“لا حول لنا ولا قوة”، بهذه العبارة يروي أحد الناجين السوريين من المعتقلات التركية تجربة احتجازه القسرية، بتهمة “التعامل مع جهات خارجية” التي توجهها السلطات التركية لكل ناشط سوري، تصفه بـ”العميل” أو “مشروع عميل”، على حد قوله.
وقال مصطفى (اسم مستعار)، في حديث لموقع “الحرة”، إنّه “منذ عام 2016، تغير أسلوب السلطات مع المعارضين السورين، إذ بتنا أوراق ضغط تستغلنا أنقرة في صفقاتها”، معرباً عن قلقه من تجاوزات حقوقية تصل إلى الترحيل القسرية، أو حتى التصفية”.
وأوضح أنّ “أسباب اعتقاله لا تختلف كثيراً عن احتجاز معارضين سوريين مؤخراً، ولكن يمكن القول إنّه بعد المحاولة الانقلابية عام 2016، أجازت السلطات التركية لنفسها التوقيف لمجرد الشكّ بتورط أحدهم بمحاولة الانقلاب أو باستحواذه على دعم خارجي من جهة أو دولة معينة، من خلال تعديلات قانونية عدّة”.
ولفت إلى أنّ “تهمة التعامل مع الخارج تتكرر اليوم، وأبرز مثال على ذلك حالة المعتقل السوري صفوان، وهو رجل أعمال بارز، افترضت تركيا أنّه على تواصل مع جهات خارجية فأقدمت على اعتقاله.
ويقول مصطفى إنّه “رصد مؤخراً حالات اعتقال لسوريين يجاهرون بمعارضة سياسة تركيا بإرسال مرتزقة من أبناء بلدهم إلى ساحات القتال التي تشارك فيها تركيا”.
تهمة “التعامل مع جهات خارجية”
وكشف أنّه تم احتجازه عام 2016، بتهمة التعامل مع جهات خارجية، ووضعه في سجن مساحته مترين في ثلاثة أمتار مع سبعة آخرين، لافتاً إلى أنّه “لم يحقق معه إلا بعد 12 يوماً وبعد إلحاح منه بأنّه هرب من نظام بشار الأسد لكي لا يعامل بهذه الطريقة”.
وأضاف أنّ “رحلة التعذيب بدأت حين تم نقله إلى سجن غازي عنتاب المركزي، بقرار من المدعي العام، حيث وضع كيس أسود على رأسه، وانهال عليه مجموعة من خمسة عناصر أمنية بالضرب”، مشيراً إلى أنّه تم الإفراج عنه بعد 10 أشهر لعدم ثبوت التهمة.
سجن أشبه بـ”إمارة داعشية”
وذكر أحد الناجين من المعتقلات السورية، والذي رفض الكشف عن اسمه أيضاً، في حديث لموقع “الحرة”، إنّه تم وضعه 20 يوماً في سجن كله عناصر من داعش، حيث تحول إلى إمارة داعشية يمنع فيها التدخين، بموافقة أمنية تركية”.
وأضاف أنّه “في جلسة محاكمته، تبيّن أنّ المترجمين الأتراك لم يستطيعوا فهمه جيّداً، ولذلك تم احتجازه كل هذه الفترة، بتهمة التعامل مع جهات خارجية تضرّ بأنقرة”.
أما محمد (اسم مستعار)، الذي اعتقل نحو سنة وثلاثة أشهر بتهمة التعامل مع تنظيمات إرهابية، فقال في حديث لموقع “الحرة”: “تم وضعي في زنزانة انفرادية قبل نقلي لسجن فيه عناصر تابعة لداعش، وتعرضت لأقسى أنواع التعذيب”.
الضرب بالمطرقة:
وكشف أنّ “أشهر أنواع التعذيب داخل المعتقلات التركية هي المطرقة، التي يدخل بها العناصر التركية لضرب الحديد للتأكد من عدم وجود محاولة هرب، ولكنهم ضربوني بها على ركبتي، وكذلك فعلوا مع غيري من المعتقلين”.
وأشار إلى أنّه “تم الإفراج عنه بعد إعلان براءته من التهم المنسوبة إليه، ولم يتم التعويض عليه إلا بكلمة من القاضي “أنت حرّ الله معك”.
حملة قمع ممنهجة:
هذا وأعرب معارضون سوريون لجاؤا إلى تركيا، في وقت سابق لموقع “الحرة”، عن شعورهم بخطر كبير وخوف دائم من السلطات التركية التي تنظم حملة قمع سرية بحقهم، وبطريقة أشبه بالاختطاف، إذ رصدوا احتجاز ضابطين سوريين منشقين، بالإضافة إلى رجل أعمال سوري، ورقيب منشق، في الأشهر الأربعة الماضية”.
وقال ناشط حقوقي سوري من غازي عنتاب، إنّه “منذ قرابة الأربع أشهر، بدأنا نلاحظ اختلافاً في طريقة اعتقال شخصيات من المعارضة السورية في تركيا، التي أصبحت أشبه بعمليات خطف”، مشيراً إلى أنّه “في السابق كانت السلطات التركية تخلق تهماً وهمياً لتبرير فعلتها، ولكنها باتت أكثر وضوحاً في نهجها”.
معتقلات تعذيب بحق معارضين أتراك:
كما كشف موقع ” نورديك مونيتور” الاستقصائي، في وقت سابق، وثائق رسمية، تتحدث عن قائد شرطة تركي، أنشأ وأشرف على موقعين “غير رسميين” و”سريين” لتعذيب أكثر من ألفي محتجز عام 2016، حتى بات لقبه “ملاك الموت عزرائيل”.
وفقًا لمئات الصفحات المسرّبة من محاضر المحاكم، أظهر الموقع تورط قائد شرطة يدعى “طاهر دارباز أوغلو”، المسؤول الرسمي عن مواقع احتجاز غير رسمية، أقيمت في العاصمة أنقرة، بأوامر من حكومة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان.
كما أظهرت الأدلة التي نقلها الموقع، أنّ “التعبئة العسكرية المحدودة عام 2016 لم تكن سوى حجة زائفة لزيادة تمكين الرئيس أردوغان، من إزالة كبار الجنرالات الذين عارضوا التوغل العسكري التركي في سوريا”، وتم وضع البعض منهم في هذه المعتقلات.
معارضون سوريون في تركيا يتحدثون “همسا” عن “اعتقالات بنكهة الخطف”
بعد هروبهم من قمع النظام السوري ومراكز احتجازه، يتحدث معارضون سوريون لجأوا إلى تركيا، همسا، عن شعورهم بخطر كبير وخوف دائم من السلطات التركية التي تنظم حملة قمع سرية بحقهم، وبطريقة أشبه بالاختطاف، ما أثار تساؤلات عدّة حول خلفيات هذا الأمر ومصير الموقوفين.
احتجاز ضابطين سوريين منشقين:
وقال ناشط حقوقي سوري من غازي عنتاب لموقع “الحرة”، إنّه “منذ قرابة أربع أشهر، بدأنا نلاحظ اختلافاً في طريقة اعتقال شخصيات من المعارضة السورية في تركيا، التي أصبحت أشبه بعمليات خطف”، مشيراً إلى أنّه “في السابق كانت السلطات التركية تخلق تهماً وهمياً لتبرير فعلتها، ولكنها باتت أكثر وضوحاً في نهجها”.
وأوضح أنّه “قبل أشهر قليلة، اختفى ضابطين سوريين منشقين من مدينة انطاكيا، قالت الأجهزة الأمنية حينها إنّهما خطفا لأسباب مجهولة، وسيارتهما مركونة في مكان معيّن، ليتبين فيما بعد أنّ المخابرات التركية من قامت باعتقالهما، وأفرجت عنهما بعد 24 يوماً”.
وعن السبب وراء اعتقالهما، اعتبر المصدر أنّ “الضابطين لهما تأثير مباشر على ملف إرسال المرتزقة السوريين إلى ليبيا، وسبق وأعلنوا ذلك لمرات عدّة، علماً أنّ رأيهم مسموع لاسيما أنّهما كانا قادة في الجيش السوري الحر”.
عملية اعتقال مشابهة لعسكري منشق:
وكشف أحد المعارضين السوريين من مدينة الريحانية في لواء اسكندرون، لموقع “الحرة”، أنّ “السلطات التركية قامت باعتقال أحد المعارضين، وهو عسكري منشق برتبة مساعد أول، ويدعى حسين . ع، ولكنها لم تعترف بذلك، وهو محتجز حتى الساعة”، وقال: “لا نعلم إذا كان سيتم إطلاق سراحه في الوقت القريب”.
اختفاء رجل أعمال بارز:
كما قامت المخابرات التركية باعتقال رجل الأعمال السوري “صفوان م” وهو يدير مؤسسة للدراسات والأبحاث ناشطة في شمال سوريا، بحسب ما ذكره أحد العاملين معه، لموقع “الحرة”.
ويتولى رجل الأعمال إدارة شركة تعنى بتنفيذ مشاريع بنى تحتية في شرق الفرات، وفقاً لمتابعين.
وأكّد أحد أصدقاء صفوان، أنّه في “28 سبتمبر الماضي، خرج من منزله عند الساعة التاسعة مساءً، لشراء بعض الاحتياجات، ولكنه لم يعد”، مشيراً إلى أنّ “عائلته تواصلت مع الشرطة التي وجدت سيارته في حي اللابراهملي في غازي عنتاب بناء لكاميرات مراقبة، رصدت أيضاً أنّها كان ملاحقاً من سيارة أخرى”.
وأضاف أنّ “منذ هذه اللحظة، توقفت الشرطة عن التعاون ولا حتى التجاوب معنا”، لافتاً إلى “كل الإشارات تدل على أنّ الأمن التركي هو من قام باعتقاله، باعتبار أنّه يتبع هذه الطريقة في الفترة الأخيرة”.
وقال صديق آخر لصفوان،، إنّ “المشكلة هي في نظرة السلطات التركية للناشطين السوريين، إذ تعتبرنا عملاء أو داعمين لمشروع أجنبي، ونتلقى تمويلاً خارجياً، فضلاً عن معرفتنا بمعلومات سريّة”.
وأشار إلى أنّ “المشكلة الحقيقية في عدم اعتراف السلطات التركية بالاعتقال، هي خطر تسليم المحتجزين لديها لجهات تابعة لها في الداخل السوري، وتصفيتهم هناك”.
مزاعم:
عن السبب وراء اعتقال رجل الأعمال السوري، رأى أحد المقربين منه، أنّ “السلطات التركية تزعم ارتباط صفوان بالخارجية الأميركية، وقد يكون بحوزته معلومات تفيدها”.
في المقابل، نفى المحلل السياسي التركي، حمزة تيكن ، في حديث لموقع “الحرة”، كل هذه الروايات معتبراً أنّها “غير حقيقية”، وردا على سؤاله عن ارتباط اختفاء هؤلاء بانتقادهم لإرسال مرتزقة سوريين إلى أذربيجان للقتال ضد أرمينيا، قال تكين: “السلطات التركية لم ترسل مقاتلين سوريين الى أذربيجان، وهي ليست بحاجة لهم هناك، إذ أنّ الجيش الأذربيجاني هو من يقاتل”.
وأضاف أنّ “السلطات التركية لم تعتقل أحدا على أراضيها”.
أكدت عفاف شاكر، زوجة الضابط السوري المنشق البارز أحمد رحال، أنّ خطر ترحيل زوجها إلى شمال سوريا لم يعد موجودا بعد تدخل عدة أطراف فعالة في قضيته.
قضية أحمد رحال:
هذا واعتقل الأمن التركي، الضابط البارز المنشق عن النظام السوري أحمد رحال، في 12 أغسطس، وأفرجت عنه بعد 73 يوما من الاعتقال وهو في حالة صحية مذرية.