أعلنت تركيا في 20 يناير 2018 شن حملة عسكرية عبر الحدود في منطقة عفرين. وبعد هجوم استمر شهرين استخدمت فيه تركيا القصف الجوي، ومختلف أنواع الأسلحة الثقيلة وقصف المدن والقرى والبلدات الآهلة بالسكان، وتحديدا في 17 مارس 2018، أحكمت القوات التركية ومجموعات سوريا مسلحة كانت سابقا تقاتل تحت راية “الجيش السوري الحر” سيطرتها على المدينة الرئيسية في المنطقة وفور السيطرة نشرت صور وفيديوهات لعمليات واسعة للنهب والسرقات وخطف المدنيين.
ومع حلول الذكرى الثالثة لاحتلال مدينة عفرين، والتي للمفارقة أطلقت عليها تركيا اسم عملية (غصن الزيتون). واستندت تركيا في الدفاع عن شرعية غزوها لعفرين إلى متطلبات حماية أمنها القومي من التهديد المتمثل في وحدات حماية الشعب كذريعة لتطبيق خطط التغيير الديمغرافي والتهجير وتوطين الموالين لها واطلاق يد ميليشياتها في النهب والسرقة والخطف والاغتصاب وجرائم وثقتها منظمات حقوق الإنسان والمنظمات الاممية.
في غضون ذلك، قال المسؤولون الأتراك إنّهم يعتزمون نقل المعركة ضد الأكراد إلى شمال شرق سوريا والعراق بمزاعم ارتباط وحدات حماية الشعب بحزب العمال الكردستاني، الذي يخوض صراعا مريرا منذ أربعة عقود من أجل الحقوق الثقافية الكردية في تركيا.
وبالفعل أطلقت تركيا حملة بعد توافق مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وهاجمت على مواقع قوات سوريا الديمقراطية بدأ من 9 أكتوبر 2019 وتمكنت من السيطرة على منطقتي تل أبيض التي يطلق عليها الأكراد أسم كري سبي، ورأس العين المسماة ب سري كاني، في هجوم لاقى تنديدا دوليا واسعا وتسبب في نزوح قرابة 350 ألفا من السكان، وانتهاكات وجرائم وصلت حد الإبادة.
ما جرى في عفرين و المناطق التي غزتها تركيا في شرقي الفرات كشف إنّ الادعاءات التركية في أنّ حربها موجهة ضد حزب بعينه كاذبة، فالانتهاكات والجرائم اليومية التي تجري فيها بحق السكان المحليين وعمليات قتل والتهجير والتطهير العرقية والتغيير الديمغرافي تثبت أنّ تركيا تستهدف بالفعل الأكراد بغض النظر عن ولاءاتهم السياسية، وإنّ خطتها تهدف أساسا لتهجيرهم أو قتلهم كما قال الرئيس التركي ووزير دفاعه ودفنهم في خنادقهم…فتركيا لها هدف يكمل الاحتلال وهو التهجير وهو ما بدا واضحا في كل خطابات الرئيس التركي حول اعتزامه توطين مليون، ثم زاد الرقم إلى مليونين وثلاث ملايين في المناطق التي يقطنها الأكراد حاليا، وأعلن قبيل أيام أنّه بدأ بالفعل في مشروع التوطين.
منذ تمكن القوات التركية والفصائل المسلحة الإسلامية في الـ 19 من آذار / مارس 2018، من احتلال منطقة عفرين بعد عملية عسكرية تحت مسمى “غصن الزيتون” في الـ 20 من كانون الثاني / يناير من العام ذاته لم تتوقف الجرائم بحق السكان، العملية العسكرية تمت بمساندة من مجموعات الذئاب الرمادية التركية والطائرات الحربية \1042 غارة\ والمروحية التركية واستمرت مدة شهرين /59 يوم/ مسببة دمار هائل في البنية التحتية وفي ممتلكات المواطنين وفي مجازر وقتل تسبب في استشهاد 380 مدني بينهم 55 طفلاً و 36 امرأة، من المواطنين الكرد والعرب، غالبيتهم ممن قضوا في القصف الجوي والمدفعي والصاروخي التركي، وفي إعدامات طالت عدة مواطنين في منطقة عفرين، وقتل تحت التعذيب، إضافة لجرح المئات وتشريد مئات آلاف آخرين، بقيت الانتهاكات والممارسات اللاإنسانية حصة من تبقى من سكان منطقة عفرين ممن رفضوا الخروج من المنطقة، وترك منازلهم ومزارعهم للقوات التركية والفصائل التي نهبت وعفَّشت وسرقت واستولت على ممتلكات المدنيين والممتلكات الخاصة والعامة في كامل منطقة عفرين.
إضافة إلى فرض الإتاوات تحت اسم الزكاة، تهجير السكان من منازلهم لتحويلها إلى جوامع، إجبار الإيزيديين على الصلاة، منع الأهالي من التوجه لبساتينهم ومنع حصادها، مصادر أراضيهم واستثمارها والاستيلاء عليها وعلى ممتلكاتهم ومنازلهم. ومصادرة محصول الزيتون والأشجار واحتطابها وبيعها.
انتهاكات ترتقي لمستوى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي بموجب القانون الدولي لن تسقط بالتقادم، ولن يفلت مرتكبوها من العقاب:
في الأيام الأخيرة للهجوم، قصفت القوات المسلحة التركية مستشفى في منطقة عفرين في الوقت الذي كان فيه مئات الجرحى بحاجة إلى رعاية طبية كما وكانت تستهدف الحافلات الصغيرة التي يستخدمها الناس للتنقل والهروب من القرى التي كانت يدخلها الأتراك. حيث قتل في 16 مارس أكثر من 12 مدني كانوا يستقلون حافلة بغارة التركية، وأصيب 17 آخرون وقتل 4 في غارة لطائرة بدون طيار استهدفت سيارة على طريق راجو باتجاه عفرين.
الولايات المتحدة وألمانيا شجبوا العملية التركية على اعتبار أنّها زادت من معاناة السوريين، لكن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان رفض هذه الانتقادات، ونقلت عنه مجلة الإيكونوميست قوله: “لم نتسبب ولا حتى بنزيف لمدني واحد من أنفه” وهو ما تنفيه التقارير الصحافية والحقوقية، ومشاهد كان التلفزيون التركي ينقلها عن خطأ وتضمنت اعترافات باستهداف المدنيين، لا سيما وأنّ تركيا ورغم مرور عام ترفض لأيّة منظمة دولية الدخول وفهم حقيقة ما يجري في عفرين، وترفض للصحفيين المحليين بالعمل والتحرك فيها، وفرضت حظرا على دخول أية وكالة عالمية أو صحيفة.. لكنها نظمت جولة لصحفيين ضمن منطقة جغرافية مغلقة، وأتت بأناس من خارج عفرين لنقل رواية مغايرة عما يحدث فيها من انتهاكات.
بعد الاحتلال التركي للمدينة دعا المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان تركيا لضمان الالتزام بالقانون الدولي الإنساني
وذكر تقرير للمفوضية في يونيو 2018 “لايزال المدنيون الذين يعيشون الآن في المناطق الخاضعة لسيطرة القوات التركية والجماعات المسلحة التابعة لها يواجهون صعوبات، والتي قد ترقى في بعض الحالات إلى مستوى انتهاكات القانون الدولي الإنساني وانتهاكات أو تجاوزات للقانون الدولي لحقوق الإنسان”.
وفي أغسطس 2018، قالت منظمة العفو الدولية إنّ القوات التركية أطلقت يد جماعات مسلحة سورية لارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان بحق المدنيين في عفرين، وذلك بعد أجرت تحقيقا مفصلا عن سير الحياة في المدينة في ظل الاحتلال العسكري التركي.
وأظهرت تحقيقات منظمة العفو الدولية أنّ سكان عفرين تعرضوا لانتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان، معظمها على أيدي الجماعات المسلحة السورية المدعومة من تركيا.
وقالت المنظمة في تقريرها إنّ تلك الانتهاكات “تشمل الاعتقالات التعسفية والاختطاف القسري ومصادرة الممتلكات وأعمال النهب التي غضت القوات المسلحة التركية الطرف عنها”.
وقالت لين معلوف، مديرة بحوث الشرق الأوسط بمنظمة العفو الدولية، في الأول من أغسطس 2018: “سمعنا قصصاً مروعة عمن تعرضوا للاعتقال أو التعذيب أو الإخفاء القسري على أيدي الجماعات المسلحة السورية التي ما برحت تلحق الدمار بالمدنيين بلا ضابط أو رادع من القوات التركية”.
كما أصدرت منظمة (هيومن رايتس ووتش) تقريرا موسعا حول انتهاكات حقوق الإنسان في عفرين، ذكرت فيه أنّ الجماعات المسلحة السورية التي تعمل مع القوات التركية قامت بنهب وتدمير ممتلكات المدنيين في مدينة عفرين والقرى المحيطة بها، مما ضاعف من محنة المدنيين هناك.
وقالت المنظمة إنّ “المدنيين انقطعت بهم السبل في مناطق ذات موارد محدودة من الغذاء والمياه النظيفة والإمدادات الطبية”، مضيفة أنّ القوات التركية وحلفاءها من الفصائل المسلحة صادرت ممتلكات المدنيين، وفي بعض الحالات كانت تهدد السكان بالقتل أو بالعنف.
ووفقا لتقديرات الأمم المتحدة، أدى الصراع إلى نزوح ما لا يقل عن 137 ألف شخص من عفرين، فيما لايزال ما بين 50 و70 ألفا موجودين في المدينة.
وذكر تقرير الأمم المتحدة في مارس 2018: “من منظور الحماية، لايزال الوضع في منطقة عفرين مثيرا للقلق. وتفيد المعلومات الواردة إلينا بأنّ حوادث النهب ومصادرة الممتلكات والتهديد باستخدام العنف ضد المدنيين لايزال مستمر ولكن على نطاق أضيق مما تم الإبلاغ عنه سابقا في 18 مارس”.
وفي 11 سبتمبر 2019 أصدر مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة تقريرا اتهم فيه تركيا وجماعات المعارضة المسلحة بارتكاب جرائم حرب في عفرين.
وأشارت “لجنة الأمم المتحدة للتحقيق بشأن سوريا” في تقريرها إلى استمرار الأوضاع المأساوية في مدينة عفرين، الخاضعة لسيطرة القوات المسلحة التركية، وجماعات المعارضة السورية المسلحة التابعة لها.
التقرير أفضى إلى أن أفراد الجماعات المسلحة في عفرين لايزالون يرتكبون “جرائم حرب” تتمثل في أخذ الرهائن والمعاملة القاسية والتعذيب والنهب.
في 14 أيلول /سبتمبر 2020 حذّرت كل من مفوّضة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان ولجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا، من تردي حالة حقوق الإنسان في مناطق محدّدة من شمال سوريا وشمال غربها وشمال شرقها والتي تقع تحت سيطرة القوات التركية والجماعات المسلحة الموالية لها، في ظلّ تفشّي العنف والإجرام.
وتجاهلت تركيا التقريرين الأمميين وهو ما تسبب في تصاعد وتيرة الانتهاكات إجمالا من قبل الميليشيات الموالية لها ومن قبل قواتها وزيادة في عمليات قصف القرى الآهلة بالسكان في ريف الرقة والحسكة وحلب.
وأشارت مفوضيّة الأمم المتّحدة لحقوق الإنسان إلى نمط مقلق من الانتهاكات الجسيمة، ساد خلال الأشهر الأخيرة في المناطق المذكورة، بما في ذلك في عفرين ورأس العين وتل أبيض، حيث تمّ توثيق تفاقم عمليات القتل والخطف والنقل غير القانوني للأشخاص ومصادرة الأراضي والممتلكات وعمليات الإخلاء القسري.
ومن بين الضحايا أشخاص ينظر إليهم على أنّهم متحالفون مع أحزاب معارِضة أو ينتقدون تصرّفات الجماعات المسلّحة الموالية لتركيا. ومن بين الضحايا أيضاً أشخاص يُعتَبَر أنّهم أثرياء لدرجة تكفي لدفع فدية. كما أنّ الاشتباكات الداخلية المتزايدة بين مختلف الجماعات المسلحة الموالية لتركيا على خلفيّة تقاسم السلطة، ومن دون إيلاء أي اهتمام يُذكَر لسلامة السكان المحليين، لايزال يتسبّب بوقوع ضحايا مدنيين ويدمّر البنية التحتية.
ففي الفترة الممتدّة بين 1 كانون الثاني/ يناير و14 أيلول/ سبتمبر 2020، تحقّقت مفوضيّة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان من مقتل ما لا يقل عن 116 مدنياً بعبوات ناسفة استخدمها مرتكبون مجهولوا الهوية، وبسبب متفجرات من مخلفات الحرب. ومن بين القتلى 15 امرأة و20 طفلًا من الذكور وطفلتان. كما أصيب حوالي 463 مدنيًا بجروح.
واستولت الجماعات المسلّحة الموالية لتركيا على منازل المدنيين وأراضيهم وغيرها من الممتلكات الخاصة والتجارية ونهبتها من دون أي ضرورة عسكرية ظاهرة، كما احتلت مع عائلاتها العديد من تلك الممتلكات.
ووثّقت مفوضية الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان خطف واختفاء مدنيين، بمن فيهم نساء وأطفال، وغيرها من الانتهاكات الخطيرة الأخرى لحقوق الإنسان. ولايزال مصير بعض هؤلاء المعتقلين والمخطوفين مجهولاً.
ودعت المفوّضة السامية السلطات التركية إلى احترام القانون الدولي وضمان وقف الانتهاكات التي ترتكبها الجماعات المسلحة الخاضعة لسيطرة تركيا الفعلية.”
وأضافت: “يحق للأشخاص الذين يعيشون في هذه المناطق، وقد انتهكت حقوقهم، الحصول على الحماية والتعويض. وفي هذا الصدد، أحثّ تركيا على إطلاق تحقيق فوري ونزيه وشفاف ومستقل في الحوادث التي تحقّقنا منها، والكشف عن مصير المحتجزين والمخطوفين من قبل الجماعات المسلحة الموالية لها، ومحاسبة المسؤولين عما قد يرقى في بعض الحالات إلى مستوى الجرائم الحرب بموجب القانون الدولي”.
وأكّدت: “ويبقى هذا الأمر بالغ الأهمية بما أنّنا تلقّينا تقارير مقلقة تزعم نقل بعض المعتقلين والمخطوفين إلى تركيا بعدما اعتقلتهم مجموعات مسلّحة موالية لتركيا في سوريا.”
كما أعربت المفوضة السامية عن قلقها المستمر من استخدام الخدمات الأساسية مثل المياه والكهرباء كسلاح حرب. فقد قطعت الجماعات المسلحة الموالية لتركيا، التي تسيطر على محطة علوك لضخ المياه في رأس العين، المياه بشكل متكرّر، ما أثّر على وصول المياه إلى حوالي مليون شخص في مدينة الحسكة والمناطق المحيطة بها، بمن فيهم النازحون الأكثر ضعفًا القاطنين في مختلف مخيمات النازحين داخلياً.
وذكّرت المفوضة السامية بأنّ القانون الدولي يحظّر تدمير أو نقل أو تعطيل الأعيان، مثل منشآت المياه، التي لا غنى عنها لسلامة وديمومة حياة السكان المدنيين.
فقالت: “نعود لنحذّر من جديد، بأنّ إعاقة الوصول إلى المياه والصرف الصحي والكهرباء تعرّض حياة أعداد كبيرة من الناس للخطر. ويزداد هذا الخطر حدّة وتفاقمًا في ظلّ تفشي جائحة عالمية (كورونا).”
من جهتها قالت لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا في تقرير صدر يوم 14 أغسطس 2020 أنّ الفصائل السورية المسلحة الموالية لتركيا ارتكبت جرائم حرب في ثلاث مناطق رئيسية تسيطر عليها بدعم من الحكومة التركية. كما وحمل الحكومة التركية المسؤولية. التقرير نشر بناء على التحقيقات التي أجريت في الفترة من 11 كانون الثاني / يناير 2020 إلى 1 تموز / يوليو 2020 تحدثت كذلك عن عودة خلايا داعش للنشاط وتنفيذ عدة هجمات.
وأشار التقرير أنّ المدنيين المقيمون في منطقتي عفرين ورأس العين بمحافظتي حلب والحسكة، تعرضوا لانتهاكات فظيعة من قبل عناصر من الجيش الوطني السوري ( الموالي لتركيا )، فضلاً عن عمليات قصف وسقوط ضحايا نتيجة العبوات الناسفة في ظل فلتان أمني وفوضى في مناطق خاضعة لتركيا شمال سوريا.
وأكد التقرير وجود أنماط متكررة من النهب المنهجي والاستيلاء على الممتلكات، فضلاً عن الاعتقال التعسفي وهي انتهاكات ترتكبها مختلف ألوية الجيش الوطني السوري في عفرين (ريف حلب) وبلدة رأس العين ( ريف الحسكة )، حيث احتل مسلحوا الجيش الوطني السوري وعائلاتهم المنازل بعد فرار المدنيين، وتهجيرهم، ومعظمهم من أصل كردي، عن طريق التهديدات والابتزاز والقتل والاختطاف والتعذيب والاحتجاز.
وجاء في التقرير “في جميع أنحاء منطقة عفرين، تشير روايات متعددة إلى أنّ ممتلكات الأكراد قد تعرضت للنهب والاستيلاء عليها من قبل عناصر الجيش الوطني السوري بطريقة منسقة. على سبيل المثال، في أيلول / سبتمبر 2019، وصف مدنيون في ناحية شيخ الحديد (منطقة عفرين) كيف انتقل عناصر الفرقة 14، اللواء 142 (لواء سليمان شاه) من الجيش الوطني السوري من باب إلى باب للإرشاد إلى العائلات الكردية. مع أقل من ثلاثة أفراد (مسلحين) لإخلاء منازلهم لإيواء الأفراد القادمين من خارج عفرين. وقد أجبر أفراد الجيش الوطني السوري آخرين على دفع “ضريبة” على المحاصيل الزراعية أو مبلغ الإيجار كشرط مسبق للبقاء في المنازل التي يمتلكونها. وتذكر العائلات إنّها تعرضت للابتزاز بمبلغ يتراوح بين 10000 و 25000 ليرة سورية، حسب إمكانياتها وقدرتها على الدفع”.
نقتبس من التقرير:
-في عفرين، في كانون الأول / ديسمبر 2019، توجّه عضو بارز في لواء من الجيش الوطني السوري من باب إلى باب داخل مبنى سكني كبير، طالباً إثبات الملكية من السكان الأكراد فقط. أحد السكان، الذي لم يتمكن من تقديم مثل هذه الوثائق، أُجبر على المثول أمام مكتب أمن اللواء، حيث تعرض للإساءة اللفظية وقال له القيادي “إذا كان الأمر بيدي، فسوف أقتل كل كردي من سن عام إلى 80 عامًا”. كما تم تهديده بالاعتقال. وخوفا على سلامة أسرته، فر الرجل بعد ذلك بوقت قصير. طُلب من امرأة اتصلت بالمسؤولين الأتراك في منطقة الشيخ حديد للشكوى من الاستيلاء على منزلها أن تتحدث مع لواء سليمان شاه، الذي من الواضح أنّ تركيا فوضته للتعامل مع مثل هذه الحالات”.
-على غرار ما حدث في عفرين، الممتلكات المدنية للأكراد في منطقة رأس العين ممن فروا أثناء الهجوم التركي في أكتوبر / تشرين الأول 2019 أيضًا تم الاستيلاء عليها من قبل الجيش الوطني السوري. شارك أعضاء الفرقة 22 (لواء الحمزة) في الجيش الوطني السوري في عمليات نهب واسعة النطاق ومنظّمة ومصادرة الممتلكات في رأس العين، بما في ذلك عن طريق تعليم جدران المنازل بأسماء الألوية “كما كان يفعل داعش” وهي إشارة لملكية المنزل من قبل الفصيل. وروى مدنيون روايات متسقة للجنة ينقلون فيها مخاوفهم بشأن عدم قدرتهم على العودة إلى ديارهم التي تعرضت للنهب والاحتلال من قبل الكتائب. وفي مناسبتين، ذكر مدنيون أنّ قادة ومقاتلي الجيش الوطني السوري تلقوا تعليمات بعدم السماح لأحد بالعودة”.
تم نقل الأدوات المنزلية المنهوبة وبيعها من خلال عملية منسقة، مما قد يشير إلى سياسة مع سبق الإصرار تنفذها عدة ألوية. غالبًا ما كان يتم نقل مثل هذه العناصر بحرية عبر نقاط التفتيش التي ينظمها الجيش الوطني السوري وكبار المسؤولين، وكانت تُخزن في مواقع مخصصة مثل المستودعات، أو تُباع في الأسواق المفتوحة. في إحدى هذه الحالات في مارس / آذار، وجد أحد العائدين إلى قرية تل العريشة منزله منهوبًا، بما في ذلك النوافذ والأبواب والمولدات، وهو ما حدث أيضًا للعديد من المنازل الأخرى في نفس الشارع. قام أحد كبار أعضاء الفرقة 24 (لواء السلطان مراد) في الجيش الوطني السوري ببيع أدواته المنزلية من مخزن كان يستخدم كنقطة تخزين للبضائع المنهوبة.
استولى أفراد الفرقة 22 (لواء حمزة) على منزل عائلة كردية وتحويله فيما بعد إلى معهد للدراسات القرآنية تديره منظمة تركية غير حكومية، وهي مؤسسة حقوق الإنسان والحريات والإنسانية.. وتم افتتاحه رسميا في 22 يونيو، من قبل محافظ شانلي أورفا (تركيا)
تقارير استخدام منازل المدنيين لأغراض عسكرية من قبل القوات البرية التركية في قرية الداودية منها فيلا جنرال الكتريك. ومُنع سكان الداودية من العودة إلى منازلهم، التي دُمر بعضها بين نيسان / أبريل وحزيران / يونيو، في حين تم مصادرة منازل أخرى لأغراض عسكرية من قبل القوات المسلحة التركية.
ولما كانت ممتلكاتهم تتعرض للنهب والاستيلاء بشكل منهجي من قبل قوات الجيش الوطني السوري، فقد قدم بعض السكان شكاوي لكبار قادة الجيش الوطني السوري في منطقتي عفرين ورأس العين. ورداً على ذلك، وجد الكثيرون أنفسهم مهددين وتعرضوا للابتزاز أو اعتقلوا ( اختطفوا ) من قبل عناصر الجيش الوطني السوري، وتم إجبارهم على دفع فدية مباشرة لقادة الجيش الوطني السوري لإطلاق سراحهم.
وفيما يتعلق بحوادث الاعتقال، كان المدنيون في كل من رأس العين وعفرين يختطفون من قبل أفراد من الجيش الوطني السوري بسبب صلاتهم السابقة المزعومة بالإدارة الذاتية، وحُرموا من الاتصال بمحام، وفي بعض الحالات، تم استجوابهم من قبل المسؤولين الأتراك بمساعدة مترجمين قبل أو أثناء الاحتجاز.
في معظم الحالات التي وثقتها اللجنة، احتُجز مدنيون في سجن عفرين المركزي أو في وحدات سرية تابعة لمقرات الشرطة العسكرية للجيش الوطني السوري الواقعة في مبنى مدرسة ثانوية تجارية في عفرين. وتتكون الوحدة من خمس زنزانات أكبر وأربع زنزانات انفرادية. ونُقل آخرون إلى مواقع اعتقال غير معروفة.
تعرض مدنيون – معظمهم من أصل كردي – أثناء الاحتجاز للضرب والتعذيب والحرمان من الطعام والماء والاستجواب بشأن عقيدتهم وانتمائهم العرقي. ووصف طفل كيف احتجز من قبل الشرطة العسكرية للجيش الوطني السوري في مدينة عفرين منتصف عام 2019، واحتجزه لمدة خمسة أشهر في مقر الجيش الوطني السوري، قبل نقله إلى سجن عفرين المركزي وإطلاق سراحه. في آذار / مارس 2020. أثناء احتجازهم، حضر عناصر من الجيش الوطني السوري ومسؤولون ناطقون باللغة التركية يرتدون الزي العسكري. وكان الصبي مقيد اليدين ومعلق من السقف. ثم عُصبت عينيه وضُرب مراراً بأنابيب بلاستيكية. وصف الصبي كيف استجوبه الضباط بشأن صلاته المزعومة بالإدارة الذاتية. وفي حالة أخرى، اعتقل الجيش الوطني السوري امرأتين في تشرين الثاني / نوفمبر 2019، عند نقطة تفتيش تعمل بالاشتراك مع مسؤولين أتراك في منطقة رأس العين، عند عودتهما إلى منزلهما. ووصفت إحدى الضحايا كيف تعرضت أثناء الاستجواب للتهديد بالاغتصاب والضرب على رأسها من قبل عناصر الجيش الوطني السوري، بحضور مسؤولين أتراك. كما تلقت اللجنة معلومات عن عمليات اعتقال مشتركة أطلقتها الشرطة العسكرية للجيش الوطني السوري وقوات الشرطة التركية في عفرين، بما في ذلك وحدات الطب الشرعي الجنائي.
واحتجزت قوات الجيش الوطني السوري أيضاً مدنيين في مواقع اعتقال غير معلنة. على سبيل المثال، في 29 مايو / أيار، أظهرت لقطات فيديو تم تداولها على نطاق واسع في وسائل الإعلام أعضاء من الفرقة 22 (لواء حمزة) وهم يهرعون من مركز احتجاز لم يُكشف عنه، بينما كان إيذانا بإيصال 11 امرأة، بما في ذلك امرأة يزيدية وثلاث نساء كورديات، وطفل رضيع إلى موقع آخر. وأكدت اللجنة أنّ بعض النساء اعتقلن من قبل أعضاء لواء حمزة منذ عام 2018. وحتى كتابة هذا التقرير، لايزال موقعهن الحالي غير معروف.
واحتجزت قوات الجيش الوطني السوري نساء أخريات ينتمين إلى الأقلية الدينية اليزيدية، ودُعيت في مناسبة واحدة على الأقل إلى اعتناق الإسلام أثناء الاستجواب. وبالمثل، تحقق اللجنة حالياً في تقارير تفيد باحتجاز ما لا يقل عن 49 امرأة كردية ويزيدية في كل من رأس العين وعفرين من قبل عناصر الجيش الوطني السوري بين تشرين الثاني / نوفمبر 2019 وتموز / يوليو 2020.
حصلت اللجنة أيضا على معلومات تشير إلى أنّ الرعايا السوريين، بمن فيهم النساء، الذين احتجزهم الجيش الوطني السوري في منطقة رأس العين نقلتهم القوات التركية لاحقا إلى تركيا، ووجهت إليهم لوائح اتهام بارتكاب جرائم في العراق. منطقة رأس العين، بتهم تشمل القتل أو الانتماء إلى منظمة إرهابية، بموجب القانون الجنائي التركي.
علاوة على ذلك، تشعر اللجنة بالقلق إزاء التقارير التي تفيد بأنّ قوات الجيش الوطني السوري تقوم بتجنيد الأطفال لاستخدامهم في الأعمال العدائية خارج الأراضي السورية.
ولاتزال حالة النساء الكورديات الأخريات غير مستقرة. منذ عام 2019، واجهت النساء الكورديات في جميع أنحاء منطقتي عفرين ورأس العين أعمال ترهيب من قبل أعضاء لواء الجيش الوطني السوري، مما أدى إلى انتشار مناخ من الخوف أدى فعلياً إلى حبسهن في منازلهن. كما تم احتجاز النساء والفتيات من قبل مقاتلي الجيش الوطني السوري، وتعرضن للاغتصاب والعنف الجنسي – مما تسبب في أضرار جسدية ونفسية شديدة على المستوى الفردي، وكذلك على مستوى المجتمع، بسبب وصمة العار والأعراف الثقافية ذات الصلة. إلى أفكار “شرف المرأة”.
خلال الفترة قيد الاستعراض، تم توثيق حالات عنف جنسي ضد النساء والرجال في أحد مرافق الاحتجاز في عفرين. في مناسبتين، في محاولة واضحة للإذلال وانتزاع الاعترافات وبث الخوف في نفوس المحتجزين الذكور، أجبر ضباط الشرطة العسكرية في الجيش الوطني السوري المحتجزين الذكور على مشاهدة اغتصاب قاصر. في اليوم الأول، تم تهديد القاصر بالاغتصاب أمام الرجال، لكن الاغتصاب لم يستمر. في اليوم التالي، تم اغتصاب القاصر نفسه جماعياً، حيث تعرض المعتقلون الذكور للضرب وإجبارهم على المشاهدة في عمل يرقى إلى التعذيب.
ذكر أحد شهود العيان إنّ المسؤولين الأتراك كانوا حاضرين في المنشأة في اليوم الأول، عندما تم إجهاض الاغتصاب، مما يشير إلى أنّ وجودهم ربما كان بمثابة رادع. وتعرض محتجز آخر للاغتصاب الجماعي في نفس المنشأة بعد أسابيع من هذا الحادث.
تلقت اللجنة معلومات إضافية تفيد بأنّ عائلات من تل أبيض اختارت عدم العودة إلى منازلها خوفاً من الاغتصاب والعنف الجنسي الذي يرتكبه أفراد من الجيش الوطني السوري. وبحسب ما ورد تعرضت 30 امرأة على الأقل للاغتصاب في فبراير / شباط وحده. أكد قاضٍ سابق في عفرين أنّ مقاتلي الجيش الوطني السوري اتهموا بالاغتصاب والعنف الجنسي خلال مداهمات المنازل في المنطقة، لكن لم تتم إدانة أي منهم، بل أطلق سراحهم بعد أيام قليلة.
كما تلقت اللجنة تقارير عن زواج قسري واختطاف نساء كورديات في عفرين ورأس العين، وهو الأمر الذي شارك فيه في الأساس أعضاء الفرقة 24 ( لواء السلطان مراد) من الجيش الوطني السوري. في يناير / كانون الثاني، اختطف أحد أعضاء اللواء امرأة ثم تزوجها قسرا وطلقها بعد ذلك بوقت قصير.
كما نهب عناصر الجيش الوطني السوري ودمروا مواقع دينية وأثرية بالغة الأهمية في منطقة عفرين. على سبيل المثال، قامت قوات الجيش الوطني السوري بنهب وحفر القطع الأثرية القديمة، بما في ذلك الفسيفساء ، من موقع سيروس الأثري الهلنستي وكذلك معبد عين دارا ، المحمي من قبل منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو). أظهرت صور الأقمار الصناعية أنه من المحتمل أن كلا الموقعين قد تم هدمهما بالجرافات بين عامي 2019 و 2020.
في أبريل 2020، والعديد من المزارات اليزيدية والمقابر نهبت عمدا ودمر جزئيا عبر المواقع في جميع أنحاء منطقة عفرين، مثل القسطل جندو ، Qibar ، Jindayris و شران ، مما يشكل تحديا وجود غير مستقر من الطائفة اليزيدية كأقلية دينية في سوريا المناطق التي يسيطر عليها الجيش الوطني، والتأثير على كل من الجوانب الملموسة وغير المادية لتراثهم الثقافي ، بما في ذلك الممارسات والطقوس التقليدية
لدى اللجنة أسباب وجيهة للاعتقاد بأنّ مقاتلي الجيش الوطني السوري، ولا سيما أفراد الفرقة 14 واللواء 142 (لواء سليمان شاه) والفرقة 22 (لواء حمزة) والفرقة 24 (لواء السلطان مراد) ، ارتكبوا جرائم متكررة. جريمة الحرب المتمثلة في النهب في منطقتي عفرين ورأس العين، وهم مسؤولون عن جريمة حرب تتمثل في تدمير الممتلكات أو الاستيلاء عليها.
لدى اللجنة أيضاً أسباب معقولة للاعتقاد بأنّ عناصر من الجيش الوطني السوري ارتكبوا جرائم حرب تتمثل في أخذ الرهائن والمعاملة القاسية والتعذيب والاغتصاب، والتي ترقى أيضًا إلى درجة التعذيب. كما نهب أفراد الجيش الوطني السوري الممتلكات الثقافية ودمروها، في انتهاك للقانون الإنساني الدولي.
بالإضافة إلى ذلك ، تلاحظ اللجنة أنّه في المناطق الخاضعة للسيطرة التركية، تتحمل تركيا، مسؤولية ضمان النظام العام والسلامة العامة، وتوفير حماية خاصة للنساء والأطفال، وتظل تركيا ملزمة بموجب التزامات معاهدات حقوق الإنسان السارية تجاه جميع الأفراد الموجودين في هذه الأراضي.
وفي هذا الصدد، تشير اللجنة إلى الادعاءات القائلة بأنّ القوات التركية كانت على علم بحوادث نهب واستيلاء على ممتلكات مدنية وأنّها كانت موجودة في مراكز احتجاز يديرها الجيش الوطني السوري، حيث كانت إساءة معاملة المحتجزين متفشية ، بما في ذلك أثناء جلسات الاستجواب عند وقوع التعذيب. في حالة عدم التدخل في كلتا الحالتين، ربما تكون القوات التركية قد انتهكت التزامات تركيا المذكورة أعلاه.
تلاحظ اللجنة كذلك أنّ عمليات نقل السوريين المحتجزين من قبل الجيش الوطني السوري إلى الأراضي التركية قد ترقى إلى مستوى جريمة الحرب المتمثلة في الترحيل غير القانوني للأشخاص المحميين، مثل هذه التحويلات تقدم مؤشراً إضافياً على التعاون والعمليات المشتركة بين تركيا والجيش الوطني السوري لغرض الاحتجاز وجمع المعلومات الاستخبارية. وتواصل اللجنة التحقيق في المدى الدقيق الذي بلغته مختلف ألوية الجيش الوطني السوري والقوات التركية في تشكيل تسلسل هرمي للقيادة والسيطرة المشتركة، وتشير إلى أنّه إذا ثبت أنّ أي من أعضاء الجماعات المسلحة يتصرفون تحت القيادة والسيطرة الفعالة للقوات التركية، قد تنطوي الانتهاكات التي ترتكبها هذه الجهات الفاعلة على مسؤولية جنائية لهؤلاء القادة الذين كانوا على علم بالجرائم أو كان من المفترض أن يعرفونها ، أو فشلوا في اتخاذ جميع التدابير اللازمة والمعقولة لمنع ارتكابها أو قمعها.