ببساطة تخشى تركيا العنصرية منذ قيامها على أنقاض شعوب وثقافات كثيرة في الشرق الأوسط قيام أيّة ديمقراطية حقيقية بجوارها تعترف بالحرية والتعددية وحقوق الإنسان، فتركيا نفسها قامت على أنقاض تدمير كل هذه الأمور المذكورة وتمنع الديمقراطية والرفاهية حتى عن شعبها لإنّ الديمقراطية تعني ببساطة ذوبان العنصرية التركية وتكشف وجهها الحقيقي القائم على تدمير الثقافات الأخرى ونهب تراثها لإثبات ادعاء وجود شيء اسمه ثقافة وتاريخ وحضارة تركية طورانية! الاتحاد الأوربي عرض هذه الفرصة على تركيا لتكون دولة ديمقراطية وعضواً في الاتحاد الأوربي مع الاستمتاع بكل مزايا الانضمام إليه، ولكن المماطلة التركية واضحة للعيان، فتركيا الطورانية على يقين أنّ القبول بمبادئ الاتحاد يعني كشف عورة تركيا القذرة وكذلك جرائمها الإنسانية والثقافية.
تركيا التي تتخلى عن ميزة تجلب لشعبها الرفاه والازدهار خوفا من انهيار قلعتها العنصرية القائمة على حساب حرية وحضارة الشعوب التي تضطهدها كيف لها أن تقبل بدولة على حدودها تعيش ديمقراطية حقيقية وهناك تداخل في النسيج القومي والاجتماعي معها! تركيا بذلت لهذا السبب كل الوسائل لمنع قيام هذه الديمقراطية، حيث بدأت بالتآمر على الثورة السليمة عندما فتحت حدودها للسلاح والإرهاب باتجاه سورية وقامت بتدمير البنية الاقتصادية ونهب المصانع عصب الاقتصاد السوري في حلب وادعت الإنسانية عندما فتحت الحدود حيث كان الأمر المراد منه طبعاً إدخال أكبر قدر ممكن من الحاضنة الإخوانية إلى سوريا وتهيئتها من أجل مستقبل سيطرة الإخوان على مقاليد الحكم الذين تلاقت مصلحتهم مع مصلحة تركيا، حيث هم أنفسهم لا يؤمنون بشي اسمه حرية وديمقراطية وهذا نهج فكري متأصل في فلسفتهم السياسية القائمة على قمع كل ما هو ليس بعربي سني إخواني.
الإخوان هم جماعة انتهازية استغلت على مر التاريخ الحديث رغبة البسطاء في الحرية والكرامة لمصلحتها الأيديولوجية القذرة وتسببت في تدمير أسس حياة البسطاء من حماه إلى مصر وإلى سوريا مجدداً عندما قامت ثورة شعبية شاملة متجاوزة كل الانتماءات القومية والحزبية والدينية! استفاد الإخوان في سورية من أخطائهم في مصر بعدم تحييد الجيش وتدميره من خلال تدمير اللبنة الحقيقة الأولى لجيش سوري عقائدي حر.
خطط الإخوان بدأت بتسليم هرموش بمساعدة سلطانهم أردوغان إلى النظام السوري وكما أرسلوا رسالة قوية إلى باقي الضباط الأحرار من خلال محاولات الاغتيال إضافة إلى شراء بعض الذمم مثل سليم إدريس وعبد الجبار عكيدي وغيرهم وإسكات بعض الأصوات مثل أحمد رحال وغيره من خلال السجن والتصفية، كما أنّ تدمير الجيش الحر الذي حمل شعار حماية سورية وشعبها من الظلم و الديكتاتورية وملاحقة عناصره وتصفيتهم من قبل الإخوان وتركيا هو خير دليل على ذلك. هذه المحاولة التركية الإخوانية توجت بإنشاء جيش مسمى ظلماً بالوطني، حيث تخلى عن كل شيء اسمه ومعناه وطني وأصبح رأس حربة ومرتزق لحماية مصلحة تركيا العنصرية وتدمير أية محالات أخرى لبناء كيان ديموقراطي أو مؤمن بالحرية والتعددية.
ومن يتتبع مسار تدخل تركيا في الثورة السورية يرى جلياً هذا النهج التركي الذي عمل منذ اليوم الأول على تدمير الثورة وبكل الوسائل والإمكانات الاتفاقات المريبة التي كان الإخوان أول المباركين والمهللين والمشاركين فيها ‘سوتشي وأستانا’.
الشعب السوري الذي خرج بكل أطيافه من أجل الحرية والعدالة والإنسانية والكرامة والتعددية تحول إلى شعب لاجئ يعاني الأمرين في الداخل ودول اللجوء المتعددة ويموت على طرقات اللجوء الخطرة غرقاً وجوعاً وبرداً يدفع ضريبة تلاقي مصالح أقذر نهجين في الشرق الأوسط والعالم الإسلامي “الطورانية والإخوان”.
المؤلف : محمد علي، سويسرا.
المقالة تعبر عن رأي كاتبها