رغم من التطورات الإقليمية والدولية، والمواقف الروسية والإيرانية والسورية والكردية الرافضة لأيّ منطقة آمنة تتواجد فيها قوات تركية، إلا أنّ مساعي أنقرة لا تتوقف في هذا الصدد..
المناوارة الأخيرة جاءت عقب القرار الذي اتخذته الإدارة الأمريكية بالابقاء على 400 جندي أمريكي في سوريا وبالتالي التراجع عن “قرار الانسحاب الكلي”.. حيث تسعى تركيا هذه المرة للاستعانة بمواقف بعض الأكراد الموالين لتركيا، والذين لم يقدموا شيئا يُذكر في الحرب على الإرهاب وطرد تنظيم داعش من الأراضي السورية.
وكالة أنباء الأناضول التي تُشرف عليها الحكومة التركية وتلفزيون TRT، بدأت تكثف من ظهور هؤلاء الاعلامي وتجري حوارات مع مسؤولين في المجلس الوطني الكردي في سوريا، ومع اعضاء في منظمات شكلتها تركيا..رغم أنهم لا يتمتعون بثقل سياسي أو شعبي أو عسكري على أرض الواقع باستثناء تأييده للمواقف التركية الرسمية.
ففي تصريحات أدلى بها للأناضول ممثل المجلس الوطني الكردي في إقليم كردستان نوري بريمو، أعرب عن دعمه إنشاء منطقة آمنة محتملة في سوريا بقيادة الولايات المتحدة وتركيا.
وقال بريمو الذي استقبل قبل اسبوع ممثلين عن المعارضة الخاضعة لتركيا بمكتبه في هولير، إنهم في “المجلس” “التقوا وفدا أميركيا، وأبلغوه تأييدهم ودعمهم للمنطقة الآمنة المحتملة المزمع إنشاؤها شمالي سوريا بقيادة الولايات المتحدة وتركيا”.
وأشار بريمو، إلى أن المجلس – الممثل في الائتلاف باسطنبول – يتبنى “آراء معاكسة تماما” لمزاعم “ب ي د”، ويرفض اقتراحات التنظيم حول مستقبل سوريا والإدارة الذاتية.
وشدد على أن تركيا لاعب مهم في المنطقة، مؤكدا أن “مشكلة الأكراد في سوريا لا يمكن حلها من دون تركيا”. وقال إنه في حال انعقاد اجتماع موسع يضم كافة العناصر الإثنية والدينية في سوريا، بإشراف الفاعلين الدوليين وعلى رأسهم تركيا والولايات المتحدة، فإن المجلس “مستعد” للمشاركة فيه.
وقال بريمو “أبلغنا المسؤولين الأميركيين أن البيشمركة السورية مستعدة للانتشار في المنطقة الآمنة المزمع إقامتها في سوريا”.
كما وأن قناة رووداو الكردية أجرت لقاءا مع شلال كدو، وهو عضو في الائتلاف عن كتلة “المجلس الوطني الكردي” اكد خلالها أن “مستقبل مناطق شرق الفرات سوف يكون للمجلس الوطني الكردي ولقوات البشمركة، الذين سيكون لهم الدور الرئيس في حماية المنطقة الآمنة” التي تخطط تركيا لاقامتها، وأن لتركيا دور كبير ورئيسي في حاضر ومستقبل سوريا…ولا بد أن تحظى المنطقة الآمنة بموافقتها.
كدو كشف أن الأمريكيين مهتمين بالحوار بين حزب الاتحاد الديمقراطي والمجلس الوطني الكردي في ماسماها “كردستان سوريا” وأنهم يدعمون “تأسيس إدارة جديدة”.
كدو أشار أن قوات النخبة التي يتزعمهم أحمد جربا وأبناء العشائر سيشاركون قوات بيشمركة روج التي ستدير المنطقة الآمنة كقوة رئيسية..متجاهلا قوات سوريا الديمقراطية وحدات حماية الشعب القوى الفعلية والحقيقية على الأرض…
وبشأن مصدر معلوماته، والضمانات تهرب كدو من الإجابة معتبرا أن البشمركة وحدهم قادرون على حماية المنطقة من التهديدات التركية، وأن نهاية داعش ستدفع “قوات التحالف” لفرض هذه المسألة على حزب الاتحاد الديمقراطي بعد انسحاب الولايات المتحدة… متذرعا أنه هذه الخطة ستحافظ على المنطقة وتمنع حروب جديدة.
كدو اعتبر ان “الانسحاب من الائتلاف” هو قتل للقضية الكردية… وذلك رغم تراجع دور الائتلاف وانحصار عمله بتنفيذ الاجندات التركية…
وكان القيادي في الديمقراطي الكردستان عبد الرحمن ابو قد صرح لوسيلة اعلامية محلية قبل أيام أنهم اتفقوا مع دول لم يحددها أن قوات البشمركة ستنتشر على مرحلتين، الأولى من ديريك إلى مدينة كوباني على الحدود مع تركيا والثانية من مدينة منبج حتى البحر الأبيض المتوسط، وأن الاتفاق سيبدأ في تطبيقه خلال وقت قصير جدا، وسينتهي الانتشار سنة 2023.
و”البيشمركة السورية” فصيل عسكري تشكل أواخر 2012 في اقليم كردستان العراق، وهي تتبع مباشرة الى رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود البارزاني..لم يشاركوا في أي من العمليات القتالية في سوريا..شارك في بعض المعارك ضد داعش في العراق، يقدر عدد مقاتليهم بنحو 8 آلاف حسب تصريحاتهم.
بينما تُسيطر بالمقابل قوات سوريا الديمقراطية “قسد” ومُكوّنها الرئيس وحدات حماية الشعب الكردية في سوريا على مساحة تزيد عن 45 ألف كلم مربع، تبدأ من ضفاف نهر الفرات حتى الحدود العراقية شمال شرقي سوريا، وتشكل نحو 480 كلم من حدود البلاد مع تركيا، من إجمالي 911 كلم.
ولا تحظى فكرة المنطقة الآمنة التي تسعى تركيا إلى إنشائها في شمال سوريا بأية موافقة أو تأييد من عشائر المنطقة وقبائلها التي ترفض التدخل التركي في بلادها.ورفض ممثلون عن القبائل والعشائر السورية إقامة المنطقة الآمنة المطروحة شمالي البلاد، مؤكدين تمسكهم بوحدة الأراضي السورية.