ما بات يربط قوات سوريا الديمقراطية والولايات المتحدة ليس مصالح مؤقتة، أو دعما لمرحلة محددة. اختبار العلاقة بين هذه القوات وواشنطن مر بعدة محطات مفصلية، أثبت الطرفان خلالها عمق واستمرارية العلاقة، والتي كانت ناجحة لكلا الطرفين، من حيث تمكنهم من تحقيق الانتصار الأخير وهزيمة الدولة الإسلامية.
الاختبار الأقوى لتلك العلاقة والتي ترسخت أساسا من خلال البنتاغون والقادة العسكريين الامريكيين والاوربيين الذي عملوا مع قسد و قادتها ومقاتليها لتتطور إلى دعم سياسي وعدم التخلي عنهم في ظل التهديدات التي تحيط بهذه القوات ومنطقة شمال وشرق سوريا او شرق الفرات، التهديدات الخارجية المتمثلة بتركيا التي لا تخفي رغبتها في دفن وذبح سكان هذه المنطقة من الاكراد والانتقام من العرب لانهم تحالفو معهم، وتهديدات النظام السوري عدا عن المعوقات والتحديات الداخلية.
خطوة الانسحاب الامريكي التي أعلنها ترامب أواخر 2018 كانت مفصلية لتحديد مستقبل قوات سوريا الديمقراطية، بل ومستقبل المنطقة برمتها، لكن القرار تم تأجيله، او الغاءه للابد رغم إصرار ترامب على التنفيذ لكنه جوبه برفض من البنتاغون أشبه أن يكون بالانقلاب، فلم يجد ترامب بدا من التراجع، والالغاء وهو ما صرح به قائلا: لقد قررت اعادة جنودنا الى الوطن، لكنهم تدخلوا ومنعوني، هم لا يريدون… هو يقصد بوزارة الدفاع، ويقصد بقادته العسكريين، الذين كونوا صداقة ورفقة السلاح مع القادة الاكراد ضمن قوات سوريا الديمقراطية، ووعد بالحماية وعدم تركهم وحيدين في ساحة المعركة، وعلى ارض ماتزال تشهد معارك وتهديدات وجودية تصل حد الابادة.
ولعل القائد الأول لقوات سوريا الديمقراطية، مظلوم عبدي لاقى من الدعم والاهتمام الدولي ما لم ينله أي قائد محلي، لا سيما وأنه كان واضحا وصريحا في تحديد ورسم العلاقة، ومتطلبات كل مرحلة وصولا للحد الذي ينتهي فيه نهائيا خطر داعش الى الابد، وهو الذي يصفه الإعلام الغربي والمسؤولون الغربيين بالجنرال، الصديق، كيف لا ومظلوم عبدي بات هو القائد الوحيد في سوريا الذي خرج بعد 8 سنوات من القتال بقوات عسكرية سليمة، منضبطة.
توحيد كل القوى تحت راية مظلوم عبدي:
قبل تشكيل قوات سوريا الديمقراطية، ودعمها من قبل التحالف الدولي كانت الولايات المتحدة ودول أوروبية عدة تدعم عدة فرق يقاتلون نظام حكم الرئيس السوري بشار الأسد، كان الدعم يمر من خلال وكالات الاستخبارات الامريكية سي اي اي ويصل بوفرة للفصائل تحت أسماء وتشكيلات متعددة وكانت تركيا هنا اشبه بالسمسار، الذي يوجه هذه الاموال، والاسلحة والتي كانت تصل أخيرا الى فصائل مقربة، او تابعة لجبهة النصرة، لاحقا هيئة تحرير الشام، أو إلى التنظيم نفسه.. يأست واشنطن من فشل المعارضة وغياب أي مشروع سياسي واضح لها، وتزايد التطرف ووصول الكثير من التقارير التي تكشف الانتهاكات وجرائم هذه المجموعات التي تدعمها.
أوقفت واشنطن واغلب الدول الاوربية كل برامج الدعم العسكري وحصرته بقوات سوريا الديمقراطية نسبة 95% والـ 5% كان من حصة فصيل يسمى ب قوات النخبة، في منطقة التنف والتي اعلنت ببيان وقتها أن تيار الغد الذي يرأسه أحمد الجربا، الرئيس السابق لائتلاف المعارضة السورية في تركيا.
جربا تردد مرارا على زيارة قادة في قوات سوريا الديمقراطية، وزار تركيا وقيل وقتها انه يحمل مشروع تفاوض بين الطرفين، وهو الأمر الذي نفته قسد. لكن موقفه ظل متذبذبا من جملة قضايا ومنها المشروع السياسي الذي تحمله قوات سوريا الديمقراطية، كما ان جناحه العسكري تردد واعلنت وسائل اعلام ان هنالك خلافات واتهامات.
في احدث تطور نقلت وسائل إعلام عن قائد قوات النخبة مهيدي الجعيلة” المكنى ب “أبو صالح” القول بأنه “لا يحق لاحمد الجربا التحدث باسمنا أو التفاوض عنا، داخلياً وإقليمياً ودولياً،و نحن قوات حليفة لقسد و نناقش الانضمام إليها..لقد انسحبنا نهائيا من تيار الغد”. التصريح اعقبه بيان أعلنت فيه قوات النخبة انفصالها رسميا عن زعيم تيار الغد أحمد عاصي الجربا، مؤكدة إنها ستعمل على الانفتاح على المشاريع التي تحقق تطلعات الشعب السوري في الجزيرة والفرات.
وقالت النخبة في بيان، الاثنين، أنها تنطلق من “الأهداف الوطنية التي تشكلت من أجلها قوات النخبة السورية، منذ الاعتراف بها كفصيل مستقل داخل التحالف الدولي ضد داعش”.
وتابع البيان “وتأسيساً على الأهداف التي نطمح من أجلها، منذ المعارك الكثيرة التي خاضتها قوات النخبة السورية قبل تأسيس التحالف الدولي و انتهاءاً بمعركة الرقة، حيث كان لقوات النخبة شرف المشاركة في جميع مراحلها، فكانت أول فصيل يدخل عاصمة التنظيم المتطرف في الرقة”.
وأشار البيان إلى المجزرة التي ارتكبها تنظيم داعش أبناء مناطق الشعيطات في ريف دير الزور- شرق الفرات، موضحا انها “شكلت الدافع والنواة لتأسيس قوات النخبة السورية، في الوقت الذي مازال فيه أهلنا اليوم يدفعون ثمن حروبهم مع التنظيم المتطرف وخلاياه النائمة”.
وأعلنت النخبة عن اتخاذها قرارات بعد التشاور والاتفاق مع قياداتها العسكرية وهي:
الانسحاب من تيار الغد السوري الذي يرأسه السيد أحمد الجربا
عدم اعتبار قوات النخبة السورية جناحاً عسكرياً لتيار الغد السوري، وليس لها مع الأخير أية علاقة بالتوجهات والأهداف.
– عدم اعتبار رئيس تيار الغد السوري السيد أحمد الجربا ممثلاً سياسياً لقوات النخبة السورية، ولا يحق له التحدث باسمها أو التفاوض عنها، داخلياً وإقليمياً ودولياً.
– ترحب قوات النخبة السورية بالانفتاح على جميع الجهات، وجميع الخيارات، وجميع المشاريع التي تحقق لشعبنا السوري، ولأهلنا في الجزيرة والفرات، تطلعاتهم في الحرية والكرامة والديمقراطية.
وقوات النخبة فصيل مسلح تأسس في 18 نيسان 2016، وتتألف من حوالي ثلاثة آلاف مقاتل من أبناء قبيلة الشعيطات.
ويتواجد في النتف قاعدة عسكرية للتحالف الدولي أنشأت عام 2014 بهدف معلن هو مواجهة الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش). وهي تقع على بعد 24 كم من الغرب من معبر التنف ( الوليد ) عند المثلث الحدودي السوري العراقي الأردني، في محافظة حمص. وأفيد بأن المركز العسكري قد أنشئ في أوائل عام 2016 لتدريب مقاتلي النخبة.