رفضت حكومة السورية، لأي شكل من أشكال التفاهمات الأمريكية التركية واعتبرتها تشكل اعتداء صارخا على سيادة ووحدة سورية أرضا وشعبا وانتهاكا فاضحا لمبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.
ونقلت وكالة سانا بيانا من وزارة الخارجية والمغتربين أن الذرائع التي يسوقها النظام التركي في عدوانه على سورية بحجة الحفاظ على أمنه القومي تكذبها سلوكيات وسياسات هذا النظام الذي شكل ولا يزال القاعدة الأساسية للإرهاب وقدم له كل أشكال الدعم اللوجستي.
وصعد اليوم الجمعة، الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من تهديداته، وقال إن حكومته عازمة على تدمير ما وصفه بـ ”ممر الإرهاب“ شرقي نهر الفرات في سوريا بغض النظر عما ستصل إليه المحادثات مع الولايات المتحدة بشأن إقامة منطقة آمنة مزمعة في شمال سوريا.
وخلال الأيام الماضية، كثفت تركيا تحذيراتها من توغل محتمل في شمال سوريا وقالت إن ”صبرها نفد“ من واشنطن بشأن محادثات المنطقة الآمنة مضيفة أنها ستشن عمليتها إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق.
وقال أردوغان لأعضاء من حزب العدالة والتنمية الحاكم بعد قضاء إجازته الصيفية، وتداول شائعات عن وفاته ”أولئك الذين يضعون ثقتهم في القوى الأجنبية في المنطقة سيوضعون تحت الأرض… سنجد حلا دائما للإرهاب“.
واجتمع الخميس وزير الدفاع التركي خلوصي أكار مع مسؤولين عسكريين لبحث عملية محتملة شرقي نهر الفرات في سوريا.
جاء الاجتماع بعد يوم من قول تركيا إنها ستبدأ هجوما ما لم يتم التوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة بشأن منطقة آمنة مزمعة، مضيفة أن ”صبرها نفد“ على واشنطن.
وأشارت تركيا للمرة الأولى للعملية، التي من شأنها أن تكون ثالث توغل تركي في سوريا خلال ثلاث سنوات، على لسان الرئيس رجب طيب أردوغان في وقت سابق من العام لكن تم تعليقها لاحقا.
وفي أعقاب إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن انسحاب مزمع من شمال سوريا، اتفق البلدان العضوين في حلف شمال الأطلسي على إقامة منطقة آمنة داخل سوريا تكون على طول حدودها الشمالية الشرقية مع تركيا يتم إخلاؤها من مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردية.
وكانت الوحدات حليف واشنطن الميداني الرئيسي في سوريا خلال الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية، وساهم ذلك التحالف في تدمير الخلافة الاسلامية، وهو الأمر الذي يبدو انه ازعج تركيا، حيث ظلت تعتقد أن صعود التنظيم في سوريا والعراق يمنحها الفرصة للتدخل في شؤونهم، واعتبارهم مناطق نفوذ رغم أن تركيا ظلت على وفاق مع التنظيم “الإرهابي وكانت حدودها مفتوحة لنقل مقاتليه، والأسلحة، وتلقي عناصر التنظيم العلاج المجاني، وأسس شبكة لوجستية قوية داخل تركيا.
وتقول تركيا إن الولايات المتحدة تعرقل إحراز تقدم بشأن إقامة المنطقة الآمنة وطالبت واشنطن بقطع علاقاتها مع وحدات حماية الشعب الكردية.
وقال وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو إن وفدا أمريكيا بقيادة المبعوث الخاص لسوريا جيمس جيفري قدم اقتراحات هذا الأسبوع لم ترض المسؤولين الأتراك.
وقال أكار يوم الخميس لضباط بالجيش التركي إن أنقرة عرضت وجهة نظرها على الوفد الأمريكي. ونقلت وزارة الدفاع عن أكار قوله ”أكدنا لهم من جديد أننا لن نتغاضى عن أي تأخير، وأننا سنبادر بالفعل إذا اقتضت الضرورة“.
وفي واشنطن، كررت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) القول إن التنسيق والتشاور بين الولايات المتحدة وتركيا هما السبيل الوحيد لمجابهة المخاوف الأمنية.
وقال شون روبرتسون المتحدث باسم البنتاجون في بيان ”أوضحنا أن العمل العسكري المنفرد في شمال شرق سوريا من جانب أي طرف سيكون مثار قلق عميق، خاصة أن قوات أمريكية يمكن أن تكون في المكان أو على مقربة منه“.
وأضاف ”نرى أن أيا من مثل هذه الأعمال غير مقبول“.
وقال مسؤولون عسكريون أتراك في وقت سابق يوم الخميس إن أنقرة وواشنطن ستواصلان إجراء محادثات بشأن المنطقة الآمنة المزمعة رغم التوتر المتزايد بين البلدين الحليفين.
وقال أحد المسؤولين ”لا يمكننا الإفصاح عن التفاصيل نظرا لأن الجهود لا تزال مستمرة. أهدافنا واضحة. الجيش التركي هو القوة الوحيدة القادرة على فعل ذلك“ في إشارة للمنطقة الآمنة.
وكرر مجددا غضب تركيا إزاء اتفاق تم التوصل إليه قبل عام مع الولايات المتحدة لإخلاء مدينة منبج في شمال البلاد من مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردية ولم يُنفذ.
وقال المسؤول ”رغم كل جهودنا لم يتحقق الهدف النهائي لخارطة طريق منبج وهو ابعاد وحدات حماية الشعب الكردية وجمع الأسلحة الثقيلة وتشكيل إدارة محلية. ولا يزال هناك نحو ألف منهم في المنطقة“.
والعلاقات بين أنقرة وواشنطن متدهورة بسبب عدد من القضايا، لكن شراء تركيا لنظام الدفاع الصاروخي الروسي إس-400 هوى بالعلاقات إلى مستوى غير مسبوق.
وقالت الولايات المتحدة إنها علقت مشاركة تركيا في برنامج مقاتلات إف-35 بسبب حصولها على نظام إس-400 الروسي وإنها ستستبعد أنقرة منه لاحقا بالكامل. وذكرت أيضا أن تركيا قد تواجه عقوبات أمريكية بسبب الصفقة.
ورفضت تركيا التحذيرات، وعلقت آمالها بدلا من ذلك على تصريحات لترامب قال فيها إن أنقرة تلقت معاملة غير منصفة. ولم يستبعد ترامب فرض عقوبات.
وقال مسؤولون عسكريون يوم الخميس إن روسيا عرضت إمداد تركيا بمقاتلات سوخوي-35 إذا طلبتها أنقرة، لكن تركيا لا تجرى محادثات حاليا بشأن الحصول على بدائل لمقاتلات إف-35.
ومع ذلك قال أكار إن تركيا ستسعى إلى موردين آخرين إذا مُنعت من الحصول على المقاتلات.