لم يُجدِ الإعلان عن وقف لإطلاق النار في إدلب في السادس من مارس، أيّ قبول وطمأنة لأهالي أدلب وهم يدركون أنّ هذه الهدنة ستكون نسخة عن سابقاتها، واعتبروها هزيمة خاصة وأنّهم فقدوا الأمل -كما يقولون- في العودة إلى بيوتهم.
واستعادت قوات الجيش السوري مدينة كفرنبل في جنوب محافظة إدلب، والتي تميّزت بلافتاتها وشعاراتها التي عربت بطريقة اتسمت بكثير من السخرية عن مواقف سياسية من تطور الأحداث في سوريا.
واتفقت تركيا وروسيا، اللتان تدعمان طرفين متصارعين في الحرب السورية، في الخامس من مارس على وقف القتال في منطقة إدلب بشمال غرب سوريا بعد أن أدى تصاعد العنف إلى نزوح حوالي مليون شخص واقتراب الجانبين من شفا المواجهة.
ويعالج الاتفاق مخاوف تركيا الرئيسية المتمثلة في وقف تدفق المهاجرين ومنع سقوط المزيد من القتلى من الجنود الأتراك، لكنه يعزز أيضا المكاسب الأخيرة التي حققتها القوات الحكومية السورية ويترك المواقع التركية محاصرة.
وقتل نحو 60 جنديا تركيا في اشتباكات بالمنطقة منذ الشهر الماضي لكن وقف إطلاق النار صامد إلى حد كبير منذ الخامس من مارس.
وأعلنت الأمم المتحدة، الجمعة، تقلص العنف بشكل عام وتوقف الهجمات الجوية على منطقة إدلب السورية منذ إقرار تركيا وروسيا اتفاقا لوقف إطلاق النار هناك.
جاء ذلك في تصريح للمتحدث باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، جينس لارك، خلال مؤتمر صحفي عقده في مكتب الأمم المتحدة بجنيف.
وتعمل كل من تركيا وروسيا على تأمين فتح الطريق الدولي دمشق-حلب (M5) الذي يعتبر البند الأهم الذي فرضته موسكو لوقف الزحف، في حين الأهالي في إدلب لهم موقف آخر، فقد تجمعوا عند عقدة بلدة معرحطاط بريف إدلب ونصبوا كتل اسمنتية وهو ما تسعى تركيا عبر ارسال دورية لازالته لعدم اغضاب موسكو،
ورفض مُحتجّون من أهالي إدلب يعتصمون على أوتستراد اللاذقية– حلب الدولي (M4)، تسيير الدوريات التركية- الروسية المُرتقبة وفقاً لاتفاق وقف إطلاق النار الأخير.
حيث يتوافد المئات من المحتجين من أهالي إدلب نحو جسر أريحا الواقع على طريق اللاذقية– حلب الدولي المعروف بأوتستراد الـ M4، حيث يتم تشييد خيام للاعتصام الذي أطلق عليه “اعتصام الكرامة” وذلك احتجاجاً على الدوريات الروسية– التركية المشتركة التي من المرتقب أن يتم تسييرها بعد غد الأحد على الطريق هناك.
وقال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار اليوم الجمعة إنّ تركيا وروسيا اللتان تدعمان طرفين متعارضين في الحرب الأهلية في سورية، اتفقتا على تفاصيل اتفاق وقف إطلاق النار في شمال غرب سورية وسوف تبدآن دوريات مشتركة على طول طريق دولي رئيسي.
وذكر أكار في أنقرة في تصريحات نقلتها وكالة أنباء الأناضول التركية الرسمية إنّ تركيا وروسيا سوف تقيمان”مراكز تنسيق مشتركة”، من أجل مراقبة وقف إطلاق النار في محافظة إدلب المحاصرة.
كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره التركي رجب طيب أردوغان قد وافقا الأسبوع الماضي على وقف لإطلاق النار في إدلب، ووافقا على مراقبة ممر آمن على طول الطريق الدولي “إم فور”، من بين إجراءات أخرى.
وكان هناك وفد عسكري روسي في أنقرة هذا الأسبوع للتنسيق على الإجراءات المزمعة.
وقال أكار إنّ الدوريات المشتركة ستبدأ في 15 مارس الجاري.
وقال مسؤول أمني تركي اليوم الجمعة إنّ مراكز المراقبة التركية في منطقة إدلب السورية باقية في مواقعها وتؤدي مهامها على الرغم من تطويق القوات الحكومية السورية لها وذلك بعد أسبوع من اتفاق بين أنقرة وموسكو على وقف إطلاق النار هناك.
وقال مسؤول أمني تركي “لا توجد خلافات بشأن مراكز المراقبة.
ولا انتهاكات أيضا (لوقف إطلاق النار) ضد مراكز المراقبة.. مراكز المراقبة ستستمر في أداء واجباتها” مضيفا أنّه لن يتم سحب أسلحة ثقيلة أو معدات من هناك.
ومضى قائلا في إفادة في أنقرة “الهدف من مراكز المراقبة هو وقف إراقة الدماء والمأساة الإنسانية. يجب النظر إلى الخطوة التي اتخذت في الخامس من مارس باعتبارها تحركا في هذا الاتجاه. لا يوجد شيء على غرار تم توقيع اتفاق في 5 مارس وبالتالي كل شيء انتهى لقد تم تجميد (الوضع) فحسب”.
وقال المسؤول التركي أيضا اليوم الجمعة إنّه سيكون هناك “تدخل ضروري” ضد الجماعات التي تعمل على انتهاك وقف إطلاق النار.
وأقامت تركيا 12 مركزا للمراقبة العسكرية في منطقة إدلب بموجب اتفاق مع روسيا عام 2018، لكن الكثير من هذه المواقع أصبحت الآن في مناطق تسيطر عليها الحكومة السورية. وكانت أنقرة قد حذرت من قبل من أنّها ستطرد القوات السورية من المنطقة إذا لم تنسحب، لكنها لم تفعل بعد.