ناشدت عوائل ثلاث شبان اعتقلتهم السلطات التركية في مدينة نصيبين بتاريخ 1 كانون الثاني 2020 وسلمتهم إلى الفصائل المسلحة التي تسيطر على مدينة أعزاز بريف حلب عبر معبر باب السلامة الحدودي بالتدخل للإفراج عنهم.
والأشخاص الثلاثة من أهالي قرية تل جمال في ديريك بريف الحسكة ، وهم : ريوان على عثمان ( العمر 33 عاماً ، مواليد 1986) ، ليفان محمد نافع عثمان ( العمر 16 عاماً \مواليد 2004) ، يوسف محمد غربي مراد ( العمر 16 عاماً ، مواليد 2004).
أيمن عثمان ، ( وهو ابن عم ريوان وعم ليفان ) يروي الشهادة التالية : تمكن أبن عمي وابن اخي وقريب آخر لنا من دخول الأراضي التركية عبر مهربين بتاريخ 30 كانون الأول 2019 ، وقضوا ليلة واحدة عند ( شخص من أهالي نصيبين التركية وهو من طرف المهرب السوري ) مقابل 100 دولار مبيت لليلة واحدة ، واتفقوا معه ليوصلهم إلى مدينة اسطنبول حيث كانوا يخططون للعبور باتجاه إحدى الدول الأوروبية. لكن المهرب التركي قام بتسليمهم في اليوم التالي إلى الجيش التركي ، بتاريخ 1 \ 1 2020 الذين بدورهم قاموا باعادتهم ( قسرا ) إلى الأراضي السورية ، وسلموهم إلى المسلحين في مدينة أعزاز بريف حلب عبر معبر باب السلامة بتاريخ 3 \ 1 \ 2020.
عثمان أشار أنّهم تلقوا آخر رسالة من ( ريوان ) بتاريخ الثالث من كانون الثاني 2020 أكد فيها أنّهم تعرضوا للإهانة والضرب من الجنود الأتراك ، وأنّ الأتراك اتهموهم بأنّهم من عناصر قوات سوريا الديمقراطية ، ولم يسمح لهم بالدفاع عن أنفسهم.
أضاف عثمان ” منذ ذلك التاريخ انقطع الاتصال بيننا ، لكن تمكنا وعبر وسطاء وسماسرة من معرفة أنّ الشبان الثلاثة موجودون الآن في سجن ( كفر جنة ) في مدينة عفرين الخاضعة لسيطرة جهاز المخابرات التركي. وأشار ايضا أنّهم حصوا على معلومات تفيد بإعادتهم إلى سجن بمدينة أعزاز.
وناشد عثمان المنظمات الحقوقية الأممية بالتدخل والضغط على من يحتجز أفراد من عائلته منذ سنة ونصف بدون تهمة وبدون عرضهم على أيًة محاكمة أو السماح لأحد بزيارتهم أو توكيل محامي للدفاع عنهم، وطالب بحمايتهم ، والتدخل للإفراج عنهم ، مؤكدا تعرضهم للتعذيب لفترات طويلة بهدف إجبارهم على ادعاء إنّهم كانوا من عناصر قوات سوريا الديمقراطية.
تركيا تنتهك مجددا تعهداتها بتنفيذ مخطط إعادة السوريين قسرا إلى بلدهم ، وتسليمهم ‘لى جماعات مسلحة موالية لها ، وهي تدرك أنّ مصير هؤلاء لن يكون آمنا بأي حال. فهي لم توجَّه أيّة تهمة للأشخاص الـ3، الذين احتُجزتهم قبل ترحيلهم، ولم يُسمح لهم بالطعن في احتجازهم أمام موظفي الهجرة أو أمام القاضي. رغم أنّ القوانين التركية تضمن تمثيل أيّ شخص يتم ترحيله، توكيل محام حيث أنّهم رُحِّلوا بسرعة مستخدمين العنف.
ندعوا الحكومة التركية بالالتزام بتعهداتها أمام الاتحاد الأوربي و السماح لـ”المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين” الوصول بحرّية إلى مراكز الترحيل للإشراف على إجراءات موافقة السوريين على إعادتهم إلى سوريا والتأكد من أنّها طوعية، ولمراقبة المقابلات و إجراءات الترحيل لضمان عدم استخدام الشرطة أو مسؤولي الهجرة العنف ضد السوريين أو الأجانب الآخرين.
تركيا طرف في “العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية” و”الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان” اللذان يحظران التوقيف والاحتجاز التعسفي والمعاملة غير الإنسانية والمهينة. إذا احتجزت تركيا شخصا بنيّة ترحيله في ظل انعدام إمكانية واقعية لفعل بذلك، بما في ذلك بسبب احتمال تعرضه للأذى في بلده، أو أنّ الشخص لا يمكنه الاعتراض على ترحيله، يكون الاحتجاز تعسفيا. أي سوري مشتبه بانتهاكه القانون التركي المدني أو الجنائي يجب محاكمته فقط في حال توجيه تهمة رسمية له ويجب أن يحصل على فرصة الدفاع عن نفسه في المحكمة أو يُفرَج عنه.
تركيا ملزَمة بقاعدة عدم الإعادة القسرية بموجب القانون الدولي العرفي، والتي تحظر إعادة أي شخص بأي شكل من الأشكال إلى مكان يواجه فيه خطرا حقيقيا بالاضطهاد أو التعذيب أو غيره من ضروب سوء المعاملة أو تهديد الحياة. ليس مسموحا لتركيا أن تستخدم العنف أو التهديد بالعنف أو الاحتجاز لإجبار الناس على العودة إلى أماكن حيث قد يتعرضون للأذى. يشمل ذلك طالبي اللجوء السوريين الذين ينطبق عليهم قانون الحماية المؤقتة التركي، بمن فيهم الذين مُنعوا من التسجيل للحماية المؤقتة منذ أواخر 2017.
يعتبر الاتحاد الأوروبي، بموجب اتفاقه مع تركيا في 16 مارس/آذار، إنّ تركيا بلد ثالث آمن لإعادة طالبي اللجوء السوريين إليه. لم تلتزم تركيا أبدا بمعايير الاتحاد الأوروبي للبلد الثالث الآمن، والترحيلات القسرية تؤكد ذلك.
أنفق الاتحاد الأوروبي 55 مليون يورو على الأقل لدعم مراكز استقبال واحتجاز المهاجرين في تركيا بين 2011 و2015 واستمر بدعم إدارة الهجرة بموجب اتفاق 2016. رغم ذلك تصلنا المزيد من حالات الترحيل القسرية ، ومن يتم ترحيلهم يختفون في سجون الفصائل المسلحة بإدلب أو اعزاز أو عفرين وهي مناطق خاضعة لسيطرة مسلحين متشددين تدعمهم تركيا. يجب على “المفوضية الأوروبية” أن تنشر تقارير حول عمليات الترحيل التي تقوم بها تركيا إلى سوريا، وعليها مع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي أن تدعو تركيا علنا إلى إيقاف الترحيل والسماح للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين الإشراف على إذا ما كان السوريون المحتجزون يريدون البقاء في تركيا أو العودة طوعا إلى سوريا وإلى مدن لن يشكل وصولهم إليها خطرا على حياتهم ، كان يمكن لتركيا إعادة هؤلاء الأشخاص الثلاثة عبر معبر ( نصيبين \ القامشلي ) في الحسكة كان ذلك على الأقل يضمن سلامة هؤلاء وهم في الأراضي السوري لا أنّها تسلمهم إلى فصائل اعزاز بريف حلب.
سياسات تركيا التقييدية المتزايدة تجاه اللاجئين السوريين:
أقفلت تركيا حدودها مع سوريا، رغم أنّها تزعم إنّها تتبع سياسات الحدود المفتوحة للفارين من مناطق القتال التي هي طرف أساسي فيه، حيث تدعم جماعات متمردة تقاتل نظام حكم الرئيس السوري بشار الأسد منذ 2012 ، اغلاق الحدود جعل آلاف السوريين بدون مساعدة في مخيمات نزوح وقرى على الجانب الآخر من الحدود المقفلة. قام حراس الحدود الأتراك بعمليات إعادة جماعية بإجراءات موجزة وقتلوا وجرحوا سوريين كانوا يحاولون العبور.
ونفذ حرس الحدود الأتراك عمليات صدّ جماعية شاملة ضد اللاجئين. فقتلوا وجرحوا السوريين الذين حاولوا العبور ، حتى تاريخ 22 نيسان 2021 قتل 493 لاجئ سوري برصاص الجنود الأتراك، بينهم ( 94 طفلا دون سن 18 عاماً، و 65 امرأة)، وذلك حتى نهاية آذار 2021 كما ارتفع عدد الجرحى والمصابين بطلق ناري أو اعتداء إلى 635 شخص وهم من الذين يحاولون اجتياز الحدود أو من سكان القرى والبلدات السورية الحدودية أو المزارعين، وأصحاب الأراضي المتاخمة للحدود حيث يتم استهدافهم من قبل الجندرمة بالرصاص الحي.
على تركيا أن تنهي هذه الانتهاكات بوضوح، وينبغي للاتحاد الأوروبي أيضا تغيير مسار سياساته الإشكالية تجاه اللاجئين السوريين.
على المفوضية الأوروبية أن تعترف علانية وبشكل عاجل بإنّ تركيا ترتكب انتهاكات جسيمة ضد السوريين، وأن تضغط على تركيا لوضع حد لهذه الانتهاكات، وأن تضغط على “المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة” لمراقبة ما إذا كان السوريون المحتجزون في مراكز ترحيل المهاجرين أو غيرها من المرافق يودّون فعلا البقاء في تركيا.