يتضامن أكراد العراق مع أكراد سوريا، وذلك بمقاطعة منتجات تركيا، التي تعد أكبر مصدّر للمواد الغذائية والمنزلية ومستحضرات التجميل وغيرها إلى العراق، وتصل قيمتها السنوية لأكثر من ثمانية مليارات دولار، تضامناً مع أكراد سوريا بعد العملية العسكرية التركية.
ويقود المقاطعة أكراد من شرائح مختلفة في إقليم كردستان الشمالي الذي يعد المنفذ الرئيسي للبضائع التركية إلى عموم العراق.
ومنذ انطلاقها دفعت عمليات القوات التركية، أكثر من 12 ألف كردي سوري الى مغادرة مناطقهم في شمال شرق سوريا واللجوء إلى مخيمات في إقليم كردستان تاركين وراءهم عشرات القتلى.
وقال أحد المنظمين الرئيسيين للحملة حميد بانيي، لوكالة فرانس برس “لا نستطيع الوصول إلى جبهات القتال ومحاربة الأتراك بالسلاح، لذلك لجأنا إلى مقاطعة البضائع التركية”.
وأضاف بانيي وهو مغن وإعلامي “نحن بصدد توسيع الحملة لتشمل جميع شرائح المجتمع، وفي هذه الحالة ستكون ضربة قاصمة للاقتصاد التركي”، داعيا في الوقت نفسه إلى التوقف عن مشاهدة الأفلام أو الاستماع للأغاني التركية.
واقتناعاً منه غيّر هوجر علي البالغ من العمر 31 عاماً وأب لثلاثة أطفال، تقليداً عائلياً. فالبسكويت الذي لطالما كان يتواجد في المنزل ليؤكل مع الشاي، تركي.
لكن اليوم “يجب أن أقوم بدوري”، يقول علي وهو أحد سكان أربيل كبرى مدن إقليم كردستان العراق.
ويضيف “لن أدعم الاقتصاد التركي بعد الآن بأي شكل من الأشكال، لأن تركيا لا تؤمن بحقوق الأكراد أو حتى بوجودهم”، مؤكداً أنه بات الآن يأكل البسكويت المستورد من إسبانيا.
ولإنجاح هذه الحملة، يتولى متطوعون توزيع منشورات في أسواق السليمانية، ثاني أكبر مدن إقليم كردستان، لدعوة المواطنين ومناشدة الباعة للتوقف عن التعامل وبيع المنتجات التركية.
وتقول زانا أحمد (28 عاما)، التي تبيع مستحضرات تجميل للوجه والشعر والماكياج من تركيا والولايات المتحدة وأوروبا، “بعد الهجوم التركي على الأكراد في سوريا، قررنا وقف استيراد المنتجات التركية والبحث عن بدائل”.
بدأت خسائر البضائع التركية
بدأت خسائر البضائع التركية
ولدى وصول الخبر إلى شمال سوريا، قوبلت الحملة بدعم قوات سوريا الديمقراطية.
وقال المتحدث باسم القوات الكردية مصطفى بالي إن “كل فلس يصرف على شراء منتجات تركية أو تشجيع السياحة يتحول إلى رصاص وقنابل تقتل أطفالنا في شمال شرق سوريا”.
وتُستورد غالبية البضائع إلى كردستان العراق، الذي يشترك بحدود شمالية تمتد 350 كيلومترا مع تركيا وشرقية بطول 500 كيلومتر مع إيران، من كلا البلدين.
وبدأت بالفعل، خسائر البضائع التركية، بالتحول إلى مكاسب لإيران، وفقا إلى كروان جمال (45 عاما).
يقول جمال الذي يعمل سائق سيارة أجرة في السليمانية، والذي أدرك تماماً أهمية المقاطعة “اشتريت زيت طبخ إيراني بـ10500 دينار عراقي (نحو ثمانية دولارات) بينما سعر العبوة التركية (المماثلة) ستة آلاف دينار” فقط، مؤكداً أنه إذا كان الأمر يتعلق بفرق في السعر، فهو مستعد لدفع المال.
لكن الأمر مختلف من ناحية الملابس، موضحاً أن “الملابس المصنوعة في إيران أقل أناقة وقليلة في الأسواق، مقارنة بالتركية”.
ولمس نصر الدين محمود، صاحب شركة “تازة” الكردية لبيع منتجات غذائية بالجملة، فرقاً من ناحية الإقبال على البضائع التركية.
ويقول لفرانس برس إن “التجار يرفضون شراء البضائع التركية، ويطلبون منتجات إيرانية وتوجهوا لسد حاجاتهم الأخرى من المنتجات المحلية” في الإقليم.
ويرى محمود الذي يعمل في التجارة منذ أكثر من 15 عاما، بأن “الطلب على المنتجات التركية انخفض الى النصف”.
ودعا سلطات الإقليم إلى إصدار قرارٍ بمقاطعة المنتجات التركية لمنع المصدرين الأتراك من بيع بضاعتهم في كردستان العراق.
لكن سلطات الإقليم، التي يسيطر عليها الحزب الديمقراطي الكردستاني، ترتبط بعلاقات متينة مع تركيا في مجالات واسعة بينها اقتصادية، الأمر الذي يعارضه منافسه الرئيسي، حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، ومعقله في السليمانية.
ويقول رئيس غرفة التجارة والصناعة في السليمانية، سيروان محمد، لفرانس برس “يوميا يأتينا أصحاب الشركات للحديث عن تأثير الحملة عليهم”.
وتابع “أعتقد أن استمرار الحملة سيؤثر سلبا على الشركات التركية والمحلية التي تستورد المنتوجات التركية للإقليم”.
ويرى محمد أن “المستهلكين لن يتأثروا بقلة المنتجات التركية في الأسواق لوجود منتجات إيرانية وخليجية وأوروبية بالإضافة إلى منتجات الإقليم وباقي العراق”.
ويقول مشيرا إلى محفظة نقوده إن هذه الحملة “تخاطب الضمير الكردي، قبل كل شيء”.