ريف حلب ( عفرين ) : بتاريخ 10 نوفمبر 2020 ( الجاري ) سلمت ( فرقة الحمزة ) وهي أحد أهم تشكيلات الجيش الوطني السوري الموالية لتركيا حوالي 100 شخص منهم أطفال ونساء بينهم جنسيات بنغلادشية وعددهم ( 25 – 30 )، إلى حاجز الفرقة الرابعة في الجيش السوري حيث كانوا يحاولون الدخول لمنطقة عفرين الحدودية للعبور منها الى تركيا، كطريق دخلوا منها أساسا أو البقاء في تلك المناطق حيث تعيش عوائلهم، أو أقربائهم.
هذه المجوعة تم توقيفها بتاريخ 9 نوفمبر من حاجز فرقة الحمزة حيث كانوا يحاولون بمساعدة مهربين من فرقة الحمزة نفسها عبر ( نبل والزهراء ) الدخول إلى منطقة عفرين، تم تسليمهم بداية الأمر إلى فرع الشرطة العسكرية بمدينة جندريسه وتم احتجازهم ليوم واحد ليتم نقلهم إلى نفس المكان الذي دخلوا منه وتم تسليمهم إلى حاجز الفرقة الرابعة في الجيش السوري بعد تشليحهم هواتفهم ونقودهم.
رسالة صوتية مسربة من “عبد الله حلاوة” أحد أبرز قادة ( الحمزات ) أكدت بالفعل أنّ حواجزهم ألقت القبض على مجموعة تضم 65 شخصاً كانوا قادمين من مدينة تل رفعت التي تسيطر عليها قوات قسد والقوات الروسية، “حلاوة” قال إنّهم قاموا بتسليمهم للشرطة العسكرية، رسالة صوتية ثانية من القائد العسكري للفرقة “أبو جابر” قال فيها أيضا إنّ “الشرطة العسكرية” قد قامت بالفعل بإعادة المجموعة التي تم ضبطها إلى “مناطق النظام” عبر معابر تسيطر عليها فرقة الحمزات.
لكن وبعد متابعة تفاصيل هذه الحادثة، تبين أنّ بعض من أفراد المجموعة تم استثناءه من عملية التسليم، لم نتمكن من تحديد عددهم، أو أسباب ذلك. قد يكون مرتبطا بعلاقة هؤلاء مع قادة الحمزات، أو أنّهم دفعوا مبالغ مالية كبيرة لقاء الإفراج عنهم، عبر التواصل مع ذويهم كون أنّ ( الحمزات ) قامت بأخذ ما معهم من أموال وهواتف.
تفاصيل الحادثة:
كشف مصدر، تمكنا من الاتصال به، وهو مطلع على تفاصيل الحادثة، أنّ المجموعة كانت ( 101 شخصا ) وصلوا إلى بلدة نبل شمالي مدينة حلب والتي تسيطر عليها ( جماعات مسلحة شيعية ) بتاريخ 8 نوفمبر 2020 (الجاري)، تم نقلهم إلى نقطة تجميع قريبة من البلدة لينطلقوا منها مساءا برفقة “مهربين أثنين” باتجاه غرفتين قرب قرية براد جنوبي عفرين، تركوهم هناك، وطلبوا أن ينتظروا أشخاصاً من الطرف المقابل سيأتون لمرافقتهم فيما تبقى من الطريق، وهناك بالفعل كان 4 أشخاص مسلحين -منطقة انتشار الجيش الوطني- ينتظرون المجموعة، حيث تولى أحدهم الحديث بأنّه لا يسمح عادة بمرور أحد من نقطته هذه، وأنّهم يطلقون النار على كل من يتواجد في هذه المنطقة..
أكملت المجموعة مسيرها عبر وادٍ وعر بين قرية براد والمسطومة، حتى وصلوا إلى بستان زيتون أخبرهم الدليل أن ينتظروا عنده، مؤكداً عليهم ألا يفزعوا عند رؤيتهم أشخاصاً مسلحين بزي عسكري، فهؤلاء هم من سيقومون بنقلهم في سياراتهم.
بعد قليل شاهدوا سيارة تدخل بستان زيتون موجهة أضواءها باتجاههم، ليخرج منها شاب بلباس عسكري مسلحاً بمسدس بدأ يطلق النار منه في الهواء صارخاً فيهم “اطلعوا يا كلاب”! وخلال لحظات قدمت سيارات أخرى ترجل منها ما يقارب 15 شخصاً مسلحاً وتم اعتقالهم، ثم قاموا بتجميعهم، أحد أفراد المجموعة أخبرهم أنّهم “هاربون من النظام ومطلوبون له” تم ضربه بأخمص البارودة من قبل أحد المسلحين، الذين انهالوا عليهم بالشتائم.
قام المسلحون بعدّ أفراد المجموعة معلناً إنّهم 101، قبل وضعهم في سيارات أمرها أحد المسلحين أن يتوجهوا لمقرهم ( فرقة الحمزة )، حيث انتظروا في المقر نصف ساعة قبل أن تأتي سيارات الشرطة العسكرية، الذين انتشروا في الموقع مسلحين، وبدؤا يهينون الناس، طلبوا بداية منهم الوقوف في صف واحد، على باب المقر، وأُمِرَت المجموعة أن تخرج أفراداً باتجاه السيارات، فكان كل من يخرج ينال نصيبه من ركل وضرب قبل أن يدخلوا سيارات الشرطة العسكرية، وتحرك الرتل إلى مقر الشرطة العسكرية في منطقة جنديرس بعفرين.
في مقر الشرطة العسكرية وضعت المجموعة في المسجد، وسمح لهم أن يطلبوا الطعام والماء، لتكون تلك استراحتهم الأولى، ثم ناموا ما تبقى من ليلتهم في المقر حتى الساعة السابعة صباحاً، والتي تم إيقاظهم فيها للتجمع في ساحة المقر، وأعطي لهم الأمر “عاري الصدر”!
شاهد أفراد المجموعة 7 أشخاص تم فصلهم عنهم، 6 منهم تم الإبقاء عليهم في مقر الشرطة العسكرية بتهمة أنّهم “جنود ضمن صفوف النظام”، بينما كان السابع مدنياً من درعا بدأ بعض العناصر يفاوضونه على دفع مال لقاء إطلاق سراحه.
ثم تم نقلهم بالسيارات مرة أخرى باتجاه نقطة عسكرية للجيش التركي قرب براد تم فيها تصويرهم جميعاً، وإخبارهم أنّهم ستتم إعادتهم إلى مناطق النظام، وعندما لم تفلح توسلات أفراد المجموعة المتبقين بالإبقاء عليهم انتفض بعضهم في وجه الضباط رافضين أن تتم إعادتهم، ليقوم العناصر الذين كانوا ينقلونهم بضربهم وتهديدهم بالقتل إن لم يصعدوا إلى السيارات مرة أخرى، حيث أكملوا بهم إلى مدرسة براد.
في المدرسة بدأ العناصر من خلال أحاديث مباشرة مع أفراد المجموعة بعرض أن يقوموا بإخلاء سبيل من يستطيع دفع 1500$ وأنّه سيتم اطلاق سراحه، وهو ما تجاوب معه بعضهم الذين تم فصلهم عن الـ 74 المتبقيين، الذين أُمِرُوا ببدء التحرك بعد أن رتبوهم بشكل رتل طويل يحرسه العناصر المسلحون، محذريهم ألا ينظر أحد خلفه أو يتلفت حوله تحت طائلة اطلاق النار عليه، وخلال مسيرهم التي استمرت ساعتين تقريباً تمكن بعض العناصر من عقد اتفاقيات أخرى مع بعض أفراد المجموعة مقابل المال، وسحب هؤلاء من الرتل.
وصل من تبقى من المجموعة أخيراً إلى غرفة أمرهم العناصر أن يبقوا فيها ولا يغادروها، أمضى أفراد المجموعة يومهم حتى الليل في الغرفة، التي حاول فيها العناصر أن يقنعوا عدداً منهم بدفع المال مقابل إخلاء سبيلهم، وإلا فسينتهون في مناطق النظام، لكن من تبقى من أفراد المجموعة اتفقوا ألا يتجابوا مع ابتزازهم، وأنّهم لا يملكون أي مال آخر ليدفعوه أكثر مما اتفقوا عليه مع ” المهربين ” قبل مغادرتهم للمناطق التي يسيطر عليها النظام، فآلية التهريب تجري عن طريق وسيط وهو المهرب يتسلم مندوب عنه المال، ولا يقوم بدفعه للمهربين من الطرفين إلا بعد وصول الشخص آلى المنطقة المتفق عليها.
ليلاً رافق عنصران المجموعة مشياً على الأقدام أيضاً بشكل رتل باتجاه منازل قريبة من الباسوطة، وهناك بدأت سيارات تنقلهم على عجالة باتجاه مناطق مختلفة حسب مكان وجود وسيط كل منهم، بعد أن أخبروهم أنّهم لن يقوموا بترحيلهم.
بحسب أحد قادة الجيش الوطني الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، فإنّ القيادة التركية هي من ترفض الأمر، وقد يكون ذلك مرتبط باتفاقيات أمنية بين النظامين السوري والتركي وضغوطات روسية، خاصة أنّ معظم هؤلاء سينتهون داخل الأراضي التركية التي سيدخلونها تهريباً أيضاً، وهو ما لا يريده الأتراك، خاصة مع الأخبار المتواترة عن شبكة كبيرة لتهريب البشر يشرف عليها “الجيش الوطني” و جماعات موالية للنظام في حلب وحمص وحماة، والتي تستقبل الراغبين بالهجرة إلى أوروبا من مختلف دول المنطقة، ثم تنقلهم عبر الأراضي السورية إلى الحدود التركية عبر خطوط التماس وبالتنسيق مع فصائل محلية من الجيش الوطني، ومنها عبر مهربين محليين إلى تركيا التي يمكن أن يستقروا فيها أو يغادروها وقد يكون بينهم من قادة أو عناصر متطرفة.