تواصل تركيا انتهاك السيادة السورية وتوفد المزيد من المسؤولين إلى المدن المحتلة بالتزامن مع تقارير توثق عمليات تتريك واسعة وعمليات تهجير وتغيير ديمغرافي تنفذها الميليشيات المسلحة التي تدفع تركيا رواتب قادتها وعناصرها وكانوا يقتالون سابقا نظام حكم الرئيس السوري بشار الأسد باسم الجيش الحر قبل أن يغيير أردوغان عقيدتهم إلى قتال عدوه التاريخي الكرد والانخراط في صراعاته الخارجية كمرتزقة في ليبيا و أذربيجان وأفغانستان.
وتكشف الاستراتيجية التركية على مختلف الأصعدة أنّ تعزز فكرة جعل شمال سوريا “تركيا صغيرة”، عبر نسخ هيكلها السياسي ونشر الهوية والثقافة التركية وعمليات التتريك الواسعة والعميقة في ظل صمت عربي و صمت من حكومة دمشق. كما حذرت العديد من الأصوات الوطنية السورية، بما في ذلك مسؤولي الإدارة الذاتية ومجلس سوريا الديمقراطي وقوات سوريا الديمقراطية مرارا من أنّ تركيا تسعى لتحويل المدن التي تحلتها شمال سوريا إلى نموذج احتلاها لقبرص عبر تعديل تركيا الديناميكيات الاجتماعية في شمال سوريا تدريجيا، مع استغلال الدين الذي تسخره تركيا لصالح أهدافها وجعله يحتل مكانة أكبر في نظامها التعليمي ومن خلال بناء مساجد جديدة واتخاذها كوسيلة تتريك وتوجيه الناس اضافة لاستغلال حاجة السكان للخدمات من مشافي وكهرباء ومياه واستخدامهم كسلاح لغزو هذه المناطق .
Turkish Interior Minister Suleiman Soylu visited the occupied cities of Azaz and Afrin on the first day of Eid al-Adha.
These Pictures reveal how the Syrian face of these cities have been turned into Turkish cities with the help of the Syrian Coalition. https://t.co/wYs0lgV8H6 pic.twitter.com/DRixnFY2Hk— VdC-NsY Northern Syria (@vdcnsy) July 21, 2021
من خلفه شعار الدولة العثمانية وعلى يساره صورة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، وعلى يمينه صورة أخرى لمؤسس الجمهورية التركية، مصطفى كمال أتاتورك. ولولا وجود علم الثورة السورية إلى جانب العلم التركي وعبوة المياه البلاستيكية المصنوعة في تركيا، لبدت الصورة لموظف حكومي تركي.
“أبو عمشة”، القائد العسكري في ريف حلب، الذي يتوسّط الصورة التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي في بداية أيار الماضي، أثار الجدل مرات عدة حول تبنّيه المظاهر التركية على حساب إبراز الهوية السورية.
يقود محمد الجاسم، المعروف بـ “أبو عمشة”، فصيل “سليمان شاه” الذي أُسس عام 2016، وينضوي تحت رآية“الجيش الوطني” المدعوم تركيًا، ويتركز نشاط الفصيل في مدينة عفرين بريف حلب الشمالي حيث يتهم بارتكاب الكثير من الانتهاكات التي ترتقي لجرائم حرب، أسوة بغيره من الفصائل التي أصبح الخطف والابتزاز والاستيلاء مصدر جديد للتمويل بالنسبة لهم.
صورة أبو عمشة هي جزء من صورة شاملة عن واقع المناطق الشمالية لمحافظة حلب، والتي ظهر فيها الطابع التركي ثقافياً ومدنياً وعسكرياً وخدمياً خلال العامين الماضيين.
حديقة “الأمّة العثمانية”، ساحة “رجب طيّب أردوغان”، مدرسة “بولانت آل بيرق”، وغيرها من الأسماء كرّست الصبغة التركية في مدن وبلدات وقرى ريف حلب، أما على المستوى المدني والخدمي، فبات “السيستم التركي” جزءاً من معاملات السوريين في المنطقة، واللغة التركية “إلزامية” يدرسها جزء من الطلاب في المدارس.
يترك ذلك الواقع تساؤلات حول الدافع وراء تعميم الطابع التركي في المنطقة، والجهة المسؤولة عنه، كونه يعدّ مبرراً لمخاوف جزء من السوريين ومبعث استقرار لآخرين.
المجالس المحلية في ريف حلب بطابع تركي
بعد قرابة عامين على سيطرة فصائل المعارضة المدعومة من تركيا على ريف حلب الشمالي، بدأت المنطقة تأخذ طابعاً تركياً على المستويات المدنية والخدمية.
وكانت تركيا قد تدخلت في ريفي حلب الشمالي والشرقي عسكريًا، في شهر آب 2018، حين أطلقت عملية تحت مسمى “درع الفرات”، و “غصن الزيتون” وتمكنت من السيطرة على مدن رئيسية بريف حلب\ أعزاز، جرابلس، الباب، عفرين\ وباتت هذه المدن خاضعة عسكريا، أمنيا، إداريا لها وتم ربطهما بالولايات التركية \ عينتاب، هاتاي.
وتركز الاهتمام التركي عقب سيطرتها على المنطقة، على الجانب العسكري، حيث دعمت الفصائل الخاضعة لها لتشكيل “الجيش الوطني”، إضافة إلى دعم الجانب المدني عبر دعم تشكيل المجالس المحلية في مناطق ريف حلب، والتي لعبت دوراً خدمياً كبيراً في تأمين متطلبات الأهالي في مجالات مختلفة، مثل الإغاثة والصحة والتعليم، إضافة إلى تطوير البنية التحتية، ما مهد الطريق لدخول مجالات الاستثمار بمشاريع اقتصادية كبيرة ونشاط اقتصادي.
وتحولت هذه المجالس إلى ما يشبه التجمع الحكومي الذي يشرف ويدير شؤون المنطقة الجغرافية التي يوجد بها المجلس (مثل المجلس المحلي في الباب أو أعزاز أو جرابلس وغيرها)، وتكون هذه المجالس مدعومة وتدار من قبل الولايات التركية القريبة من الحدود السورية، مثل ولاية كلّس وغازي عينتاب، في ظل غياب أي دور للحكومة السورية المؤقتة.
مصدر مقرب من المجالس المحلية، طلب عدم ذكر اسمه، أوضح إنّ المجالس المحلية مرتبطة من الناحية السياسية بالحكومة المؤقتة وتعتبر تابعة لها، لكن لا توجد آلية ناظمة للتبعية تنظم العلاقة بين الطرفين، إذ يملك كل مجلس مشاريعه الخاصة التي ينفذها بدعم تركي، دون وجود دور فعليّ للحكومة المؤقتة.
وتتسم المجالس المحلية بالاستقلالية، ويغيب التنسيق فيما بينها، إذ ينفذ كل مجلس المشاريع المناسبة لمنطقته بحسب دراسة واقع المنطقة، وذلك رغم وجود مشاريع موحدة بين المجالس كافة، كونها تستهدف المنطقة كاملة، مثل مشروع التعليم والشرطة.
أموال المجالس في بنوك تركيا
عملت تركيا خلال العامين الماضيين على ربط المجالس المحلية في ريف حلب الشمالي بها عبر دعمها وتوفير الوسائل التي تساعدها على تقديم خدماتها، إلى جانب صرف رواتب الموظفين ونفقات المشاريع عن طريق البنوك التركية، التي توضع بها الأموال الخاصة بكل مجلس.
وشرح مصدر مطلع على عمل المجالس، طلب عدم ذكر اسمه، لعنب بلدي، آلية تنفيذ المجالس في المنطقة لأي مشروع تريد القيام به، موضحًا وجود نوعين من المشاريع التي يتم تنفيذها في المنطقة، الأول مشاريع استراتيجية بدعم وتنفيذ مباشر من تركيا، مثل الكهرباء والماء، على أن يتم دفع الجباية لها، إضافة إلى تقديمها خدمات دون أجر مثل حاويات القمامة وإقامة الحدائق.
أما النوع الثاني من المشاريع فهي التي تقوم بها المجالس، إذ يملك كل مجلس محلي مصادر التمويل الخاصة به من الجباية (ضرائب ومواصلات ومعابر وغيرها)، وتوضع هذه الأموال في بنك بتركيا باسم المجلس تحت إشراف الولاية التركية.
وأوضح المصدر أن المجلس يقدم خطة عمل ودراسة حول المشاريع التي يريد تنفيذها في منطقته وقيمة هذه المشاريع إلى الولاية التركية، التي تقوم بدورها بتحويل الأموال عن طريق مؤسسة البريد التركي “PTT” في حال تمت الموافقة عليها، بعد التأكد من أنّ هذه المشاريع غير وهمية وأنها ستنفذ وفق المخطط، معتبرًا أن ذلك يمنع السرقة والاختلاس من قبل ضعاف النفوس.
كما تقوم الولاية التركية بتحويل رواتب الموظفين، المعروف عددهم لديها، وقيمة المشاريع شهريًا، بحسب المصدر، الذي أشار إلى أن الراتب يكون بالليرة التركية ومحددًا وفق معايير تركية وليس وفق رئيس المجلس.
وحول الدور التركي في هذه المشاريع، أكد المصدر أن تركيا تلعب، من خلال التنسيق الإداري بينها وبين المجالس، دورًا إشرافيًا ومدققًا ومطلعًا على التنفيذ ولا تتدخل باسم المشروع، ولا تتدخل إلا في الحالات التي تمس أمن تركيا.
وافتتحت السلطات التركية في بعض مناطق ريف حلب مراكز لمؤسسة البريد التركي (PTT)، وأجبرت المنظمات العاملة فيها، المحلية والأجنبية، على تحويل الأموال للداخل السوري عبر هذه الخدمة، كما منحت الموظفين في تلك المناطق، من معلمين وشرطة ومجالس وأطباء وخطباء، بطاقات مصرفية لسحب رواتبهم من مراكز “PTT”.
واتجهت تركيًا مؤخرًا إلى تقييد حركة الأموال الداخلة إلى سوريا، وضبطها من خلال نظام الحوالات التركي، بعد أن كانت تتم عبر صرافي السوق السوداء.
أسماء المشاريع.. من يقترحها؟
نهاية شهر أيار الماضي أعلن المجلس المحلي في أعزاز عن إعادة افتتاح إحدى الحدائق العامة في المدينة، مطلقًا عليها اسم “حديقة الأمة العثمانية”، الأمر الذي لاقى جدلًا كبيرًا بين السوريين وأعاد الحديث عن تسميات عثمانية عدة أطلقت مؤخرًا على أماكن ومؤسسات في المنطقة، وسط اتهامات لتركيا بمحاولة “تتريك” المنطقة، وللمسؤولين المحليين بالتبعية المباشرة لتركيا.
المجلس التركماني: هذا وفاء وعرفان للأتراك
يعتمد “المجلس التركماني السوري” (أُسس عام 2013) في خطابه على ذكر المسمى القديم لمدينة الراعي بريف حلب الشمالي، وهو “جوبان بيه”، ويعتبر أن الأمر لا علاقة له بإضفاء طابع تركي على المنطقة، بل هو استعادة الاسم الحقيقي للبلدة الحدودية مع تركيا، والتي غيرت الحكومة السورية في عهد الأسد اسمها إلى “الراعي”، كغيرها من قرى وبلدات المنطقة.
مرافق.. فصائل.. مدارس….ملامح تركية بارزة
أسمهت تركيا في إقامة بعض المشاريع الخدمية والتعليمية في المنطقة، الامر الذي انعكس بشكل إيجابي على الواقع التعليمي والخدمي والطبي.
إذ تمّ افتتاح فروع لبعض الجامعات التركية الحكومية في ريف حلب، ومن بينها جامعتا حران وغازي عنتاب، اللتان فتحتا أبوابهما أمام الطلاب في العام الدراسي الحالي.
وعلى الصعيد الطبي وسعت الحكومة التركية عن طريق وزارة صحتها بعض المستشفيات في المنطقة ورممت عدة مراكز صحية، فضلًا عن إنشاء أخرى جديدة، وافتتحت مشفى في مدينة الباب، الذي يعتبر الأكبر والأكثر تطورًا في المنطقة، وآخر في مدينة الراعي.
على المستوى الخدمي أقامت تركيا ستة أفرع للبريد الحكومي التركي “PTT” في مدن عفرين وأعزاز ومارع وجرابلس والباب، وبلدة الراعي.
كما افتتحت شركة الاتصالات التركية “تورك تيليكوم” أول مركز خدمات لها في ريف حلب الشمالي، في تموز 2018، بالإضافة إلى تدعيم أبراج الاتصالات الموجودة في مناطق الباب وأعزاز بشبكة الانترنت السريعة “G 4.5”.
المشاريع التركية، إلى جانب مجموعة من المشاريع التي نفذتها المجالس المحلية في المنطقة بدعم تركي، أبرزت الملامح التركية في المنطقة وجعلتها سمة عامة، عبر بعض الأسماء المطلقة عليها.
دوار أردوغان وحديقة الأمة العثمانية
اتخذت بعض الشوارع والساحات الرئيسية بعد سيطرة الفصائل العسكرية، المدعومة تركيًا، أسماء جديدة، ومنها دوار “كاوا الحداد” في مدينة عفرين، والذي أصبح اسمه دوار “غصن الزيتون” (في إشارة إلى العملية العسكرية التركية التي تحمل الاسم ذاته)، ودوار ساحة “مبنى السرايا” وسط المدينة، والذي أصبح اسمه ساحة “رجب طيب أردوغان”.
وفي مدينة أعزاز تم تغيير اسم حديقة “الشهيد عمار الداديخي” بعد ترميمها، في نهاية شهر أيار الماضي، إذ أطلقت ولاية كلّس جنوبي تركيا على الحديقة التي يعود تاريخ تأسيسها إلى عشرينيات القرن الماضي، اسم حديقة “الأمة العثمانية”، بحسب ما ذكره المكتب الإعلامي في أعزاز.
كما أطلق اسم “بولانت آل بيرق” على مدرسة ابتدائية في مدينة الباب، وهو اسم ضابط تركي قتل خلال العمليات العسكرية ضد تنظيم “الدولة الإسلامية” في المدينة شرقي حلب.
فصائل سورية بأسماء “عثمانية”
على الصعيد التنظيمي برز “الجيش الوطني” ككتلة عسكرية منظمة في الشمال السوري، أُسست مطلع 2018، وتم تقسيم الجيش بعد الإعلان عنه إلى ثلاثة فيالق (الفيلق الأول، الفيلق الثاني، الفيلق الثالث)، وجردت تلك الفيالق والكتائب المنضوية تحتها من الأسماء التي سميت بها سواء أكانت تركية أم عربية.
بالمقابل، تُطلق بعض الفصائل المنضوية تحت الجيش الوطني على نفسها أسماء ذات دلالات تركية، كما هو الحال بالنسبة لفصيل “سليمان شاه” الذي خرّج قائده مؤخرًا كتيبة تحت مسمى “أشبال أرطغرل”، قبل أن يظهر في صورة أخرى له واضعًا فيها العلم التركي على صدره وعلم الثورة على كتفه الأيمن، في اللباس العسكري الرسمي الخاص به.
إضافة إلى فصائل “السلطان مراد” و”محمد الفاتح” و”لواء سمرقند” وغيرها من المسميات.
علم تركيا على “الجلاءات” المدرسية
طالت التغييرات تحت الظل التركي في المنطقة المناهج الدراسية التي قررتها “الحكومة السورية المؤقتة”، والتي عدلت بعض مضامينها والإشارات السياسية فيها، وخصوصًا في مواد التاريخ والجغرافيا، إذ تم، على سبيل المثال، إزالة أي كلمات تشير إلى “احتلال عثماني” واستبدال “حكم عثماني” بها، وهو ما أكده وزير التربية والتعليم، عماد برق، في لقاء سابق مع عنب بلدي.
في الوقت ذاته تعمل تركيا على تطبيق نظامها التعليمي في هذه المناطق، بالوقت الذي تعمل فيه على إنشاء منظومة تعليمية متكاملة تخدم المنطقة، وتضم هذه المناطق نحو 500 مدرسة، يدرس فيها نحو 150 ألف طالب، وفق تصريحات وزارة التعليم التركية.
وأُدرجت اللغة التركية في المناهج الدراسية ابتداء من المرحلة الابتدائية حتى المرحلة الثانوية، وفق قرار صدر عن المكاتب التعليمية في مجلس محافظة حلب الحرة، عام 2017.
وظهر الطابع التركي جليًا في العملية التعليمية، بعد أن جمعت المكاتب التعليمية في مناطق ريف حلب على أغلفة “الجلاءات” المدرسية علمي الثورة وتركيا.
النفوس والهويات
ترتبط دوائر النفوس في ريف حلب الشمالي، بولايتي هاتاي وكلّس وغازي عنتاب جنوبي تركيا، وتفرض هذه الدوائر على السكان في أغلب مناطق ريف حلب الشمالي استصدار بطاقات تعريفية تدخل بيانات حملتها من السوريين بنظام النفوس التركي.
كما تم ربط “تلويح” السيارات وتقديم شهادات قيادة المركبات، بالنظام التركي العام، والتي بدئ تنظيمها من قبل المجالس المحلية، في آب من عام 2018، ولم تتبلور في شكلها الحالي حتى آذار من العام الحالي.
وأطلق المجلس المحلي في أعزاز، في شهر آذار الماضي، شبكة مركزية مرتبطة بإدارة النفوس في المدينة وبالمؤسسات الخاصة بالنقل في ولاية كلّس، كذلك ترتبط بالولاية مكاتب المواصلات في المجالس المحلية في مدن وبلدات أخترين، وصوران، ومارع، والراعي، بينما ترتبط مدن الباب وبزاعة وقباسين بشبكة مركزية مع ولاية غازي عنتاب.
ما تبعات غلبة الطابع التركي في ريف حلب؟
يخلق الزحف الثقافي التركي في ريف حلب الشمالي مخاوف عبّر عنها السوريون، والمبنية على تساؤلات حول احتمالية وجود نيّة للتمدد التركي في الشمال السوري.
تلك المخاوف جاءت من استطلاع للرأي.. النسبة الأكبر (55٪) من المشاركين في الاستطلاع، والذين بلغ عددهم أكثر من 2300 يرون أنّ هذا الطابع مدفوع بسياسة تركية موجّهة. وكتب متابعون “إنّ الوجود التركي خطر على سوريا والشعب السوري”، وان ” أن لتركيا أهدافًا “توسعية لاستعادة الأراضي التي كانت تسيطر عليها الدولة العثمانية سابقًا”.
46٪ من المشاركين في الاستطلاع يعتقدون أن مبادرات المسؤولين المحليين في ريف حلب هي التي أتاحت المجال لظهور الطابع التركي في المنطقة.
سياسة ناعمة
مدير منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة”، بسام الأحمد يرى أن التسميات التركية التي أطلقت على الحدائق والمرافق العامة في ريف حلب لا تعتبر أمرًا مفروضًا من قبل تركيا، وهي في نفس الوقت ليست اجتهادًا فرديًا.
ويقول الأحمد، “يبدو أن هناك سياسية ناعمة لتتريك المنطقة، وتتريك المناطق العربية أو التي يشكل العرب الأغلبية منها، مثل الباب وجرابلس وأعزاز، وأيضًا المناطق ذات الغالبية الكردية متل عفرين”.
وبحسب الأحمد فإن سبب إطلاق التسميات هو ارتباط المجموعات العسكرية الموجودة في المنطقة بالحكومة التركية، إذ تحمل عدة مجموعات عسكرية في مسمياتها أسماء سلاطين أتراك، وعلى الجانب الآخر فإن رؤساء المجالس المحلية لا يعرفون الأسباب الحقيقية التي تقف وراء هذا الأمر.
ومن الواضح أن مناطق ريف حلب تشهد تغييرًا ثقافيًا، وفق الأحمد، معتبرًا، أن تتريك المناطق العربية يتم “بشكل واضح”، بينما يتم العمل على تتريك وتعريب مناطق أخرى كعفرين، “وهذا مؤشر خطير”، بحسب وصفه.
ويضيف أحمد، “نعم لدينا مشكلة مع النظام السوري، لكن الأرض سورية والثقافة سورية وعربية وكردية ونعتز بها، ونحترم الثقافة واللغة التركية، لكن هذا لا يعني تتريك أمور معينة، لأن الموضوع يخلق حساسيات كبيرة جدًا بين العرب والكرد والأتراك والتركمان من جهة أخرى”.
ما الأثر المستقبلي؟
هل يندرج إطلاق المسميات التركية على مرافق ريف حلب ضمن سياسة “تتريك” تعمل عليها تركيا في المنطقة، أم هي عبارة عن إجراء وليد المرحلة لا يمكن أن تكون له أبعاد أخرى؟ وما الأثر المستقبلي لهذه الخطوات، خاصةً أن المنطقة أصبحت تدار عسكريًا ومدنيًا بشكل كامل من الجانب التركي عبر الولايات التركية في كلّس وغازي عنتاب وهاتاي؟
بحسب بسام الأحمد فإن الآثار المستقبلية التي تقف وراء التسميات “خطيرة”، إذ تعتبر عمليات تغيير ديموغرافي لكن بالطريقة الناعمة، بحسب تعبيره.
ويوضح، “في بدايات النزاع السوري كان التغيير الديموغرافي واضحًا، أما في الوقت الحالي بعد الضجة الإعلامية والتوثيقات والحديث الذي يدور في الشارع عن الانتهاكات، فتحول الأمر إلى الصيغة الدبلوماسية بالطريقة الناعمة”.
الطريقة الناعمة للتغيير الديموغرافي تحتاج إلى عمل كبير لإثباتها، بحسب الأحمد، وبخصوص ريف حلب، تشهد المنطقة تعيين أشخاص ولاؤهم تركي، وإلى جانب ذلك ربطت المنطقة إداريًا وعسكريًا وسياسيًا بها.
ويشير إلى أنه “يجب على كل دولة أن تحترم سيادة واستقلالية الدول الثانية، بغض النظر عن الموقف من النظام الحالي لهذه الدولة”.
وفي الإطار السابق يرى الأحمد أن الجهات الإعلامية والمنظمات الحقوقية والسياسية وكثير من المنظمات الدولية لا يوجد لديها أي موقف جدي حول ما يحصل في مناطق “درع الفرات” و”غصن الزيتون”، بمعنى أنها صامتة “لأسباب سياسية أو قلة الحيادية وأسباب أخرى تتعلق بالانحياز”.
وبالمعنى القانوني الحقوقي يضيف الأحمد، “يجب على المنظمات أن تتخذ موقفًا بخصوص الانتهاكات، لأن العمل لا يقتصر على انتهاكات النظام السوري، بل يجب العمل على انتهاكات تركيا والقوات المرتبطة بها وقوات سوريا الديمقراطية، وأي طرف آخر”، مشيرًا إلى أن منطقة ريف حلب تعاني من تقصير كبير في التغطيات من قبل المنظمات الحقوقية، “وهو أمر مؤسف ويضر بمصداقيتها”.
يستمر ظهور المزيد من طرق ونماذج “الأتركة” في المناطق الخاضعة لنفوذ تركيا في شمال سوريا.
اعزاز