قدم الاتحاد الأوروبي أكثر من 89 مليون يورو لبناء أو تجديد أو دعم مراكز الترحيل في تركيا. كان حوالي 54 مليون يورو منها بين 2007 و2008 لبناء سبعة مراكز ترحيل في ست مقاطعات بسعة 3,750 شخصاً. في 2014، قُدمت 6.7 مليون أخرى لتجديد وتأهيل 17 مركز ترحيل. في 2015، قدم الاتحاد الأوروبي حوالي 29 مليون يورو لبناء ستة مراكز ترحيل جديدة بسعة 2,400 شخص.
بعد أن دفع الاتحاد الأوربي 3 مليار يورو لتركيا كجزء من الاتفاق بينها وبين الاتحاد الأوروبي في مارس/ آذار 2016، قدم “مرفق الاتحاد الأوروبي للاجئين في تركيا” 60 مليون يورو إلى المديرية العامة لإدارة الهجرة آنذاك، من أجل «دعم تركيا في إدارة واستقبال واستضافة المهاجرين، لا سيما المهاجرين غير النظاميين في تركيا، والمهاجرين العائدين من أراضي الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إلى تركيا». استُخدم هذا التمويل لبناء وتجديد مركز ترحيل تشانكيري وتزويد 22 مركز ترحيل آخر بالموظفين.
قدم الاتحاد الأوروبي 22.3 مليون يورو أخرى للمديرية العامة لإدارة الهجرة لتحسين الخدمات والظروف المادية في مراكز الترحيل، بما في ذلك تمويل «النقل الآمن والمنظَّم للمهاجرين واللاجئين غير النظاميين داخل تركيا»، و3.5 مليون يورو لـ «للمساعدة في بناء القدرات التي تهدف إلى تعزيز الوصول إلى الحقوق والخدمات».
في 21 ديسمبر/كانون الأول 2021، أعلنت المفوضية الأوروبية عن قرار تمويل بقيمة 30 مليون يورو لدعم “بناء قدرات رئاسة إدارة الهجرة في وزارة الداخلية التركية وتحسين المعايير والظروف للمهاجرين في مراكز الاستضافة في تركيا… من أجل تحسين إدارة مراكز الاستقبال والاستضافة بما يتماشى مع معايير حقوق الإنسان والنهج المراعية للاعتبارات الجندرية” ومن أجل ضمان “نقل المهاجرين غير النظاميين بأمان وكرامة”.
هذا واتهمت “هيومن رايتس ووتش” في تقرير جديد اصدرته بتاريخ 24 تشرين الثاني \ اكتوبر 2022 السلطات التركية باعتقال واحتجاز وترحيل مئات اللاجئين السوريين (الرجال والفتيان) إلى سوريا بين فبراير/شباط ويوليو/تموز 2022 بشكل تعسفي.
ونقلت المنظمة عن سوريين مرحّلين أنّ المسؤولين الأتراك اعتقلوهم من منازلهم وأماكن عملهم وفي الشوارع، واحتجزوهم في ظروف سيئة، وتعرض معظمهم للتعذيب، وأساءوا إليهم، وأجبروهم على التوقيع على استمارات العودة الطوعية، واقتادوهم إلى نقاط العبور الحدودية مع شمال سوريا، وأجبروهم على العبور تحت تهديد السلاح.
ونقلت المنظمة عن نادية هاردمان، باحثة في حقوق اللاجئين والمهاجرين في هيومن رايتس ووتش: “في انتهاك للقانون الدولي، اعتقلت السلطات التركية مئات اللاجئين السوريين، حتى الأطفال غير المصحوبين بذويهم، وأجبرتهم على العودة إلى شمال سوريا، يبدو الآن أنّ تركيا تحاول جعل شمال سوريا منطقة للتخلص من اللاجئين”.
وأشارت المنظمة أنّ سوريا لاتزال غير آمنة لعودة اللاجئين، وأنّ تركيا قبضت مقابل استضافة اللاجئين السوريين من الاتحاد الأوروبي مليارات الدولارات لتمويل الدعم الإنساني وإدارة الهجرة.
وقالت المنظمة: إنّها أجرت بين فبراير/شباط وأغسطس/آب، مقابلات هاتفية أو شخصية داخل تركيا مع 37 رجلاً وصبياً سورياً تم تسجيلهم للحماية المؤقتة في تركيا (تم ترحيلهم لاحقا). كما قابلت أيضاً سبعة أقارب للاجئين سوريين ولاجئة رحّلتهم السلطات التركية إلى شمال سوريا خلال هذه الفترة. وأنّ جميعهم قالوا: إنّهم رُحّلوا مع مئات آخرين. قال الجميع: إنّهم أُجبِروا على التوقيع على استمارات إمّا في مراكز الترحيل أو على الحدود مع سوريا، لم يسمح لهم بقراءة محتوى تلك الاستمارات ولم يعرفوا ما ورد فيها، لكن جميعهم أكدوا إنّهم فهموا أنّ الاستمارات تؤكد موافقتهم على “العودة الطوعية” إلى سوريا. قال البعض: إنّ المسؤولين غطوا بأيديهم جزء الاستمارة المكتوب بالعربية. صرح معظمهم إنّهم رأوا السلطات في مراكز الترحيل هذه تتعامل مع سوريين آخرين بنفس الطريقة.
قال كثيرون: إنّهم رأوا مسؤولين أتراك يضربون رجالاً آخرين رفضوا التوقيع في البداية، لذا شعروا أنّ ليس لديهم خيار آخر. قال رجلان: احتجزا في مركز ترحيل في أضنة إنّهما خُيّرا بين التوقيع على استمارة والعودة إلى سوريا أو احتجازهما لمدة عام، اختار كلاهما المغادرة لأنّهما لم يستطيعا تحمل فكرة قضاء عام في الاحتجاز وكانا بحاجة إلى إعالة عائلاتهما.
وطالبت المنظمة تركيا بإنهاء عمليات الاعتقال والاحتجاز والترحيل التعسفية للاجئين السوريين إلى شمال سوريا، والتوقف عن استخدام العنف من قبل القوى الأمنية ومسؤولي الهجرة ضد السوريين أو غيرهم من المواطنين الأجانب المحتجزين ومحاسبة أي مسؤول يستخدم العنف.
هذا وارتفع عدد السوريين الذين قتلوا برصاص الجنود الأتراك إلى 536 شخصاً، بينهم (103 طفلاً دون سن 18 عاماً، و67 امرأة)، وذلك حتى 25 أيلول 2022 كما ارتفع عدد الجرحى والمصابين بطلق ناري أو اعتداء إلى 2098 شخصاً وهم من الذين يحاولون اجتياز الحدود أو من سكان القرى والبلدات السورية الحدودية أو المزارعين، وأصحاب الأراضي المتاخمة للحدود حيث يتم استهدافهم من قبل الجندرمة بالرصاص الحي.
وتتكرر حالات استهداف “الجندرمة” للسوريين سكان القرى الحدودية، كما قامت تركيا ببناء جدار عازل على طول حدودها الذي يبلغ طوله 911 كم لمنع دخول اللاجئين، ما يسفر عن سقوط قتلى وجرحى مدنيين بشكل مستمر.
وبات السوريون على اليقين بأنّ تركيا خذلتهم، على كافة المستويات. ليس فقط العسكري، أو السياسي، وإنّما أيضاً على المستوى الإنساني…. فتركيا من كانت طرفا في الحرب الدائرة في بلدهم سوريا، وهي من فتحت الحدود لعبور السلاح، والمسلحين، ودعمت ولاتزال تدعم العشرات من الجماعات المسلحة التي تتقاتل فيما بينها، في مناطق من المفترض أنّها باتت آمنة. كما أنّها التي تتلق باسمهم المساعدات الدولية والأموال المقدمة من دول الاتحاد الأوربي ومن الولايات المتحدة. لكن لا يصلهم شيء كما يؤكد النازحون.
كما يجد الآلاف من النازحين الذين اضطر غالبهم لمغادرة منازلهم، والنزوح من مدنهم، بناء على صفقات واتفاقيات عقدتها تركيا مع كل من روسيا وإيران، بلا مأوى ومستقبل، وأنّ حياتهم وحياة أطفالهم انتهت، وأنّ الأمل يتبدد يوما عن آخر، في ظروف قاهرة، لا عمل، ولا أمن أو أمان، فهم أمام خيار أن يتحولوا لمرتزقة، ترسلهم تركيا إلى ليبيا أو أذربيجان أو أن يموتوا قهرا وجوعا.
واتهم برلمانيون من حزب الشعب الجمهوري في تركيا (أوزكان ياليم، محمود تنال) في حزيران 2021 الحكومة التركية بعدم الافصاح عن كيفية إنفاق المساعدات المالية الضخمة التي يقدمها الاتحاد الأوروبي للاجئين السوريين لافتين إلى أنّ السوريين المقيمين في تركيا بحالة يرثى لهم ولم تتم تلبية احتياجاتهم الأساسية، وأنّ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والوزراء المعنيين يبقون هذا الموضوع سرا ويرفضون الإفصاح عن كيفية إنفاقه، لذا لم نتمكن من الوصول إلى معطيات بهذا الصدد”.