أفرجت السلطات التركية عن الصحفي السوري ماجد شمعة، العامل في قناة “أورينت”، بعد اعتقال دام تسعة أيام من منزله في مدينة أسطنبول ، وجمدت قرار ترحيله إلى سوريا بعد ضغوط عديدة من منظمة العفو الدولية، ومنظمة “مراسلون بلا حدود”.
واعتُقل ماجد شمعة إثر نشر قناة “أورينت” التي يعمل لديها حلقة مصوّرة في برنامج “استطلاع الشارع”، تضمنت “سكيتش” قصيراً تبعه استطلاع رأي حول “قضية الموز”، صوّره في منطقة الفاتح في مدينة اسطنبول التركية.
وعلى أثر قضية ترحيل الصحفي، أصدرت 16 جمعية ومنظمة تركية حقوقية وإنسانية بياناً مشتركاً، طالبت فيه الحكومة التركية بوقف إجراءات الترحيل التي صدرت بحق لاجئين السوريين بتهمة نشرهم “مقاطع فيديو استفزازية” على خلفية “فيديوهات الموز”، في 1 من تشرين الثاني الحالي.
واعتبرت هذه الجمعيات أنّ قرار الترحيل مخالف للاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، وحمل البيان عنوان “لا يجوز إبعاد أي شخص بسبب ممارسة حريته في التعبير”.
التراجع عن قرار ترحيل الصحفي ماجد شمعة رافقه تصعيد ضد سوريين آخرين تأثر بتقريره وقلدوه في فيديوهات أخرى لينالوا عقوبة الاعتقال والترحيل أيضاً بغياب أيّة جهة تعرقل هذا الإجراء المخالف والقاسي بحقهم لا سيما أنّ غالب المرحلين يتم فصلهم عن عوائلهم وأعمالهم.
وأفاد تقرير إخباري تركي بإنّ إجراءات الترحيل تتواصل بحق 45 سوريا، على خلفية مشاركتهم منشورات “استفزازية” عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن “الموز”، ونقلت وكالة “الأناضول” التابعة لحزب العدالة والتنمية الحاكم اليوم الخميس عن رئاسة إدارة الهجرة القول إنّه تمت إحالة الأشخاص الـ 45 إلى مراكز الترحيل إثر اتخاذ الإجراءات القضائية.
ولاتزال الإجراءات متواصلة بحق الأجانب المذكورين الذين يخضعون للمراقبة الإدارية في مراكز الترحيل، ولفتت الأناضول إلى أنّ الترحيل مرتبط بمنشورات حول “الموز”.
وجرى على نطاق واسع تداول مقطع فيديو لمقابلة جرت في أحد شوارع إسطنبول في 17 تشرين أول/أكتوبر، وانتقد فيها سكان محليون طالبة سورية لأنّها تعيش حياة مريحة بينما يكافح الأتراك لتغطية نفقاتهم.
وقال شخص في المقطع :”أنتِ تعيشين براحة أكبر. وأنا لا أستطيع أكل الموز، وأنت تشترين كيلوجرامات من الموز من الأسواق”، وردت الطالبة بأنّها هربت من الحرب في بلادها ولم يكن لديها مكان آخر للذهاب إليه. وانضمت سيدة تركية للحديث في المقابلة متهمة السوريين بالاستمتاع بالحياة في تركيا بدلا من العودة إلى بلادهم للقتال.
وظهرت عدة منشورات لاحقا على مواقع التواصل الاجتماعي، تظهر سوريين يأكلون الموز ويسخرون مما حدث في المقابلة.
كانت صحيفة “ليبراسيون” الفرنسية قد تناولت مؤخراً موضوع حرب الموز التي أعلنت بين الأتراك واللاجئين السوريين، معتبرة أنّها تظهر “تصاعد معاداة اللاجئين السوريين في تركيا، بعد أن فاق عددهم الأربعة ملايين، حيث أظهر استطلاع حديث للرأي أنّ %70 من الأتراك يحبذون عودة السوريين الى بلادهم. وهو شعور تعاظم مع اشتداد وطأة الازمة الاقتصادية التي تعاني منها تركيا”.
ويؤكد مراقبون أنّ سياسات الاندماج الحالية في تركيا لا تملك القدرة على تغيير النظرة الحالية إلى السوريين، والذين تمّ توظيفهم في البداية لأغراض سياسية بحتة خدمة لتطلعات حزب العدالة والتنمية الإسلامي وتعزيز نفوذه في المنطقة العربية.
وتتجاهل الدوائر السياسية والإعلامية الحكومية والشعب في تركيا بشكل عام مساهمات السوريين الإيجابية في مجتمعهم، لاسيما ذات الطابع الاقتصادي منها، رغم أنّ رجال الأعمال السوريين استثمروا 3.9 مليار ليرة تركية وأنشأوا ما يقرب من 14 ألف شركة وخلقوا فرص عمل، واشتروا بأموالهم العديد من العقارات في تركيا بأساليب مختلفة.
وبالمجمل يقول القائمون على الخطاب التحريضي ضد السوريين إنّ هدفهم يكمن في إجبار اللاجئين على العودة إلى بلادهم، في خطوة ترتبط بالوضع الاقتصادي الذي تمر به البلاد من جهة، ولازدياد أعدادهم من جهة أخرى، مما يؤثر على المشهد الاجتماعي ككل.
وأصدر مركز إسطنبول للبحوث السياسية مؤخرا تقريرا بحثيا بعنوان “انعدام الأمن لدى الشباب في تركيا: تصور العمل والعيش والحياة”، والذي كشف أنّ الشباب العاطلين عن العمل يلومون اللاجئين السوريين في الغالب على المشاكل التي يوجهونها في الحصول على الوظائف.