والتنظيمات المتطرفة الأخرى، مما يعزز من قدرة هذه الجماعات على التخطيط وتنفيذ عمليات إرهابية داخل سوريا وخارجها.
المنطقة أصبحت ملاذًا آمنًا لقيادات داعش والتنظيمات المتطرفة وخلايا القاعدة، حيث تجد هذه الجماعات في الحماية التركية وفي الفوضى الأمنية بيئة مثالية للتخطيط والتنفيذ. تقارير عديدة تشير إلى أن هذه القيادات تخطط للعديد من العمليات الإرهابية في سوريا والعالم من داخل هذه المناطق الآمنة.
كل هذه الفوضى والجرائم تجري بعلم ومشاركة الجيش التركي والحكومة التركية وأجهزة الاستخبارات. الدور التركي في هذه المنطقة يساهم بشكل فعال في تعزيز حالة الفوضى وعدم الاستقرار، مما يجعل الشمال السوري منطقة خطرة تهدد الأمن والسلم في المنطقة والعالم بأسره.
الوضع الحالي في الشمال السوري ينذر بانفجار وشيك للأوضاع، إذا لم يتم التعامل معه بحزم من قبل المجتمع الدولي. استمرار الفوضى والتدهور الأمني يمكن أن يؤدي إلى كارثة إنسانية لا يمكن التنبؤ بعواقبها، ليس فقط على سكان المنطقة بل على الاستقرار الإقليمي والدولي.
المجتمع الدولي مطالب بتحمل مسؤولياته في مواجهة هذا التهديد المتنامي للإرهاب. من الضروري اتخاذ خطوات عاجلة لفرض الأمن والاستقرار في الشمال السوري، ومحاسبة الجهات المتورطة في دعم وتسليح الميليشيات المسلحة. يجب توفير حماية فعالة للسكان المدنيين، وضمان وصول المساعدات الإنسانية إليهم، والعمل على إنهاء الاحتلال وحالة الفوضى وإعادة النظام والقانون إلى المنطقة.
إن تجاهل الوضع في الشمال السوري أو التباطؤ في معالجته لن يؤدي إلا إلى تفاقم الأزمة وزيادة معاناة السكان الأبرياء. يجب أن يكون هناك تعاون دولي جاد وسريع لإنقاذ هذه المنطقة من براثن الإرهاب والفوضى، وضمان مستقبل أكثر أمانًا واستقرارًا للسوريين وللعالم بأسره.