مع استمرار تركيا في شنّ حروب مائية على مناطق شمال سوريا وتعطيل بعض محطات المياه عدّة مرات، جاء خفض كميات المياه المتدفقة لنهر الفرات ليُكمل سلسلة الإرهاب الزراعي والاقتصادي فيما تُعاني سوريا من أزمة معيشية غير مسبوقة في تاريخها.
وحذّر مسؤولون في شمال سوريا من كارثة إنسانية، جراء زيادة التراجع في منسوب مياه سد الفرات بسوريا، إذ قال رئيس اتحاد الفلاحين في الرقة، محمد السالم، حسبما نقلت قناة “روسيا اليوم” الإخبارية، إنّ “المنطقة ستواجه كارثة إنسانية حقيقية إذا استمرت تركيا بحرب المياه وتكرار حسرها لمياه نهر الفرات، الذي يروي مئات آلاف الهكتارات فيها، وخاصة هذا العام الذي يعد عام جفاف بسبب قلة الأمطار الموسمية التي هطلت على المنطقة، وأثرت بشكل كبير على الزراعة البعلية “المطرية”.
وحذّر السالم من تردّي الوضع الاقتصادي خلال الفترة المقبلة، في المنطقة التي يعتمد فيها أكثر من 85% من سكانها على الزراعة، بسبب عدم قدرة الفلاحين على زراعة أراضيهم بالمحاصيل الصيفية الاستراتيجية، وخاصة القطن، الذي يحتاج إلى الري بكميات كبيرة ومتواصلة.
يذكر أنّ المنطقة تشهد حاليا أزمة كهربائية، نتيجة توقف مجموعات التوليد الكهرومائية في سد الفرات التي تغذي سوريا بشكل عام بالكهرباء، مما أجبر مديرية الكهرباء في “الطبقة” على إيقاف مجموعات التوليد، وقطع الكهرباء حوالي 12 ساعة يوميا.
وكانت الإدارة العامة لسدود الفرات في سوريا أدانت الممارسات التركية وتلاعبها بمنسوب مياه الأنهار وتدفقها واستخدامها كورقة ابتزاز، مشددة على أنّ هذا يعد انتهاكا للقانون الإنساني وجريمة حرب.
من جانب أخر، قالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، في دراسة أجريت بتكليف منها وشارك فيها 1400 سوري في الفئة العمرية من 18 إلى 25 عاما يعيشون في سوريا ولبنان وألمانيا، إنّ “هؤلاء الشباب تحدثوا عن أسر تمزق شملها وصداقات انفصمت عراها وصعوبات اقتصادية هائلة وقلق كبير وطموحات آلت إلى الإحباط وإنجازات ضائعة وأعباء نفسية عميقة نتيجة لسنوات من العنف والاضطراب المتواصلين بلا هوادة في البلاد”.
ومنذ أن بدأ الجانب التركي بخفض كمية المياه المتدفقة من الأراضي التركية إلى نهر الفرات في الداخل السوري، قبل قرابة الـ 6 أشهر، بدأت أصوات الأهالي والمنظمات المدنية تتعالى وتتحدث عن مخاطر الأزمة البيئية والإنسانية التي تهدد مناطق شمال وشرق سوريا، من أزمة في توافر مياه الشرب، والتأثير على الطاقة الكهربائية، وعلى القطاع الزراعي، والتسبب بالجفاف، بالإضافة إلى تأثر الثروة الحيوانية من انخفاض مستوى مياه نهر الفرات بشقه المار من سورية.
ولم تلقَ تلك التحذيرات آذاناً صاغية من الجانب التركي، والذي استمر إلى يومنا هذا بإغلاق بوابات عبور مياه الفرات إلى سوريا، مما أدى إلى انخفاض منسوب المياه إلى حد كبير جداً.
ووفقاً لمصادر المرصد السوري، فقد انخفض منسوب مياه الفرات من المنسوب الأعظمي 325.20 متر مكعب إلى 320.70، بنسبة نقص تجاوزت أكثر من 4 م3، وتسبب انخفاض منسوب المياه بخروج المضخات الخاصة بالشرب عن الخدمة في أغلب المناطق، وتأثر الثورة السمكية والأمن الغذائي للمنطقة بشكل عام.
وبحسب الاتفاقيات الدولية يجب أن تكون كمية الوارد المائي في نهر الفرات من 500 إلى 550 متر مكعب بالثانية، لكن المياه الواردة حاليًا 200 متر مكعب بالثانية أي ربع الكمية المتفق عليها.
وحذّر المرصد السوري من كارثة إنسانية وبيئية في شمال وشرق سوريا، وطالب الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية والجهات الدولية الفاعلة بالتدخل والضغط على الحكومة التركية للعودة إلى الاتفاقيات الدولية بخصوص كميات المياه المتفق توريدها للجانب السوري.
-------------------------------
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا عن طريق إرسال كتاباتكم عبر البريد : vdcnsy@gmail.com
ملاحظاتك: اقترح تصحيحاً - وثق بنفسك - قاعدة بيانات