خلال قيادته لسيارة الأجرة يشتكي السائق “أبو ممدوح” من وعورة الطريق من محافظة إدلب باتجاه مدينة عفرين التي تقع في أقصى الزاوية الشمالية الغربية للحدود السورية التركية. “الطريق من أطمة مروراً بقرية دير بلوط وحتى طريق جنديرس، وعر للغاية”، يقول “أبو ممدوح” وتبدو عليه حالة الغضب :
انطلق السائق من مدينة إدلب عبر الطريق الدولي الذي يمر بين بلدتي كفريا ومعرة مصرين. عبر الطريق الذي يؤدي إلى باب الهوى ثم إلى مدينة الريحانية التركية حيث تتتالى البلدات والمدن في محافظة إدلب : كفر يحمول، حزانو، باتبو، سرمدا وصولاً إلى منطقة باب الهوى.
بالقرب من باب الهوى انعطف أبو ممدوح يميناً صاعداً في طريق ضيق مليء بالمنعطفات باتجاه منطقة أطمة التي تعد أكبر تجمع لمخيمات اللاجئين في المحافظة، في منطقة المخيماتٍ تتمركز الحواجز العسكرية التابعة لعدد من فصائل إدلب مثل “فيلق الشام”، الذي بات يرفع علم الجبهة الوطنية للتحرير بعد الاندماج الأخير مع الفصائل ذات الدعم التركي، إضافة لحواجز تابعة لـ “هيئة تحرير الشام”.
“إلى أين الوجهة؟”، يسأل العنصر التابع لآخر حاجز على مشارف قرية دير بلوط. يجيب السائق: “نحن ذاهبون إلى عفرين”. هذه النقطة المتواجدة قبل مخيم دير بلوط هي آخر نقاط سيطرة فصائل محافظة إدلب وتلاحظ بعدها عشرات الحواجز التابعة لفصائل عملية “غصن الزيتون”، المعركة التي أطلقتها تركيا بداية العام الحالي بمشاركة فصائل المعارضة للسيطرة /احتلال / على عفرين.
يتذمر سائق التاكسي عند اجتياز الطريق الترابي الواصل بين دير بلوط وقرية النسرية. “لو علمت أن الطريق بهذا السوء لما قبلت بالمجيء”. يقول السائق بينما ارتطمت مقدمة السيارة بحفرة عميقة وما أكثرها على الطريق.
بعد النسرية يبدو الطريق معبداً من قرية الحمام مروراً بقرية حاج اسكندر حتى جنديرس، وهي مركز الناحية التي تضم أكثر من ثلاثين قرية. علماً أن مسافة الطريق بين حاج اسكندر وجنديرس لا تتجاوز 3 كيلومتر إلا أن الطريق يضم ثلاثة حواجز لفصائل المنطقة. يستمر الطريق بهذه الصورة حتى مدينة عفرين على بعد 25 كيلومتر تقريباً من جنديرس.
الطريق من معبر الحمام العسكري وحتى جنديرس يبدو خطراً. تمر السيارات العسكرية التابعة للحكومة التركية بسرعة كبيرة في أي وقت، في الليل كما في النهار. يقول الأهالي، “البارحة دعست إحدى مصفحات الأتراك طفلاً صغيراً كان يلعب على الطريق”.
لا يوجد تدقيق كبير على الحواجز المنتشرة على طول الطريق من أطمة وحتى عفرين ذهاباً. أما في حال العودة يقول بعض المدنيين إن الحواجز ترفض اصطحاب الأمتعة والعفش التي تحملها بعض الأسر النازحة والتي ترغب بالعودة إلى محافظة إدلب.
في حال قرر أي من المدنيين التوجه نحو اعزاز – التي تبعد قرابة 20 كيلو عن مدينة عفرين- يتوجب عليه الحصول على تصريح بالمرور من جنديرس.
في مدينة عفرين توقفت سيارة الحاج “أبو ممدوح” الذي بدت عليه علامات التعب. نزل الركاب بينما لم يخف السائق استياءه من الأجرة التي تقاضاها عن الطريق الوعر والمليء بالحواجز العسكرية مع أنها بلغت حدود الـ 30 ألف ليرة سورية.
المصدر