كشفت ثلاثة مصادر تواصل معها “مركز التوثيق” أنّ قبول تنظيم هيئة “تحرير الشام\جبهة النصرة” الدخول في تحالف مع كل من فرقة الحمزة (الحمزات) وفرقة سليمان شاه (العمشات) وأحرار الشام مرتبط بعدة عوامل منها ما هو اقتصادي والسيطرة على المعابر وواردات التجارة والتهريب ورغبة الهيئة في التمدد داخليا، خاصة وأنّها ظلت تستهدف هذه الجماعات على أنّها تجار مخدرات ولصوص وقطاع طرق.
وبحسب تلك المصادر المطلعة فإنّ الهدف الأساسي لهذا التحالف والذي بات يديره أبو ماريا القحطاني (إسلامي متشدد عراقي الجنسية) اسمه الحقيقي ميسر علي موسى عبد الله الجبوري فهو يتمثل برغبة “الهيئة” توسيع نفوذها خارج سوريا، وهو هدف بعيد لطالما أشار إليه أبو محمد الجولاني (أحمد حسين الشرع) عبر خطاباته بشكل غير مباشر.
وتؤكد المصادر أنّ الهيئة تجهز حاليا المئات من المقاتلين من جنسيات متعددة بهدف إرسالهم إلى معسكرات في ليبيا تشرف عليها تركيا، ومنها معسكر اليرموك على أنّ هؤلاء هم من عناصر (فرقة الحمزة، سليمان شاه، أحرار الشام) وذلك من خلال عملية تبديل “المرتزقة السوريين” في ليبيا والتي تجريها تركيا كل فترة حيث ينقلون جواً من مطار إسطنبول إلى مطار بنغازي وعلى دفعات.
وتحتفظ تركيا، حتى اليوم، في ليبيا بآلاف من عناصر قواتها المسلحة إلى جانب نحو 4 آلاف من عناصر فصائل ما يعرف بـ«الجيش الوطني السوري» الموالي لها “يشكل العمشات والحمزات عمودها الفقري”، رغم المطالبات الدولية بسحب المرتزقة والقوات الأجنبية.
ولم تتضح طموحات الجولاني من خطوة التمدد باتجاه ليبيا، ولا حدودها لا سيما وأنّه بات يجد نفسه منافساً قوياً لتنظيم القاعدة الممزق والذي انشق عنه، وبديلا عن تنظيم داعش، وهو طموح مرتبط بالحلم الكبير لهذه الحركات في ريادة ما يسمونه “حركة الجهاد العالمي”.
وتقول المصادر أنّ هذا الاحتمال بات وارداً مع تصاعد نفوذ الهيئة ومتانة علاقتها مع تركيا ومع قطر اللتين وجدتا فيها ضالتهما كبديل عن (القاعدة، داعش) رغم أنّه لم يصدر عن (تحرير الشام) على مدى العقد من تأسيسه ما يشير إلى نيتها في احتلال أراض أو قضم مناطق ضمن دولة عربية أو إسلامية، والتمدد فيها، بل اكتفت بمناطق نفوذها ضمن إدلب عبر فرض نظام ديني متشدد على سكانها. وركزت على توجيه دعايتها التي تحض فيها على تعميم تجربتها والتذكير بواجب الجهاد وتحرير القدس.
وتضيف المصادر بعد زوال داعش ولجوء الكثير من قادته إلى الهيئة منهم زعيمه “أبو بكر البغدادي” الذي اغتيل في إدلب وخليفته “عبدالله قرداش” الذين اغتيل كذلك في إدلب الواقعة ضمن مناطق نفوذ الهيئة وكانا يخضعا لحمايتها زادت شراهة الجولاني في تبني استراتيجية داعش، والسعي إلى بسط سيطرته على الأرض وتوسيع وجوده لإقامة دولة تحت سلطة حكومة يعيش فيها مسلمون سنة دون غيرهم، يخضعون لمفهوم “الهيئة” الشريعة الإسلامية. ومع إحكام السيطرة على المزيد من الأراضي يمكن بناء جيش يوظف في إقامة دولة خلافة التي لا حدود لها تتبعها “ولايات” يعلن عنها حيثما تمكن أتباعه ومقاتليه من فرض وجودهم على أراضيها.
وتتحدث المصادر أنّ هذه الأهداف قد تبدو مبالغ فيها الآن، لكنها تحذر من أنّ التقليل من شأنها سيتبعه كوارث كما حدث سابقا مع القاعدة والزرقاوي ومع داعش نفسها حيث كانت الولايات المتحدة وبقية الدول بطيئة في فهم الآثار المترتبة على تصاعد قوة تلك التنظيمات، وعدم القدرة على فهم طبيعة أهدافها.