تستضيف الجزائر القمة العربية تحت شعار (لمّ الشمل) العربي، في الوقت الذي تتزايد فيه انتهاكات نظامها تجاه اللاجئين العرب ورميهم في الصحراء الإفريقية عقاباً لهم على دخول أراضيها، بينما تستميت لشرعنة حليفها نظام أسد وإعادته إلى مقاعد القمة بعد غيابه لتسع جولات على التوالي بسبب جرائمه ضد السوريين.
استضافة الجزائر للقمة العربية تحت عنوان (لمّ الشمل) تأتي في ظل تقارير حقوقية تكشف انتهاكات السلطات الجزائرية تجاه اللاجئين العرب ومنهم السوريون، ورميهم في الصحراء الإفريقية بسبب محاولاتهم عبور الأراضي الجزائرية هرباً من البطش والملاحقات الأمنية في بلادهم والسعي للوصول إلى الدول الأوروبية.
أبرز تلك الحوادث قيام السلطات الجزائرية الشهر الماضي، بطرد العشرات من المهاجرين وطالبي اللجوء السوريين إلى النيجر الإفريقية وتركهم في المنطقة الصحراوية الحدودية بعد اعتقالهم في مدينة وهران بتهمة دخول الأراضي الجزائرية “بطريقة غير شرعية”.
وقال فريق (مركز توثيق الانتهاكات): إنّ 3 من اللاجئين السوريين الذين رحّلتهم الجزائر من أصل 29 سورياً (منهم 8 نساء) صادرت السلطات الجزائرية مقتنياتهم، و”لم تسمح لهم بالطعن في قرار ترحيلهم أو فحص وضع اللجوء الخاص بهم”، رغم أنّ هؤلاء كانوا يمتلكون جوازات سفر سورية تمت مصادرتها كذلك ولم يدخلوا الأراضي الجزائرية من النيجر.
وبحسب التقرير فإنّ السلطات الجزائرية زجّت باللاجئين المرحلين في شاحنات وباصات ورفضت تسليمهم أجهزتهم الخليوية (الهواتف) وكذلك المبالغ المالية التي كانت بحوزتهم، وبعد مسيرة 3 أيام متواصلة في الأراضي الجزائرية، قامت برميهم على الحدود النيجرية في منطقة عين قزام الصحراوية.
ونقل المركز الحقوقي عن بعض اللاجئين المطرودين في ولاية عين قزام حينها قولهم: إنّ السلطات الجزائرية رحّلتهم إلى الحدود من دون السماح لهم بالطعن في قرار الطرد، أو اللجوء إلى محامٍ، كما إنّها رفضت إعادة أوراقهم الثبوتية وأجهزة الهاتف والأموال التي كانت بحوزتهم، وقالوا “لا نعلم أين نذهب … لا نملك أيّة أموال لنسافر مجدداً، كما لا يمكننا العودة إلى سوريا..”، وتحدثوا عن الظروف الصعبة وسط مناخ الصحراء القاسي، حيث تصل درجات الحرارة إلى 45 درجة مئوية خلال النهار، وتنخفض بشدّة في الليل.
واعتقلت السلطات الجزائرية هؤلاء اللاجئين في 20 من تموز الماضي، حيث تم نقلهم إلى مراكز الشرطة، و”ظلّوا مقيّدين مدة 22 يوماً في ظروف إنسانية صعبة، دون رعاية طبية ليتمّ ترحيلهم بعد ذلك مسافة 2500 كم إلى حدود النيجر”، وبعد ذلك تم إلقاؤهم في منطقة صحراوية بعيدة جداً عن المناطق المأهولة بالسكان، بعد مصادرة جميع أموالهم وهواتفهم.
وعلّق الكاتب والصحفي السوري بسام جعارة على القمة الحالية قائلاً: “احتفالاً بالقمة “العربية” .. السلطات الجزائرية ترمي بعشرات اللاجئين السوريين والفلسطينيين و.. في صحراء النيجر!”.
وبحسب اتفاقيات اللاجئين الأممية والإفريقية وعلى رأسها اتفاقية (العمال المهاجرين) فإنّ الجزائر تنتهك قوانين دخول الأجانب إليها من خلال إجراءات الطرد القسري تجاه اللاجئين والمهاجرين، حيث تُلزم تلك الاتفاقية النظام الجزائري بحظر الطرد الجماعي وتتطلّب النظر في كلّ حالة على حدة.
كما إنّ ”اتفاقية مناهضة التعذيب”، تُلزم الجزائر بمبدأ عدم الإعادة القسرية، الذي يحظر الإعادة القسرية لأيّ شخص إلى بلاد قد يواجه فيها التعذيب أو تهديدات لحياته أو حريته، وينبغي أن تضمن الحكومات النظر الكامل في طلبات طالبي اللجوء قبل المباشرة بأيّة إجراءات لطردهم. تمنع الاتفاقية الخاصّة بوضع اللاجئين الدولة الطرف من طرد أي لاجئ موجود في إقليمها بطريقة نظامية، إلّا لأسباب متعلّقة بالأمن الوطني أو النظام العام. حتى في هذه الحالات، يجب التوصّل إلى القرارات وفق الإجراءات القانونية الواجبة، “ما لم تتطلب خلاف ذلك أسباب قاهرة تتصل بالأمن الوطني”.
وفي تشرين الثاني عام 2011، علقت الجامعة العربية عضوية نظام أسد بسبب اعتماده الخيار العسكري لقمع الثورة السورية، ومازال النظام مطروداً من مقاعد الجامعة وغائباً عن حضور أية قمة عربية لعدم وجود توافق عربي على عودته، في وقت يستميت فيه النظام الجزائري وبعض نظرائه العرب على شرعنة بشار أسد وإعادته للحضن العربي رغم جرائمه الكبرى تجاه الشعب السوري.