يوما بعد آخر يتعرض مشروع حزب العدالة والتنمية التركي للمزيد من النكسات، وتبعثر تركيا المزيد من أوراقها في الملف السوري، وبالتحديد في منطقة شرق الفرات، ومشروع “المنطقة العازلة” التي سعت لإقامتها كوسيلة لاحتلال المزيد من المناطق وخاصة الخاضعة لسيطرة قوات سورية الديمقراطية، “المستقرة، الآمنة”.
خسارة تركية في سورية وفشل مشروعها الكبير في الاستيلاء على السلطة عبر “الإخوان المسلمين” دفعها للمناورة والبحث عن بدائل، لتنحصر طموحاتها الجيوسياسية والأمنية الآن والتي فشلت في بلوغها مع دعم التمرد العربي السني لإسقاط حكومة الرئيس السوري بشار الأسد باستهداف الأكراد في شمال سوريا والذين أسسوا منطقة الإدارة الذاتية.
فبعدما كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، يتوعد نظيره السوري بشار الاسد باسقاط نظامه، ويبشر المعارضة المسلحة التي يدعمها بالصلاة جنبا لجنب في الجامع الأموي بدمشق انحصرت طموحاته الآن لمواجهة الأكراد والعرب المتحالفين معهم بغية تجريدهم من المكاسب التي حصدوها بالكثير من التدبير والسياسة والدم، وعرقلة صعودهم وتحقيق أي نوع من الحكم الذاتي في مناطق شمال وشرق سوريا.
تفاصيل المشروع الاستيطاني التركي:
نشرت قناة TRT التركية تفاصيل خطة ماتسميه تركيا “المنطقة الآمنة” في شمال سوريا، تتضمن اقامة مستوطنات بتكلفة تصل الى 27 مليار دولار. ويبدو ان السلطات التركية تتوقع ان تقبل واشنطن بخطتها الخبيثة وان تمولها كذلك.
الخطة تتضمن إقامة مناطق سكنية في شمال سورية لمليون شخص، وتضم 10 قطاعات تتسع الواحدة منها لـ 30 ألف شخص، و 140 قرية تتسع ل 5 آلاف.
كما ستضم القرية مسجدين، ومدرستين بسعة 16 قاعة دراسية، ومركزاً شبابياً، وصالة رياضية مغلقة.
أما بالنسبة للبلدات، فستضم بدورها 6 آلاف منزل مؤلفة من 3 أو 4 غرف بمساحة وسطية تبلغ 100 متر مربع.
وستحتوي البلدة على مسجد في مركزها و 10 مساجد أخرى موزعة على الأحياء، و 8 مدارس بسعة 16 قاعة دراسية، وثانوية وحيدة، وصالتين رياضيتين، و 5 مراكز شبابية، واستاد كرة قدم صغير، و 4 ملاعب كرة قدم صغيرة للأحياء، إضافة إلى مرافق اجتماعية أخرى، ومجمّع صناعي صغير.
كما ستضم بلدتان مستشفيين بسعة 200 سرير، إضافة إلى 8 مستشفيات بسعة 10 أسرة موزعة على البلدات الأخرى.
وبحسب الخطة فإن مجموع مساحة القرى والبلدات السكنية سيقدر بنحو 92.6 مليون متر مربع، فيما ستبلغ مساحة الأراضي الزراعية التي ستوزع على سكان القرى نحو 140 مليون متر مربع آخر.
وسيبلغ مجموع الوحدات السكنية في المنطقة الآمنة 200 ألف وحدة، يتم تشييدها بتمويل أجنبي، حيث تقدر ميزانية المشروع بنحو 150 مليار و 965 مليون و 400 ألف ليرة تركية، أي ما يعادل 27 مليون دولار تقريباً.
واشنطن تحذر مجددا:
وحذر جيمس جيفري المبعوث الأمريكي الخاص بسوريا للصحفيين على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة من أي عمل أحادي من قبل تركيا في المنطقة.
وقال جيفري ”أوضحنا الأمر لتركيا على جميع المستويات بأن أي عملية من جانب واحد لن تؤدي إلى تحسن أمن أحد… لدى الأتراك بالطبع خيار التحرك عسكريا“.
وأضاف ”لقد طورنا مقترحا لإنشاء منطقة آمنة مع كل المعنيين، يشمل سحب وحدات حماية الشعب قواتها وأسلحتها الثقيلة لمسافات مختلفة وفقا للموقع ونوع النشاط“، وقال إن الوحدات ستزيل أيضا تحصيناتها في مناطق معينة.
قسد تحدد شروطها:
ذكر مركز التنسيق والعمليات في قوات سوريا الديمقراطية أنه تمت مناقشة العديد من الموضوعات المهمة في الاجتماع الذي عقده التحالف الدولي مع المجالس المدنية والعسكرية في مدينة تل أبيض يوم الأحد وأنهم حددوا خلاله شروطا لاستقبال اللاجئين السوريين.
المركز أشار إلى أن الإدارة الذاتية في الوضع الحالي تستقبل قرابة مليون لاجئ، بدعم محدود وأنها في حال استقبال المزيد يجب أولا توفير مستلزمات تلك العملية وبعدها يمكن الحديث عن استقبال المزيد من الاجئين بعد تحقيق عدة شروط منها اكتمال الاستعدادات التي تشمل توفير الدعم الكافي لاستقبالهم من خلال تامين دعم المنظمات الدولية والمساعدات اللازمة، وانشاء نظام فحص اللاجئين، وفرزهم ويجب أن يأتي اللاجئون في الأصل من شمال شرق سوريا، وألا يكون مرتبطين بأي أنشطة إرهابية أو جرائم ضد الشعب السوري إضافة يجب ان تكون عودة الاجئين طوعية وليس بالإكراه.
حيث أن الزيادة الكبيرة في عدد اللاجئين تعني أن الإدارة الذاتية في شمال شرق سوريا لن تكون قادرة على مساعدة هؤلاء الأشخاص ورعايتهم خاصة وأنه يوجد بالفعل ما يقرب مليون نازح يعيشون في شمال شرق سوريا دون دعم كافٍ.
وحث مركز التنسيق المجتمع الدولي على التدخل لتقديم الدعم والرعاية للاجئين ولمنع عودة الدولة الإسلامية (داعش) التي هُزمت في شمال شرق سوريا في مارس. وأن الناس في شمال شرق سوريا متعاطفون ويجب على جميع الأطراف المساعدة في عودة اللاجئين بطريقة مسؤولة توفر الرعاية والدعم المناسبين لهم، مع الحفاظ على الأمن والاستقرار، ومنع عودة داعش.
تختلف رؤية قوات سوريا الديمقراطية لإعادة توطين اللاجئين بشكل كبير مع الخطط التي حددتها تركيا في الأسابيع الأخيرة والتي تتخلص في نقل 2 مليون سوري لتوطينهم في تلك المنطقة وأن تشرف تركيا أمنيا وعسكريا وإداريا على تلك المنطقة.
وقال مظلوم عبدي قائد قوات سوريا الديمقراطية في لقاء صحفي سابق ” نود أن نرى دوراً للولايات المتحدة بالمساعدة في إيجاد حلول سياسية للمناطق التي تم تحريرها من داعش وكذلك توفير دعم عسكري متزايد لقوات سوريا الديمقراطية”
وأضاف “إن التهديدات التركية بالتوغل ساعدت خلايا نائمة من داعش بالظهور في شمال شرق سوريا, حيث ستحاول استغلال أي عدوان”.
وأردف قائلاً “نثق بالولايات المتحدة للتوصل إلى اتفاق مع تركيا لتجنب مثل هذا الصراع، حتى الآن الأمور تسير على ما يرام”.
وأوضح مظلوم “إن قوات سوريا الديمقراطية وافقت على إنشاء منطقة آمنة على طول الحدود التركية بعمق 5 كيلومترات، مع امتداد بعض الأجزاء إلى 12 كيلومتراً (حوالي 7 1/2 ميل)”.
وأضاف “لقد أظهرنا قدراً كبيراً من المرونة من جانبنا, ونحن واثقون من أن الأميركيين سوف يستجيبون لهذه المرونة, إلا أن بيانات تركية الاستفزازية كل يوم تصعّب من الوصول إلى حل”.
المستعمرات التي تخطط تركيا لاقامتها شرق الفرات بعد تهجير سكانها الحاليين وتوطين موالين لها كما فعلت في عفرين.
وبحسب ماسربته صحف موالية لحزب العدالة والتنمية التركي.https://t.co/Z54SgdulNh pic.twitter.com/BWWb8YD9Nt— VdC-NsY (@vdcnsyEnglish) September 28, 2019