قال مكتب الأمم المتحدة للشؤون الانسانية إن أكثر من 30 ألف شخص فروا من منازلهم في شمال غرب سوريا منذ أن استأنف الجيش والقوات المتحالفة القصف الأسبوع الماضي. وأضاف أنّ أي هجوم عسكري قد يتسبب في أسوأ كارثة إنسانية في القرن الحادي والعشرين.
وتواصل تركيا تعزيزاتها العسكرية على الحدود مع سوريا وداخل المدينة الواقعة في شمال غربي سوريا، وطلب الجيش التركي من فصائل سورية تابعة له كانت تقاتل سابقا تحت راية «الجيش السوري الحر» بالتعبئة والتحضير لمختلف السيناريوهات،وجهزت قسم منهم للدفع إلى إدلب.
ووصلت إلى ولاية كليس، جنوب تركيا، أمس (الثلاثاء)، قافلة تعزيزات عسكرية جديدة، لدعم الوحدات التركية المتمركزة على الحدود مع سوريا قادمة من وحدات مختلفة في البلاد؛ حيث توجهت إلى الحدود مع سوريا لتعزيز القوات المنتشرة على امتدادها، وسط تدابير أمنية مشددة.
ورفع الجيش التركي من مستوى تعزيزاته على حدوده الجنوبية، في ظل توتر تشهده منطقة إدلب، شمال سوريا لا سيما بعد فشل الرئيس التركي في مساعيه في الحصول على وقف اطلاق نار في المدينة في القمّة التي جمعته مع الرئيس الروسي والايراني في طهران.
ويتصاعد التوتر في ظل استعدادات النظام السوري وحلفائه لشن عملية عسكرية على إدلب، وهي آخر محافظة سورية تسيطر عليها فصائل المعارضة، ويقطنها نحو 3.5 مليون نسمة، غالبيتهم من النازحين. وكشفت تقارير صحافية تركية عن أنّ الجيش التركي طلب من الفصائل السورية المتحالفة معه إعلان الاستنفار والاستعداد لنقل وحدات كبيرة من محافظة حلب إلى إدلب المجاورة في شمال سوريا.
وقالت صحيفة «يني شفق»، القريبة من الحكومة التركية، إنّ الجيش أصدر تعليمات إلى وحدات الجيش السوري الحر المتمركزة على طول خط عفرين وإعزاز وجرابلس والباب والراعي، بالاستعداد للحشد العسكري. وأضافت أنّ قيادة القوات التركية طلبت في التعليمات المرسلة إلى الجيش السوري الحر تقديم تقارير عن أعداد الجنود وكميات الأسلحة والذخائر المتوفرة لديهم، والاستعداد للتعبئة العسكرية.
وأشار التقرير إلى أنّ تركيا تخطط للعمل في إدلب عبر واجهة «الجيش الوطني السوري»، الذي يجري إنشاؤه شمال سوريا منذ أوائل العام الحالي (2018) في مناطق عمليتي «درع الفرات» و«غصن الزيتون» من المقاتلين الناشطين في إطار فصائل «الجيش السوري الحر»، وتتضمن هذه القوة حاليا 30 ألف عنصر.
ولفتت الصحيفة إلى أنّهُ في الوقت الذي سيبقى فيه 10 آلاف منهم في المنطقة، سيتم نقل 20 ألفا إلى إدلب. وبتجمع كافة الفصائل فيها يكون قد بلغ عدد المقاتلين إلى 30 ألف مقاتل.
وفي السياق ذاته، كشفت الصحيفة عن أنّ تركيا نشرت على الأراضي السورية منذ عام 2016 نحو 30 ألف جندي، كما تعزز حاليا قواتها في المنطقة بكثافة وبسرعة تحسباً لهجوم النظام على إدلب.
وأوضحت الصحيفة أنّ الجيش التركي قام بـ«مضاعفة عدد الدبابات والمدرعات الموجودة على الحدود السورية خلال الأسبوعين الماضيين»، كما عزز «المواقع الاستراتيجية بقاذفات الصواريخ وبطاريات المدفعية».
وأشارت إلى أنّ عدد الجنود الأتراك المتمركزين على طول الحدود مع سوريا تجاوز 30 ألف جندي موزعين على مناطق عمليتي «درع الفرات» و«غصن الزيتون» و12 نقطة مراقبة على طول خط إدلب.
ويرى محللون أنّ تحرك الجيش التركي على الحدود مع سوريا لا يحمل طبيعة دفاعية، بقدر ما هو انتشار يحمل طابع البدء في عملية عسكرية.
كما وانّه من المرجح أن تعزز تركيا 12 مركز مراقبة، تقع على طول محيط إدلب، وفقاً لما تنص عليه اتفاقيات أستانا. ومن جهتها، أشارت وسائل الإعلام التركية إلى حرص أنقرة على نشر المعدات فقط على الحدود السورية. وبدورها، ذكرت وكالة Anadolu أنّ مدافع الهاوتزر والدبابات والمركبات المدرعة وصلت إلى منطقة كلس التركية، لتعزيز الحدود السورية.
ونقلت عن مصادر عسكرية أنّ الجيش التركي شكل درعا حدوديا في المنطقة الواقعة بين يايلاداغي في هطاي (جنوب تركيا) وأطمة السورية، كما نقل الوحدات العاملة ضمن عمليتي «درع الفرات» و«غصن الزيتون» إلى حدود إدلب.
وأشارت الصحيفة إلى أنّ تركيا «تعتزم ألا تقف موقف المتفرج» حيال هجوم قوات الأسد على إدلب الذي تقول إنّه سيؤدي إلى كارثة إنسانية بسبب وجود ملايين المدنيين الأبرياء في المنطقة.
وفي غضون ذلك، دعا وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، إلى وقف كل الهجمات الجوية والبرية على محافظة إدلب وضمان عمل نظام الهدنة في هذه المنطقة، موضحا أنّ ذلك يمثل «الهدف الأهم» لتركيا هناك.
وقال أكار، في تصريحات ليلة أول من أمس: «إنّنا نريد أن يستمر عمل نظام وقف إطلاق النار في إدلب، وهذا أمر ضروري… الهدف الأهم أمامنا هو وقف جميع الهجمات البرية والجوية على إدلب في أقرب وقت ممكن وتحقيق الهدنة والاستقرار في المنطقة».
وفي مقال نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال»، دعا الرئيس التركي رجب طيب إردوغان المجتمع الدولي أيضاً للتحرك بشأن إدلب. وحذر من أنّ «العالم بأكمله سيدفع الثمن» إذا حدث غير ذلك.
وأضاف إردوغان أنّه «على كل أعضاء المجتمع الدولي أن يدركوا مسؤولياتهم في الوقت الذي يلوح فيه هجوم إدلب في الأفق. عواقب التقاعس ستكون كبيرة.. وأي هجوم للنظام سيخلق مخاطر إنسانية وأمنية كبيرة لتركيا وباقي أوروبا وغيرهما».
وأضاف أنّ روسيا وإيران مسؤولتان عن الحيلولة دون وقوع كارثة إنسانية في إدلب.
من جانبه، قال المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا عمر تشيليك إنّ بلاده تواصل مشاوراتها سواء عبر السبل الدبلوماسية وغيرها بخصوص التطورات في إدلب. وأضاف، في تصريحات، أنّه «بالتوازي مع مواصلة المشاورات مع روسيا وإيران، فإنّ تركيا تواصل عملها كجسر بين مساري (جنيف) و(آستانة) بخصوص سوريا».