رحّلت السلطات التركية 26 سورياً، معظمهم من مهجري دمشق وريفها، ونقلتهم بحافلات إلى منطقة عفرين بريف حلب الشمالي.
عملية الترحيل تمت الخميس الماضي، وجاءت بعد أن أوقفت تركيا اللاجئين السوريين في منطقة أسنيورت باسطنبول، ونقلتهم إلى سجن مجاور لمطار الصبيحة في القسم الآسيوي من المدينة.
وبلغ عدد الموقوفين 150 سورياً، أوقفوا بسبب عدم حيازتهم وثيقة الحماية المؤقتة “الكملك” أو بسبب حملهم وثيقة صادرة عن ولاية أخرى. وتم ترحيل 26 من الموقوفين إلى منطقة عفرين، رغم حيازتهم “كملك” من ولاية تركية أخرى، بينما تم نقل البقية إلى الولايات المسجلين لديها.
وقال أحد الأشخاص المرحلين: “بعد زجنا في السجن بسبب مخالفة “كملك” الولاية، طلبت منا الشرطة التركية التوقيع على أوراق لا نعرف مضمونها. بعضنا رفض التوقيع إلا بوجود مترجم، فتعرض للضرب الشديد وانتزع منه التوقيع بالقوة”.
وأضاف: “بعد خمسة أيام من التوقيف، كبلوا أيدينا إلى الخلف، وأرفقوا رجل شرطة مع كل شخص، وظننا أن وجهتنا الولاية التي نتبع لها، لكن فوجئنا مساءً بدخولنا منطقة عفرين من معبر “الحمام” ثم أطلقوا سراحنا في مدينة جنديرس التابعة لعفرين”.
وتابع: “أجبرونا على توقيع أوراق لا نعرف مضمونها، وأدركنا لاحقاً أنها تتضمن موافقتنا على العودة الطوعية إلى سوريا. نحن نعتبر هذا التصرف خدعة قانونية. نحن الآن نشعر بالصدمة من تصرف الشرطة ومن الحال الذي تركونا فيه، فليس لدينا منازل نبيت فيها، وتركنا كل مقتنياتنا في منازلنا باسطنبول”.
في سياق متصل، نقل موقع “بروكار برس” أن تركيا رحلت الشهر الماضي 14 سورياً عبر معبر باب الهوى، معظمهم لديهم عائلات بقيت في تركيا، بعضها دون معيل.
وتحدث وزير الداخلية التركي، سليمان صويلو، السبت 13 يوليو/تموز 2019، عن أوضاع السوريين في بلاده، مؤكداً، ومشيراً إلى أن عمليات الترحيل إلى إدلب قليلة وتُنفّذ في حالات محددة جداً.
جاء ذلك خلال لقاء عقده الوزير صويلو مع جمعٍ من الإعلاميين السوريين والعرب، وبمشاركة مسؤولين أتراك آخرين.
كما وأشار إلى حاجة بلاده لتنظيم ملف الهجرة النظامية ومواجهة الهجرة غير النظامية، حتى تستمر في استقبالهم، وشدد على أنه لن يتم ترحيل أي سوري يقيم في تركيا بشكل قانوني، أو لم يرتكب جريمة تمسّ الأمن القومي.
وبيّن الوزير أن تنظيم ملف الهجرة يعني تطبيق القوانين كاملةً على السوريين، كتجار، ومحلات وأفراد، من جهة ضرورة حصولهم على التراخيص المناسبة وحملهم الأوراق الثبوتية وتصاريح العمل بالنسبة للعاملين، وعدم مخالفتهم نظام الإقامة أو الحماية المؤقتة أو العمل.
وأوضح صويلو الحالات التي يمكن أن يحدث فيها ترحيل للسوريين إلى بلادهم، قائلاً: «مَن كان يقيم في إسطنبول ولا يملك حتى الآن أية إقامة أو كيملك (مخالف) فهو معرّض للترحيل إلى بلده، كما أن المقيم في إسطنبول ومسجل كلاجئ أصلاً في ولاية أخرى سيتم ترحيله إلى تلك الولاية، وليس إلى سوريا».
وتجري السلطات التركية حملةً واسعة في كبرى مدن البلاد لضبط أوضاع السوريين، والتأكد من التزامهم بالقوانين، خاصةً في إسطنبول التي لم تعد تحتمل المزيد من المهاجرين بحسب والي المدينة علي يرلي قايا الذي حضر الاجتماع.
وتشمل الحملة الحالية ترحيل اللاجئين المسجلين في ولايات أخرى من إسطنبول إلى ولاياتهم الأصلية، والقبض على المهاجرين غير الشرعيين لدراسة أوضاعهم، والتأكد من اتباع التجار وأصحاب المحال للقانون ومعاملتهم معاملة غير تفضيلية على حساب الأتراك، إلى جانب تطبيق صارم للقوانين ضد مرتكبي الجرائم، «لا سيما تلك المتعلقة بالتهريب والتزوير والجرائم الأخرى التي يعاقب عليها القانون».
وأشار وزير الداخلية إلى أنه يعتزم الاجتماع بمسؤولي وزارة العمل، لبحث تسهيل منح تصاريح عمل للاجئين السوريين خصوصاً، والعرب عموماً، مشيراً إلى أن أنقرة «لم ولن تطبّق مبدأ 5 أتراك مقابل 1 أجنبي مع السوريين».
وستجري تركيا تغييراً بشأن منح الإقامات قصيرة الأمد، وفقاً لما أكده وزير الداخلية، حيث قال: «لن يكون هناك تغيير في سياسات الإقامة طويلة الأمد، مثل إقامة الطالب، لكن سيكون هناك تغيير في سياسات منح الإقامة قصيرة الأمد (المعروفة بالإقامة السياحية) لأنه ينبغي معرفة ماذا سيفعل صاحبها بعد عام، وهل سيحصل على عمل أو يواصل الدراسة».
وبين الحين والآخر يحدث صِدام بين لاجئين سوريين وأتراك، يتخللها تحطيم لمحال السوريين في بعض الأحيان، وفي سؤال حول أحداث التوتر بين الجانبين، قال صويلو إن هنالك «أطرافاً داخلية في تركيا تحاول ركوب موجة معاداة الأجانب التي تشهد صعوداً في أوروبا وتحاول من خلال استغلال ملف الهجرة واللاجئين تحقيق مكاسب سياسية».
وأضاف أنه ينبغي قطع الطريق عليهم وحرمانهم من مبتغاهم، «من خلال ضبط السلوكيات وإظهار الاحترام أكثر لثقافة الشعب التركي والابتعاد عما يثير حفيظته».
وأكد صويلو أن التصرفات السيئة ضد السوريين لا تمثل الأتراك أو الحكومة التركية، موجهاً دعوة في ذات الوقت للالتزام بالقوانين والقواعد في تركيا.
وأضاف: «إننا نتمنى أن تتوافر الظروف الآمنة لعودة السوريين إلى بلادهم، لكنها لم تتحقق حتى الآن، نتمنى من السوريين والضيوف الالتزام بالقوانين والقواعد، ونرجو منكم مساعدتنا في إدارة المرحلة الحرجة المتعلقة بوجود السوريين في تركيا الآن».
من جانبه، كشف والي إسطنبول علي يرلي قايا عن إجراءات حكومية عدة بشأن السوريين، وشدد على أنه سيتم إعادة السوريين المسجلين وغير المسجلين في مدن أخرى إلى مدنهم.
وأشار إلى أن السلطات ستمنع التنقلات بين المحافظات لمنع العمل غير المرخص، قائلاً أيضاً إن «300 ألف تركي قاموا بالهجرة العكسية خارج إسطنبول لعدم حصولهم على عمل أو ارتفاع الإيجارات».
وفي إجابته عن سؤال حول عمليات التحريض ضد السوريين والعرب على مواقع التواصل، وعد الوزير صويلو بتوفير «خط ساخن للتبليغ حول الكراهية»، وقال إن وزارة الداخلية «تعتقل أسبوعياً ما يقارب 300 شخص في جرائم الكراهية عبر وسائل التواصل الاجتماعي».
ويأتي لقاء وزير الداخلية مع إعلاميين عرب وسوريين، في وقت بدأت فيه السلطات التركية بالفعل اتخاذ إجراءات حيال السوريين بعدد من الولايات، مثل إزالة اللافتات المكتوبة باللغة العربية، وحملات تفتيش واسعة على الأوراق الثبوتية، والتأكد أن «الكمليك» صادر من نفس المدينة الذي يعيش بها اللاجئ.
وانتشر مؤخراً عدد من الوسوم المحرّضة ضد اللاجئين السوريين في تركيا، على مواقع التواصل خلال اليومين الماضيين، تحت عناوين UlkemdeSuriyelistemiyorum، (لا أريد سورياً في بلدي) و #SuriyelilerDefolsun (ارحلوا أيها السوريون).
وتزامنت هذه الوسوم مع هجوم كبير شنه أتراك على محال للاجئين السوريين في منطقة «إيكيتيلي» بمدينة إسطنبول، بداية يوليو/تموز الجاري، وتعرضت تلك المحال للتكسير وألحقت بأصحابها خسائر مادية كبيرة، قبل أن تتدخل الشرطة وتفضّ تجمع الأتراك، بعد انتشار شائعة عن تحرش سوري بفتاة.