نفى الائتلاف السوري المعارض في اسطنبول التقارير التي تتحدث عن الانتهاكات في منطقة عفرين، واعتبرها مبالغة، وتستند لإعلام تابع لمنظمات إرهابية أو للنظام السورري، كما ورفض اتهامات التغيير الديمغرافي، عبر تهجير ممنهج لسكانها الكرد مقابل توطين اللاجئين من مناطق سوريا أخرى فيها، ضمن خطة التغيير الديمغرافي معتبر أن النازحون في عفرين جاؤوا بشكل طوعي، ولم يجبرهم أحد على الاستقرار في عفرين.
ونقلت قناة روداو التي تبث في اقليم كردستان العراق عن عضو الهيئة السياسية للائتلاف، عبدالمجيد بركات، قوله أن “التغيير الديموغرافي، مورس في معظم الجغرافية السورية، فالنظام مارس التغيير الديموغرافي في الغوطة الشرقية، حمص، إدلب وريف حماة الشمالي، كما أن ريف حلب الشمالي الذي يضم أغلبية تركمانية، يوجد فيه حالياً حوالي مليون شخص من المناطق السورية، وكذلك عفرين وغيرها”.
مشيراً إلى أنه “عندما يتحدث أردوغان عن إعادة اللاجئين، فإننا نُصر بالدرجة الأولى على أن تكون عودة اللاجئين، طوعية، وضمن قضايا سياسية كثيرة تتعلق بالمنطقة الآمنة والاستقرار وغير ذلك، أما إعادة اللاجئين بشكل قسري من قبل أي جهة، فهو أمر غير مقبول”.
وتابع قائلاً: “نحن ضد التغيير الديموغرافي في أي منطقة، فلو كان الأمر عائداً إلى الذين سكنوا في عفرين، ولو حُلت قضاياهم في مناطقهم، لعادوا إليها فوراً”.
وحول الجرائم والانتهاكات التي تُمارس يومياً في عفرين، قال بركات: “أعتقد أن هذا الكلام فيه مبالغات كبيرة، وربما يستند لإعلام تابع لمنظمات إرهابية أو للنظام، فالنازحون في عفرين جاؤوا بشكل طوعي، ولم يجبرهم أحد على الاستقرار في عفرين، كما لم يُخرج أحدٌ السكان بالقوة”.
من جهته أكد عضو الهيئة السياسية في الائتلاف السوري المعارض، عبدالله كدو أن منطقة عفرين تدار من قبل قوات وفصائل المعارضة بإشراف الحكومة التركية، وأن ممثلي المجلس الوطني الكردي في الائتلاف السوري طالب بإخراج الفصائل المسلحة إلى خارج المدن والبلدات والمناطق السكنية وطرح توحيدها تلك الفصائل لتأتمر بأوامر جهة معينة حتى يمكن مراقبتها والإشراف عليها والحد من خروقاتها وتوقيفها، إنهم طرحوا إقامة جهاز قضائي موحد حرفي يعمل على وقف الانتهاكات ومحاكمة المجرمين الذين يخطفون الأطفال والنساء والمدنيين ويطلبون من أهاليها الفدية لإطلاق سراحهم وغيرها.
وكانت الأمم المتحدة قد أصدرت تقرير يخص الوضع في منطقة عفرين السوررية في آذار \مارس 2019 قالت فيه إن المدنيين يتعرضون للاعتقال بصورة تعسفية فضلا عن الاختطاف والاحتجاز كرهائن للحصول على فدية، مؤكدة أنه مع اختتام عملية “غصن الزيتون” التي قامت بها تركيا، أصبحت عمليات الاعتقال والاحتجاز التعسفية منتشرة في أنحاء منطقة عفرين.
وكشف تقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بسوريا عن حجم المعاناة التي يعيشها المدنيون نتيجة المكاسب العسكرية الواسعة التي حققتها العديد من الاطراف بالاقتران مع الاتفاق المبرم بين تركيا وروسيا لإنشاء منطقة منزوعة السلاح في الشمال الغربي. ويأتي هذا التقرير ضمن الملفات الرئيسية للدورة الأربعين لمجلس حقوق الانسان المنعقدة حاليا في جينيف.
وأقر التقرير الأممي بأن المكاسب العسكرية الواسعة التي حققتها القوات الموالية للحكومة مع انشاء المنطقة منزوعة السلاح في الشمال الغربي، قد أدت إلى انخفاض ملحوظ في العنف، لكن ظلت الحالة الأمنية حرجة بسبب الاقتتال بين الإرهابيين التابعين لهيئة تحرير الشام وجماعات مسلحة، ولفتت اللجنة إلى أنها وثقت في الفترة قيد الاستعراض، العديد من حوادث لمدنيين احتجزتهم هيئة تحرير الشام بشكل تعسفي أو اختطفهم أفراد جماعات مسلحة وعصابات اجرامية واحتجزوا كرهائن للحصول على فدية، وذلك في معاقل هذه الجماعات والعصابات في إدلب وشمال حلب، وكذلك عانى المدنيون في إدلب من عدم وجود نظام مركزي للحكم في ظل الهياكل المتوازية لنظامين مهيمنين هما: ما يسمى “الحكومة المؤقتة” و”حكومة الانقاذ” التابعة لهيئة تحرير الشام.
وتابع التقرير: “وبالمثل، فمع اختتام عميلة غضن الزيتون من جانب تركيا في آذار/ مارس 2018، اصبحت الاعتقالات التعسفية وعمليات الاحتجاز والنهب منتشرة في جميع أنحاء عفرين (حلب). وأدى عدم وجود آليات فعالة للشكاوى وعدم وجود قضاء مركزي، بالاقتران مع وجود العشرات من الجهات الفاعلة المسلحة التي تتشارك السلطة على مستوى المنطقة الفرعية، إلى حدوث ارتباك لدى المدنيين بشأن تحديد المؤسسة المسؤولة عن معالجة المظالم المحددة، بما في ذلك في حالات الاحتجاز والاستيلاء على الممتلكات. وأدى الاقتتال فيما بين الجماعات المسلحة وسلسلة من عمليات السيارات المفخخة إلى تفاقم الوضع الأمني غير المستقر أصلا. وكما هي الحال في إدلب، سادت عمليات اختطاف على أيدي أعضاء جماعات مسلحة وعصابات اجرامية من أجل الحصول على فدية”.
ولفت التقرير إلى أن الانتهاكات والغياب العام لسيادة القانون يشكلان واقعا قاسيا يعيشه في جميع أنحاء البلد، بمن في ذلك الأشخاص المشردون داخليا وعددهم 6.2 ملايين شخص إلى جانب 5.6 ملايين شخص من اللاجئين الذين يسعون إلى العودة.
ويأتي التقرير المقدم الى مجلس حقوق الانسان ليقدم استنتاجات لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بسوريا، بناء على التحقيقات التي اجريت في الفترة من 11 تموز/ يوليه 2018 وحتى 10 كانون الثاني/ يناير 2019، واستندت المنهجية التي اتبعتها لجنة التحقيق إلى أفضل ممارسات لجان التحقيق وبعثات تقصي الحقائق، بحسب التقرير.
وشدد التقرير على انتشار عمليات الاختطاف من أجل الفدية من جانب الجماعات المسلحة والعصابات الاجرامية في إدلب وعفرين والتي تثبتت منها اللجنة، وأبلغ الضحايا وأسرهم في عفرين عن مثل هذه الحالات إلى الشرطة العسكرية والشرطة المدنية والسلطات التركية بدون تأثير يذكر أو بدون أي تأثير.
وقال التقرير إنه نظرا إلى عدم وجود جهاز أمني فعال وما يلازم ذلك من غياب سيادة القانون فإن أكثر الانتهاكات شيوعا المرتكبة في عفرين تنطوي على عمليات اختطاف متكررة من جانب الجماعات المسلحة والعصابات الاجرامية، مشيرا إلى أنه في بعض الحالات اعيد اختطاف افراد بعد اطلاق سراحهم، وكثيرا ما كان الضحايا غير قادرين على تحديد هوية خاطفيهم، وكانوا بدلا من ذلك يشيرون عموما إلى الجماعات المسلحة أو الجماعات التابعة للجيش السوري الحر أو العصابات الاجرامية. وتراوحت طلبات الفدية بين بضع مئات من الدولارات إلى 100 ألف دولار أمريكي أو أكثر.
ولفت تقرير اللجنة الدولية المستقلة المعنية بسوريا إلى وجود العديد من الحالات التي تنطوي على عمليات اعتقال واحتجاز تعسفية من جانب اعضاء الجماعات المسلحة، وهي حالات شملت أيضا ادعاءات موثقة بارتكاب عمليات تعذيب وإساءة معاملة، استهدفت في كثير من الأحيان أفرادا من اصل كردي، من بينهم نشطاء ينتقدون علنا الجماعات المسلحة واشخاص يُنظر إليهم على هذا النحو. وقال التقرير أنه في بعض الحالات أعقب عمليات الاعتقال مصادرة ممتلكات الضحية بما في ذلك المركبات والماشية. وبالمثل، فإن أفراد متهمين بدعم حزب الاتحاد الديمقراطي الكردستاني أو وحدات حماية الشعب الكردي قد اعتقلوا على أيدي أفراد من جماعات مسلحة مجهولة الهوية، ثم جرى استجوابهم من جانب افراد الجماعات المسلحة والضباط الاتراك على السواء.
وقال التقرير إن السكان من جميع انحاء عفرين قد قدموا بانتظام روايات عن النهب الذي تقوم به الجماعات المسلحة والعصابات الاجرامية، ولا تزال زراعة اشجار الزيتون تشكل مصدرا رئيسيا للدخل لآلاف المزارعين في المنطقة، كما أن النهب الجماعي لحصاد الزيتون على أيدي أفراد الجماعات المسلحة خلال موسم الذروة قد حرم الكثيرين من سبل معيشتهم. واشار التقرير الى انه في محاولة لوقف حالات الاستيلاء وافق ضحايا آخرون على دفع ضريبة يفرضها عليهم افراد الجماعات المسلحة، كما تلقت اللجنة تقارير عن مضايقات بما في ذلك مضايقات للنساء من جانب أفراد الجماعات المسلحة وعن المطالبة برشاوى من الأفراد الراغبين في اجتياز نقاط التفتيش.
وفي الوقت الذي تلقت فيه اللجنة روايات عن انسحاب القوات التركية خلال الفترة قيد الاستعراض، فقد أكد السكان استمرار وجود القوات التركية في عفرين وإعزاز، بما في ذلك ادعاء استخدامها المدارس لأغراض عسكرية في عفرين، وظلت القوات التركية بحسب التقرير تقوم بتسليح نقاط التفتيش في المدن الكبيرة وحولها في أعقاب عملية غصن الزيتون، على الرغم من أن الأغلبية العظمى من هذه القوات قد استعيض عنها على ما يبدو في الأشهر الأخيرة بأفراد الجماعات المسلحة، ومن بينها التي تعمل مع الجيش السوري الحر.
وفي إشارة لسياسة “التتريك” المتبعة لتغيير هوية الشمال السوري، لفت التقرير أيضا إلى قيام السلطات التركية بمراقبة الهياكل الادارية والقضائية والتنفيذية وبتنسيق أمورها وتمويلها، وورد أبناء مفاداها قيام تركيا بتمويل المجالس المحلية وتقديم الدعم التقني من أجل إصدار وثائق الهوية الحيوية، في حين ذكر السكان أيضا أن هذه الوثائق مطلوبة من السلطات التركية كشرط مسبق لتنقل المدنيين بحرية داخل عفرين وإلى المناطق المجاورة.
وأشار التقرير إلى وجود تقديرات موثوق بها توضح أن أكثر من 50 جماعة مسلحة، من بينها الجماعات التابعة للجيش الحر، لا تزال موجودة في عفرين والمناطق المجاورة في أنحاء شمال حلب، وهي توجد بصفة غالبة في منطقة عفرين وفي منطقة إعزاز المجاورة، وخلال الفترة قيد الاستعراض، شملت هذه الجماعات أحرار الشام ولواء أمجاد الاسلام وفيلق الشام وجيش النخبة وجيش الشرقية وجبهة الشامية ونور الدين الزنكي إلى جانب جماعات أخرى.
ولفت التقرير إلى أنه مع نهاية عملية غصن الزيتون وقعت فترة هدوء قصيرة الأجل، لكن ظل الأمن العام على الأرض غير مستقر طوال الفترة المشمولة بالتقرير منذ نهاية العملية في 18 آذار/ مارس 2018، وقد ازداد درجة كبيرة القتال بين الفصائل المسلحة للسيطرة على جيوب الاقليم، وشملت الاشتباكات المتكررة استخدام السيارات المفخخة والعبوات الناسفة المرتجلة، وخاصة في المراكز ذات الكثافة السكانية العالية في مدينتي عفرين وإعزاز، وهو ما أسفر عن مقتل واصابة العشرات من المدنيين، بمن فيهم النساء والأطفال. وتابع التقرير: “تسبب تلوث الأراضي الزراعية بالألغام البرية والمتفجرات من مخلفات الحرب في مزيد من الإصابات في صفوف المدنيين بما في ذلك بين الاطفال”.
وأكد التقرير أنه على الرغم من التغييرات في الهياكل الإدارية والقضائية والتنفيذية في عفرين، فقد أشار السكان إلى كيف أن الجماعات المسلحة التي تمارس السيطرة الفعلية على المناطق الفرعية تفتقر إلى الانضباط وكثيرا ما تتورط في أعمال النهب والاحتجاز التعسفي والاختطاف، وتابع التقرير: “ولم تتمكن اللجنة من تحديد ما إذا كانت السلطات التركية قادرة على السيطرة على هذا السلوك”.
وقال التقرير إلى أن أكثر الانتهاكات شيوعا المرتكبة في عفرين تنطوي على عمليات اختطاف متكررة من جانب الجماعات المسلحة والعصابات الاجرامية بحق الأطباء والصيادلة وغيرهم من المدنيين الذين ينظر اليهم كأغنياء يجري اختطافهم او اختطاف اولادهم للحصول على فدية، وفي بعض الحالات اعيد اختطاف افراد بعد اطلاق سراحهم.
وقالت اللجنة أنها لا تزال غير قادرة على تحديد ما إذا كانت القوات التركية قادرة على ممارسة السلطة الفعلية والقيام بالمهام الحكومية في عفرين، وبسبب الغياب الصارخ لسيادة القانون، لا يزال من غير الواضح بالمثل ما إذا كانت القوات التركية قادرة على ممارسة السيطرة الشاملة على أي جماعات مسلحة موجودة في المنطقة.
ولفت التقرير في ختامه إلى أن أنماط القتال والاعتقال التعسفي وقمع المعارضة السياسية من جانب الجماعات المسلحة في منطقة عفرين، قد دفعت إلى نزوح المدنيين في اتجاه المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة والمناطق الخاضعة للسيطرة الكردية في الشرق. وفي الوقت نفسه، عاد الآلاف من المدنيين إلى عفرين خلال الفترة قيد الاستعراض، ليجد الكثيرون منهم منازلهم قد نهبت. وفي حالات أخرى وجد العائدون منازلهم قد استولى عليها مقاتلون وأسرهم. واشار التقرير الى ان أولئك النازحين مطالبون ببدء إجراءات أمام المحكمة من أجل استعادة ممتلكاتهم.