استمرار معاناة المهجرين الكرد من مناطق عفرين ورأس العين وتل أبيض

استمرار معاناة المهجرين الكرد من مناطق عفرين ورأس العين وتل أبيض

يستمر الوضع الإنساني والحقوقي المتعلق بعشرات الآلاف من المواطنين الكرد المهجرين من مناطق عفرين ورأس العين وتل أبيض في التدهور، وذلك منذ عمليات السيطرة التي شهدتها هذه المناطق خلال السنوات الأخيرة. وتشير الوقائع الموثقة إلى استمرار حرمان السكان الأصليين من حقوقهم الأساسية، وفي مقدمتها الحق في العودة إلى مناطقهم الأصلية واستعادة ممتلكاتهم.

 

أولاً: وضع الممتلكات والاستيلاء عليها

تفيد تقارير وشهادات متعددة أن منازل وممتلكات وأراضي المهجرين الكرد ما تزال مُصادَرة، وأنها خاضعة لعمليات استحواذ غير قانونية من قبل مجموعات محلية ومسلحة وأفراد تم توطينهم في المناطق المذكورة. كما تم تسجيل حالات استثمار واسع للأراضي الزراعية العائدة للسكان الأصليين من قبل مستوطنين وفاعلين محليين، دون أي سند قانوني، وبشكل يحرم أصحابها من مصدر دخلهم الأساسي.

 

ثانياً: منع العودة واستمرار التهديدات

على الرغم من تحسن المستوى العام للاستقرار الأمني في تلك المناطق مقارنة بالسنوات السابقة، ما يزال يُحظر فعلياً على القسم الأكبر من المهجرين الكرد العودة إلى مناطقهم. وقد سُجلت حالات منع على الحواجز، وإبلاغ مباشر للمهجرين بعدم إمكانية العودة، إلى جانب ورود تهديدات من قبل مجموعات مسلحة محلية مرتبطة بالسلطة الانتقالية. كما جرى توثيق تهديدات من قبل مستوطنين يرفضون إخلاء المنازل والأراضي التي يشغلونها.

 

ثالثاً: الأوضاع الإنسانية للنازحين

يُقيم معظم المهجرين في مخيمات ومناطق نزوح داخلية تفتقر إلى الحد الأدنى من الخدمات الأساسية، بما في ذلك المياه الصالحة للشرب، والصرف الصحي، والتدفئة، والرعاية الصحية. ومع دخول فصل الشتاء، تتفاقم معاناة العائلات بفعل هشاشة البنية التحتية في المخيمات، وما يرافق ذلك من مخاطر متمثلة بالغرق، والانهيار الجزئي للخيام، وانتشار الأمراض. ويُشار إلى أن هذه الظروف مستمرة منذ سنوات، في ظل تراجع الدعم الإنساني وتقلص البرامج الإغاثية.

 

رابعاً: الآثار الاجتماعية والاقتصادية

أدى التهجير القسري إلى فقدان آلاف الأسر لممتلكاتها ومصدر رزقها التقليدي المرتبط بالزراعة والتجارة المحلية. كما سجلت آثار اجتماعية خطيرة، منها انقطاع الأطفال عن التعليم، وتفكك الروابط العائلية والمجتمعية، إضافة إلى تدهور الحالة النفسية للنازحين نتيجة عدم الاستقرار المستمر وغياب أي أفق للحل.

 

خامساً: الحاجة إلى تدخل دولي

إن استمرار هذه الأوضاع يشكّل انتهاكاً واضحاً لمبادئ القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، بما في ذلك الحق في الملكية والحق في السكن والحق في العودة الطوعية والآمنة. لذلك، تبرز الحاجة الملحّة إلى تدخل دولي جاد يهدف إلى:

 

1. ضمان وقف الانتهاكات الحالية والمتعلقة بالاستيلاء على الممتلكات.

2. تأمين الظروف اللازمة لعودة آمنة وطوعية للسكان الأصليين.

3. ضمان المساءلة القانونية عن الانتهاكات المرتكبة.

4. دعم برامج الإغاثة والمساعدات الإنسانية بشكل عاجل ومستدام

تؤكد المعطيات الواردة أن أزمة المهجرين الكرد من عفرين ورأس العين وتل أبيض ما تزال قائمة دون حلول ملموسة، وأن استمرار التهجير والاستيلاء على الممتلكات يشكل تهديداً خطيراً للسلم الأهلي والنسيج الاجتماعي، ويتطلب تحركاً دولياً عاجلاً يضمن حماية حقوق السكان الأصليين ورفع المعاناة الإنسانية عن عشرات الآلاف من المتضررين.