على الرغم من أن الهجوم العسكري التركي على شمال شرق سوريا يبدو الآن أقل ترجيحاً بسبب اتفاق المنطقة او الآلية الآمنة بين الولايات المتحدة وتركيا، إلا أن المواطنين الأتراك وهم ايضا من الأكراد والذين يعيشون على طول الحدود السورية لا يشعرون بقلق أقل وهم يشاهدون عمليات الانتشار العسكرية، ويخشون من موجة جديدة من اللاجئين ويدعون من أجل نهضة اقتصادية كما هم خائفون وقلون على اقربائهم في الجهة السورية لا سيما وان هذه الحدود المصطنعة قسمت حتى العائلة الواحدة.
وبعد أن أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان العام الماضي أن تركيا تخطط لعملية عسكرية واسعة النطاق ضد الشرق من نهر الفرات، أرسلت وزارة الداخلية قائمة بالإجراءات الخاصة بالتوغل العسكري لمؤسسات الدولة في المقاطعات الحدودية.
سروج، او كما يسميها سكانها برسوس منطقة حدودية في مقاطعة شانلي أورفا، حيث تقيم تركيا والولايات المتحدة مركز عمليات المنطقة الآمنة، من بين أكثر الأماكن التي دمرها الصراع.
وقالت خديجة جيفيك الرئيسة المشتركة لبلدية سروج من حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد “نتيجة للحرب، جرى إعلان القرى الحدودية لسروج مناطق عسكرية … كان على الناس إخلاء منازلهم والانتقال إلى مكان آخر”. وقالت إن معظم الأشخاص الذين غادروا قراهم يعملون الآن كعمال زراعيين موسميين.
وبسبب تصاعد الانتشار العسكري في المنطقة، اضطرت جيفيك لإنشاء مكتب للأزمات في البلدية. وقالت “الناس في سروج يشعرون بالقلق عندما يجلسون في المنزل أو عندما يمشون في الشارع.. لكل فرد في سروج أقارب على الجانب الآخر من الحدود. عندما يجري عمل عسكري حولها، يشعر الناس بقلق بالغ”.
وقال أحد سكان سروج ويدعى، مسلم دوغان، إن كل منزل تقريباً في القرى الحدودية قد أصيب. وقال “نحن لا نريد الحرب في سوريا أو في تركيا.. الناس على الجانب الآخر هم جميعاً أقاربنا”.
ولا تختلف جيلان بينار، وهي منطقة حدودية أخرى في شانلي أورفا.
وقال فيسي يلماز، رئيس اتحاد جيلان بينار للحرفيين والتجار “لا توجد صناعة في بلدتنا.. زادت البطالة أكثر بعد بدء الحرب. هناك حوالي 40 قرية على الحدود. لقد تأثرت كذلك”.
وتابع يلماز قائلاً إن الناس يجدون صعوبة في الذهاب إلى السوق للحصول على الطعام أو زيارة أحد الأصدقاء. وقال “إنهم يصدرون إعلانات عامة تفيد بأنك قد تصاب بصاروخ ومن الأفضل أن تعود إلى المنزل. عندما يخاف الناس لا يذهبون إلى السوق، ولا يمكن لأصحاب الأعمال فتح متاجرهم”.
ووفقاً لما ذكره يلماز، فإن المناطق العسكرية المعلن عنها تؤثر أيضاً على أصحاب الأعمال. وقال “أنا أملك منزلاً ومتجراً، إذا كانا داخل منطقة عسكرية، فلا يمكنني بيعهما أو الحصول على قروض من البنوك”.
وحتى الآن في عام 2019، أغلقت تركيا ستة مخيمات للاجئين تستضيف 132 ألف سوري في مقاطعات غازي عنتاب وماردين وشانلي أورفا، مشيرة إلى إجراءات التقشف. وقال أردوغان العيومات، وهو صحفي في وكالة ميزوبوتاميا الموالية للأكراد، إن هذه المخيمات تستضيف الآن قوات خاصة من الجيش.
وأضاف العيومات أنه على الرغم من قلق الناس، إلا أنهم يترددون في الحديث عن الحرب. وقال “إنهم يواجهون الكثير من المشاكل، عندما تطرح عليهم سؤالاً يقولون (لا نعرف شيئاً)”.
شهدت نصيبين، في مقاطعة ماردين، انهياراً اقتصادياً بعد إغلاق الحدود بسبب الحرب. وقال نوح أوزمان، رئيس غرفة التجارة في نصيبين “قبل الحرب كانت هناك تجارة يومية مكثفة عبر الحدود. لا يوجد مصدر آخر للدخل في نصيبين. أكثر من 500 أسرة غادرت المقاطعة نتيجة لذلك”.
تعاني هذه المقاطعات الحدودية أيضاً من استضافة أعداد كبيرة من اللاجئين. في غازي عنتاب، حيث يمثل السوريون الآن حوالي 22 في المئة من السكان، أو أكثر من واحد من بين كل خمسة سكان، ثمة توترات متزايدة بين السكان المحليين واللاجئين يومياً. من ناحية، أُجبر الناس على مغادرة وطنهم بسبب العنف، ومن ناحية أخرى، يشتكي سكان غازي عنتاب من أنهم يفقدون وظائف للسوريين.
وقال جلال دوغان، الذي خدم لثلاث ولايات في رئاسة بلدية المقاطعة “لقد تعرضت المدينة لضربة تجارية بسبب إغلاق الحدود، ثم قفزت البطالة لأن اللاجئين يعملون مقابل ربع الحد الأدنى للأجور”.
ولا يعرف سكان البلدة الحدودية ما إذا كانت العملية العسكرية التركية في سوريا ستؤدي إلى تدفق جديد للاجئين أو لا. قد تؤدي الاشتباكات المستمرة بين الجماعات الجهادية المدعومة من تركيا وقوات الحكومة السورية المدعومة من روسيا في إدلب، والتي تستضيف ثلاثة ملايين شخص، إلى موجة جديدة من اللاجئين الذين يبحثون عن مأوى في المقاطعات الحدودية التركية.
لقد تم تشريد حوالي 400 ألف شخص بالفعل في إدلب، وفقاً للأمم المتحدة، وبحث كثيرون منهم على الأمان على طول الحدود التركية.
ويقول السكان المحليون إن المناطق الحدودية، من هاتاي إلى شرناق، لن تتمكن على الأرجح من مواجهة موجة أخرى من اللاجئين.
وقال كرم نالبانت، الرئيس المشترك لفرع حزب الشعوب الديمقراطي في مقاطعة هاتاي “لا يمكن لهاتاي ولا لمقاطعة أخرى التعامل مع اللاجئين الجدد.. إذا حدث هذا، فستكون هناك فترة من الاشتباكات الحادة. تركيا نفسها مسؤولة عن تلك البيئة”.