كان المسؤولون الأتراك حاضرين أثناء تعذيب السجناء في قواعد المسلحين السوريين، حسبما قال العديد من الناجين أمام لجنة من الأمم المتحدة. وأصدرت لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة في سوريا مشروع تقرير عن الاحتجاز والاختفاء.
ويتضمن التقرير العديد من النتائج الدامغة حول سلوك الجماعات المسلحة الموالية لتركيا والتي تحتل عفرين، وهي منطقة كردية تاريخيا تحتلها تركيا الآن التي نفذت التطهير العرقي، والنهب الجماعي، والاتجار بالبشر.
وذكر تقرير الأمم المتحدة إنّه أبلِغ عن اختطاف المئات من المدنيين أو اختفائهم في عفرين بعد أن بدأت الميليشيات المسلحة احتجاز السكان المحليين للحصول على فدية، وهي ممارسة تطورت تدريجيا الى عملية منظمة لابتزاز السكان الأكراد في عفرين.
ويقول الناجون إنّ خاطفيهم عرّضوهم “للضرب المتكرر والشديد” بينما طالبوا المحتجزين بالاعتراف بارتباطهم بالفصائل السياسية الكردية. كما اعتدى المسلحين جنسيا على النساء أثناء احتجازهن، وخطفت بعضهن، وتمّ تزوجيهنّ بالقوة.
واستهدف الجيش الوطني السوري الأقلية الدينية الإيزيدية في عفرين بشكل خاص. وقد نُهبت الأضرحة الإيزيدية، واضطرت العائلات الإيزيدية لدفع الفديات “الباهظة”، وفقا لإيمي أوستن هولمز، وهي زميلة في “برنامج الشرق الأوسط في مركز ويلسون”.
وقالت هولمز أمام اللجنة الأميركية للحريات الدينية الدولية في يونيو 2020: “حتى لو بقوا على قيد الحياة، فهذه طريقة لفرض التغيير الديموغرافي، لإجبار أولئك الايزيديين القلائل المتبقين الذين لا يزالون يعيشون في عفرين على المغادرة. هذه طريقة للانخراط في التطهير العرقي والتغيير الديموغرافي دون القتل”.
وقالت سيدة إيزيدية لمحققي الأمم المتحدة إنّ المتمردين ضربوها بالكابلات بينما هددوا حياتها. وذكرت إنّهم أخبروها بأنّ “الايزيديين كفار. سنطردك من أرضك وستموتين هنا”.
وكانت القوات التركية حاضرة بشكل متكرر في مراكز احتجاز المتمردين وحضرت جلسات تعذيب، وفقا لشهادة الناجين المذكورة في تقرير الأمم المتحدة. ولم ترد السفارة التركية في واشنطن على طلب التعليق عبر البريد الإلكتروني.
وذكر تقرير الأمم المتحدة مجموعتين مسلحتين كانت تدعمهما الولايات المتحدة سابقا، وهما فرقة السلطان مراد وفرقة حمزة، بوصفهما من أسوإ المعذبين في عفرين.
تلقت فرقة السلطان مراد أسلحة مضادة للدبابات كجزء من برنامج سري لوكالة الاستخبارات المركزية لمحاربة النظام السوري. وفي حين تم فحص فرقة حمزة وتدريبها وتسليحها من الولايات المتحدة كجزء من برنامج وزارة الدفاع لتشكيل جيش متمرد ضد تنظيم الدولة الإسلامية، وانضم الاثنان فيما بعد إلى الجيش الوطني السوري.
وقال ألكسندر ماكيفر، الباحث في حملة سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، إنّ تركيا استولت على حقيبة فرقة حمزة في وقت لاحق في سياق تدخلها المباشر في سوريا في أواخر سنة 2016 وفك الارتباط الأميركي من شمال غرب سوريا.
وأضاف أنّه “منذ ذلك الحين، نما حجم الجماعة بشكل كبير، بالتزامن مع علاقاتها الوثيقة مع تركيا، مما سمح لها بأن تصبح واحدة من أبرز الفصائل في الأجزاء التي تسيطر عليها تركيا في سوريا”.
كما انخرطت الجماعة في أعمال المرتزقة في ليبيا وأذربيجان.
وكشفت سلسلة من الحوادث التي وقعت العام الماضي عن مدى انتهاكات فرقة حمزة ضد المدنيين في عفرين.
وخلال نزاع في مايو 2020 في متجر محلي، أطلق مقاتلو فرقة حمزة النار وقتلوا عدة مدنيين. ردا على ذلك، اقتحم حشد غاضب مقر المجموعة، حيث وجدوا ثماني نساء في سجن سري.
وأظهر مقطع فيديو النساء أثناء اصطحاب الشرطة العسكرية المدعومة من تركيا لهن من السجن. ووصفت الجماعات الكردية الأمر بأنّه “إهانة للنساء في جميع أنحاء العالم” وطالبت بإجراء تحقيق محايد.
لا يزال الخبراء في حالة من الشك حول السبب الجذري لهذه الانتهاكات. وقد قالت هولمز خلال شهادتها إنّه “ما لم تنسحب تركيا من المناطق التي احتلتها، بما في ذلك رأس العين وتل أبيض وعفرين، فمن غير المرجح أن يعود السكان الأصليون بغض النظر عن دينهم وعن عرقهم إلى ديارهم… من غير المحتمل أن يتمكن الايزيديون والمسيحيون الذين عاشوا هناك لمئات السنين من العودة إلى ديارهم ما لم تنسحب تركيا”.