تحدث الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع نظيره الأميركي دونالد ترامب هاتفيا يوم الاثنين بعد تهديدات الأخير “بتدمير” الاقتصاد التركي في حال قررت أنقرة مهاجمة الأكراد المتحالفين مع الولايات المتحدة في سوريا وانشاء منطقة آمنة لهم.
وكانت المحادثة موضع تغطية إعلامية واسعة في وسائل الإعلام التركية كما وسارع البيت الأبيض لاصدار بيان حول ما دار في هذا الاتصال على لسان المسؤولة الإعلامية بالبيت الأبيض سارة ساندرز لتلافي ماقد ترده تركيا من معلومات وتفسيرات تتحاوز محتوى المكالمة كما تفعل تركيا عادة.
ووفقا لبيان تركي حول فحوى المحادثة، رحب أردوغان خلال الحديث بقرار الانسحاب الأميركي وأبلغ ترامب بأن تركيا مستعدة لدعم هذا القرار.
لكن بيان البيت الأبيض حول نفس المحادثة حمل صيغة مختلفة عما دار بين الرئيسين، إذ قال إنهما “ناقشا العديد من القضايا الثنائية، بما في ذلك التعاون المستمر في سوريا مع بدء القوات الأميركية الانسحاب من هناك، بجانب مواضيع أخرى للتعاون في المستقبل”.
وكان ترامب قد هدد عبر تغريدة على تويتر يوم الأحد “بتدمير تركيا اقتصاديا إذا هاجمت الأكراد” في أعقاب الانسحاب الأميركي من شمال سوريا، وهو تهديد لم يسبق أن وجهت واشنطن مثله ضد حليف لها في حلف شمال الأطلسي.
قبلها، رفض أردوغان مقابلة مستشار ترامب للأمن القومي جون بولتون يوم الثلاثاء الماضي في أنقرة. والتقى بولتون بدلا من ذلك مع المتحدث باسم أردوغان إبراهيم كالين، وهو نفسه أول من رد على تهديدات ترامب على تويتر في الساعات الأولى من صباح يوم الأحد بالتوقيت المحلي في تركيا.
وأفاد نص المحادثة الذي أصدرته الرئاسة التركية بأن أردوغان خلال المكالمة “أكد أهمية استكمال خارطة طريق منبج حتى لا يكون هناك فراغ في السلطة” بعد الانسحاب الوشيك للقوات الأميركية من المنطقة.
في المقابل، لم يتضمن بيان البيت الأبيض عن الاتصال أي إشارة إلى خريطة طريق منبج أو أي ظروف قد تعيق تنفيذ قرار الانسحاب الأميركي.
وجاء في البيان التركي أيضا أن الزعيمين أكدا أنه من المهم بالقدر ذاته “عدم منح أي فرصة للجهات التي تحاول عرقلة الانسحاب الأميركي من سوريا”.
أما بيان البيت الأبيض عن المحادثة فقد حمل اختلافات كثيرة عن نظيره التركي، إذ قال:
أعرب الرئيس عن رغبته في العمل معا لمعالجة مخاوف تركيا الأمنية في شمال شرق سوريا، وأكد في الوقت نفسه أهمية ألا تسيء تركيا معاملة الأكراد وقوات سوريا الديمقراطية الأخرى التي حاربنا معها لدحر تنظيم الدولة الإسلامية.
وكانت صحيفة (صباح) اليومية المعروفة بصلتها الوثيقة بالحزب الحاكم في تركيا قد نشرت افتتاحية في اليوم التالي لزيارة بولتون اتهمت فيه مستشار الأمن القومي الأميركي بمحاولة تدبير “انقلاب ناعم” على ترامب من خلال السعي إلى فرض شروط جديدة لانسحاب الولايات المتحدة من سوريا.
وذكر بيان الرئاسة التركية أن الرئيسين ناقشا فكرة إقامة منطقة آمنة لتكون “خالية من الإرهاب” في شمال سوريا، بحسب تعبير نص البيان.
كما وجه أردوغان رسالة خلال المحادثة مفادها أن تركيا ليس لديها مشاكل مع الأكراد، لكنها “تهدف إلى محاربة المنظمات الإرهابية مثل تنظيم الدولة الإسلامية وحزب العمال الكردستاني، وكذلك الأذرع السورية لحزب العمال الكردستاني”.
وبالمثل، لا يتضمن بيان البيت الأبيض أي ذكر لهذه النقاط الموجودة في النص التركي، وكذلك لا توجد أي إشارة إلى تنظيم دولة الإسلامية أو حزب العمال الكردستاني أو أي امتدادات أخرى لحزب العمال الكردستاني. وبدلا من ذلك، أكد البيت الأبيض على أهمية ألا يسيء الأتراك معاملة الأكراد وقوات سوريا الديمقراطية الأخرى.
وقال البيان التركي إن الزعيمين أكدا على أهمية توجيه “رسائل متسقة وسليمة” لإطلاع الرأي العام على المعلومات بشكل صحيح، في إشارة واضحة إلى تغريدات ترامب. وهنا مرة أخرى، لا يتضمن بيان البيت الأبيض أي إشارة إلى تلك “الرسائل السليمة”.
وفيما ذكر بيان الرئاسة التركية أن الجانبين اتفقا على مواصلة النهوض بالعلاقات الاقتصادية بين البلدين، لم يتطرق بيان البيت الأبيض إلى هذه النقطة أيضا.
في المقابل، اختتم البيت الأبيض بيانه بالقول إن رئيس الأركان الأميركي الجنرال جوزيف دانفورد سيلتقي نظيره التركي يوم الثلاثاء “لمواصلة المشاورات مع تركيا بشأن سوريا”.