نشر الكاتب والحقوقي الكردي شورش درويش صورة جلائه المدرسي، حيث عثر عليه أحد “أصدقائه” وهي مرمية قرب منزله في بلدة رأس العين، التي استولت عليها فصائل المعارضة الموالية لتركيا في أكتوبر 2019، والجلاء جزء من أوراقهم وصور العائلة التي تم حرقها أو إتلافها بعدما تم الاستيلاء على منزله من قبل عائلة نازحة من الغوطة الشرقية في ريف دمشق، تم نقلها الى البلدة عبر الأراضي التركية ضمن مسلسل التغيير الديمغرافي الذي يقوده الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في شمال سوريا.
بمحض الصدفة عثر صديق الطفولة برأس العين على جلائي المدرسي، مرمياً ومتسخاً شأن بقية أوراق وصور العائلة التي أتوقع أنّها رميت في الشارع، فيما نُهب البيت وشرّد ساكنوه/ أهلي، وأحالته الوحوش الآدمية إلى بيت معدٍ لاستقبال مستوطنٍ من الغوطة برفقة زوجته وأولاده.
في الغالب علق المستوطن صور أولاده وأهله على جدران بيتنا، ألمحه من هنا يتوضأ في الحمام، يغلق مزلاج الباب من الداخل خوفاً من اللصوص، ينظر عبر الشرفة المطلة على بلدة جيلان بينار الكردية في تركيا.
عندما اشترى والدي البيت من عائلة أرمنية، جلس الناس من حولنا، تداول الجوار قصة اللعنة الملازمة لأهل البيت حيث عمدت بنت صاحب البيت على الانتحار، كان اسمها سيرانوش على ما أتذكر، كان البيت مطلّاً على كنيسة الكاثوليك ويمكن مشاهدة بهو كنيسة الأرمن كذلك، لم أكن في صباي مرتاحاً لفكرة هدم البناء القديم المصنوع من الحجر وذي الشرفات والأبواب المقوّسة، إذ كانت عمارة البيت تمثّل طراز العمارة المعتمد في أبنية ماردين وديار بكر، لكن ثورة الإسمنت مطلع التسعينيات نالت من البيت العتيق.
كانت قصص تهجير الأرمن ويهود أوربا والفلسطينيين وكرد العراق وتركيا تهزّني، كان ثمة شيء وجداني يشدني إلى قصص الأسى تلك، ربما لم يدر في خيالي أن تنضم عائلتي وعائلات أخرى من رأس العين إلى قافلة المشرّدين التاريخية، وأن نحمل معنا مفاتيحنا المعدّة لفتح باب واحد في هذا الكوكب، باب البيت.
شورش درويش \ فيسبوك