تواصل تركيا بذل المزيد من الجهود في سبيل تعزيز نفوذها على الارض في سوريا، واستغلال ازمتها لتحقيق مكاسب أكبر.
حيث دعمت تركيا التمرد العربي السني بداية بهدف الاطاحة بحكم عائلة الاسد، لكنها ساهمت منذ بدء جولات “الاستانة” و ” سوتشي” في مساعدة “نظام الاسد” على استعادة السيطرة على اهم المدن الخارجة عن سيطرته. كما وانها عملت وبالتنسيق مع كل من روسيا وايران على تغيير عقيدة “الجيش الحر” من قتال “قوات الاسد” الى قتال “الأكراد” وساهمت من خلال اتفاقيات المصالحة، والتهجير الطائفية من نقل الاف المسلحين وعوائلهم والسكان من ريف دمشق وريف حماة وادلب وحلب واللاذقية وحمص الى ادلب ومنها الى “عفرين” وبقية المدن التي “احتلتها ” شمال سوريا -ما تسمى “درع الفرات” و”غصن الزيتون”-.
الخطة أ:
تنشط “الاذرع التركية” في منطقة عفرين، وجرابلس والباب واعزاز بهدف تجنيد واعادة تجميع وهيكلة مختلف الفصائل الاسلامية ضمن جيش واحد، يكون خاضع لتركيا…الخطة تشتمل على ابعاد بعض قادة الصف الاول، وتعيين قادة جدد ليتصدر المشهد العسكري..ومن بين الفصائل التي لاقت اهتماما تركيا “فصائل الغوطة” لا سيما “جيش تحرير الشام” و “جيش الاسلام” و “فيلق الرحمن”… وغيرهم.
النقيب فراس البيطار الذي كسب ولاء “المخابرات التركية” بدأ بالفعل في تنفيذ الخطة، من خلال تشكيل فصيل عسكري جديد سُمي مبدئياً “ثوار الشام”، على أن يضم ضباطاً وعسكريين منشقين ومقاتلين من مختلف مناطق دمشق وريفها، ممن لم ينضموا بعد تهجيرهم إلى الشمال السوري. ويسعى البيطار لأن يكون الفصيل الجديد نواةً جامعة لمقاتلي غوطتي دمشق الشرقية والغربية، والقلمون الشرقي والغربي، وجنوبي دمشق.
وعقد البيطار لقاءات مع قادة عسكريين ومدنيين من درعا وريف حمص الشرقي والشمالي، ومن “مجلس العشائر”، وناقش معهم إمكانية توسيع التشكيل الجديد، وضم أكبر قدر ممكن من المقاتلين.
البيطار يتحرك بأوامر تركيا، وستوفر له قطر التمويل الكافي لاستلام معسكرات تدريبية ومعدات واسلحة، وأنه ارسل قائمة بـ 1200 اسم “ذاتيات” (بيانات) المقاتلين.
ايضا حركة نور الزنكي التي تم دحرها مؤخرا من قبل “هيئة تحرير الشام” من إدلب، ابلغتها تركيا بضرورة تعيير القادة لادخالها ضمن برنامج الدعم، واعادة الهيكلة خلال 3 اشهر على ابعد تقدير…تسجيل صوتي من قائد “الزنكي” توفيق شهاب الدين، تمكنا من الحصول عليه، يقول فيه شهاب الدين إن الدولة التركية راضية عن استمرار عمل “الحركة” في منطقة عفرين واعزاز وموافقة على دعمها، إلا أنّه لديها اعتراضات على بعض القادة فيها، تمهيدا لاخضاعها كليا لقيادة تركيا.
الخطة ب:
وهي التي كشفها عضو في هيئة التفاوض السورية “المحسوب على معارضة الداخل”…حيث تحدث عن خطة تركيا تتمحور حول جمع مختلف الفصائل في المناطق الخاضعة لها شمال سوريا تحت راية واحدة، والتحرك لاحقا نحو دمجها ضمن تنظيم “هيئة تحرير الشام” وتحويلهم إلى مجموعة سياسية شبيهة بـ”حزب الله” اللبناني، وفرضها كأمر واقع في التسوية النهائية للازمة السورية…وأن لقاءات اجريت بين الطرفين لدراسة عملية الدمج التي سيزيل عن هذه القوة صفة الارهاب ويصبح وجودها أمر واقع يعزز الدور التركي في سوريا.
وكانت “تحرير الشام” قد نفذت حملة عسكرية خلال يناير 2019 في إدلب وريف حلب الغربي ضد فصائل المعارضة الأخرى، وبنتيجها تمكنت من القضاء على حركة نور الدين الزنكي التي كانت أحد أقوى التشكيلات المنافسة في المنطقة، كما وتمكنت من بسط سيطرتها العسكرية على كامل محافظة إدلب وريف حلب الغربي… واتهمت تركيا بالوقوف وراء الحملة، لا سيما وأنّها التزمت الصمت أمام دحر الفصائل الخاضعة لها من قبل ” الهيئة” المصنفة كتنظيم “إرهابي” ولم يتأثر وجودها العسكري في المحافظة رغم ذلك.
وعلى الرغم من أنّ السلطات التركية صنفت رسميا “جبهة النصرة”، التي تسمي نفسها حاليا “هيئة تحرير الشام”، تنظيما إرهابيا في 31 أغسطس 2018، إلا أنّ أنقرة تحافظ على علاقاتها مع التنظيم وقادته.
من أيت يأتي التمويل:
بالتزامن مع الحديث عن مساعي لدمج واعادة تشكيل وتهيئة الفصائل المعارضة في ريف شمال غرب حلب، نقلت وكالة الأنباء القطرية أنّ قطر خصصت 20 مليون دولار لدعم النازحين في مناطق شمال سوريا تصرف من خلال “صندوق قطر للتنمية” من أصل 50 مليون دولار دعما للاجئين والنازحين السوريين في تركيا ولبنان والاردن، هذه الاموال وغيرها ستصل اولا لتركيا ليعاد توجيها بشكل أفضل نحو الفصائل المسلحة، كرواتب، وحوافز، وتدريب فيما تبقى الاسلحة، وهي تصل كذلك تباعا للمعارضة السورية المسلحة والسياسية، التي تتحرك تحت العلم التركي، ولم يعد لديها أية امكانية للبقاء أو السيطرة على أرض لا يرفع فيها “علم تركيا” بعدما كانت تحاصر القصر الجمهوري في دمشق وتسيطر على قرابة 80% من مساحة سوريا.
وهذه الأموال لا تدخل ضمن ميزانية الدعم الذي تمنحه قطر للمعارضة في تركيا سواء اكانت الحكومة السورية المؤقتة في عينتاب والكيانات المرتبطة بها في سوريا والائتلاف في اسطنبول وفصائله المسلحة لا سيما فيلق الشام وغيرهم.
ذريعة الأمن القومي:
في الأشهر الأخيرة، قامت تركيا باستثمارات كبيرة في المناطق الواقعة تحت سيطرتها في شمال سوريا وبدأت مشاريع توظيف محلية وفتحت مكاتب بريد تركية وقد بلغ الأمر أنها قامت ببناء طريق سريع جديد يربط مدينة الباب السورية بتركيا. تشير هذه الالتزامات إلى أن أنقرة تسعى إلى الاضطلاع بدور كبير في تشكيل مستقبل شمال سوريا، وهي منطقة لها أهمية استراتيجية كبيرة.
في وقت سابق من الشهر الجاري، سلطت وسائل الإعلام التركية الضوء على عدد من المشاريع الجديدة التي أطلقتها أنقرة. وبدأت أنقرة تدريب 6500 آخرين من المقاتلين الذين يقاتلون نيابة عن تركيا تحت لواء الجيش السوري الحر في أعزاز. وأعلن وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو أن 260 ألفا من اللاجئين السوريين قد أعيد توطينهم هناك بنجاح. كما قدمت تركيا 3.6 مليون كتاب مدرسي إلى المدارس السورية وحفرت 69 بئراً لتوفير المياه لعدد 432 ألف شخص. كما أعلن رئيس جمعية لرجال الأعمال أن 4000 شركة تركية تعمل في كل من منطقة درع الفرات وعفرين.
تمتلك وسائل الإعلام التركية التي تديرها الدولة دافعاً واضحاً في تمجيد جهود تركيا الإنسانية. ومع ذلك، فإن مثل هذه التقارير تظهر نية واضحة من جانب أنقرة لتعزيز موطئ قدمها الكبير في شمال سوريا.
وصف رجل سوري جميع المؤسسات المختلفة، التي تتراوح بين قوات الأمن والشرطة والمجالس المحلية التي أقامتها تركيا في المناطق التي تسيطر عليها، إذ قال ساخراً “الرأس تركي، والجسد سوري”. (التآخي ليس له حدود) هو أيضا شعار منقوش على تلك المؤسسات التي تم أقامتها تركيا باللغتين التركية والعربية. في حين أن مثل هذه الأمثلة القولية قد تشير إلى أن تركيا تسعى إلى ضم هذه الأراضي تدريجياً، تؤكد أنقرة دائما أنها تدعم الحفاظ على وحدة الأراضي السورية.
وقال تيمور أخميتوف، محلل شؤون الشرق الأوسط في المجلس الروسي للشؤون الدولية “تحاول تركيا تحويل وجودها إلى نفوذ سياسي، لكن روسيا حتى الآن أشارت إلى تركيا بوضوح بأن الوجود التركي في شمال سوريا يتم التساهل معه بسبب المخاوف الأمنية التركية، مما يعني عدم الاعتراف بأي مزاعم سياسية على أنها شرعية بموجب اتفاقيات أستانا”.
وقارن أخميتوف وجود تركيا في سوريا بغزو إسرائيل للبنان عام 1982 لإزالة منظمة التحرير الفلسطينية من جنوب البلاد إلى جوار حدودها. خلال معظم السنوات الثماني عشرة التالية، كانت تسيطر على جزء من جنوب لبنان إلى جانب جيش بالوكالة يطلق عليه جيش جنوب لبنان، والذي يشبه إلى حد كبير قوات الجيش السوري الحر المدعومة من تركيا، وقد سلحته ودربته للمساعدة على فرض منطقة عازلة في المنطقة، قبل أن تنسحب في نهاية المطاف في عام 2000.
كما هو الحال مع معظم المقارنات، هناك بعض الاختلافات المهمة بين هذه القضية المستمرة وتلك القضية التاريخية.
وقال موتلو سفير أوغلو، محلل الشؤون السورية والكردية، “عندما تنظر إلى عفرين اليوم، لا يوجد استقرار أو أمن، إنها مجرد فوضى”.
وأردف سفير أوغلو قائلاً “تؤكد منظمة العفو الدولية ومنظمة هيومن رايتس ووتش ومفوضية حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة أن انتهاكات حقوق الإنسان والتعذيب والاختطاف والنهب شائعة في عفرين اليوم. كانت هذه منطقة تتمتع باستقرار مثالي وكانت ملجأ لآلاف عديدة من النازحين. مكان يتعايش فيه الأكراد والعرب والمسلمون والايزيديون وهلم جرا”.
وقال سفير أوغلو إن معظم سكان عفرين شردوا بسبب التوغل التركي في حين عملت أنقرة على تسهيل إعادة توطين العديد من السوريين من مختلف أنحاء البلاد هناك مما أثار اتهامات بأنها تعمل على تغيير التركيبة السكانية للأغلبية الكردية في عفرين.
وفي الشهر الحالي، أدت الاشتباكات في عفرين بين الفصائل المدعومة من تركيا إلى مقتل ما لا يقل عن 25 شخصاً نتيجة مزاعم أنقرة بأنها جلبت الاستقرار إلى الجيب الصغير.
وقال سفير أوغلو إنه بما أن تركيا هي “قوة احتلال” في عفرين، فإنها تتحمل مسؤولية الحفاظ على الاستقرار والأمن، وتفتقر عفرين للاثنين بشكل مزمن.
وتابع قائلاً “إن حجة تركيا المتمثلة في القضاء على الإرهابيين في تلك المنطقة وتحقيق الاستقرار والأمن تبدو غير مخلصة”، مضيفاً أن احتلال تركيا لعفرين هو محاولة “لتوسيع المناطق الخاضعة لسيطرتها لاستخدامها كورقة مساومة خلال المفاوضات حتى يكون لها أكثر من مجرد رأي بشأن مستقبل سوريا”.
http://vdc-nsy.com/2019/02/08/%D8%AA%D9%81%D8%A7%D8%B5%D9%8A%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%B7%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A9-%D9%84%D8%AA%D8%B9%D9%88%D9%8A%D9%85-%D9%87%D9%8A%D8%A6%D8%A9-%D8%AA%D8%AD%D8%B1%D9%8A/
http://vdc-nsy.com/2019/01/21/%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A7-%D8%AA%D8%B9%D9%8A%D8%AF-%D8%AA%D8%B4%D9%83%D9%8A%D9%84-%D8%AD%D8%B1%D9%83%D8%A9-%D9%86%D9%88%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B2%D9%86%D9%83%D9%8A/
http://vdc-nsy.com/2019/02/14/%d9%82%d8%b7%d8%b1-%d8%aa%d8%b6%d8%ae-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b2%d9%8a%d8%af-%d9%85%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%a7%d9%85%d9%88%d8%a7%d9%84-%d9%84%d8%af%d8%b9%d9%85-%d8%aa%d8%b1%d9%83%d9%8a%d8%a7-%d9%81%d9%8a/
http://vdc-nsy.com/2019/01/21/%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A7-%D8%AA%D8%B9%D9%8A%D8%AF-%D8%AA%D8%B4%D9%83%D9%8A%D9%84-%D8%AD%D8%B1%D9%83%D8%A9-%D9%86%D9%88%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B2%D9%86%D9%83%D9%8A/