أقامت تركيا 12 نقطة مراقبة داخل محافظات إدلب وحماة وحلب بالاتفاق مع الجانب الروسي والإيراني بهدف تطبيق ما يعرف باتفاق منطقة خفض التصعيد، وقامت تركيا لاحقا بتعزيز هذه النقاط التي تحولت إلى قواعد عسكرية حقيقية في عمق سوريا مثل تلك الواقعة قرب بلدة مورك وسط سوريا وعلى بعد 88 كيلومترا عن الحدود التركية والتي تعرضت أكثر من مرة للقصف من جانب القوات السورية وباتت الآن محاصرة بحكم سيطرة قوات الجيش السورية على بلدة خان شيخون.
كما تحتفظ تركيا بعدد من القواعد العسكرية في مناطق الباب وجرابلس اعزاز وعفرين، وهي مناطق خاضعة كليا للسيطرة التركية.
تعداد القوات التركية في سوريا:
لا توجد أعداد دقيقة لعدد القوات التركية في سوريا، خاصة وأن الحدود السورية مفتوحة للجيش التركي مناطق حيث يسيطر الجيش التركي بشكل مباشر مثل منطقة عفرين، وأنشأ فيها ممر عسكري مفتوح على حدودها ومنطقة جرابلس حيث تتواجد فيها بوابة حدودية، وبوابة الراعي التي أنشئت أيضا كخط عسكري.
بشار جعفري الممثل الدائم لسوريا في الأمم المتحدة ورئيس وفدها إلى الاستانة كان قد كشف عن انتشار 10655 عسكري تركي بين ضابط وصف ضابط وجندي في إدلب وأن تركيا ادخلت 166 دبابة و278 عربة مدرعة و18 راجمة صواريخ و173 مدفع هاون و73 سيارة مزودة برشاش ثقيل و41 قاعدة صواريخ مضادة للدبابات لبلاده واعتبر ذلك انتهاكا لتفاهمات أستانا التي تنص على السماح بإنشاء 12 نقطة مراقبة تركية للشرطة لا يتجاوز عدد عناصرها الـ 280 شرطيا.
هذه الأرقام لا تشمل حجم الانتشار العسكري التركي والقواعد التي أقامتها في ريف حلب الشرقي والشمالي، حيث يعتقد أن العدد الاجمالي للجنود الأتراك هناك يصل إلى 1600 جندي، بحدود 3 ألف بين عناصر الأمن\والدرك، والمخابرات والكوماندوز كما أنه يوظف آلاف العناصر من فصائل من المعارضة السورية الموالية له.
وهذه أهم القواعد التركية بسوريا:
إدلب:
بدأت تركيا في تشرين الأول 2017 إقامة قواعدها العسكرية في أدلب باسم “نقاط مراقبة” وذلك في إطار اتفاق أُبرمته مع روسيا وإيران في أستانا عاصمة كازاخستان في شهر أيلول من نفس العام. ولم تكن تركيا قادرة على إدخال جنودها وإقامة تلك القواعد لولا اتفاقها أيضا مع الطرف الأهم الذي غاب عن اللقاءات أو يحضرها عبر وكلاء وهو هيئة تحرير الشام، حيث يشكل مقاتلوا جبهة النصرة عمودها الفقري.
تتوزّع “نقاط المراقبة” أو القواعد العسكرية التركية في ريفي حلب وإدلب وحماة واللاذقية كالتالي:
النقطة الأولى: قرية صلوة بريف إدلب الشمالي، دخلتها القوات التركية في 12-10-2017.
النقطة الثانية: قلعة سمعان بريف حلب الغربي، دخلتها القوات التركية في 23-11-2017.
النقطة الثالثة: الشيخ عقيل بريف حلب الغربي، دخلتها القوات التركية في 27-11-2017.
النقطة الرابعة: تلة العيس بريف حلب الجنوبي، دخلتها القوات التركية في 5-2-2018 .
النقطة الخامسة: تل الطوقان بريف إدلب الشرقي، دخلتها القوات التركية في 9-2-2018.
النقطة السادسة: الصرمان بريف إدلب الجنوبي، دخلتها القوات التركية في 15-2-2018.
النقطة السابعة: جبل عندان بريف حلب الشمالي، دخلتها القوات التركية في 17 – 3 – 2018
النقطة الثامنة: الزيتونة في جبل التركمان شمال اللاذقية دخلتها القوات التركية في 4 – 4 – 2018.
النقطة التاسعة: مورك في جنوب إدلب دخلتها القوات التركية في 7 – 4 – 2018.
النقطة العاشرة: الراشدين الجنوبية بريف حلب الغربي دخلتها القوات التركية في 9 – 5 – 2018.
النقطة الحادية عشر: شيار مغار بريف حماة الغربي دخلتها القوات التركية في 14 – 5 – 2018.
النقطة الثانية عشر: اشتبرق في جسر الشغور 16 أيار 2018.
وضع تلك القواعد العسكرية، أو نقاط المراقبة التركية الخاضع إقامتها لاتفاق الاستانة مختلف عن وضع قواعدها في منطقتي درع الفرات\ الباب، جرابلس، اعزاز\ و منطقة عفرين، فإدلب تخضع لسيطرة تركيا غير مباشرة، فيما مناطق درع الفرات وعفرين تسيطر القوات المسلحة التركية عليها بشكل مباشر، وتديرها من خلال هياكل عسكرية، وأمنية، وعسكرية خاضعة لإدارتها المباشرة.
مع التوغل التركي في مناطق درع الفرات 2016 وعفرين 2018 انشغلت وحدات خاصة تركية إلى جانب المخابرات العسكرية التركية، بوضع اليد على المقرّات الأمنية والعسكرية السابقة وحلها وأنشأت عدداً كبيراً من المقرّات العسكرية، وكانت لاتزال تبني، قواعد عسكريةً جديدةً يقع قسمٌ منها على الحدود السورية التركية، وآخرها في مناطق شرق عفرين المقابلة لمنطقة الشهباء، التي تعتبر نقاط اشتباك مع الوحدات الكردية.
أبرز القواعد العسكرية التركية في ريف حلب الشمالي والشرقي:
– نقطة مريمين العسكرية.
– تقطة المزرعة.
– نقطة أناب
– قاعدة كلبيري والتي تُعَدّ أكبر القواعد العسكرية التركية في تلك المنطقة.
– معسكر كفر جنة الذي يُجهَّز ليكون مهبطاً للطائرات المروحية التركية.
-نقطة الراعي
– قاعدة تلة الشيخ عقيل وتعد قاعدة مهمة تضم ايضا مركز للعمليات والمخابرات.
– نقطة دابق
-قاعدة جبل الشيخ بركات\ و قاعدة جبل برصايا ذات الأهمية الاستراتيجية، غربي اعزاز.
-نقطة جرابلس
-نقطة أخترين
-نقطة دارة عزة.
-قاعدة تفتناز الجوية العسكرية، ومطار أبو الضهور العسكري بريف إدلب، ويستخدمها الجيش التركي لإدارة عملياته العسكرية في إدلب.
فضلاً عن ذلك، أنشأت تركيا محطات استخبارات عديدة، علماً أن الاستخبارات تشرف أيضاً بشكلٍ مباشرٍ على عمل جميع الجهات الفاعلة الأخرى المُشارِكة في أمن المنطقة والتي تُعَدّ السلطة العليا في عفرين.
كما وأسّست تركيا فرقة المهام السورية التابعة للقوات الخاصة التركية في مديرية الأمن العام التركي، وهي القوة الأمنية التركية الضاربة في عفرين، وجرابلس ومدينة اعزاز والباب وتُعرَف محلياً بالكوماندوز التركي. تتألّف الفرقة من 30 وحدة منهاه 12 موزَّعة على مناطق عفرين الإدارية، و6 في منطقة اعزاز 2 في مدينة الراعي، و 5 في مدينة جرابلس و 5 في مدينة الباب أما عناصرها فهي تابعة للإدارات الأمنية في أنقرة، وهاتاي، وغازي عنتاب، وكيليس، وأضنة. كذلك أنشأت تركيا وحدة مهام خاصة سورية (الكوماندوس السوري) تتبع للشرطة المدنية في عفرين ومناطق درع الفرات، ولكنها عملياً تحت إمرة الاستخبارات التركية، وهي تنفّذ مهامها إلى جانب القوات الخاصة التركية عند إجراء المداهمات أو في حال الاعتقالات كما أنها تشرف على إدارة السجون أو نقل المتهمين الخطرين لتركيا.
وبذلك تكون تركيا قد ثبّتت مراكز أمنية وعسكرية تابعة لها بغية فرض سيطرةٍ كاملةٍ على منطقتي عفرين ودرع الفرات، ووسّعت في الوقت نفسه تجربة هيكلة الفصائل السورية الموالية لها وضمّها تحت مظلّة الجيش الوطني، من منطقة “درع الفرات” إلى عفرين.
الانسحاب التركي
رفضت تركيا مرارا دعوات دمشق وموسكو بالانسحاب من الأراضي السورية، و تذرعت بمخاوفها الأمنية، وبررت الرفض بأن انسحاب قواتها مرتبط بانسحاب كل القوات الاجنبية من البلاد، وتحقيق حل سياسي وعودة اللاجئين السوريين.
موسكو – حليفة دمشق – حذرت أنقرة أكثر من مرة، بشأن تحركاتها شمال سورية، واعتبرت أن المساعي التركية الحثيثة لإقامة قواعد عسكرية وجوية، يمثل انتهاكا للسيادة السورية، فضلا عن أنه يعد عملا غير شرعي، طالما أنه يجري دون موافقة، بل وأحيانا دون علم الحكومة السورية الشرعية في دمشق.
كما وتتهم منظمات دولية ومحلية تركيا بمسؤوليتها عن الجرائم التي تتم في تلك المناطق فهي تغض النظر عن الانتهاكات وترفض السماح لوسائل الإعلام المستقلة والمنظمات الحقوقية بدخولها.
الذريعة الكردية
استخدمت تركيا ورقة استهداف عناصر حزب العمال الكردستاني كذريعة لتمرير مخطط التوغل في العراق وتحديدا في إقليم كردستان وإقامة عشرات القواعد العسكرية في عموم البلاد. في سوريا كانت الحجة وحدات حماية الشعب، لتمرير خطط التمدد والتوسع في أراضيها، كما تستخدم ورقة وحدات حماية الشعب الكردية من أجل بسط هيمنتها على شمالي سورية.
بدأت أنقرة خطة إنشاء ما يشبه الحزام الأمني حول المناطق الكردية في سورية، بحجة الحيلولة دون سيطرة حزب “الاتحاد الديمقراطي”، حيث تعتبره أنقرة فصيلا سوريا من حزب العمال الكردستاني المسلح، الذي تخوض ضده نزاعا مسلحا منذ ثلاثة عقود تقريبًا.
ورغم تورطها في دعم “داعش” بالمال والسلاح والمقاتلين والحدود المفتوحة، اتخذت أنقرة من التنظيم المسلح ذريعة للتوغل منطقة جرابلس، بدعوى منع وقوعها تحت سيطرته.
تاريخ
في أغسطس 2016 شنت أنقرة حملة مسلحة على سورية، حملت اسم “درع الفرات”، بدعوى تطهير المنطقة الحدودية بين تركيا وسورية من الإرهابيين، ودفعهم نحو العمق السوري.
وعقب شن “درع الفرات” قال الرئيس التركي إن العملية العسكرية تستهدف السيطرة على مساحة من الأراضي السورية، مساحتها 5000 كيلومتر مربع، لإقامة منطقة آمنة للنازحين السوريين على حد زعمه، في حين قامت قواته باحتلال مدينتي جرابلس والباب، وقرية الراعي.
في يناير 2018، شن الجيش التركي حملة عسكرية برية، مدعومة جوا، على مدينة عفرين، تحت اسم “غصن الزيتون” وهذه الحرب تسببت في كارثة انسانية ونزوح الاف المدنيين و جرت وتجري في المدينة انتهاكات تصل لمستوى جرائم حرب.
بن علي يلدريم، رئيس الوزراء التركي السابق، قال عقب بدء العملية، في محاولة لتجميل خطة احتلال بلاده لأراض سورية، وفرض سياسة الأمر الواقع، إن أنقرة تستهدف إنشاء منطقة آمنة، بعمق 30 كيلومترا.
أهداف القواعد
تهدف تركيا من وراء قواعدها العسكرية إلى فرض أمر واقع جديد في سورية، وامتلاك ورقة ضغط على الحكومة السورية، أو في التفاوض مع القوى العظمى في ملفات عديدة شائكة سواء أكانت داخلية أم خارجية لكن يظل الهدف الأهم منها هو مواجهة الأكراد.