لا يزال غالبية سكان منطقة عفرين الذين فرّوا من الحرب، يعيشون في مخيمات اقيمت للنازحين في مناطق الشهباء في ريف حلب الشمالي، حيث نزح نحو 300 ألف شخص من مدينة عفرين وريفها جراء هجوم القوات التركية والفصائل السورية الموالية لها على المنطقة. وأتى ذلك في إطار عملية “غصن الزيتون” التي أعلنت عنها تركيا، في 20 من كانون الثاني الماضي، ضد “وحدات حماية الشعب” وسط ظروف معيشية قاسية وغياب أبسط مقومات الحياة.
تتفاقم مأساة المهجرين من عفرين وريفها في بلدات “فافين، احرص، أم حوش، كفرنايا، كفرناصح، الوحشية، حساجك، تل شعير، تل رفعت، ديرجمال ومحيطها”، بريف حلب الشمالي يتجاوز اعدادهم عن 750 الف مهجر، وذلك في ظل الصعوبات الجمة التي تواجه قاطني تلك البلدات بشكل مؤقت وفي المخيمات ممن فروا من الموت المحتم من مناطقهم ليجابهوا حياة النزوح ومرارة التهجير، في وسط ظروف معيشية قاسية حيث تفتقر المنطقة للمياه والكهرباء وكافة الخدمات العامة.
مخيم “برخدان” أو المقاومة، يضم أكبر تجمع لنازحي عفرين ما يقارب 743 عائلة والتي تضم 2865 فرد بينهم 1482 امرأة وهناك 161 طفل دون السنتين، فيما تغيب الأرقام الأممية الرسمية عن عدد النازحين بشكل دقيق.
ولعل غياب الدعم والاهتمام الأممي بات ملاحظا رغم تقارير عديدة تظهر الوضع المأساوي للنازحين. رغم أنه ورد في تقرير للأمم المتحدة قبل أيام بإنها تواصل مع شركاؤها الاستجابة لاحتياجات النازحين من منطقة عفرين في قضاء تل رفعت وبلدتي نبل وزهراء والمناطق المجاورة. ولا تزال حماية المدنيين مصدر قلق رئيسي في جميع أنحاء المنطقة ، بما في ذلك فيما يتعلق بحرية التنقل لأولئك الذين يرغبون في العودة إلى منازلهم، وتأكد على ضمان احترام كامل لحقوق السكن والأرض والممتلكات. لكن على الارض لم يحدث أي تغيير.
ويعاني سكان المخيمات أوضاع إنسانية صعبة, خاصةً في مجال الصحة والخدمات الطبية، حيث تنتشر أمراض التهاب الكبد A و E ومرض السل، وخصوصاً بين النازحين القاطنين في مخيمي “برخدان وسردم”، لعدم توفر الأدوية في المراكز الصحية، والتي هي بدورها تعاني من الصعوبات في تأمين الأدوية الضرورية لأهالي المخيم، حيث يستقبلون يوميا بحدود 350 حالة مرضية يتم تأمين الدواء لهم ضمن الامكانيات المتوفرة لديهم, وتكون أغلب هذه الحالات ( مرض الضغط والقلب, اللاشمانيا, أمراض نسائية, ولادات, أمراض الأطفال, أمراض عينية, حوادث, حالات حروق, حالات تحسس)، بالإضافة إلى النقص الشديد في حليب الأطفال الذين يمرون في مرحلة حساسة من عمرهم وباقي مستلزماتهم من الحفوضات وزجاجات الحليب.
حيث نوه الصيدلاني عبدالله دويكو بأنه حتى الآن لم تقدم أي منظمة الأدوية لنازحي المخيم، وأكد أن الأدوية الحالية التي تقدم للنازحين وهي قليلة جداً تؤمّن بالإمكانيات الذاتية.
كما ناشد الصيدلاني المنظمات الدولية ومنظمة الصحة العالمية، للقيام بواحبهم الإنساني تجاه أهالي في المخيمات وضرورة تقديم المساعدة لهم وخاصة في مجال الصحة، منوهاً بأنهم ناشدوها مراراً وتكراراً إلا أنهم حتى الآن لم يتلقوا أي دعم من أية اطراف ذات الصلة.
مما يضطر المرضى القاطنين في المخيمات في بعض الحالات إلى الخروج إلى أماكن آخرى لتلقي العلاج، ولكن قوات النظام السوري تمنع عبور سكان مخيمات الشهباء من المناطق التي تسيطر عليها, للتوجه منها إلى مدينة حلب لتلقي العلاج المناسب، وتمنع قوات النظام السوري العائلات والأفراد في مناطق الشهباء وبلدتي نبل والزهراء من السفر إلى حلب بشكل متعمد، بينما تنشط تهريب الأشخاص بوسطة تجارعبر الطرق المهجورة والخطرة بسبب انتشار الألغام فيها ومخلفات الحرب التي تركها تنظيم داعش ورائه في المنطقة.
النظام السوري يواصل من خلال حواجزه منع المدنيين من الوصول إلى مناطق سيطرته في محافظة حلب، ويطلب مبالغ مالية كبيرة مقابل السماح للبعض بالمرور، كما تفعل القوات التركية والفصائل المسلحة والتي لا تسمح بالعبور الا بعد دفه الأموال هذا عدا عن عمليات السلب والنهب.
تستمر معاناة سكان عفرين والنازحين منها نتيجة سوء الأحوال المعيشية وانتشار الأمراض والأوبئة ونقص الأدوية، ومها ماهو متعلق بانتشار مخلفات الحرب وخاصة الالغام التي ذهب ضحيتها عشرات المدنيين، حيث ان المنطقة بحاجة لمنظمات متخصصة في ازالة مخلفات الحرب والالغام.