أطلق عناصر من ميليشيا (جيش الشرقية المنشق عن أحرار الشرقية) التابع للجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا النار على عائلة كردية تسمى “بشمرك” في بلدة جنديريس في ريف مدينة عفرين شمال سوريا مساء 20 آذار / مارس 2023 أثناء احتفالهم بعيد نوروز، وقتل ثلاثة أشقاء وابن أحدهم بالرصاص، فيما أصيب 3 آخرين من أقربائهم بجروح متفاوتة.
وبعد ساعات من الجريمة أعلن جهاز الشرطة العسكرية التابعة للجيش الوطني السوري نفسه عن اعتقال المهاجمين الثلاثة، -كما تجري العملية عادة- نفى الجيش الوطني، وفصيلي (جيش وأحرار الشرقية) أي ارتباط للمسلحين الثلاثة بهم.
وتأتي عمليات القتل هذه بعد أكثر من خمس سنوات من انتهاكات حقوق الإنسان المتواصلة من قبل ميليشيات الجيش الوطني وفصائلها المسلحة وهذه الانتهاكات تجري تحت أعين ومشاركة القوات المسلحة التركية. حيث تسمح تركيا لهؤلاء المقاتلين بإساءة معاملة الأشخاص الذين يعيشون في المناطق الخاضعة لسيطرتهم دون التعرض للمساءلة أو العقاب.
تتحمل تركيا كدولة محتلة لمنطقة عفرين وتدعم ميليشيات سورية مسلحة المسؤولية القانونية الكاملة عن الجرائم التي تحدث في عفرين، حيث تتمتع بالسيطرة الكاملة على الأراضي والموارد والسكان في المدينة. وبموجب القانون الدولي، تتعين على تركيا كدولة محتلة توفير الأمن والسلامة للسكان المدنيين، وحماية حقوقهم وحرياتهم. كما أنّها ملزمة بالحفاظ على حقوق الإنسان والكرامة الإنسانية للسكان، وتحمل المسؤولية الكاملة عن أيّة انتهاكات لحقوق الإنسان أو جرائم حرب تحدث في المدينة المحتلة.
كما أنّها تتحمل المسؤولية في إجراء تحقيقات فورية وشفافة في تلك الجرائم، ومعاقبة المسؤولين عنها وتقديمهم للعدالة وهو مالم تفعله حتى الآن مع مختلف المجازر والجرائم التي ترتكبها قواتها المسلحة والميليشيات السورية الموالية لها. والمجتمع الدولي بات أمام القيام بالإجراءات المناسبة، بما في ذلك فرض العقوبات الدولية والمحاسبة الدولية لفشل أو عدم رغبة تركيا في حماية المدنيين.
الضحايا الأربعة هم الأخوة الثلاثة: فرح الدين محمد عثمان (43)، نظمي محمد عثمان (38)، محمد عثمان (42) والشاب محمد فرح الدين عثمان (18) عاماً وهو نجل فرح الدين عثمان.
الجهة التي ارتكبت الجريمة هي فصيل (جيش الشرقية) المنضوية ضمن تشكيل يحمل اسم “حركة التحرير والبناء” مع ميليشيا أخرى هي: فصائل “أحرار الشرقية” و”الفرقة 20″ و”صقور الشام (قطاع الشمال)”والتي تشكلت في شباط 2022 بدعم تركي.
أسماء المسلحين الأربع المتورطين في الجريمة هم:
عمر صالح الأسمر – مواليد عام 2000 وحبيب علي خلف – مواليد عام 2004 وبلال أحمد العبود – مواليد عام 2000، وشخص رابع لم نتعرف عليه وهم ضمن مجموعة مسلحة يقودهم حسن الضبع.
تفاصيل الجريمة:
تروي شقيقة الضحايا، روشين عثمان تفاصيل المجزرة المروعة “في حوالي الساعة 7 مساء يوم 20 مارس / آذار ، بينما كانت العائلات الكردية في منطقة جنديرس المتضررة بالزلزال وبقية عفرين تحتفل بعيد نوروز، تهجم أحد مسلحي “جيش الشرقية” على المواطن “فرحان عثمان” الذين كان يجلس أمام منزله. المقاتل الذين ينتمي لميليشيا “جيش الشرقية” أمر عثمان بإطفاء النار الذي أشعلها لاحتفال بعيد نوروز، فلم يستجب له عثمان وتمادي المسلح وقام بضرب أحد أبناءه. ثم قام المقاتل بإلقاء الحجارة عليهم، فالتزم عثمان بالهدوء لتجنب التصعيد، فغادر المقاتل المكان متجها لإحدى مقرات(جيش الشرقية) التي تبعد حوالي 30 متراً عن المكان، وعاد مع عدد من الرجال المسلحين (3 إلى 6 مسلحين). وبدأوا على الفور بإطلاق النار بشكل عشوائي على فرحان عثمان وأفراد آخرين من العائلة خرجوا بعد سماعهم أصوات الرصاص، مما أسفر عن مقتل فرحان وثلاث من أخوته وابن أخيه، كما أصيب اثنين من أشقائه وقريب آخر لهم بجروح .
تضيف روشين “أحد إخوتي تعرض لطلقة نارية في رأسه، وآخر تلقى 5 رصاصات في بطنه، فيما مثّلوا بأخي الآخر”.
مضت تقول حول الحادثة “نقلنا إخوتي إلى مستشفى قريب، لم تمر نصف ساعة حتى أخبرونا أن الثلاثة قد ماتوا، وقالوا لنا خذوا جثامينهم، فرفضنا ذلك، لأننا طالبنا أن نستردّ حقّنا من قاتليهم”.
وتابعت “خرجنا إلى شوارع عفرين لننادي ونصرخ كي يعلم الناس بأن أمراً ما قد حدث، وقد هاجمنا إثر ذلك مسلحون آخرون، فقام العناصر المسلحون البالغ عددهم 3، بنقل جثث إخوتي من المستشفى إلى الرصيف، وطالبونا بدفنهم على الفور”.
وتجمّع العشرات من أهالي جنديرس في مدينة أطمة في ريف إدلب – التي نُقلت الجثامين إلى أحد مشافيها – رافعين شعارات تطالب بمحاسبة الجناة والشكوى من ظلم الفصائل.
في 21 مارس / آذار، تجمعت حشود كبيرة في جنازة الأشخاص الأربعة في جنديريس واحتجاجاً على عمليات القتل، ودعت إلى محاسبة القتلة وطرد فصائل الجيش الوطني من منطقة عفرين.
اجتاحت القوات المسلحة التركية والجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا منطقة عفرين وسيطرت عليها في عام 2018، وهي منطقة كردية في حلب، مما أدى إلى مقتل المئات من المدنيين وتشريد مئات الآلاف. منذ ذلك الحين، سيطرت أكثر من 40 فصيلاً من الجيش الوطني على قرى أو بلدات أو حتى أحياء منفردة في منطقة عفرين وقاموا تحت حماية تركية بارتكاب انتهاكات جسيمة بما في ذلك جرائم الخطف والاغتصاب وعمليات القتل خارج نطاق القضاء، والنهب والاستيلاء غير القانوني على الممتلكات، ولم تفعل تركيا شئياً لمنع الانتهاكات أو تحسين سلوك الفصائل.