تشهد عدة مناطق سورية محتلة من قبل القوات المسلحة التركية، مظاهرات وغضبا شعبيا واسعا خلال الفترة الأخير مرتبطة بالفشل الإداري ، والفلتان الأمني والفساد من جهة والتصعيد العسكري من قبل الجيش السوري الذي يرافقه قصف روسي لمناطق من المفترض أنّها ضمن الاتفاق الروسي التركي ووقف اطلاق النار.
مظاهرات عديدة جرت مؤخرا منها في مدينة رأس العين وتل أبيض وامتدت لعفرين والباب ومدينة مارع التي تفجر فيها غضب السوريين بعدما قامت الإدارة التركية لمشفى المدينة بفصل وطرد طبيب من المشفى بعد خلافات مع ممرض تركي كان قد اعتدى في وقت سابق على طبيب آخر.
“القرار التركي” قضى بفصل الطبيب السوري، عثمان حجاوي، ومنعه من مزاولة عمله في مشفى مدينة مارع، الواقعة في الريف الشمالي لمدينة حلب وفي أي مشفى آخر في المناطق الخاضعة لسيطرة تركيا شمال سوريا أو في تركيا نفسها.
وبحسب قرار صادر عن إدارة المشفى، حمل توقيع رئيس الأطباء التركي، إيرول تيكشيه (Erol Tekçe)، فإنّ قرار فصل الطبيب حجاوي، الذي يعمل في قسم الأمراض القلبية، جاء بزعم تغيبه عن مناوباته في المشفى، إضافة إلى “معاملته غير الجيدة مع الممرضين وعدم التزامه بالاتفاق مع المشفى” ، وهو ما تنفيه الوقائع والطبيب نفسه وزملاءه السوريين ضمن ذات المشفى الذي وضحوا أنّ قرار فصل الدكتور حجاوي جاء بسبب تضامنه مع طبيب آخر يدعى رافي العلوان، كان قد تعرض للإهانة والشتم من قبل ممرض تركي يعمل في مشفى مارع، ويدعى علي رضا.
ويقول: “القرار التركي ينص على منع الطبيب حجاوي، الذي يعمل طبيب قلب في مستشفى مارع من الدوام ومعالجة المرضى وفسخ عقده، لأنه تصرف بشكل مخالف للمواد 10-12-14 التي تنظم مسؤوليات العاملين في المشفى”.
الغضب الشعبي الذي أثاره “القرار التركي”، لم ينحصر بين عامة الأهالي فقط، بل عبّر عنه أطباء سوريون يعملون في مشافي شمال سوريا، وأطباء مشفى مارع والذين أصدروا بيانا، الأحد، كذبوا فيه ادعاءات فصل الطبيب حجاوي، وقالوا إنّ “الطريقة التي تم بها فصل الزميل الطبيب عثمان حجاوي لم تكن على وجه حق”.
وأشاروا إلى أنّ كتاب الفصل ضمّ نقاطا غير صحيحة هي “أنّه يعامل المرضى معاملة سيئة وهو المشهود له بالأخلاق العالية، وأنّه تعامل بشكل سيء مع الإدارة وهذا لم يحدث”. وأضاف الأطباء أنّ “حجاوي لم يرضَ فقط أن يقوم الممرض (التركي) علي رضا بإهانة الطبيب رافي علوان، وتقدم بشكوى نظامية ضد الممرض علي.. بحضور أطباء”.
كما أصدرت “نقابة أطباء حلب الحرة” بيانا يندد بفصل حجاوي “لعدم استناد القرار على أي سبب إداري أو قانوني”، على حد وصفها. ودانت النقابة إجراء الفصل، وطلبت من إدارة المشفى التراجع عن قرارها.
كما طالبت بتشكيل لجنة من مجلس النقابة لزيارة المشفى والإسراع في حل مشكلة قرار الفصل، وألا تتكرر الحادثة في أي مشفى من مشافي “المناطق المحررة” دون سبب قانوني، سعيا للحفاظ على الكوادر الطبية التي تعمل في ظروف تعتبر من أخطر الظروف في العالم، والدفاع عنها واعتبارها رمزا من رموز البقاء والصمود في هذه المناطق.
وبموازاة ما سبق نظّم المئات من أطباء ونشطاء ريف حلب وقفات احتجاجية، رفضوا فيها قرار الفصل بحق الطبيب حجاوي، واعتبروه “تعسفيا”.
وانتقدوا أيضا ما وصفوه بـ”صمت المؤسسات السورية” التي تنشط في المنطقة، في إشارة منهم إلى مؤسسات “الحكومة السورية المؤقتة” التابعة لـ”الائتلاف الوطني السوري” المعارض.
بينما طالبوا الجانب التركي بتغيير المسؤولين الأتراك العاملين في مختلف القطاعات الخدمية، ومن بينها القطاع الصحي.