أعلنت موسكو أن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو ونظيره التركي خلوصي أكار اتفقا في أنقرة، أمس الأول، على ضرورة اتخاذ «إجراءات حاسمة» لاستقرار الوضع في إدلب.
يأتي ذلك قبل القمة الروسية – التركية – الإيرانية في سوتشي، الخميس، لبحث ملفي إدلب وترتيبات شمال شرقي سوريا بعد الانسحاب الأميركي.
وكان وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، قال إنّ موسكو طرحت فكرة أن تشن روسيا وتركيا عملية مشتركة لطرد المتشددين من إدلب ضد هيئة تحرير الشام التي تشكل جبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة عمودها الفقري، لافتاً إلى رفض أنقرة للعملية، وأنها تفضل البحث عن حل يتضمن عزل المتشددين. وقال بيان روسي بعد اجتماع الوزيرين، أمس، «رغم الاستفزازات، أكدنا أهمية مواصلة الشراكات وضرورتها بين الاستخبارات والقوات المسلحة في البلدين لإحلال السلام ودعم الاستقرار في إدلب».
مع ازدياد الانتقادات الروسية لتركيا إزاء عدم التزامها بشكل مقبول بتنفيذ الاتفاق الروسي التركي حول إدلب، ذكرت صحيفة “غارديان” أن سيطرة “النصرة” على منطقة وقف إطلاق النار في إدلب السورية جلبت تداعيات سلبية من الناحية الإنسانية.
وقال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، اليوم الأربعاء، إن مسألة إدلب السورية ستكون إحدى أهم المسائل، التي سيتم بحثها خلال لقاء الرئيس فلاديمير بوتين مع نظيره التركي، رجب طيب أردوغان.
وأوضح لافروف في مؤتمر صحفي، أن “جبهة النصرة” تسيطر على 90% من مساحة إدلب، مؤكدا أن لا يمكن الحوار مع الإرهابيين.
وأكد أن بلاده ستدعم توجه دمشق للحصول على تنديد مجلس الأمن ضد هجمات التحالف الدولي الأخيرة في دير الزور، والتي خلفت ضحايا في صفوف المدنيين.
واستبقت الخارجية الروسية التصريح الأخير بالتلويح بتنفيذ عملية عسكرية في إدلب، بعدما اتهمت أنقرة بالفشل في السيطرة على حلفائها الإرهابيين (النصرة) الذين يستخدمون ريف حلب واللاذقية في توجيه ضربات صاروخية للعاصمة دمشق، عكس ما اتفق عليه خلال قمة سوتشي في 20 سبتمبر الماضي.
وأوضحت صحيفة “غارديان” البريطانية في تقرير نشرته الثلاثاء أن منظمات إغاثية دولية، نتيجة لهذا التطور الذي حصل الشهر الماضي، قطعت مساعداتها عن بعض المدارس والمستشفيات في المنطقة التي يقدر عدد سكانها بثلاثة ملايين نسمة.
وأفادت الصحيفة بأن سيطرة “هيئة تحرير الشام”، التي تعتبرها معظم المنظمات الدولية تنظيما إرهابيا، على المنطقة التي تشمل معظم أراضي محافظة إدلب ومناطق في ريفي حلب الغربي وحماة الشمالي دفعت عددا من كبار المانحين الدوليين إلى تقليص تمويلهم للمساعدات بشكل ملحوظ، خوفا من أن تقع هذه الأموال في أيدي “النصرة”.
وأشارت الصحيفة إلى أن نحو 50 مرفقا طبيا في إدلب وريف حلب عملت حتى الآونة الأخيرة بتمويل من منظمات غير حكومية وبعض الدول الغربية، لكن الآن يواصل موظفو بعضها أداء مهامهم مجانا، كذلك معلمون في بعض المدارس.
وقال أحد سكان مدينة كفرنبل للصحيفة، طلب عدم الكشف عن اسمه خوفا من العقاب، إنه تم إغلاق جميع الجامعات الخاصة بعد رفضها الخضوع لأوامر مجلس جديد للتعليم الأعلى تسيطر عليه “هيئة تحرير الشام”.
وأعد هذا المجلس منهجا جديدا لتعليم الدين أصبح إلزاميا، ومن يحتج عليه من الطلاب والأساتذة يُطرد من الجامعة أو يقبع في السجن.
وأكد عدد من السكان في المنطقة رفع الرسوم، بشكل حاد، على إدخال البضائع والأغذية من المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية أو تركيا، ويتحمل المواطنون هذا العبء.
من جهة أخرى، وتحت عنوان “روسيا وتركيا تبدآن معركة إدلب” كتبت ليوبوف شفيدوفا في “سفوبودنايا بريسا” مقالا ترجمته “روسيا اليوم” حول اقتراب الحسم العسكري للوضع في إدلب السورية.
وجاء في المقال: يبدو أحيانا وكأن بوتين وأردوغان أقرب صديقين في عالم السياسة الكبيرة. فمنذ التغلب على الأزمة الناجمة عن قتل طيارنا العسكري من قبل الجيش التركي، يلتقي الرئيسان، أحدهما بالآخر، أكثر مما يلتقيان بأي أحد آخر. ولعل اتفاق إدلب، أو بالأحرى اتفاق سوتشي حول إدلب، يعد إنجازا خاصا في هذا الإطار.
وفي الصدد، يقول الخبير التركي إندير عمريق إنّ هناك الآن احتمال كبير لاندلاع المعركة في الأشهر القليلة القادمة. فثمة العديد من العوامل التي تدفع الأطراف لتصعيد الوضع يوميا. تحدث اشتباكات بين هيئة تحرير الشام والجبهة الوطنية كل يوم. محاولات الهياكل المنفصلة للاتفاق مستمرة، وقد تحقق في الماضي بعض النجاح، ولكن مع مرور الوقت تصبح فعالية هذه المحاولات غير ذات أهمية. في الوقت نفسه، زادت الاتصالات بين العسكريين الروس والأتراك.
ومن المستبعد أن تدور مناقشات العسكريين حول عدم التدخل أو التسوية السلمية. هناك هياكل أخرى لذلك. وهناك العديد من الخيارات. أحدها عملية عسكرية مشتركة ضد الإرهابيين. ولكن، قد تظهر هنا مشاكل جدية في التنظيم. فمن المستبعد أن يرغب أردوغان في السماح للأسد (المشاركة) في هذه العملية، وروسيا ليست مستعدة للمشاركة فيها بنفسها. فالعملية محفوفة بخسائر السمعة بين مؤيدي النظام.
وترى الصحفية الروسية أنّ هناك خيار آخر أكثر واقعية، هو أن تحل تركيا بشكل مستقل مشكلة الإرهابيين في محافظة إدلب. إن لم يكن عن طريق الدبلوماسية، فبالقوة. والآن، يجري تعزيز للقواعد العسكرية داخل إدلب، وربما يعود ذلك على وجه التحديد إلى العملية القادمة. إذا نجح ذلك، فإن الاتفاق بين بوتين وأردوغان سيظل على الأرجح ساري المفعول، مع أن الوضع في المستقبل سيتغير، في جميع الأحوال. من أجل تجنب الحرب، يجب أن يحدث شيء ما استثنائي، كانضمام إدلب إلى تركيا أو صلح مفاجئ بين أردوغان والأسد، وذلك وفقا لمقال “سفوبودنايا بريسا”.
وأنقرة استخدمت جبهة النصرة في السيطرة على العديد من المناطق خاصة حلب، إلا أن تقدم الجيش السوري وانصرافها للتركيز على قتال الاكراد اولا أجبر تركيا على تجميع مسلحي المعارضة في إدلب بعدما نجحت في تفيير عقيدتهم من قتال قوات الاسد الى قتال الاكراد.
وسائل إعلام روسية نشرت أمس الأحد، تقارير نقلًا عن مصدر في المعارضة السورية، أن تركيا تسعى إلى تحويل “جبهة النصرة”، الموالية لتنظيم القاعدة، إلى حركة سياسية، على غرار ميليشيات حزب الله اللبناني.
قال المصدر الذي ينتمي إلى هيئة التفاوض السورية، لوكالة “سبوتنيك” إن المخطط التركي، يتضمن دمج مسلحي جبهة النصرة المصنفة تنظيما إرهابيا، ضمن ما يسمى “الجيش الوطني” في الشمال السوري.
أضاف المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أن تركيا ترتب لقاءات حاليا بين ممثلين عن التحالف الدولي ضد داعش، والجبهة للاتفاق على التحضيرات الخاصة بدمج الجبهة مع الجيش.
على الأرض فإن روسيا عازمة على السماح للأسد بتطهير إدلب من النصرة والإرهابيين، في أقرب وقت، خاصة أن موسكو ودمشق مصرتان على عدم التعاطي بأي شكل من الأشكال مع جماعة النصرة.